رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة الشيطان العثماني لإقصاء حفتر و«تقسيم» ليبيا

ليبيا
ليبيا

شهد الملف الليبي تطورات مهمة سيكون لها تداعيات خطيرة على الأزمة مستقبلا.


القواعد العسكرية

أول هذه التطورات تركز فيما كشفت عنه صحيفة «يني شفق» المقربة من الحكومة التركية، عن أن تركيا تنوي إنشاء قاعدتين عسكريتين دائمتين في أراضي ليبيا حيث تدعم قوات حكومة الوفاق الوطني. 


ونقلت الصحيفة عن مصادر، أنّ التعاون العسكري بين ليبيا وتركيا سيرتقي إلى مستويات أعلى، بعد الزيارة التي قام بها إلى أنقرة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، حيث التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.


وأوضحت الصحيفة أنه يجري النظر في إعادة تشغيل قاعدة الوطية الجوية العسكرية التي يتم إصلاح بنيتها التحتية.


وذكرت «يني شفق» أن هذه الجهود تهدف إلى أن تكون الوطية متاحة لبناء تركيا قاعدة جوية فيها.


وأضافت الصحيفة أنه علاوة على ذلك، سيتم اتخاذ خطوات مماثلة في ميناء مدينة مصراتة الساحلية التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، ليتم فيه بناء قاعدة بحرية مع تحصين قاعدة الوطية بالطائرات المسيرة والأنظمة الجوية.


وحسب الخبراء، تحاول تركيا من خلال نشر القواعد العسكرية في الخليج وإفريقيا، على أن تستهدف القوى العربية التقليدية، التي تمثل عمق الأمن القومي العربي وبشكل مباشر السعودية ومصر، فالأتراك الذين يحاولون أن يكونوا موجودين عسكريًا، في منطقة القرن الإفريقي ومازالوا يراهنون على إخوان اليمن، منحهم مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، بعد أن تم طردهم من مدينة عدن نهائيًا، وفي هذه الثناء ترمي تركيا بثقلها في معركة طرابلس، لتثبيت وجودها العسكري شمالي إفريقيا.


الصفقة بين أردوغان وبوتين

توقع الكثير من الكتاب والمحللين في الصحف والمواقع العربية والأجنبية أن يكون هناك صفقة بين تركيا وروسيا في ليبيا كما حدث في سوريا.


قال الكاتب رولاند أوليفنت في صحيفة "صنداي تلغراف" البريطانية، إن انهيار حصار القائد العسكري خليفة حفتر لمدينة طرابلس "أدى إلى تغيير وجه الحرب الاهلى ة المستمرة في ليبيا، وترك الجنرال الذي كان قويًا في السابق جثة سياسية".


ونقل الكاتب عن جليل الحرشاوي، الباحث في معهد كلينغيديل الهولندي قوله "من الناحية الاستراتيجية والعسكرية، حفتر لن يكون قادرًا على القبول بالصفقة أو رفضها. ولن يكون قادرًا على تغيير قيادة الجيش الشرقي أو مواجهة الحكومة المدنية".


ووفق الكاتب، ستشهد الصفقة احتفاظ "الجيش الوطني الليبي" المدعوم من روسيا ومصر بالسيطرة على الجزء الشرقي من البلاد، وتوطيد حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا السيطرة على مناطقها.


خروج  حفتر والسراج من المشهد السياسي

تحدثت تقارير صحفية الفترة الماضية عن خروج المشير خليفة حفتر من المشهد الليبي، لكن تقارير صحفية أكدت أن حفتر لن يتم إخراجه قبل خروج السراج، أي أن الرجلين قد يغادران المشهد السياسي مع بعضهما.


ويقول بعض المحللين، إن حفتر لن يتم إخراجه من المشهد بشكل كامل وفوري، بل سيقوم أولا بتشكيل هيكل سياسي يقود الشرق.


وبحسب بعض المصادر الصحفية، إنه في غياب حفتر يمكن أن يكون هنالك اتفاق حول الشخص الذي سوف يحل محله في قيادة الجيش الوطني الليبي في الشرق.


وبحسب مصدر في هذا الجيش، فإنّ اللواء فرج بوغالية -وهو من أنصار نظام معمر القذافي سابقا- من الأسماء المرشحة لهذه المهمة، خوفا من فقدان دعم رجال النظام السابق الذين يدينون بالولاء لحفتر وروسيا.


وهنالك أسماء أخرى أيضا مرشحة، مثل عبد الرزاق الناظوري رئيس أركان جيش حفتر، والعميد صقر الجروشي رئيس أركان القوات الجوية.


تحركات تركيا لإفشال المبادرة المصرية

وشهدت الأيام القليلة الماضية تحركات تركية من أجل إفشال المبادرة المصرية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في وجود المشير خليفة حفتر وعقيلة صالح لحل الأزمة الليبية.


قالت صحيفة "حريت" التركية إن "أنقرة رفضت اليوم اقتراح مصر لوقف إطلاق النار في ليبيا" زاعمة أنه "يهدف إلى إنقاذ خليفة حفتر بعد فشل هجومه لانتزاع السيطرة على العاصمة طرابلس".


وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في تصريحات مع الصحيفة: "مسعى وقف إطلاق النار المعلن في القاهرة مات في مهده. إذا كان سيجري التوقيع على وقف لإطلاق النار، فإنه ينبغي أن يكون عبر منصة تجمع كل الأطراف معا".


وزعم تشاووش أوغلو، أن "المبادرة باطلة بالنسبة لتركيا حيث أن أي مبادرة تسوية في ليبيا يجب أن تكون تحت رعاية الأمم المتحدة"، مشيرا إلى أن "حفتر تجنب توقيع اتفاقيات التسوية في موسكو وبرلين، بل على العكس زاد من عدوانيته ولم يقترب من التسوية رغم كل هذا الجهد".


 يقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن «أردوغان» دخل إلى ليبيا باعتبارها إرثًا لأجداده العثمانيين، وهو الآن واقع مع روسيا، ويطالب بإخراج «حفتر» من العملية السياسية والسيطرة على مدينة سرت، مشيرا إلى أن المعركة في ليبيا أصبحت معركة صراع على المصالح بين روسيا وتركيا، محذرا من أن القواعد العسكرية التركية في ليبيا سيكون لها تأثير كبير ومباشر على الأمن القومي المصري، لأن هذه القواعد تبعد عن مصر حوالى ألف كيلو متر، وهذا يجعل الأمن القومي المصري في مرمى القوات والطائرات التركية، وبالتالي تواجد قواعد عسكرية تركية في ليبيا يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري.


ولفت «درويش» إلى أن روسيا وتركيا تعملان على تقسيم ليبيا بينهما كما حدث في سوريا، موضحا أن ليبيا سيتم تقسيمها إلى ثلاثة مناطق هي فزان والشرق والغرب وكل منطقة يكون لها رئيس، لافتا إلى هناك صالح تركية وروسية في السيطرة على منابع النفط والغاز في ليبيا.


وعن الدور الفرنسي في ليبيا والذي يبدو أنه مناقض لدول حلف الناتو، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، إن دول حلف الناتو ليس على قلب رجل واحد، مشيرا إلى أن فرنسا ترفض كل ما تقوم به تركيا في ليبيا وسوريا، أما أمريكا فإنها تمسك الحبل من المنتصف، فهي تؤيد المبادرة المصرية وفي نفس الوقت تؤيد ما تقوم به تركيا، مشيرا إلى أن مصر أصبحت الآن هي العقبة الكئود في ليبيا أمام تركيا، مصر كشرت عن أنيابها ولن تسكت ولن تسمح بتهديد أمنها القومي ولن تسمح باللعب بأمنها القومي، مستبعدا خروج المشير خليفة حفتر من المشهد السياسي في ليبيا، مؤكدا أن حل الأزمة الليبية لن يتم بدون وجود «حفتر»، لاسيما وأن روسيا مصممة على وجوده.


 ونوه بأن أي حل سياسي في ليبيا سيكون لصالح تركيا وروسيا، مستبعدا تماما فكرة الحسم العسكري في الأزمة الليبية إلا في حالة دخول مصر بشكل مباشر في ليبيا لمواجهة تركيا، مشيرا إلى أن الأتراك الآن يسعون إلى الجلوس مع مصر للتفاوض بعد أن كانوا يرفضون ذلك في الماضي القريب، لافتا إلى أن تركيا تتعرض لضغوط كبيرة جدا من جانب أطراف كثيرة منها إيطاليا واليونان وفرنسا.


من ناحيته، يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو مجلس الشئون الخارجية المصري، إن إعلان تركيا إقامة قواعد عسكرية دائمة لها في ليبيا أمر طبيعي وغير مستغرب وكان متوقعا، مؤكدا أن تركيا لن تضحي بقاعدة الوطية العسكرية التي أنشأتها الولايات المتحدة الأمريكية كما أنها تسعى لإقامة قاعدة بحرية في مصراتة، مشيرا إلى أن تركيا تريد استغلال الفرصة لتحقيق اطماعها في ليبيا، لافتا إلى أن المسألة لا تتعلق بتركيا فقط، لكن نتيجة الخلاف السياسي مع تركيا وتدخلها في الشأن المصري يتم التركيز عليها، موضحا أن هناك أطرافا أخرى لها مصالح في ليبيا وتسعى لتحقيقها.


وأضاف «حسن» أن تركيا تلعب دورًا مزدوجًا في ليبيا، فهي من ناحية تدافع عن مصالحها، ومن ناحية أخرى تدافع عن مصالح حلف الناتو التي هي عضو فيه، لافتا إلى أن تركيا هي أداة حلف الناتو في ليبيا، مشيرا إلى أن تصريحات السفير الأمريكي في ليبيا التي قال فيها إن التدخل التركي في ليبيا حقق التوازن واضحة وصريحة وتؤكد دعم أمريكا والناتو لتركيا، مؤكدا على أن تركيا سوف تستثمر الموقف في ليبيا لصالحها لأقصى درجة ممكنة وهذا سوف يتبلور في عملية التسوية النهائية.


وحمل مساعد وزير الخارجية الأسبق، المشير خليفة حفتر ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا بسبب رفضه للدخول في عملية سياسية عندما كان في موقف قوة وعندما كان مسيطرا على الأرض، مشيرا إلى ما حدث في موسكو وبرلين ورفض المشير خليفة حفتر التفاوض مع حكومة الوفاق، مؤكدا أن المشير خليفة حفتر أضاع الكثير من الفرص التي كانت سوف تؤدي للوصول إلى تسوية سياسية يكون هو الرابح الأكبر فيها، لافتا إلى أن المشير خليفة حفتر خيب آمال مؤيدية وداعميه وكانت حساباته خاطئة ولم يكن يملك أي رؤية استراتيجية، مؤكدا أن بقاء حفتر والسراج في المشهد الليبي أصبح مسألة وقت، متوقعا أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية في ليبيا بدون حفتر والسراج.


وأشار إلى أن تصدر عقيلة صالح للتحركات الدبلوماسية الآن وتنقله بين العواصم المختلفة وتبنيه مبادرة لحل الأزمة يشير إلى أنه أصبح هو الوجه المقبول لحل الصراع في ليبيا ويعني بشكل ضمنى غياب المشير خليفة حفتر عن المشهد الفترة القادمة، مستبعدا تماما أن يقوم المشير خليفة حفتر بمحاولة تحرير طرابلس مرة أخرى لاسيما لأن حلف الناتو أصبح متواجدا بقوة في الغرب الليبي، لافتا إلى أن المشير خليفة حفتر أصبح في موقف ضعيف ولو أنه توقف عند مصراته لكان الوضع تغير تماما الآن في ليبيا، وبالتالي هو يدفع الثمن ويتفاوض وهو في موقف أضعف بكثير مما كان عليه أثناء مؤتمر برلين، مؤكدا أن الأطراف التي شجعت حفتر على الذهاب إلى طرابلس وإفساد مؤتمر برلين تتحمل جزء كبير من المسئولية، مؤكدا أن حل الأزمة الليبية يتطلب مشاركة جميع الليبيين في حكم ليبيا بعد طرد الدواعش والمرتزقة والمليشيات التي جاءت من خارج ليبيا.


ولم يستبعد «حسن»، أن يكون هناك صفقة بين الروس والأتراك لتقاسم النفوذ في ليبيا والتوصل إلى حل للأزمة الليبية، لاسيما وأن الأتراك والروس لديهما مصالح ضخمة في ليبيا يريدان الحفاظ عليها، مشيرا إلى أن هذه الصفقة بدأت منذ انسحاب مسلحي فاغنر من ضواحي مدينة طرابلس، لافتا إلى أن الصراع بين تركيا وروسيا أصبح على مدينة سرت التي تحتوي على أكثر من 60% من ثروات ليبيا النفطية، متوقعا أن يتوصل الطرفان إلى تفاهمات بخصوص هذه المنطقة الاستراتيجية والمهمة بالنسبة لهما.


ولفت إلى أن الأتراك والروس أصبح لديهما مصالح مشتركة في ليبيا وسوريا، موضحا أن مصر تأخرت مرتين في حل الأزمة الليبية، المرة الأولى كانت بعد قيام الثورة الليبية حيث لم تتخذ موقف، والمرة الثانية كانت عندما سمحت لحفتر بالهجوم على طرابلس، ولم تدرك أن ليبيا أصبحت منطقة صراع للكثير من القوى الإقليمية والدولية مثل روسيا وأمريكا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا والجزائر وتونس، منوها إلى أن جميع الأطراف المتصارعة في ليبيا سلمت بحق مصر في دعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من أجل حماية حدودها الغربية، لذلك مصر دعمت المشير خليفة حفتر ولم يتحدث أحد، مشيرا إلى أن محاولة سيطرة المشير خليفة حفتر المدعوم من روسيا على طرابلس أزعج الأمريكان والأوربيين، وبالتالي لو المشير خليفة حفتر اكتفى بالانتصارات التي حققها في الشرق الليبي وقبل التفاوض في مؤتمر برلين لكان الوضع تغير تماما في ليبيا الآن.


ولفت إلى أن وقوف فرنسا بجانب المشير خليفة حفتر له حدود بسبب دعم روسيا له، موضحا أن أمريكا والغرب ليس ضد التواجد الروسي في ليبيا ولكنهم ضد التمدد والتوغل الروسي هناك، مشيرا إلى أن كل دولة في حلف الناتو لها هامش من الاستقلالية يمكن أن تتحرك من خلاله لكن لا يمكنها أن تتعدى السقف المتفق عليه داخل الحلف، متوقعا أن يتم تقسيم سرت مناصفة بين الطرفين، مستبعدا تماما سيناريو تقسيم ليبيا الذي عاد الحديث عنه مرة أخرى الأن، كما استبعد أن يتم حل الأزمة الليبية عن طريق الحسم العسكري، كما توقع أن يتم تقسيم السلطة والثروة بين الشرق والغرب الليبي دون تقسيم، متوقعا أن تقوم الجزائر بالوساطة بين الطرفين لاسيما وأنها سلكت طريق الحياد منذ بداية الأزمة، لافتا إلى أن اتهامات العمالة والخيانة المتبادلة بين الطرفين أصبحت تعقد الأزمة الليبية.