رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الدكتور أحمد كريمة: المطالبون بمنع الصيام والجماع فى رمضان أشخاص «غاوين شهرة ومنظرة»

النبأ

الفتوى فى مصر تحولت إلى سوق و«مولد وصاحبه غايب»

الطب النبوى ليس تشريعا ولا وحيا والرقية «سبوبة» يعيش عليها البعض

لا يوجد في الإسلام وصفات أو روشتات لعلاج الأمراض

الآيات القرآنية لا علاقة لها بعلاج الأمراض العضوية والنفسية

لا يوجد مسلم عاقل يفطر على الخمر لأنه يبطل الصيام

مناعة المسلمين قوية لأنهم لا يخافون من الموت

ميت كورونا شهيد ويجوز الصلاة عليه وهو في قبره

الحديث عن غلق المساجد ومنع الصلاة مزايدة رخيصة

عودة صلاة التراويح بعد الجائحة تعود لوزارة الأوقاف

لا يجوز أن يموت الناس أو يهلكون بسبب سنة

الصلاة خلف الأجهزة باطلة والدين ليس لعبة فى أيدى الجهلاء


قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الذين يطالبون بمنع الصيام والجماع في رمضان أشخاص غير متخصصين و«غاوين شهرة ومنظرة»، مشيرا إلى أن الفتوى في مصر تحولت إلى سوق.

وأضاف «كريمة» في حوار مع «النبأ» أن الطب النبوي ليس تشريعا أو وحيا، ولا يوجد في الإسلام وصفات أو روشتات لعلاج الأمراض، مؤكدا على أن الآيات القرآنية لا علاقة لها بعلاج الأمراض العضوية والنفسية، مشددا على أن ميت كورونا شهيد ويجوز الصلاة عليه حتى وهو في قبره.. وإلى تفاصيل الحوار

هل فيروس كورونا هو انتقام من الله بسبب انتشار الظلم والفساد في الأرض كما يقول البعض؟

قال الله تعالى في القرآن الكريم «وما نرسل بالآيات إلا تخويفا»، فجائحة كورونا من سنن الله في الأرض، في سائر الأزمنة حدثت جوائح وأوبئة، مثل الكوليرا والدرن والسل والجدري.. إلخ، وفي عهد أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حدث الطاعون مرتين في الشام، وبالتالي المسألة ليست انتقاما إلهيا لأن الله لطيف بعباده، فهي قد تكون تذكرة أو من سنن الله الكونية كما جاء في القرآن الكريم.

لكن القرآن الكريم ذكر أن الله أرسل الكثير من الأوبئة على الكثير من الأمم كنوع من العقاب لعدم إيمانها أو لفسادها؟

 لا يخلو عصر من قصور، فيه الصالح والطالح، ومن الخطأ أن نقول إن ذلك انتقام إلهي.

هل ميت كورونا شهيد أم لا؟

شهيد بالنصول الحديثية، لقول النبي صلي الله عليه وسلم «من مات حتف أنفه فهو شهيد»، وبين الرسول وفسر في حديث المبطون والحريق والهدم والنفثاء، كلهم هؤلاء شهداء الآخرة يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم ويدفنون ولهم جزاء الشهداء عند الله عز وجل، فالأحاديث الصحيحة نطقت بذلك، وجائحة كورونا مرض يدخل في المبطون الذي جاء في الحديث النبوي الشريف.

كيف ترى الجدل الذي دار حول صلاة الجنازة على ميت الكورونا؟

يصلى عليه، ولكن ليس شرطا بالصيغة المعتادة، فمن الممكن أن يكون ميت جائحة كورونا في صندوق أو في تابوت وفي داخل سيارة الموتى ويصلى عليه لأنه في فقه التراث الموروث من الجائز حتى في الأمور المعتادة أن يصلى على الجنازة وهي على دابة أو أن يكون المشيعون راكبين على دابة، لأن صلاة الجنازة ما هي إلا استشفاع لله عز وجل، ويجوز أن يصلى عليه في المقابر، كما يجوز أن يصلى عليه وهو في قبره كما صلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم على المرأة التي كانت تنظف المسجد ودفنوها بالليل وأراد النبي تكريما لها في الصباح أن يصلي عليها فجاء إلى قبرها فصلى عليها.

وماذا عن الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمواجهة جائحة كورونا مثل غلق المساجد ومنع صلوات الجماعة مثل صلاة الجمعة والتراويح وغيرها؟

الدول وبما فيها مصر لم تغلق المساجد ولكنها منعت التجمعات ومن بينها دور العبادة وتشمل المساجد والكنائس والمعابد، الحرمين والمسجد الأقصى تم غلقهما، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما أن صلاة الجماعة أصلا سنة، فهل من أجل سنة يهلك الناس ويموتون؟، لا، الدول لم تغلق مساجد ولم تمنع الصلاة، هناك بدائل، الرسول صلى الله عليه وسلم قال «صلاة الرجل في فسطاطه وصلاة الرجل في سوقه وصلاة الرجل في رحله وصلاة الرجل في المسجد»، والرسول صلى الله عليه وسلم وضع لنا بفضل الله قاعدة يسر، فقال صلى الله عليه وسلم كما جاء في الأحاديث الصحيحة «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل»، وبالتالى الصلاة تكون في أي مكان، وما يثار في هذا الموضوع هو مناكفة ومزايدة رخيصة بالإسلام.

وماذا عن صلاة التراويح؟

صلاة التراويح سنة في رمضان بعد صلاة العشاء.

لكن سيدنا عمر بن الخطاب هو الذي طبقها وفرضها؟

غير صحيح، صلاة القيام سنة ثابتة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، لكن الخلاف في صفة أداؤها، صلاة التراويح لا يشترط فيها المسجد ولا تشترط لها الجماعة ولا يشترط لها ختم القرآن في القراءة، الناس صلوا وراء النبي قدرا ولم يدعو لها أحد، صلاها ليلتين ثم في الليلة الثالثة لم يخرج إليها، سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه شغل بالفتوحات ومجابهة المرتدين وجمع القرآن في صحف مكتوبة فلم يثبت عنه أنه صلاها في المسجد جماعة، وثبت في عهد سيدنا عمر ابن الخطاب أنه لم يصلها هو أو المسلمون جماعة في المسجد، ولكنه عندما دخل قدرا المسجد في صلاة العشاء وجد جماعات متعددة في المسجد، الرجل يصلي لنفسه والرجل يصلي باثنين والرجل يصلي بالرهط فقال، ماذا لو جمعتوا هؤلاء الرهط على إمام واحد فعين لهم سيدنا أبي ابن كعب رضي الله عنه وصار الأمر منعقد إلى الأن وسيبقى إلى يوم القيامة إن شاء الله.

لكن هل معنى ذلك أن صلاة التراويح لن تصلى جماعة بعد ذلك في المساجد؟

هذا يسأل عنه وزارة الأوقاف لأنها صاحبة الولاية الوحيدة على المساجد، لكن هناك سؤالا، لماذا لا نسمح بإقامة صلاة التراويح في المساجد الكبرى وعلى رأسها الأزهر الشريف وبعدد قليل جدا من كبار العلماء والقراء مع أخذ الاحتياطات اللازمة ويتم نقل ذلك للناس لمجرد المشاهدة والاستمتاع بالأجواء الرمضانية؟، وبالتالى نخلق جوًا رمضانيًا يدخل البهجة والمؤانسة على الناس ويخفف عنهم، وذلك كما فعل الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله في المملكة العربية السعودية، عندما سمح بإقامة صلاة التراويح في الحرمين الشريفين وهما المسجد الحرام والمسجد النبوي وبعدد قليل جدا مع أخذ الضوابط من التعقيم والمطهرات.

هل الصلاة خلف الأجهزة تجوز أم لا تجوز؟

لا تجوز قولا واحدا، والصلاة تكون باطلة في هذه الحالة، الدين ليس لعبة في يد العوام وأنصاف المتعلمين والجهلاء، ولكن تجوز القراءة من المصحف الشريف في صلوات النوافل.

كيف ترد على دعوات البعض بمنع الصيام والجماع في رمضان بسبب كورونا؟

الذي طالب بذلك، شخص غير متخصص في علوم الشريعة، وآخر منسوب للأسف إلى الشريعة، وأقول للشخص غير المتخصص في علوم الشريعة، قال تعالى «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون»، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم «أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار»، الحديث عن أن الصيام يسبب العدوى وتفاقم الوباء كلام غير علمي لأن الرأي هنا للأطباء الثقاة، والأطباء الثقاة أرسلوا تقريرا لمشيخة الأزهر الشريف، وبالتالى صدر الرأي الشرعي من المشيخة الموقرة ومن دار الإفتاء المصرية، أنه لا علاقة للصيام بالعدوى وانتشار المرض، أما الشخص المنسوب إلى بعض العلوم الشريعة فهو إنسان غاوي شهرة ومنظرة فيقال له، قال الله تعالى «ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب»، وبالتالى لا يجوز أن نرخص المرخص.

البعض زعم أن هذه الجائحة كشفت عن عجز العلماء والطب الإسلامي عن علاج الأمراض وحل مشاكل الناس وأن الكلمة العليا هي للعلم؟

هذا كلام مرفوض شكلا وموضوعا، الغريب والعجيب أنه عندما يريد رجل الدين أن يقدم شيئا للنظم السياسية تقوم الدنيا ولا تقعد، وكذلك الأمر في الاقتصاد والاجتماع، ثم هم يبيحون لأنفسهم أن يدسوا أنوفهم في العلوم الإسلامية، لماذا لا نحترم التخصص؟ الله تعالى قال في سورة النساء «ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم»، وقال تعالى في سورة التوبة «فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين»، وقال تعالى «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، هناك اختصاص، فمثلا في الحياة التطبيقية أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم وجد الاختصاص، فكان هناك الإفتاء والقضاء للإمام على بن أبي طالب والمواريث لابن ثابت ورواية الحديث لأبي هريرة والعبادلة الأربعة والتسفير لابن عباس والحلال والحرام لمعاذ ابن جبل، احترموا التخصص، والدستور قرر أن الأزهر وحده هو المسئول عن العلوم الإسلامية، الفتوى عند اليهود لا تصدر إلا من الحاخامات، وعند المسيحيين لا تصدر إلا من الرتب الكنسية، لكن بالنسبة للإسلام هناك فوضى عارمة في الفتوى، الكل أصبح يتحدث في العلوم الإسلامية، المجتمعات المسلمة تعاني من الانفلات وأصبح الافتاء في المجتمعات المسلمة لغير المتخصصين مهنة لمن لا مهنة له، الفتوى في مصر تحولت إلى سوق ومولد وصاحبه غايب.

هل هناك طب إسلامي وطب نبوي؟

لابد وأن نفرق بين الطب الإسلامي والطب النبوي، الطب النبوي ليس تشريعا، وصفات التداوي التي قالها الرسول صلى الله عليه وسلم ليست تشريعا أو وحيا ولكنها كانت من البيئة، وبالتالى الرسول صلى الله عليه وسلم عندما تحدث، تحدث عن عادات كانت موجودة في البيئة، والسيدة عائشة رضي الله عنها كانت تقول «لما كبر سنة صلى الله عليه وسلم وكثرة أسقامه كانت تفد عليه وفود العرب وفيهم الأطباء – تقصد الطب الشعبي- فيصفون له فكنا نصنع له ذلك»، يعني مثل حبة البركة وغيرها، وهذه ليست تشريعا، فالحجامة مثلا ليست تشريعا ولكنها كانت موجودة قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أما الطب الإسلامي الصحيح الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو  قوله صلى الله عليه وسلم « تداووا عباد الله فما أنزل الله من داء إلا أنزل له الدواء ما عدا الموت، وفي رواية ما عدا الهرم وهو الكبر»، والقاعدة الإسلامية الذهبية هي «أنتم أدرى بشئون دنياكم»، وبالتالى الحديث عن الطب النبوي افتراء على الإسلام، كما أن التهجم على الطب الإسلامي خطأ، لكن الطب الإسلامي كأمور وقائية موجود، وهناك الكثير من الأحاديث النبوية الصحيحة التي تحدثت عن ذلك، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم «الطاعون شهادة لكل مسلم»، وعندما سألت السيدة عائشة رضي الله عنها الرسول صلى الله عليه وسلم عن الطاعون قال «ما من رجل يمكث في داره صابرا محتسبا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما قدر له إلا له أجر شهيد»، والرسول صلى الله عليه وسلم أول من تحدث عن الحجر الصحي فقال صلى الله عليه وسلم «إذا ظهر الطاعون في أرض كنتم خارجها فلا تدخلوها وإن كنتم فيها فلا تخرجوا منها»، لكن لا يوجد في الإسلام وصفات علاجية أو روشتات للعلاج كالتي ينسبها البعض للرسول صلى الله عليه وسلم.

وماذا عن العلاج بالقرآن؟

الصحة والدقة في هذا الموضوع أنه يستحب للمسلم أن يقرأ القرآن تضرعا وتوسلا إلى الله بكلام الله أن يرفع عن البلاء أو المرض أو الداء، لكن الآيات القرآنية في حد ذاتها لا صلة لها بعلاج الأمراض العضوية ولا النفسية، هنا لابد من الأخذ بالأسباب، أما مسألة الرقية وغيرها في سبوبة عيش عند بعض الناس، وهذا خطأ.

هل الإفطار على الخمر يبطل الصيام وهل هناك ربط بين المعصية والعبادة؟

هذا لا يجوز، لا يوجد عاقل في الدنيا يفعل ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش»، ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم «اجتنبوا قول الزور»، وإذا كان الإفطار على كسب خبيث مثل الرشوة والربا وأكل أموال الناس بالباطل يبطل الصيام، فمن باب أولى تحريم الإفطار على  ما حرم مثل المسكرات والخمور، وبالتالي هذا الرأي هذا الموضوع مرفوض شكلا وموضوعا.  

كيف يستفيد الناس وخاصة المسلمين من هذه الجائحة؟

المسلمون يستفيدون منها باللجوء إلى الله عز وجل، ويعلمون أن الأمور تجرى بمقادير، المسلمون أمة قدرية، وبسبب إيماننا نحن المسلمون بالقضاء والقدر عندنا المناعة قوية جدا لتأثير العقيدة، قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، ولذلك نسبة الوفيات والإصابات في العالم الإسلامي ضئيلة جدا بالنسبة للوفيات والإصابات في أوروبا وأمريكا، والسبب هو أن هؤلاء في أوروبا وأمريكا وكما أخبر القرآن عنهم «ولتجدنهم أحرص الناس على حياة»، المسلمين ليسوا حريصين على الحياة، الموت عند المسلمين ليست فاجعة، سيدنا بلال الحبشي رضي الله عنه عندما حضرته الوفاة وزوجته تنتحب قال لها «لا، غدا ألقى الأحبة، محمد وصحبه»، وسيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان يقول: «أحرص على الموت توهب لك الحياة»، الأمة المسلمة لا تخاف الموت، وهذا ما يجعل المناعة عندهم قوية، والأمة المسلمة تستفيد بأنها تأخذ العبر والعظات، ولكن نحن لا نشمت في أمريكا أو أوربا، ونحن في الأزهر الشريف نتمنى السلامة لكل بلاد العرب والمسلمين ولأمريكا ولأوروبا ولكل دول العالم.

ما الرسائل التي أراد الله سبحانه وتعالى توصيلها للبشرية من هذا الوباء؟

الرسالة هي «لعلهم يتذكرون» و« لعلهم يعلمون»، و«لعلهم يفقهون»، ورسالة بأن هناك إله قادر، وأن البشر مهما أتوا من علوم وتكنولوجيا في عجز وضعف، رسالة للذين كانوا ينبهرون بالماديات من عباد المادة والشهوة أن يعلموا أن هناك أكبر وأعظم مما يدعون إليه وهي الحياة المادية الحسية، العالم بعد كورونا سيكون مختلف تماما عن العالم قبل كورونا، عنوان جائحة كورونا هو «واعتبروا يا أولي الأبصار».