رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كيف يتعامل مستشفى قصر العينى مع المصابين «المقطوعين من شجرة»؟

قصر العيني
قصر العيني

مصدر: لا يُسمح بدخول شخص بدون مستند يثبت شخصيته لتفادى المسئولية القانونية

عامل: الحالات مجهولة الهوية تُسبب متاعب فى استخراج تصريح «الدفن»

مصاب يكشف عن «مرمطته» فى المستشفيات بعد تعرضه لحادث خطير

يستقبل مستشفى قصر العينى يوميًا عددًا كبيرًا من المواطنين من جميع محافظات مصر فى التخصصات والأقسام كافة؛ وتتعدد هذه الحالات ما بين حوادث سيارات وحروق وإصابات في حوادث متنوعة، فضلًا عن الحالات الأخرى التى تعانى من بعض الأمراض المختلفة.

وما بين هذا وذاك، توجد بعض الحالات مجهولة الهوية تتوافد بشكل يومى على المستشفى، وتشكل عبئا على مستشفى قصر العينى وخاصة الحالات الحرجة منها، فهناك بعض الحالات تمكث فترات طويلة داخل المستشفى ومن ثم تشغل أماكن ربما يحتاجها الآخرون، أيضا هناك صعوبة في إجراءات الدخول والخروج، ما يتسبب في مشاكل ومشاحنات لأطقم المستشفى.

مصدر طبى داخل مستشفى قصر العينى يكشف لـ«النبأ» عن بعض الإجراءات الخاصة بالحالات مجهولة الهوية بقوله: «يصعب دخول أى شخص مصاب للحجز داخل المستشفى بدون أى مستندات أو أوراق تثبت شخصيته، عدا الحالات فاقدة الوعى تماما والتى تعرضت لبعض الحوادث، وهذه الحالات يتم التعامل معها بصفة مؤقتة لحين إفاقتها، وبعد ذلك يتم البحث والكشف عن هويتها».

وتابع أما بالنسبة للحالات الأخرى لا يسمح بدخول أى من الأشخاص بدون مستند يثبت شخصيته، لتفادى المسئولية القانونية والتى قد يتعرض لها أطقم المستشفى سواء أطباء أو تمريض أو إداريين، وهذه الإجراءات قد تسبب متاعب.

وأشار إلى أن هناك بعض الحالات التى قد تتعرض لحوادث وهى معلومة الهوية، لكن الأهالى يرفضون الحضور إلى المستشفى حتى من باب الاطمئنان عليهم، وتتولى إدارة المستشفى وطاقم التمريض والعاملون بالمستشفى رعايتهم، من نظافة شخصية واستحمام ورعاية من جميع الجوانب.

وأضاف المصدر بأن هناك حالة محجوزة منذ أكثر من شهر داخل قسم المخ والأعصاب لشخص مجهول الهوية، لافتا إلى أن هذا الشخص تعرض لحادث أفقده الوعى وتم حجزه فى المستشفى، ومن تاريخ دخوله المستشفى وهو يتلقى كافة أشكال الرعاية من أدوية وغيارات ونظافة شخصية.

وأكد عامل في ثلاجة حفظ الموتى بمستشفى قصر العينى، أن الحالات مجهولة الهوية، تسبب لهم متاعب فى استخراج تصريح الدفن، خاصة وأن بعض هذه الحالات تكون توفت في حوادث وبدائرة أقسام ونيابات بعيدة عن دائرة قسم شرطة مصر القديمة، مشيرا إلى أنها قد تستغرق بعض الوقت لحين انتظار الأمر بدفنها من الدائرة التابعة لمكان وفاتها.

ولفت بأن جميع الحالات مجهولة الهوية التى يستقبلها مستشفى قصر العينى فى حوادث وتتوفى داخل المستشفى، يتم دفنها من قبل إدارة المستشفى بعد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالها ولم تذهب إلى «مشرحة زينهم».

على بعد مسافة 3 أمتار أو ربما أقل من بوابة وحدة الاستقبال بمستشفى قصر العينى الجديد، كان يفترش الأرض "مريض" تم إخراجه من المستشفى بعد تعرضه لحادث تصادم أثناء عبوره الشارع بمنطقة الخليفة بالقاهرة، أصيب على إثرها بكسر مضاعف فى الساق الأيمن وخلع فى الفخذ، وجرى نقله الى مستشفى قصر العينى بواسطة سيارات إسعاف.

البداية: عندما استقبل مستشفى قصر العينى الجديد، مواطن يدعى "بدوى" فى العقد الرابع من العمر، مصابا بكسر مضاعف فى الساق الأيمن وخلع فى الفخذ، إثر تعرضه لحادث تصادم أثناء عبوره الشارع بمنطقة الخليفة.

وروى المصاب "قصته لـ"النبأ" من بعد تعرضه لهذا الحادث إلى أن وصل إلى مستشفى قصر العينى، حيث قال: "كنت أسير فى الشارع بمنطقة الخليفة فى تمام الساعة السابعة صباحًا، وجاءت سيارة ملاكى مسرعة يقودها شاب «من بتوع اليومين دول» وصدمنى وفر هاربًا، وبعد أن صدمتنى السيارة وسقطت على الأرض، تجمع الأهالى من حولى، وتم نقلى لمستشفى قصر العينى، ومكثت من الساعة الثامنة صباحًا جالسا على سرير بالمستشفى أتألم حتى اليوم الثانى، دون أن ينظر إلى أحد، فسألت عن سبب التأخير فى علاجى، فقالوا لى أنت جاى لم يكن معك أى مستند أو إثبات شخصية، ولهذا السبب لم يتم علاجك".

وتابع بدوي: «قلت لهم بأن جميع أوراقى ضاعت منى بعد تعرضي لهذا الحادث، فرد عليه الممرض، طالما لم يكن معك ما يثبت شخصيتك، محتاجين شخصان يكون معاهم بطاقاتهما الشخصية كى يضمناك، فقال لهم لا يوجد لدى أهل في القاهرة، وما اعرفش حد هنا"، وتابع: "مع تشبثهم وإصرارهم على هذا الطلب، انصرفت من المستشفى وذهبت لرجل وزوجته أعرفهما، وقصصت عليهم الموضوع، وأخذونى وذهبنا لعدة مستشفيات لكن لم يستقبلنى أحد، فاضطريت للذهاب مرة أخرى لمستشفى قصر العينى، والناس مشكورين ضمنونى".

وأضاف: "عندما دخلت وشاهدنى الطبيب فقال لى لماذا انصرفت من المستشفى بدون علاج، فرديت عليه وقالت له أنا مشيت يا دكتور عشان اجيب اثنين ضمان زى ما طلبوا منى"، فقال لى الطبيب "إذًا مش ها ينفع نعالجك هنا عشان مافيش أماكن، وأنت محتاج عملية جراحية يتركبلك من خلالها شرايح ومسامير فى قدمك"، وبعد سماعى هذه الكلمات فضلت ازعق بأعلى صوتى فى المستشفى والدموع تتساقط من عينى وأقول حرام عليكم أنا تعبان ورجلى بتألمنى جدًا، فتجمع الأطباء من حولى وعليه تم إدخالى المستشفى مرة أخرى وبعد عمل الفحوصات أكد لى الطبيب بأنى محتاج عملية يتركب من خلالها شرائح ومسامير، لكن لم يكن هنا فى المستشفى أماكن، وتم تجبيس قدمى بدون إجراء عملية".

وأضاف: "تحدثت مع أحد الممرضين وقلت له ماذا أفعل فى هذه العملية، فرد على، لو عاوز تعمل العملية لازم تجيب واسطة، يا إما تشوف حد يتبرعلك من ولاد الحلال ويعملها لك بره على حسابه".

واختتم بدوي: "بعد سماعى هذا الكلام المؤلم، أسودت الدنيا فى عينى، وجلست أفكر ماذا أفعل؟، إلى أن تم إخراجى من المستشفى وجلست أمام باب مستشفى قصر العينى، فى انتظار أصحاب القلوب الرحيمة كى يخلصونى من معاناتى، أما عن حالتى المادية فأنا من محافظة قنا وحضرت إلى القاهرة من أجل إيجاد فرصة عمل، وأنا شخص بسيط على قد حالى، بالنهار بشتغل فى جمع عبوات «الكانز الفارغة» وبثمنها بأكل واشرب، وكنت أسكن فى غرفة، لكن عجزت عن سداد ثمن الإيجار، فاضطريت أسيبها، وأنا الآن فى أسكن بالشارع".