رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل المواجهة الحاسمة بين مصر وإثيوبيا لإنهاء أزمة «سد النهضة»

سد النهضة
سد النهضة

فى تصعيد جديد لمواجهة التعنت الإثيوبي فى أزمة «سد النهضة»، قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها، إن وزير الخارجية سامح شكري وجه خطابا إلى رئاسة مجلس الأمن مؤخرًا، وتم تعميمه على أعضاء المجلس بشأن تطورات قضية سد النهضة ومراحل المفاوضات.

ولفتت الخارجية المصرية في البيان إلى ما اتخذته القاهرة من مواقف "مرنة" متسقة مع قواعد القانون الدولي، وحرصها على الانخراط الإيجابي لتسوية هذا الملف بشكل عادل ومتوازن.

وذكرت الخارجية المصرية في خطابها أنه على الرغم من أن بناء السد تم من دون موافقة دول المصب، إلا أن هذا لم يمنع مصر من دخول مفاوضات "جادة" مع إثيوبيا عبر عدة مستويات.

وأوضحت أنها وقعت اتفاق المبادئ مع رؤساء الدول الثلاث والذي نص في بنوده على "عدم الإضرار" بمصالح أية دولة جراء أي مشروعات تقام على النيل".

وتقدمت مصر بطلب من مجلس الأمن لتقديم المشورة بشأن ما تفعله مع تلك التصرفات الإثيوبية، بعدما أعلنت عن نيتها ملء سد النهضة في يوليو.

 من جانبها، ردت الخارجية الإثيوبية، في بيان نقله موقع "بوركينا" الإثيوبي، على تلك الرسالة بقولها إن الوزارة لن تغير موقفها فيما يتعلق بممارسة حقوقها السيادية في استخدام مواردها الطبيعية وملء سد النهضة بطريقة لا تلحق ضررا بالدول المشاطئة لنهر النيل.

ونقل البيان عن الخارجية الإثيوبية قولها إن أديس أبابا تبذل كل ما في وسعها في المفاوضات حتى الآن، ولا تزال إثيوبيا تعتقد أن هناك حلا للقضية من خلال المحادثات الثلاثية مع مصر والسودان.

فما هو مغذى هذا التحرك المصري، وما مصير المفاوضات التي تم إجراؤها في العاصمة الأمريكية واشنطن؟ 

يقول الدكتور محمود أبو زيد، وزير الري الأسبق، إن لجوء مصر إلى مجلس الأمن يعد تصعيدًا سياسيًا من الدرجة الأولى، بعد التعثر في المفاوضات بين الأطراف الثلاثة من الجانب الفني، مشيرًا إلى أن محتوى الخطاب كشف النقاب عن التجاوزات الإثيوبية، بالإضافة إلى نفاد صبر القاهرة.

وأضاف «أبو زيد» أنّ الخيارات المتاحة حاليًا أمام أديس بابا، إما التوقيع على مسودة واشنطن، أو حصول مصر على قرار بوقف بناء السد، لافتًا إلى أن مصر أعدت للأمر بشكل أكثر من ممتاز من خلال التنسيق الجيد مع الدول العربية والحلفاء الدوليين المؤثرين.

وأشار «أبو زيد» إلى أن القاهرة لن تقبل نقص نقطة مياه واحدة من حقوقها المائية وفقًا للقوانين الدولية، مضيفًا أن الأمور ذهبت في طريق الاتفاق النهائي، أو اتخاذ جميع الإجراءات القانونية التي تحفظ حق مصر في الحياة.

ويقول الدكتور عباس الشراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن مصر تعول على قرار من مجلس الأمن، يكون ملزمًا لاستئناف التفاوض، أو على الأقل إصدار قرار بوقف أعمال البناء، لافتًا إلى أنها فرصة ذهبية لكلا الطرفين.

وأوضح أن القاهرة تأمل من هذه الخطوة، عودة إثيوبيا إلى اتفاق واشنطن بناء على مبادئ التوافق حول نقاط الخلاف، متوقعًا عدم التزام إثيوبيا.

وأضاف «شراقي» أن السيناريوهات المتوقعة هي أن تستجيب إثيوبيا وتقوم بتأجيل ملء السد إلى ما بعد الانتخابات وتتفاوض مع مصر للتوصل إلى اتفاق نهائي، السيناريو الثاني هو أن تقوم إثيوبيا بالمضي قدما في خططها، وبالتالي المزيد من تأزم الموقف، السيناريو الثالث هو أن يصدر قرار من مجلس الأمن بتعيين وسيط وإلزام إثيوبيا بالتوصل إلى اتفاق نهائي مع مصر أولا قبل الملء.

وقال الدكتور مساعد عبد العاطي، أستاذ القانون الدولي وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي، إن مصر لم تشكُ إثيوبيا إلى مجلس الأمن، لكنها أطلعت المجلس على محطات ومستجدات المفاوضات الممتدة منذ حوالي 9 سنوات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، مشيرا إلى أن الخطاب استعرض تلاعب أديس أبابا خلال السنوات الماضية، وتجاهلها اتفاق إعلان المبادئ الموقع في ديسمبر عام 2015.

وأوضح أنه بعد تقديم هذا الخطاب، يصبح الجانب الإثيوبي مطالبًا بالرد، حيث إن الخطوة التالية ستكون طلب جلسة لتحديد مسار الدعوة؛ ما ينتج عنه استدعاء كافة الأطراف واستكمال مفاوضات واشنطن من حيث توقفت.

وأشار «عبد العاطي»، إلى أن تجاهل إثيوبيا يضعها في وضع قانوني ودبلوماسي صعب، ويعطي الحق للقاهرة في اتخاذ كافة التدابير لحماية أمنها القومي، باعتبارها الدولة الأكثر تضررًا من البناء.

وأضاف أستاذ القانون الدولي، أن مجلس الأمن سيطلب ردا من إثيوبيا على المذكرة المصرية، وأن أديس أبابا مطالبة بالرد القانوني في إطار ميثاق الأمم المتحدة واختصاصات مجلس الأمن، وحث إثيوبيا على العودة لمفاوضات واشنطن والتوقيع على مسودة الاتفاق، وعدم تصعيد النزاع في ضوء اعتزامها البدء في ملء خزان سد النهضة في يوليو بطريقة منفردة من شأنها تهديد حالة السلم والأمن الدوليين في منطقة شرق إفريقيا.

وأوضح أن مجلس الأمن هو المعني بموجب ميثاق الأمم المتحدة بحفظ السلم والأمن الدوليين، وللدول أن تنبه المجلس إلى المواقف كافة التي تهدد السلم والأمن، وأن تطلب منه التدخل لتسوية النزاعات.

 ويقول الدكتور محمد الخشن، الخبير في القانون الدولى، إن السيناريوهات المتعلقة بالعمل العسكري صعبة للغاية ولابد وأن يكون هناك تمهيد لهذا الأمر تضع تصرف مصر في نظر المجتمع الدولي في مرحلة المقبول، وأهم هذه الخطوات هو اللجوء إلى مجلس الأمن باعتباره هو الهيئة الأممية المختصة بحفظ السلم والأمن الدوليين أو اتخاذ القرارات التنفيذية في هذا الشأن، وبالتالي كان مهما لمصر أن تلجأ لمجلس الأمن وتحاول استصدار قرار يدين التصرف الإثيوبي بعيدا عن الاتفاقيات الدولية السابقة أو التنسيق مع مصر بشأن خطوات ملئ السد وغير ذلك، وبالتالي هذه الخطوة مهمة للغاية، لأنه بمجرد صدور قرار من مجلس الأمن يدين التصرف الإثيوبي، فهذا في حد ذاته ممكن أن يكون وسيلة ضغط قوية جدا وهائلة لإثناء إثيوبيا عن المضي قدما في تصرفها، كما أن هذا القرار يمهد لقيام مصر بعمل عسكري في حال وصول الأمور إلى طريق مسدود باعتبار أن ذلك يؤثر على حياة الملايين، فتصبح هذه الخطوة أساسية ومبررة للقيام بعمل عسكري في المستقبل، مشيرا إلى أن قرارات مجلس الأمن تصبح ملزمة إذا كان الموضوع يتعلق بتهديد مباشرللأمن والسلم الدوليين أو بنشوب حرب محتملة بين دولتين، لذلك مصر ستطلب استصدار قرار طبقا للفصل السادس أو السابع الذي يتيح استخدام القوة العسكرية في حالة الضرورة وفي حال تطور المسألة.

وتابع «الخشن»، أن مصر كانت تأمل أن يكون الموقف الأمريكي عامل ضغط قوي جدا على الجانب الإثيوبي باعتبار أن الولايات المتحدة لها وزن سياسي ودولي كبير، لكن هذا لم يحدث، وبالتالي لجأت مصر إلى مجلس الأمن الدولي، وأي قرار سيصدر من مجلس الأمن الدولي سيكون أقوى بكثير من الوساطة الأمريكية، وإذا صدر قرار من مجلس الأمن يعتبر التصرف الإثيوبي يضر بالسلم والأمن الدوليين ويمكن أن يهدد بعمل عسكري محتمل سيكون له تأثيره وسيكون ورقة قوية في يد مصر، مشيرا إلى أن مصر لا تعترض على بنا السد، لكنها تعترض على طريقة ملء السد بما يهدد الأمن المائي المصري، في هذه الحالة لا يوجد مساس مباشر بمصالح الدول التي تشارك في بناء السد، لافتا إلى أن حقوق مصرر التاريخية في مياه النيل حقوق راسخة ومعروفة والقانون الدولي يعطي للدول المشتركة بنهر واحد حقوق أولها الاستخدام العادل والمنصف للمياه، مؤكدا على أن فرصة إصدار قرار من مجلس الأمن لصالح مصر أصبحت قوية جدا.