رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هل ينجح السيسى فى حل أزمة ليبيا بدون إطلاق رصاصة واحدة؟

السيسي وحفتر وعقيلة
السيسي وحفتر وعقيلة صالح

حراك سياسي كبير تشهده القاهرة من أجل حل الأزمة الليبية، فقد أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن مبادرة أطلق عليها «إعلان القاهرة» لحل الأزمة الليبية، في حضور المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، والمستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي.

وتضمنت الخطة أو المبادرة عدة بنود شملت التأكيد على وحدة وسيادة الدولة الليبية، واحترام الجهود والمبادرات الدولية ذات الصلة، مع التزام الأطراف بوقف النار اعتبارًا من الساعة السادسة صباح الإثنين الموافق 8 يونيو.

ونصت المبادرة على الارتكاز على مخرجات مؤتمر برلين، والتي ينتج عنها حل سياسي وأمني واقتصادي شامل، واستكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية 5+5 بجنيف، برعاية الأمم المتحدة، مع إلزام المنظمات الدولية بإخراج المرتزقة الأجانب والإرهابيين من الأراضي الليبية، وتسليم الميليشيات أسلحتها، حتى يتمكن الجيش الليبي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، في تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع البلاد.

وتضمنت المبادرة ضرورة استعادة الدولة الليبية لمؤسساتها الوطنية، وإعادة سيطرتها على المؤسسات الأمنية، ودعم الجيش الليبي لمساعدته في تحمل مسؤولياته في مكافحة الإرهاب، وحماية السيادة الليبية، واسترداد الأمن في المجال البحري والجوي والبري.

كما اشتملت المبادرة على نص يسمح بأن يقوم المجلس الرئاسي باتخاذ قراراته بالأغلبية، عدا القرارات السيادية، المتعلقة بالقوات المسلحة، فيتم اتخاذها بالإجماع وبحضور القائد العام، كما تضمنت أن يقوم كل إقليم من الأقاليم الثلاثة بتشكيل مجمع انتخابي، بحيث تجتمع اللجان الثلاثة تحت رعاية الأمم المتحدة، ويتم التوافق عليها مع تمثيل معقول للمرأة والشباب، ويقوم كل إقليم باختيار ممثله للمجلس الرئاسي، بهدف تشكيل مجلس رئاسي من رئيس ونائبين، على أن يتولى المجلس الرئاسي تسمية رئيس للوزراء من الكفاءات الوطنية، والذي يقوم بدوره باختيار أعضاء الحكومة، وعرضها على المجلس الرئاسي، تمهيدًا لإحالتها لمجلس النواب لنيل الثقة.

وأكدت المبادرة ضرورة إشراف الأمم المتحدة على مراحل العملية الانتخابية للمجمعات الانتخابية، مع حصول كل إقليم على عدد مناسب من الحقائب الوزارية، طبقًا لعدد السكان، بحيث يحصل إقليم طرابلس على 9 وزارات، وبرقة على 7 وزارات، وفزان على 5 وزارات، وتقسيم الوزارات السيادية الست على الأقاليم الثلاثة، بحيث يحصل على كل إقليم على وزارتين.

ونصت المبادرة على اضطلاع مجلس النواب الليبي باعتماد تعديلات الإعلان الدستوري، وقيام كل إقليم بتشكيل لجنة، لصياغة دستور جديد للبلاد، يحدد شكل إدارة الدولة، وطرحه للاستفتاء الشعبي العام، كما تضمنت أن تكون الفترة الانتقالية لمدة 18 شهرًا، قابلة للزيادة بحد أقصى 6 شهور، يتم خلالها إعادة تنظيم كافة مؤسسات الدولة الليبية، خاصة المؤسسات الاقتصادية الرئيسية، وإعادة تشكيل مجالس إداراتها، بما يضمن فعالية أداء الحكومة الجديدة، ويمكنها من تأدية مهامها، وتوفير الموارد اللازمة لتنظيم المرحلة الانتقالية والانتخابات.

وشملت المبادرة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوحيد كافة المؤسسات الاقتصادية، والنقدية، في شرق وجنوب وغرب ليبيا، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وضمان منع وصول أي موارد أو أموال ليبية إلى الميليشيات، والعمل على ضمان وتوزيع عادل للثروة لكافة المواطنيين الليبيين.

وحذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من إصرار بعض الأطراف على الحل العسكري للأزمة الليبية.

ورحب عدد من الدول العربية والأجنبية بالمبادرة المصرية منها، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيطاليا وفرنسا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن، فيما رفضت حكومة الوفاق الليبية وتركيا هذه المبادرة.

فقد رحبت واشنطن بالجهود المصرية الرامية لحل الأزمة الليبية، ودعت الأطراف المتنازعة إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، مُشددة على ضرورة عودة الأطراف الليبية إلى مفاوضات الأمم المتحدة، حسبما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية.

وكذلك أعلنت فرنسا دعمها للمبادرة وذلك خلال اتصال هاتفي بين سامح شكري وزير الخارجية ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان، الذي أثنى بالجهود التي بذلتها مصر في الملف الليبي، مُبديًا ترحيبه بالنتائج التي تحققت بهدف الوقف الفوري للقتال، واستئناف المفاوضات في إطار اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، والتوصل سريعًا لوقف لإطلاق النار ينص على مغادرة المرتزقة الأجانب ليبيا.

وطالب القائد العام للقوات المسلحة الليبية، المشير خليفة حفتر، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتدخل لإيقاف تركيا عن نقل الأسلحة والذخيرة والإرهابيين إلى الأراضي الليبية، مؤكدًا أن تركيا ترعى الإرهاب في العالم.

وقال «حفتر» خلال كلمته في المؤتمر الصحفي الذي انعقد بالقاهرة على هامش إعلان القاهرة، إن الأتراك يريدون احتلال ليبيا، مؤكدًا أن دعم المصريين لأشقائهم الليبيين ليس بجديد، بينما يؤدي التدخل التركي في ليبيا إلى استمرار الصراع.

وفي أول تصريح رسمي رفض رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ضمنيًا إعلان القاهرة، عندما أكد على ضرورة المضي قدما في طريق التضحيات حتى أخره، وطرد من وصفهم بـ«العصابات الإجرامية والمرتزقة الذين جاؤوا لليبيا من كل حدب وصوب»، في إشارة منه لرفض إعلان القاهرة رسميًا واستمرار القتال والهجوم على مدينة سرت. 

وأعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، التابع لحكومة الوفاق، رفض أي مبادرة لا تقوم على الاتفاق السياسي الليبي، وقال: "لا مكان لحفتر في أي مفاوضات قادمة". 

يقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن عدم موافقة حكومة الوفاق على إعلان القاهرة لحل الأزمة الليبية يعني أن العالم كله سوف يقوم بمواجهتها، مشيرا إلى أن القاهرة بهذه المبادرة وضعت حكومة الوفاق فى مأزق، لا سيما أن أغلب دول العالم أعلنت تأييدها لهذه المبادرة المصرية، لأن ما يحدث الآن في ليبيا وتقدم حكومة الوفاق نحو بنغازي يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، وهذا يحتم أن تتدخل مصر عسكريا في ليبيا، مصر لن تقبل بأي تهديد على حدودها الغربية، وبالتالي مصر سوف تعلن الحرب المباشرة في ليبيا على المرتزقة وعلى حكومة الوفاق، مؤكدا على أن مصر أصبحت الأن مستعدة للتدخل عسكريا في ليبيا أكثر من أي وقت مضى، ولم يستبعد الخبير العسكري أن تتدخل مصر بريا في الصراع الليبي في حال إصرار حكومة الوفاق على التقدم شرقا لأن ذلك يمثل تهديدًا مباشرًا لمصر وبالتالي مصر لن تسكت على ذلك.

من ناحيته، يقول اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن المبادرة المصرية لن تنهى الحرب في ليبيا ولكن سيكون لها تأثير كبير في ليبيا، مشيرا إلى أن السؤال المطروح هو: هل هناك رؤية مصرية للتعامل مع الأزمة الليبية في حال تم رفض المبادرة من قبل تركيا وحكومة الوفاق؟، لافتا إلى أن المشير خليفة حفتر أصبح جزءًا من المشكلة في ليبيا لأنه فشل في إدارة الصراع الفترة الماضية وقال كلاما ولم يستطيع تنفيذه، موضحا أن ليبيا تحتاج إلى تغيير أساسي قبل التفكير في الحل النهائي، مشيرا إلى أن رفض تركيا وحكومة الوفاق للمبادرة المصرية كان متوقعا، متوقعا أن يتم الضغط من قبل الأطراف الدولية من أجل استبعاد المشير خليفة حفتر من أي تسوية سياسية للأزمة الليبية، مستبعدا دخول مصر في صراع مسلح مع تركيا على الأراضي الليبية في الوقت الحالي، متوقعا أن يتم الدفع بعقيلة صالح بدلا من المشير خليفة حفتر الفترة القادمة، موضحا أن سبب تشكيك تركيا والسراج في نوايا مصر هو تأييد مصر للمشير خليفة حفتر. 

ويقول اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق، إن المبادرة المصرية هي بداية وباب تمت مواربته، مشيرا إلى أن حل أي مشكلة يتطلب جمع كل الأطراف، وهذه المبادرة كان ينقصها طرف رئيسي وهو حكومة الوفاق، وبالتالي هي لا تؤدي للحل ولكنها تفتح الباب للحل إذا وافق الطرف الآخر على الانضمام  لهذه المبادرة، ولكن إذا رفض الطرف الآخر الانضمام لهذه المبادرة فلن تضيف جديدًا، لافتا إلى أن تحذير الرئيس عبد الفتاح السيسي من إصرار أي طرف على الحسم العسكري هو من باب الضغط على الطرفين من أجل القبول بوقف إطلاق النار، لاسيما أنه لا يوجد طرف قادر على حسم المعركة عسكريا على الأرض، وبالتالي الاستمرار في الصراع العسكري لن ينتج عنه سوى المزيد من الخسائر وعدم الاستقرار، وهذا سيكون له تأثير مباشر على الأمن القومي المصري، وعلى الحدود الغربية لمصر لأن ليبيا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي لمصر، مستبعدا أن تتحول مصر إلى طرف رئيسي في الصراع العسكري في ليبيا، منوها أن تدخل مصر يكون من خلال المشورة والدعم بالسلاح والقوات الجوية عند الضرورة، مؤكدا على أن مصر ليست على استعداد لتكرار تجربة اليمن مرة أخرى.

وأضاف «فؤاد» أن حكومة الوفاق وتركيا ما زالا متمسكين بمواقفهم، كما أن وضعهم العسكري ليس ضعيفًا، بدليل أن الجيش الوطني الليبي تخلى عن بعض المناطق طواعية في الفترات الأخيرة وهذا يدل على أن هناك ضغطا عسكريا من الطرف الآخر، مشيرا إلى أن حل الأزمة الليبية يتطلب محاولة جر حكومة الوفاق وتركيا لطاولة المفاوضات، لذلك جاءت المبادرة المصرية كفتح للباب من أجل جذب الآخرين إليه، وبالتالي المبادرة المصرية هي مبادرة سياسية لحلحلة الأزمة الليبية وتحريكها، ونجاحها يتوقف على انضمام الطرف الآخر إليها، وبدون انضمام الطرف الآخر لهذه المبادرة فلن تكون لها نتائج.