رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سر دعوة السيدة عائشة إلى الزواج في شوال

النبأ


تشاءَم العرب قديمًا من الزواج في شهر شوال وجاء الإسلام يرفض هذا التشاؤم، ودعت السيدة عائشة -رضي الله عنها- للزواج في شهر شوال، ومن الأسباب التى جعلت السيدة عائشة –رضى الله عنها- تحث المسلمين على الزواج فى شهر شوال فى حديثها القائل: ««تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلّم- في شَوَّال، وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ فِي شَوَّال، فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَتْ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي..»، هو أن العرب كانت تتشاءم من شهر شوال


التشاؤم من شهر شوال عند العرب

تشاؤم العرب من شهر شوال كان من آثار الجاهلية، حيث كانوا يتطيرون ويتشاءمون منه، وكانوا يكرهون عقد النكاح والتزويج به، وقال العلماء إن العرب تشاءموا من شهر شوال لسببين: الأول: أنَه قد وقع فيه مرض الطاعون قديما ومات فيه خلق وكثير من العرائس، والثاني: كانوا يتطيرون به لما فى اسم شوال مِن الإِشَالة وهي: الإِزَالَة وَالرفع، فكانوا يعتقدون أن من بنى بأهله في شوال رفعت المحبة من بينهما.


وأرادت السيدة عائشة –رضى الله عنها- بحديثها هذا رفع الوهم عند الكثير من العرب فقالت: «فأيُّ نِسَائِهِ كان أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي»؛ أي: لم يضُرَّني ذلك، ولا نَقَصَ مِن حَظْوَتِي، والإسلام قد حارب الطيرة والتشاؤم لحديث سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:«لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ...»، ولذلك كانت السيدة عائشة تحث المسلمين على الزواج فى شهر شوال حتى يحصل لهم البركة والخير فيه.


هل يستحب الزواج في شهر شوال؟

يستحب شرعا الزواج في شهر شوال وليس مكروهًا وقال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (9/ 209) بعد ذكر الحديث: فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّزْوِيجِ وَالتَّزَوُّجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ، وَقَدْ نَصَّ أَصْحَابُنَا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَصَدَتْ عَائِشَةُ بِهَذَا الْكَلَامِ رَدَّ مَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَيْهِ وَمَا يَتَخَيَّلُهُ بَعْضُ الْعَوَامِّ الْيَوْمَ مِنْ كَرَاهَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّزْوِيجِ وَالدُّخُولِ فِي شَوَّالٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِذَلِكَ لِمَا فِي اسْمِ شَوَّالٍ مِنَ الْإِشَالَةِ والرفع".


وذكر العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (2/ 262) نقلًا عن "البزازية": "وَالْبِنَاءُ وَالنِّكَاحُ بَيْنَ الْعِيدَيْنِ جَائِزٌ، وَكُرِهَ الزِّفَافُ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لا يُكْرَهُ؛ لأَنَّه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَزَوَّجَ بِالصِّدِّيقَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِهَا فِيهِ"، وبناءً على ما سبق: فالزواج في شهر شوال مستحبٌّ، ولا كراهة فيه.


شهر شوال قبل الإسلام

كان يُطلَق على شهر شوال قبل أن يُسمى بذلك اسم "واغل"، ثم اختيرَ اسم شوال بعد ذلك عليه بعد أن اجتَمعت العربان واختارت اسمًا لكل شهرٍ من الأشهر الهجرية، لكن يصعب إيجاد مرجع يُبين سبب تسمية شوال بواغل.


وظهر التقويم الهجري في عهدِ خليفة رسول الله الثاني: عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، واعتمد حينها كتقويمٍ مُنظمٍ لحِساب السنين والأيام على الرغم من استِخدامه قبل الإسلام إلا أنه لم يَكن مُنظمًا في الاستخدام


فضل شهر شوال

شهرَ شوال من الأشهر التي اختصها الله -سبحانه وتعالى- بعبادات خاصة كالصيام والقيام، كما أن ابتِداء الحج يكون فيه؛ حيث يُشرع لمن أراد الحج أن يبدأه في شهر شوال، فيحرم للحج ويَبقى مُحرمًا إلى يوم التروية، وإن كان حجه متمتعًا فيجوز له أن يَنوي الحج فيه ثم يؤدي العمرة ويتحلل من إحرامه إلى وقت الحج.


عبادات شهر شوال

صيام ستة أيام منه: ويكون ذلك بعد انتِهاء رمضان وتُسمى بأيام التوديع، ويُعتبر صيام هذه الأيام مما يُستحب من الأعمال عند جمهور العلماء، وذلك لما رواه مسلم عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ.


فإن أجر الصائم في شهر شوال لهذه الأيام مع صيام شهر رمضان كأجر من صام الدَهر كله، ويُمكن توجيه ذلك بأن الحسنة تُعادل عشر أمثالها، فثلاثون يومًا من شهر رمضان تُعادل صيام ثلاثمائة يوم من السنة، وصيام ستّة أيامٍ من شوال يُعادل صيام ستين يومًا، فيكون المجموع ثلاثمائة وستين يومًا وهو عدد أيّام السنة الهجرية.