رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالصور من بكين.. أسلحة الصين الفتاكة لقهر فيروس كورونا

صور من بكين
صور من بكين


تعتمد الصين على مجموعة من الأسلحة الذكية الفتاكة لمكافحة فيروس كورونا الجديد. 


أثبتت هذه الأسلحة كفاءتها في احتواء مركز اندلاع الفيروس في ووهان، وتثبت فعاليتها حاليا في جهود بكين للسيطرة على بؤرة جديدة.


البيانات الضخمة

البيانات الضخمة هي أداة من أدوات القوة الحديثة، يعتبرها الخبراء "نفط المستقبل"، ومن يملكها سيملك المستقبل. تجلت أهمية البيانات الضحمة في الصين في مجال مكافحة كوفيد 19، سواء في تحديد المخالطين للحالات المؤكدة، أو الذين زاروا أماكن موبوءة بالفيروس، أو بالنسبة للقائمين على الرعاية الصحية والعلماء في تسهيل الوصول إلى البيانات، أو صانعي السياسات في اتخاذ القرارات وتوجيهها بشكل صائب.

ويتم جمع البيانات فوريا من خلال هجين آلي-بشري عبر شركات الاتصالات وأجهزة الرصد والمتابعة مع معالجة تلك البيانات وتحديثها بشكل مستمر.


وبفضل هذه البيانات والذكاء الإصطناعي، ظهرت خرائط بتصنيف الأماكن حسب درجة خطورتها وأماكن انتشار الفيروس والمناطق والطرق المغلقة والمفتوحة، وبات للشخص أن يعرف وهو يجلس في منزله حالة المجمع السكني الذي يقيم به والشوارع والمجمعات المحيطة وحتى المدينة بالكامل. 


وقد يفاجئ الشخص أثناء سيره بسيارته أو دراجة تشاركية بالشارع، رسالة نصية تحذره من الاقتراب من مكان مصنف بدرجة خطورة ما.

 الشفرة الصحية
بعد تفشي فيروس كورونا في ووهان، وتحديدا في 11 فبراير، أطلقت مدينة هانغتشو ذات البنية التحتية القوية للبيانات "الرمز الصحي" استعدادا لتدفق العائدين بعد انتهاء إجازة رأس السنة الصينية. وبعد أيام أصبح الرمز الصحي معمما في جميع أنحاء البلاد.


الابتكار ليس تطبيقا يتم تنزيله طوعيا بل هو ملحق بتطبيقي "ويتشات" و"واليباي"، الأكثر استخداما لضمان وصوله إلى أكبر عدد من السكان بسرعة. 


وبعد الإذن باستخدام رقم الهاتف يتم استرداد بيانات المواقع التي تواجد فيها الشخص خلال الأشهر القليلة الماضية وتقديم رمز صحي ملون-- أخضر أو ​​أصفر أو أحمر-- تتحقق منه السلطات المحلية وأصحاب المتاجر، لتحديد ما إذا كان مسموحا له بالدخول أو يجب أن يذهب إلى الحجر الصحي أو المستشفى.


فائدة الرمز الصحي أنه يساعد الناس على مراقبة حالتهم الصحية ذاتيا وضمان عدم وصول المصابين المؤكدين أو المشتبه بهم إلى أماكن مغلقة وكذا إثبات حالتهم للآخرين.


وأثبت هذا الرمز فعاليته للغاية في تحسين إدارة تنقل السكان وسط الوباء إلى جانب أقنعة الوجه وفحص درجة الحرارة في كل مكان.


وتستخدم التقنية أدوات تحليل البيانات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لتحليل كمية هائلة من بيانات تحديد المواقع الصادرة عن شركات الاتصالات لتحديد ما إذا كان شخص ما قد انتقل إلى منطقة عالية المخاطر.


وبات الرمز الصحي الآن يستخدم بشكل واسع في تطوير المدن الذكية. وفي بعض المدن المتقدمة تقنيا مثل هانغتشو وسوتشو، تطور بالفعل إلى نوع من الهوية الرقمية، متيحا للمستخدمين الوصول إلى وسائل النقل العام والخدمات الطبية والاجتماعية مع إعادة فتح المدن.


الاختبارات الشاملة

لم تكشف الأزمة الصحية العالمية عن قدرة بكين في التتبع والعزل والإغلاق فحسب، بل كشفت أيضا عن قدرات هائلة في إجراء الاختبارات.


وبعد أن نجحت ووهان في إجراء حوالي 10 ملايين اختبار في 12 يوما تقريبا كان أثرها كبيرا في رفع حالة " الإغلاق النفسي" عن سكانها، أطلقت بكين حملة واسعة لفحص السكان بعد اكتشاف بؤرة جديدة مرتبطة بسوق شينفادي الكبير للخضروات جنوبي العاصمة، مما أثار مخاوف من موجة ثانية للفيروس بعد حوالي شهرين من الصمت الوبائي في البلاد.


وتعهدت بكين بتوسيع نطاق اختبار الحمض النووي لفيروس كورونا. 


وقال المتحدث باسم حكومة بلدية بكين شو هيجيان، في مؤتمر صحفي،  الأربعاء الماضي، إن المدينة ستختبر كل مريض في المستشفى وكل عامل يعمل في مجال التوصيل و الخدمات اللوجستية في المناطق المتوسطة والعالية الخطورة.


واصطف الآلاف لإجراء الفحوص في الأيام الماضية في ملعب وطني شرقي العاصمة وحوالي 127 نقطة أخرى لإجراء الاختبار.


كما نظمت العديد من المجمعات السكنية في جميع أنحاء بكين اختبارات حمض نووي مجانية لسكانها. ويقوم عمال المجمعات بالذهاب منازل السكان ليسألوا عما إذا كانوا مستعدين لإجراء الاختبارات. ويقول المسؤولون إن بكين قادرة على اختبار أكثر من 400 ألف عينة فردية يوميا وإجراء مليون اختبار.


وجمعت العاصمة 2.95 مليون عينة واختبرت 2.34 مليون مواطن بين 12 و 22 يونيو.


وحددت بكين ست مجموعات من الأشخاص لتختبرهم إلزاميا بينهم موظفو قطاع الخدمة العامة، والمدرسون والطلاب الذين عادوا بالفعل إلى المدرسة.


الجيل الخامس

قبل اندلاع المرض في يناير، وبالرغم من الحرب العالمية ضد شركة هواوي الصينية والسجالات المرتبطة بين الصين والولايات المتحدة على خلفية الجيل الخامس تحت ذريعة الأمن القومي، إلا أن مستخدمي الهواتف المحمولة في الصين كانوا متشككين في البداية فوائدها.


وأتيحت شبكة الجيل الخامس للجمهور الصيني قرب نهاية عام 2019.


وبسبب أسعارها المرتفعة والخيارات المحدودة من حيث توافق الأجهزة، كان النمو فيها بطيئا جدا، لدرجة أن اعتقادا ساد بأنها عديمة الفائدة بين المستهلكين. 


لكن وباء فيروس كورونا المستجد غير تصورات المستهلكين تماما تجاهها خاصة بعد أن تجلت فائدتها في إدارة سيناريوهات الصحة العامة المختلفة، ولاسيما التي تتطلب اتصالات عالية الدقة من مسافات بعيدة في الوقت الحقيقي. 

 
وفي الوقت الذي أعجب فيه الجمهور العالمي بسرعة بناء المستشفيات المؤقتة الجديدة في ووهان لعلاج العدد المتزايد لمرضى كورونا، كان الجمهور الصيني معجبا بشئ آخر هو البث المتزامن للبناء بدون كابلات الآلياف الضوئية، حيث كان البث يتم باستخدم الجيل الخامس. 


ووفر البث لما يصل إلى 100 مليون مشاهد صيني المشاهدة بل "الإشراف" على الإنشاءات من غرف نومهم الخاصة. وتمكن المشاهدين من الحصول على معلومات مفصلة عن مشاريع البناء والتفاعل مع البث المباشر والمشاهدين الآخرين في نفس الوقت. وتم اعتبار هذه التجربة الجماعية التي أتاحتها الجيل الخامس على نطاق واسع بأنها تظاهرة ثقافية أعطت الأمل وإحساسا بالسيطرة في وقت كان الناس في حاجة ماسة الى هذا الشعور. 


وخلال فترة انتشار الوباء، استخدمت شبكة الجيل الخامس في المستشفيات لتسهيل التواصل مع العاملين الطبيين في مدن مختلفة لإجراء جلسات استشارية عن بعد تشتد الحاجة إليها، بالإضافة إلى التحكم عن بعد في روبوتات لتقديم الرعاية الصحية للمرضى في المواقف العالية الخطورة، حفاظا على أرواح الأطقم الطبية.


وباستخدامها مع تكنولوجيا التصوير الحراري، أصبحت محطات القطارات والمطارات والحافلات قادرة على فحص الركاب بكفاءة بحثًا عن درجة حرارة الجسم العالية، أحد الأعراض الرئيسية للمرض، وباتت تستخدم هذه الأجهزة بشكل واسع في مقرات العمل والمراكز التجارية والسوبرماكت. 


ومن فرط الإيمان بقدراتها أصبح هناك وجبة في ماكدونالدز اسمها G5 مألوفة جدا بين الصينيين. 


والغريب أن ذلك كان يحدث هنا في الصين في وقت كانت تتعرض محطات الجيل الخامس في دول أوروبية للتخريب.