رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل «3» تطورات خطيرة في ليبيا تهدد الأمن القومي المصري

النبأ

على مدار الأيام الماضية، شهد الملف الليبي «3» تطورات خطيرة، أخطرها سيطرة قوات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا على قاعدة الوطية الجوية الاستراتيجية بالنسبة للجيش الليبي، وإعلان الأمين العام لحلف الناتو دعم حكومة الوفاق، وكذلك عزم تركيا التنقيب عن الغاز والبترول في المياه الإقليمية الليبية.

وأبدى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ينس ستولتينبورج»، في مقابلة أجرتها صحيفة «ريبوبليكا» الإيطالية، استعداد الحلف لتقديم الدعم لحكومة الوفاق الليبية، والاستجابة لطلب رئيسها فائز السراج بالمشاركة في بناء المؤسسات الدفاعية والأمنية.

وفي رده على سؤال حول أنشطة تركيا في سوريا وليبيا والبحر المتوسط، قال «ستولتنبرج»، إنّ «الناتو يضم 30 دولية حليفة، يوجد بينها اختلاف في المواقف إزاء العديد من الملفات، لكن أنقرة حليف مهم».

كما أشاد سياسيون ومحللون ليبيون وأتراك بتصريحات أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي أكد فيها استعداد الحلف لدعم حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًا، فيما اعتبر بعضهم أن موقف الحلف يأتي ردًا على “البيان الخماسي” الذي أصدرته كل من مصر والإمارات وقبرص واليونان وفرنسا، وانتقد الدعم التركي لحكومة الوفاق.

وكان وزراء خارجية مصر والإمارات وقبرص واليونان وفرنسا أصدروا بيانًا مشتركًا للتنديد بما سمّوه “التحركات التركية غير القانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص ومياهها الإقليمية”، كما انتقدوا “التدخل العسكري التركي في ليبيا، وحثوا تركيا على الاحترام الكامل لحظر السلاح الأممي ووقف تدفق المقاتلين الأجانب من سوريا إلى ليبيا، لما يشكله ذلك من تهديد لاستقرار دول جوار ليبيا في إفريقيا وكذلك في أوروبا».

وفي تطور عسكري جديد، أعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية أن قواتها انتزعت قاعدة الوطية الجوية من قبضة قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، وهي أخر معقل عسكري لخليفة حفتر  في غرب ليبيا. 

هذه التطورات الجديدة تطرح الكثير من الأسئلة عن الأسباب التي دفعت أكبر وأقوى حلف عسكري في العالم على دعم حكومة الوفاق في هذا التوقيت، وما تأثير ذلك على توازن القوى في ليبيا، وتأثير ذلك على الأمن القومي المصري، وهل يصب هذا التدخل في صالح المشروع التركي في ليبيا؟

يقول السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الوضع في ليبيا يدخل فيه من بداية الأزمة عناصر إقليمية ودولية داعمة لعناصر داخلية، وبالتالي لا يمكن لطرف أن يستسلم لطرف أخر، مشيرا إلى أن خليفة حفتر أعلن منذ عام أنه سوف يحرر طرابلس خلال 48 ساعة، وهذا ما لم يحدث حتى الآن، بل على العكس قواته فقدت كل  المدن التي كانت يسيطر عليها في غرب ليبيا كما فقدت قاعدة الوطية الجوية العسكرية، وهذا يؤكد أن حفتر لا يمتلك أي خطط استراتيجية أو أي رؤية سياسية، كما أن بعض الأطراف الداعمه له تضعه في مواقف تؤدي إلى حرقه وهي لا تدري.

ولفت إلى أن تدخل حلف الناتو سيجعل موقف المشير خليفة حفتر ضعيفا، لاسيما بعد أن فقد قاعدة الوطية الجوية وكل المدن التي كان يسيطر عليها في الغرب لصالح حكومة الوفاق وهي الحكومة المعترف بها دوليا والتي تمثل ليبيا في المحافل الدولية، موضحا أن هناك شبه إجماع  من المجتمع الدولي على أنه لا حل عسكريا في ليبيا وأن الحل السياسي هو الوحيد للأزمة، محذرا من أن طول أمد الأزمة يمثل خطرا على مصر، مؤكدا على أن مصر لن تغير موقفها من خليفة حفتر طالما وضعت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا في دماغها، مشيرا إلى أن المشكلة الكبرى هي أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بحكومة الوفاق كممثل وحيد للشعب الليبي في المحافل الدولية، لافتا إلى أن حكومة الوفاق هي التي تمثل ليبيا داخل جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية والإقليمية، منوها إلى أن جزء كبير من الليبيين في الغرب لا يريدون خسارة مصر، كما أن أكثر من 60% من الشعب الليبي متواجدون في الغرب، قائلا«مصر لها تأثير كبير على حفتر فهل هي مستعدة لتغيير موقفها منه بعد هذه التطورات؟»، مشيرا إلى أن حفتر الأن في موقف حرج والسراج في موقف قوة، وبالتالي الموقف في ليبيا يزداد تعقيدا وكلما طال سيزداد تعقيدا، وبالتالى لابد من الإسراع للعودة لمقررات مؤتمر برلين.

ويضيف اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن موقف الناتو ليس مستغربا بسبب الدور الروسي في ليبيا، مشيرا إلى أن الصراع  بين روسيا والناتو الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية سوف يستمر، لافتا إلى أن موقف حلف الناتو الداعم لحكومة طرابلس سوف يطيل من أمد الصراع في ليبيا ويحافظ على درجة من توازن القوى بين الأطراف المتصارعة، مشيرا إلى أن المشير خليفة حفتر لم ينفذ أي شئ مما يقوله على أرض الواقع، مؤكدا على أن حلف الناتو ليس أمامه إلا دعم تركيا لمواجهة روسيا لاسيما وأن تركيا تمثل أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لحلف الناتو. 

ويقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن الهدف من تدخل الناتو ودعمه لحكومة الوفاق هو تقسيم ليبيا إلى 3 دويلات، كما أن الهدف هو وقف تقدم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وتحجيم روسيا، مشيرا إلى أن تركيا مهمة جدا بالنسبة لحلف الناتو رغم الخلافات بينهم، لافتا إلى أن كل طرف من أطراف الصراع يبحث عن مصالحه، منوها إلى أن الذي لا يدركه البعض هو أن أغلب الشعب الليبي يعيش في الغرب، مطالبا مصر بالسعي إلى توحيد القبائل في الغرب الليبي ضد حكومة الوفاق، قائلا: «العملية كلها متشابكة ومعقدة ولا أحد يتوقع ما سيحدث لأن الأوضاع انقلبت».

ويؤكد اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق، أن إعلان حلف الناتو دعمه لحكومة الوفاق وسيطرة قوات الوفاق على قاعدة الوطية العسكرية سيقلب موازين القوى تماما في ليبيا لصالح حكومة الوفاق، مؤكدا على أن هذه التطورات تمثل خطرا على الأمن القومي المصري لأن ليبيا تهم مصر وأي تطورات عكسية هناك تضر بمصالح مصر، وبالتالي مطلوب من مصر قراءة هادئة للموقف وإعادة حساباتها مرة أخرى لأن هذه التطورات يمكن أن تشكل لمصر مشاكل خطيرة وموازين القوى تختل  لصالح الوفاق، متوقعا أن يتمسك كل طرف بموقفه ويحاول تحسين شروطه بشكل أو بأخر، لاسيما وأن كل طرف يمتلك الأوراق التي تمكنه من التمسك بموقفه، مشددا على أن تدخل الناتو خطير بالنسبة لمصر ويحتاج دراسة وتفكير دقيق جدا، لاسيما وأن حلف الناتو له وزن كبير، وعلى مصر أن تتهيأ لهذه التطورات بشكل أو بأخر وخاصة أن ليبيا تمثل بالنسبة لها أهمية استراتيجية كبيرة.