رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«3» أوراق ضغط فى «يد مصر» لكسر أنف إثيوبيا فى ملف سد النهضة

السيسي
السيسي

«شراقى»: هناك أدلة تثبت أن إثيوبيا لن تستطيع البدء فى ملء الخزان الشهر المقبل 

«علام»: إصرار أديس أبابا على البدء فى ملء السد دون توقيع اتفاق نهائى يقلص فرص الحلول السياسية والدبلوماسية

«بخيت»: ما تقوم به إثيوبيا «شغل جنان» والحديث عن إقامة قاعدة عسكرية لمصر فى جنوب السودان شائعات مغرضة


تطورات كثيرة ومتلاحقة حدثت الفترة القليلة الماضية بخصوص ملف سد النهضة الإثيوبي منها: التقارير التي تحدثت عن إقامة مصر لقاعدة عسكرية في جنوب السودان على الحدود مع إثيوبيا من أجل توجيه ضربة عسكرية لسد النهضة، وهي التقارير التي نفتها دولة جنوب إفريقيا، وقيام السودان بتقديم شكوى لمجس الأمن ضد إثيوبيا، وأخيرا قرار إثيوبيا بالبدء في ملء سد النهضة في شهر يوليو القادم، وتخزين حوالى 4.9 مليار متر مكعب، بالتزامن مع فيضان نهر النيل الأزرق، قبل بدء التشغيل التجريبي، حيث أكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن ملء سد النهضة قرار لا رجعة فيه، مشيرًا إلى أن بلاده لا تسعى للإضرار بالآخرين.


فما السيناريوهات المتوقعة لحل أزمة سد النهضة في ظل هذه التطورات، وفي ظل تصميم الجانب الإثيوبي على البدء في ملء السد في يوليو المقبل وبشكل منفرد ودون موافقة مصر والسودان، وما الخيارات المصرية السودانية لوقف القرار الإثيوبي؟


يقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، إن التصريحات الإثيوبية من رئيس الوزراء الإثيوبى أو من وزير المياه بخصوص بدء ملء سد النهضة موجهة أولا للشعب الإثيوبى للتغلب على المشاكل الداخلية خاصة أزمة تأجيل الانتخابات للعام القادم ما أدى إلى استقالة رئيسة البرلمان الإثيوبى، وموجهة أيضا إلى مصر لزيادة القلق من وجهة نظرهم، وأن كل ذلك مناورات سياسية إثيوبية.


ولفت «شراقي» إلى أن إثيوبيا سوف تتراجع فى اللحظات الأخيرة، ولن يتم الملء دون توافق لأن من مصلحة الحزب الحاكم تأجيل الملء ليكون قبل الانتخابات القادمة مباشرة، كما أن الملء الحالى محدود وفائدته الكهربائية ضعيفة لا تستحق تداعيات الملء دون توافق، وإنشائيا السد ما زال غير جاهز وتعجلت الحكومة لافتتاح محدود بسبب الانتخابات التى تأجلت بالفعل للعام المقبل.


وأضاف «شراقي» أن إثيوبيا ليست جادة في عمليات الملء والتخزين بشكل منفرد، مشيرًا إلى أن إثيوبيا كانت تستطع تخزين المياه العام الحالي من خلال إغلاق البوابات الأربعة الصغيرة، الموجودة في السد، مشيرا إلى أن أديس أبابا تمارس ضغوطًا كبيرة على مصر والسودان للحصول على أفضل مكسب ممكن، لافتا إلى أن السد مازال يحتاج إلى أعمال وليس في صالح إثيوبيا التخزين هذا العام.


وتابع، أن الحكومة الإثيوبية تسعى لتخزين 5 مليارات متر مكعب فقط من المياه، وهي أقل من النسبة المتفق عليها في مفاوضات واشنطن بحسب ما تم نشره، مضيفًا أن إثيوبيا تبحث عن انتصار معنوي لكسب التأييد والأصوات الانتخابية.


ولفت إلى أن إثيوبيا أمام ثلاثة اختيارات، الخيار الأول: العودة إلى المفاوضات على ضوء مسار واشنطن، وتوقيع اتفاق يراعى مصالح الدول الثلاث، ثم البدء فى الملء الأول هذا الموسم. الخيار الثاني هو تأجيل العودة للمفاوضات إلى وقت لاحق يحدد خلال الأشهر القليلة القادمة على أن يكون مصحوبًا بتأجيل الملء الأول أيضًا. أما الخيار الثالث  فيتمثل فى بدء الملء الأول نهاية هذا الشهر دون اتفاق، وفى ذلك انتهاك صريح للاتفاقيات والأعراف الدولية وللجهود التى بذلت فى المفاوضات من الدول بما فيها واشنطن، وإعلان مبادئ سد النهضة، وتجاهل لمجلس الأمن الذى وصل إليه خطابات من الدول الثلاث.


وأكد «شراقي» أن على أن سد النهضة لن يحقق التنمية التى تروج لها الحكومة منذ أيام زيناوى حتى الآن ويتم استغلاله سياسيا كورقة انتخابية، وأيضا ورقة سياسية ضد مصر، وسوف يكتشف الشعب الإثيوبى تضليل الحكومة له وتسخير كل موارد الدولة فى مشروع ضخم لا يعود عليه بالفائدة المنشودة ما سوف يتسبب فى ثورة لإسقاط الحكومة. 


ويقول الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، إن إصرار إثيوبيا على البدء في ملء وتخزين السد دون توقيع اتفاق نهائي مع دولتي المصب يقلص فرص الحلول الدبلوماسية والسياسية، مشيرا إلى أن الهدف من التصريحات الإثيوبية هو الاستهلاك الداخلي وإثارة المواطن الإثيوبي فقط، لافتًا إلى أن إثيوبيا وقعت اتفاق إعلان المبادئ ثم خالفته، وأن مصر ترغب في استكمال سير مفاوضات واشنطن. 


ويقول اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، إن من أهم التطورات التي حدثت الفترة الماضية بخصوص سد النهضة هي إعلان السودان عن عدم موافقتها على ملء خزان سد النهضة إلا بتوافق مصري سوداني إثيوبي، وعدم موافقتها على بعض التعديلات الفنية التي قامت بها إثيوبيا، مشيرا إلى أن الموقف السوداني يأتي بعد أن استشعر السودانيون التأثير السلبي للسد عليهم رغم أن حكومة البشير كانت تتضامن تضامنا كاملا مع إثيوبيا بغض النظر عن المواصفات الفنية للسد، لكن الثورة السودانية حققت بعض التوازن وخلقت رأيا عاما أكثر وضوحا خوفا على السودان بالدرجة الأولى، لافتا إلى أن هذا الموقف السوداني الأخير يضمن مصداقية مقترحات السودان ويؤكد على أن التنسيق بين الجانبين المصري والسوداني ضرورة لمواجهة التعنت الإثيوبي.


وأضاف «بخيت» أن إثيوبيا تتبع استراتيجية المط في الوقت والتنصل من كل شيء وهي مصرة على ملء خزان السد في عام واحد، وهذا يعني أخذ حصة مصر والسودان بالكامل، وهذا شغل جنان، ومصر لا يمكن أن تسمح بذلك تحت أي ظرف من الظروف، محذرا من أن عدم وجود بدائل في مثل هذه الأزمات سيكون مشكلة كبيرة بالنسبة للدولة، مشيرا إلى أن الحديث عن إقامة قاعدة عسكرية مصرية في جنوب السودان لضرب سد النهضة هو شغل وسائل التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أن الهدف من مثل هذه الشائعات هو تهييج الدنيا كما يحدث في الملف الليبي، كما أن الهدف من هذه الشائعات هو جذب وتفتيت القدرة العسكرية المصرية في اتجاهات متعددة بنظرية شد الأطراف من أجل إضعاف القوة العسكرية لمصر، لافتا إلى أن كل وسائل التواصل الاجتماعي خراب على مصر ويقودها الإخوان من خلال منصات وأجهزة مخابرات أجنبية، لذا الدولة  المصرية في حاجة إلى جمع أكبر قدر من المعلومات وتكذيب هذه الشائعات وعدم الانصياع لها، مؤكدا أن الموضوع كله مبني على الشائعات ويحتاج إلى يقظة ومعرفة الحقائق على الأرض.


وعن خيارات مصر لمواجهة تعنت الإثيوبيين، قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، إن مصر لجأت للمجتمع الدولى وما زال أمامها مجلس الأمن والجمعية العامة العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، مشيرا إلى أن هناك تجهيزات للجوء إلى المنظمات الدولية، لافتا إلى أن إثيوبيا تحاول تحييد السودان في ملف سد النهضة من خلال إدخالها في صراع على الحدود من خلال العصابات والميليشيات الإثيوبية المسلحة والمدعومة من الدولة الإثيوبية، مؤكدا أن ما يحدث على الحدود السودانية الإثيوبية عملية مدبرة من أجل إشغال السودان في صراع حدودي عسكري وبالتالي يتم تحييدها في ملف سد النهضة، وهذا «شغل» بعيد عن الأخلاقيات وعربدة و«فرد ذراع»، مطالبا الإعلام المصري بالابتعاد عن الحديث عن الخيار العسكري لأن إثيوبيا تستغل هذا الأمر لاتهام مصر بتهديدها عسكريا، مؤكدا أن مصر لا تلجأ لاستخدام القوة العسكرية أبدا في مثل هذه الظروف؛ لأن هناك مجتمعا دوليا، لكن تظل كل الخيارات مفتوحة إذا كان الأمر يتعلق بالبقاء.