رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تصاعد المزاعم حول «البرنامج النووي السعودي السري» وإيران تصطاد في الماء العكر

النبأ

جدل كبير ومزاعم كثيرة ترددت أصدائها الفترة الماضية عن سعي المملكة العربية السعودية الدخول في برنامج نووي سرى، بالتعاون مع الصين، باسم « كعكة اليورانيوم الصفراء».


وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، قالت مصادر مطلعة إن المنشأة التي لم يتم الكشف عنها علنًا، تقع في منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة في شمال غربي المملكة.


وزعمت المصادر أن هذه المنشأة أثارت مخاوف بين المسئولين الأمريكيين وحلفائهم، من أن البرنامج النووي الوليد للمملكة يمضي قدما، في الوقت الذي تبقي فيه الرياض خيار تطوير الأسلحة النووية مفتوحا.


وبحسب الصحيفة، فعلى الرغم من أن الرياض لا تزال بعيدة عن تلك النقطة، فإن المنشأة تبدو مثيرة القلق في الكونغرس الأمريكي. ومن المحتمل أيضًا أن تسبب حالة من الذعر في إسرائيل، حيث يراقب المسئولون بحذر الأنشطة النووية السعودية.


كما زعمت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن أن وكالات المخابرات الأمريكية تفحص وتدقق جهود السعودية لبناء قدرتها على إنتاج الوقود النووي بالشراكة مع الصين الذي يمكن أن تضعها على طريق تطوير أسلحة نووية.


الصحيفة الأمريكية زعمت في تقرير لها إن وكالة الاستخبارات الأمريكية نشرت في الأسابيع الأخيرة تحليلاً سرياً حول الجهود التي تبذلها السعودية، بالتعاون مع الصين لبناء قدرة صناعية لإنتاج الوقود النووي، حيث أثار التحليل مخاوف من احتمال وجود جهود سعودية صينية سرية لمعالجة اليورانيوم الخام إلى شكل يمكن تخصيبه لاحقا إلى وقود أسلحة، وذلك وفقا لمسئولين أمريكيين.


ونقلت الصحيفة عن مسئولين أمريكيين شعوراً بالاطمئنان، حيث قالوا إن الجهود النووية السعودية لا تزال في مراحلها المبكرة، وإن المحللين الاستخباريين لم يتوصلوا بعد إلى استنتاجات مؤكدة بشأن بعض المواقع الخاضعة للتدقيق، وقالوا إنه حتى إذا قررت السعودية متابعة برنامج نووي عسكري، فسوف تمر سنوات قبل أن تتمكن من إنتاج رأس نووي واحد.


إيران تصطاد في الماء العكر


دعا مندوب إيران الدائم الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب ابادي الوكالة الدولية إلى تقديم ايضاحات حول البرنامج النووي السري للمملكة السعودية.


وقد دخل إيران على الخط، وعبرت عن قلقها من وجود "برنامج سعودي سري للتسلح النووي"، ودعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى تقديم توضيحات بشأن "البرنامج السري" ورفع تقرير حوله إلى أعضاء الوكالة.


وقال مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب أبادي، إن طهران قلقة من وجود "برنامج سعودي سري للتسلح النووي".


 وزعم بأن السعودية تسعى إلى تطوير برنامج نووي غير شفاف، مضيفا أنه "على الرغم من أن السعودية عضو في معاهدة الحد من انشار السلاح النووي (NPT) واتفاقية الضمانات الشاملة، إلا أنها للأسف ترفض عمليات التفتيش المتعلقة بالضمانات".


وأضاف غريب آبادي أن السعودية لا تمتلك أي مفاعل نشط للأبحاث كي تسعى لإنتاج "الكعكة الصفراء".


وتابع قائلا: "هذا الأمر وإلى جانب الإجراءات الخفية السعودية في المجال النووي، وعدم السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية، إضافة إلى نشاطها المزعزع للاستقرار الإقليمي، يعزز من القلق بشأن وجود برنامج سري للتسلح النووي في السعودية".


وأكد آبادي على أنه ينبغي للوكالة الدولية، والدول الأعضاء، إبلاغ السعودية بأن المجتمع الدولي يرفض أي انحراف عن أي برنامج نووي سلمي وأنه سيواجهه، مضيفا أن على السعودية، العمل بشفافية، وتطبيق كافة التزاماتها مع الوكالة، في حال خططت لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.


 المملكة تنفي نفيا قاطعا


لكن وزارة الطاقة السعودية نفت كل هذه المزاعم، وقالت في بيان أنها "تنفي نفيا قاطعا" بناء منشأة لخام اليورانيوم في المنطقة التي وصفها بعض المسئولين الغربيين، مضيفة أن استخراج المعادن - بما في ذلك اليورانيوم - جزء أساسي من استراتيجية التنويع الاقتصادي للبلاد.


وتابع البيان السعودي أن المملكة تعاقدت مع الصينيين على استكشاف اليورانيوم في السعودية في مناطق معينة، وقال خبراء في منع الانتشار النووي، إن الموقع لا ينتهك الاتفاقيات الدولية التي وقعها السعوديون.


 مزاعم متكررة وليست جديدة 


يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن سعي المملكة العربية السعودية لامتلاك برنامج نووي، ففي فبراير 2019، أصدرت لجنة الرقابة والإصلاح داخل مجلس النواب الأميركي (الكونغرس)، تقريراً مثيراً للجدل يتناول برنامج الطاقة النووية السعودي، وقد استندت فيه على تسريبات عدّة تتحدّث عن عزم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، السماح لشركات أمريكية بتزويد المملكة العربية السعودية بتكنولوجيا نووية حسّاسة لدعم هذا البرنامج.


ويرسم التقرير، عملياً، رؤية موجّهة المعالم داخل البيت الأبيض، تقوم على تشجيع بناء عشرات محطّات الطاقة النووية في السعودية والمنطقة، وهو ما يمكن وصفه بزيت يُصب في منطقة مُشتعلة بالأساس، نظراً إلى ما يشكّله هذا التوسّع في إنشاء محطّات للطاقة النووية من تحدّيات أمنية جدّية، ولا سيّما إذا كان نقل المعرفة والتكنولوجيا النووية غير مُقيّد ومُراقب.


يلمّح التقرير إلى إمكان وجود صفقة بين واشنطن والرياض، تُمنح بموجبها السعودية ما تريده نووياً، كجزء من خطّة السلام الشاملة التي يُروج لها حالياً، ويشارك فيها جارد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي وزوج ابنته.


ووفقاً للتقرير، يروّج مستشارون سابقون وحاليون داخل البيت الأبيض لنهجٍ يتصف بالمرونة في التعاطي مع برنامج الطاقة النووية السعودي، ويقضي بالسماح للسعودية للقيام بأنشطة مختلفة، مثل تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود النووي المستنفد، وهذه الأنشطة ليست إلّا مدخلاً لتوفير المواد اللازمة لتطوير برنامج تسلّح نووي إذا رغبت السعودية في ذلك.


ويحذّر التقرير من سعي البيت الأبيض الحثيث لعقد صفقة نووية مع الرياض بمعزل عن الضوابط والممارسات الصارمة التي تحجب نقل التكنولوجيا النووية الأميركية إلى بلدان يُشكّك بإمكان قيامها بأنشطة نووية غير سلمية، نظراً إلى التبعات التي قد تنطوي عليها والمتعلّقة، بشكل رئيس، بانتهاك قانون تصدير الطاقة الذرّية، وهو ما قد يشكّل سابقة قانونية قد تتحوّل إلى عنصر جرمي يحاسب عليه المعنيون.

 

وفي شهر يونيو 2019، كشفت وثيقة، تعرف باسم تراخيص (الجزء 810)، أن وزير الطاقة الأمريكي ريك بيري، وافق على 6 تراخيص سرية تتيح لشركات أمريكية، بيع تكنولوجيا خاصة بالطاقة النووية للمملكة العربية السعودية وتقديم المساعدة في هذا المجال، بحسب "رويترز".


وتقول مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، في تقرير لها، إن الشيء الوحيد، الذي يحول دون امتلاك السعودية أسلحة نووية، هو الكونغرس الأمريكي، مضيفة: "الكونغرس يجب أن يتخذ خطوات استباقية لإيقاف الترتيبات، التي من شأنها أن تجعل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قادرا على امتلاك كل ما يحتاج إليه لصناعة قنبلة نووية.


وتضيف المجلة: "الوضع السياسي يشير إلى أن وجود تلك الأغلبية داخل الكونغرس، لرفض قرار بشأن منح السعودية تكنولوجيا نووية ربما يكون مستحيلا".


وتقول المجلة "إذا أراد السعوديون تكنولوجيا نووية فالرئيس الأمريكي لن يصر على شروط صعبة تحد من كيفية استخدام تلك الطاقة، خاصة إذا كانت ضمن صفقة جيدة لواشنطن، وللنجاح في فعل ذلك عليه تجاوز أعضاء الكونغرس الذين يصرون على أن أمريكا يجب ألا تشجع على انتشار الأسلحة النووية.

 

المصدر: وكالات+ مواقع إخبارية