رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كواليس «مرمطة» موظفات مديرية الشئون الصحية بالجيزة.. «كورونا وحرمان من الإجازات»

النبأ

تهانى: الدنيا معكوكة وكله بيخبى والمديرية فيها أكتر من 20 حالة

نهى: االمدير بتاعنا عنده كورونا وبيجى يقعد معانا ويشرب شاى

موظفات: قدمنا الورق اللى يثبت إننا مرضى والمدير رفضه

ناهد: حاولنا نشتكى فى المحافظة قالوا لنا: اللى هيقرب من هناك هنبهدله ونبهدل عياله

موظفة: المدير أجبر زميلة مصابة تنزل وحالتها تدهورت والإسعاف جات أخدتها

حسين غنيم: ما عنديش كورونا والموظفات بتدلع

مدير إدارة الشؤون الكتابية: 34 الموظفين فوق سن الـ 40 ومن الطبيعى أن يكون معظمهم أمراضا مزمنة

المدير: لو أنا عندى كورونا إيه اللى هينزلنى الشغل؟!

«باب النجار مخلّع».. كلمات من التراث الشعبي مر عليها قرون عديدة، إلا أنها باتت خير مُعبر عن أوضاع العديد من المؤسسات التي عجزت عن إنقاذ نفسها، في حين أنها إحدى الهيئات التي يلجأ لها المواطنون، ذلك المشهد تستطع أن تلمح تفاصيله من على أعتاب مديرية الشؤون الصحية بمحافظة الجيزة، في ظل جائحة أربكت العالم وجعلت كل حكومة «تحط عينيها وسط راسها»، ولكن العبث تسيد الموقف في شؤون العاملين بالمديرية، وباتت صرخات العاملين بها هي ملاذهم الأخير، بعدما أجبرهم مديرهم المباشر على التواجد بكامل قوة العاملين دون الأخذ في الاعتبار لأي ظروف استثنائية، والأدهى من ذلك –بحسب وصفهم- إجبار مصابي كورونا من الموظفين على النزول للعمل، قصص معاناة العاملين يرويها بعضهم لـ«النبأ الوطني»، مفجرين كارثة بشأن تأكيد إصابة المدير ذاته بكورونا. 

الدنيا معكوكة

«إحنا لسه مكتشفين حالًا إن فيه حالات تانية في المديرية غير الزملاء في المكتب، المديرية كدا فيها أكتر من 20 حالة»، بصوت مرتبك بدأت تهاني محمد (اسم مستعار) في العقد السادس من عمرها، ومريضة قلب، إحدى موظفات الأعمال الكتابية في شئون العاملين بمديرية الشؤون الصحية بمحافظة الجيزة، حديثها لـ«النبأ».

«المديرية معكوكة بأمانة، وكله بيخبي، بس اللي حالته بتدهور بيضطر ما ينزلش»، وتابعت «تهاني» حديثها بهذه الكلمات، ورغم علم المدير بالأمر إلا أنه لم يحاول تفادي الأزمة إلى أن تفاقمت، للحد الذي وصل إلى تخوف البعض من المدير ذاته، لاسيما وأنه ظهرت عليه بعض أعراض الفيروس.

المدير مصاب كورونا

«المدير بتاعنا عنده كورونا، وبيتعامل معانا مباشرة، بيقعد معانا ويمسك الورق اللي بنمسكه»، حالة من الرعب سيطرت على نهى محمود، (اسم مستعار) في العقد الخامس من عمرها، مريضة سكر ولديها أطفال، إحدى الموظفات بإدارة شؤون العاملين.

محاولة للنجاة

تلتقط ناهد محمد (اسم مستعار) في العقد الخامس من عمرها، أطراف الحديث من زميلاتها، في محاولة منها للتعلق بقشة تنقذهم من الغرق في بحر جائحة كورونا التي أغرقت المديرية –وفقًا لروايتهم- «قدمنا الأوراق اللي تثبت أننا مرضى وعندنا أطفال، ورغم ذلك بتترفض، بحجة أن المدير عايز شهادات بتاريخ 2020 ولازم تتعرضوا على لجنة الأول علشان إحنا تبع الطوارئ». 

تستنكر «ناهد» تعنت المدير، لاسيما وأن عملهم «أعمال كتابية» لن يتأثر في حالة العمل بقرار تخفيض العاملين بالإدارة وفقًا لقرار مجلس الوزراء، وإعطاء إجازة لأصحاب الأمراض المزمنة ومن لديهن أطفال.

المصيبة الأكبر –من وجهة نظر "ناهد"- تتمثل في أن المدير لم يراعِ حتى الـ 5% من أصحاب الإعاقات، وأجبرهم على النزول للعمل، ووصل به الأمر إلى إجبار بعض زملائها من أصحاب أمراض القلب والضغط والسكر على النزول للعمل، ومن يخالف مُعرض للجزاء، "الإدارة فيها موظفين شباب كتير، وممكن هم اللي ينزلوا لأن ما فيش خطورة على حياتهم". 

اكتشاف أكثر من حالة إصابة بكورونا في المديرية لم يُثن المدير عن تعنته –بحسب وصف بعض الموظفات- "قالنا في شغل مهم لغاية 30 يونيو واستحملنا ونزلنا، ولنا أسبوع بننزل كل يوم، وفي الآخر يطلع المدير نفسه مصاب بكورونا، وما كانش قايل وبيتعامل معانا".

أسبوع واحد من قرار المدير بإعادة العمل بكامل قوة العاملين بالإدارة، اكتظ بالكوارث وظهور إصابات عديدة "كان عندنا زميلتنا مصابة بكورونا، كانت عازلة نفسها المدير خلاها تنزل، وكانت بتقعد برة المكتب والمدير يقول لها: ادخلي مع زمايلك ما دام لابسة كمامة خلاص"، لم تمض إلا أيام قلائل وتأزم وضعها، لدرجة أن الإسعاف نقلتها من مقر عملها إلى المستشفى الأسبوع الماضي، -بحسب رواية زميلاتها-

لم يجد الموظفون أمامهم سوى المحافظة للجوء إليها علها تغيثهم، ولكن، تقول (ناهد): "حاولنا نروح المحافظة نشتكي، قالوا لنا: اللي هيقرب من هناك هنبهدله ونبهدل عياله، والمدير قال لنا: أنا جاي لي تعليمات بإن الإدارة تشتغل بكامل قوتها من المحافظة نفسها".

الموظفات أجمعن على أن أنه تم اكتشاف 3 حالات من مديرين الإدارات داخل المديرية، بينهم مدير إدارة شؤون العاملين، ومدير الأرشيف، وحالة في إدارة الطب الوقائي، بخلاف 5 حالات في الشؤون القانونية –وفقًا لمزاعمهن-، ورغم كل ذلك محاولاتهن لمقابلة وكيل وزارة الصحة بالجيزة، الدكتور محمد منصور، للاستغاثة باءت بالفشل.

ما فيش كورونا

«ما فيش حاجة اسمها كورونا، ما عندناش كورونا هنا في المكان»، بهذه الكلمات بدأ مدير إدارة الشؤون الكتابية حسين غُنيم، حديثه، مستكملًا: «منطقيًا إزاي إداري يسمح لموظف بالنزول للعمل ويكون معه تقرير طبي يثبت إصابته بالفيروس بالعقل إزاي حد عنده كورونا وأقول له انزل، مش فيه تأمين صحي ومستشفيات عامة بيتحجز فيها، وتقارير بتطلع!».

وردًا على ادعاء تعنت "غنيم" مع الموظفين وإلزامهم بالنزول بكامل القوة، قال: «نزول الموظفين بالكامل ليس له علاقة بتعنت مني، الأمر يرجع إلى وكيل الوزارة، الذي ألزم مديرية الصحة بالكامل بالعمل بكامل طاقتها، باعتبارها في الصفوف الأولى في المعركة ضد كورونا، بما فيهم إدارة الشؤون الكتابية في المُديرية».

ونسبة الـ 50% بشأن نزول الموظفين بحسب قرار مجلس الوزراء، -وفقًا لغنيم- مخولة إلى مدير المديرية، الأمر الذي دفع مدير مديرية الصحة بالجيزة إلى إلزام الموظفين بالنزول بكامل القوة، واقعة طلب 164 ممرضة من التابعين للمديرية لإجازة، الأسبوع الماضي،-وفقًا لحسين غُنيم- ولجأ للمحافظ لإصدار القرار؛ باعتبار المديرية بالكامل في حالة طوارئ

ماعنديش كورونا والموظفات بتدلع 

"مين في مصر ما عندوش أمراض مزمنة.. ومين في مصر ليس لديه طفل 12 عام!" هكذا تساءل غنيم مستنكرًا، طلب عدد كبير من الموظفات إجازة فور عودة العمل، "34 العاملين بإدارة الشؤون الكتابية فوق سن 40 عامًا، ومن الطبيعي أن يكون غالبيتهم أمراض مزمنة، يعني لو قلنا أصحاب الأمراض المزمنة ما يجوش هنعطل مصالح الناس ونقفل المديرية".

يقول "غنيم" الموظف الذي يقدم تقرير من التأمين الصحي تثبت مرضه أو إصابته بكورونا، لا يتردد مدير المديرية التصديق على الإجازة التي أوصت بها اللجنة، لاسيما وأن هناك من قدم إفادة من مستشفى أم المصريين والبعض قدمها من مستشفى بولاق وآخرون قدموا إفادة من التأمين الصحي، وتم اعتمادها حتى قبل عرضها على قومسيون طبي.

ويختتم «غنيم» تصريحاته لـ«النبأ» فيما يتعلق بزعم بعض الموظفات بإصابته بكورونا، قائلًا: «لو أنا عندي كورونا إيه اللي هينزلني الشغل، ما هي هتبقى فرصة أقعد أسبوعين تلاتة في البيت وإجازة رسمي وما حدش يقدر يقول أنت فين!»