رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سيناريوهات التدخل المصرى «عسكريًا» فى ليبيا لضرب «مخطط» أردوغان

النبأ

شهدت الساحة الليبية تطورات سريعة وخطيرة، خلال الفترة القليلة الماضية، تمثلت في سيطرة قوات حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج، والمدعومة من تركيا على «6» مدن ومنطقتين استراتيجيتين من قوات المشير خليفة حفتر، أبرزها صبراتة وصرمان، ما يعني سيطرتها على كامل الساحل الغربي حتى الحدود التونسية، وتتجه أنظار قوات حكومة الوفـاق نحو مدينة ترهـونة جنوبي العاصمة طرابلس والتي تقع على بعد 90 كيلو مترا إلى الجنوب من العاصمة طرابلس، وتعتبر المعقل الوحيد لخليفة حفتر في المنطقة الغربية، عقب تحرير الساحل، وشكلت على مدار عام كامل نقطة انطلاق مهمة لهجـومه على طرابلس، إذ إن غـرفة عمـلياته المركزية تقع فيها، وإليها ترد الإمدادات العسكرية واللوجـستية، ويعتقد محللون أن سقوط ترهونة بيد قوات حكومة الوفاق يجعل من هزيمة قوات حفتر قضية شبه مؤكدة. 


وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية، أن موازين القوى العسكرية في ليبيا تغيرت لصالح حكومة الوفاق الوطني منذ بداية العام، وذلك بعد إدخال جيل جديد من الطائرات بدون طيار إلى خدمتها.


وذكرت الصحيفة، أن التصعيد العسكري الذي حدث في الأيام الأخيرة قرب العاصمة الليبية طرابلس، يكرّس انقلابا في توازن القوى على حساب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.


وأوضحت أن انقلاب الميزان العسكري الحالي في طرابلس هو نتاج تفعيل وتطوير الأسلحة في صفوف قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، ولا سيما إدخال جيل جديد من الطائرات بدون طيار بتكنولوجيا أكثر كفاءة.


ونقلت الصحيفة عن ولفرام لاخر، الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن في برلين، قوله إن "ميزان القوى تغير جذريا منذ بداية العام".


وأرجع "لاخر" السبب في ذلك، إلى أن الطائرات من دون طيار وأنظمة الدفاع المضادة للطائرات التي ركبتها أنقرة في طرابلس، أصبح لها تأثير على منع الطيران الإماراتي من الوصول إلى طرابلس أو مصراتة، "بعد أن كان الإماراتيون يسيطرون على السماء في خدمة حفتر"، وفق الصحيفة.


وأكدت صحيفة تركية، أن ليبيا مقبلة على مرحلة جديدة، تتغير الخريطة فيها، بعد الدعم العسكري الذي قدمته أنقرة لطرابلس.


ويوم الإثنين الماضي، أعلن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، قبوله تفويض الشعب الليبي للقيادة العامة للقوات المسلحة بتولي مهمة قيادة البلاد، وإسقاط اتفاق الصخيرات لعام 2015.


وقال حفتر، في كلمة متلفزة: "أعلن قبولنا إرادة الشعب والتفويض وإسقاط الاتفاق السياسي ليصبح جزءا من الماضي"، مضيفا أن الاتفاق السياسي دمر البلاد وقادها إلى منزلقات خطيرة، ولكنه "أصبح من الماضي".


وتابع "سنعمل على تهيئة الظروف لبناء مؤسسات الدولة المدنية الدائمة وفق إرادة الشعب، ونعبر عن اعتزازنا بتفويض القيادة العامة لقيادة المرحلة الحالية".


ومضى يقول: "سنكون رهن إشارة الشعب، وسنعمل بأقصى طاقاتنا لرفع المعاناة عنه".


وكان حفتر طالب الشعب الليبي بتفويض الجيش الوطني لإسقاط حكومة الوفاق التي استعانت بالإرهاب والتدخل التركي في شؤون البلاد.


وفوّض مجلس أعيان مدينة الزنتان، جنوب غربي ليبيا، القوات المسلحة الليبية، بقيادة المشير خليفة حفتر، لتولي مسؤولية تسيير أمور البلاد. وأعلن بيان المجلس تأييدَه عمليةَ الكرامة التي تقاتل التنظيمات الإرهابية.


كل هذه التطورات تطرح أسئلة مهمة حول سيناريوهات الدور المصري في الأزمة الليبية خلال الأيام الماضية.


يقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن التطورات الأخيرة التي حدثت في ليبيا ضد الأمن القومي المصري، مشيرا إلى أن حكومة الوفاق المدعومة من تركيا نجحت في السيطرة على خمس مدن كانت تابعة للجيش الوطني الليبي وهذا في منتهى الخطورة؛ لأن قيام مصر بعمل إسناد للجيش الوطني الليبي في هذه الحالة سوف يصبح صعبا، مؤكدا ضرورة التدخل البري في هذه الأزمة، لافتا إلى أن رجب طيب أردوغان يدفع مصر دفعا إلى التدخل العسكري المباشر في ليبيا، وهذا التدخل لن يكون في صالح مصر ولا في صالح تركيا.


وأوضح أنّ انحياز مصر لحكومة «الوفاق» يعني تسليم مصر لتركيا، لاسيما وأن تركيا تعتبر ليبيا من ميراث الدولة العثمانية، مشيرًا إلى أنّ الحسم العسكري أصبح هو الحل الوحيد للأزمة الليبية، متفقا مع الرأي الذي يقول إن سيطرة حكومة الوفاق على ليبيا سوف يعطي قبلة الحياة للإخوان المسلمين في مصر، وبالتالي هو يرى أنه لا بديل لإفشال هذا المخطط إلا بتدخل مصر بأي طريقة في ليبيا ووقف تمدد حكومة الوفاق، مؤكدا أن سيطرة حكومة الوفاق المدعومة من تركيا على طرابلس هو تهديد مباشر للأمن القومي المصري، لأن مدى الصواريخ التركية يمكن أن يصل إلى القاهرة، وهذا في منتهى الخطورة وتهديد مباشر للأمن القومي المصري.


من ناحيته، يرى اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، أن أي انتصار تحققه عناصر السراج وتركيا في ليبيا يمثل خطرًا مباشر على الأمن القومي المصري، مشيرا إلى أن السراج وتركيا استغلوا الفترة الماضية انتشار فيروس كورونا وخوف الناس، لكن كان على الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أن يكون على حذر من مثل هذه الهجمات المضادة بعد الانتصارات الكثيرة التي حققها، لكن رغم ذلك طرابلس ما زالت محاصرة، وحكومة الوفاق العميلة لتركيا تحاول توسيع رقعة الأرض التي تسيطر عليها تمهيدا لفكرة التقسيم، وبالتالي على الجيش الليبي أن يقضي على هذه الفكرة ويسيطر على طرابلس في أسرع وقت ممكن.


وقال إنّ مصر يجب أن تستمر في دعم الجيش الوطني الليبي وأن تتمسك بوحدة الأراضي الليبية، ومنع التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، وترك القضية للحسم السياسي، مؤكدا أن حكومة «السراج» عميلة وتؤدي دورًا بالمال لصالح قطر وتركيا، مشيرا إلى أن مصر دائما على أتم الاستعداد لحماية أمنها القومي، معتبرا أن الحل العسكري هو الذي سوف يحسم الصراع في ليبيا، مشيرا إلى أن حسم معركة طرابلس مهم جدا من أجل تحسين شروط التفاوض وحتى لا تخرج أي مفاوضات عن وحدة الأراضي الليبية وسيادة الشعب الليبي على أرضه، معتبرا أن الجلوس مع حكومة الوفاق على طاولة واحدة قبل حسم معركة طرابلس لن يؤدي إلى أي نتيجة، لاسيما وأن حكومة الوفاق بقيادة فائز السراج الذي وصفه بالعميل سوف تساوم لأنها تعتبر نفسها في موقف قوة، مشيرا إلى أن مصر سوف تتمسك بثوابتها في القضية الليبية والتي تتمثل في دعم الجيش الوطني الليبي والبرلمان الليبي والشعب الليبي، ولن تتخلى عن الجيش الليبي والشعب الليبي والبرلمان الليبي من أجل رئيس وزراء خائن وفاقد للشرعية والمصداقية.


ويقول اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق، الحرب في ليبيا ستظل سيجالًا بين الطرفين، لأن كل طرف من أطراف النزاع يقف خلفه أطراف أخرى، فمثلا ليس من مصلحة مصر أن تتولى حكومة الوفاق مقاليد الحكم في ليبيا، لذلك هي تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وبالتالي هي لن تقبل بهزيمة الجيش الوطني الليبي،  لأن هزيمة الجيش الوطني تعني فتح الحدود الغربية لمصر، في المقابل حكومة الوفاق يقف وراءها أطراف أخرى لها مصالح، وبالتالي الموضوع في ليبيا سيظل سيجال، مستبعدا أن ينتصر طرف على آخر في هذه المعركة.


وأشار إلى أنّ الأطراف التي تقف خلف المشير خليفة حفتر لن ترضى بهزيمته وسوف تقدم له المزيد من الدعم من أجل أن يستعيد موقفه مرة أخرى، مستبعدا حل القضية الليبية عن طريق الحسم العسكري، مؤكدا أن موقف مصر العسكري قوي وقادرة في الدفاع عن أمنها القومي، وهي تبحث عن مصالحها في ليبيا من خلال الدعم غير المباشر للجيش الوطني الليبي، مستبعدا أن تنحاز أمريكا لأحد أطراف النزاع، لاسيما وأنها تعلم أهمية الحدود الغربية بالنسبة لمصر، مستبعدا الحل السياسي أو الدبلوماسي للأزمة الليبية بسبب تمسك كل طرف من الأطراف بموقفه، وكذلك تمسك كل الأطراف الداعمة للطرفين بموقفها، موضحا أن الوضع في ليبيا أسوأ بكثير من الوضع في سوريا، لاسيما وأن ليبيا بها أكثر من جيش وأكثر من حكومة.


واستبعد أن يستجيب أطراف النزاع لنداء وقف إطلاق النار الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية، كما استبعد أن يكون هناك أي تأثير لفيروس كورونا على سير العمليات العسكرية في ليبيا، مستبعدا أن تتدخل مصر بشكل مباشر في الأزمة الليبية، قائلا«هذا مستنقع ولا أعتقد أن القيادة المصرية يمكن أن تنجرف له بالشكل المباشر، لكن نحن ندعم مصالحنا بشكل غير مباشر».


ويقول اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن الفترة الماضية تشير إلى أن القوات الليبية التي يقودها حفتر متخاذلة والكفاءات بها محدودة، مشيرا إلى أن المشير خليفة حفتر أعلن أكثر من مرة أنه سوف يقوم بتحرير طرابلس خلال أيام ولكنه لم يفعل، وبالتالى هو لم يفاجأ بما حدث من تطورات، وكان يتمنى أن يكون هناك قوة قادرة على تحقيق الأمن في ليبيا، وبالتالى ما حدث سيكون له انعكاسات سلبية على الأمن القومي المصري، مرجعا سبب الانتصارات التي حققتها قوات حكومة الوفاق إلى الدعم التركي وحدوث نوع من التساهل والضعف من جانب الجيش الوطني الليبي أدى إلى قلب موازين القوى لصالح الطرف الأخر، موضحا أن حفتر لم يظهر من الكفاءة ما يكفي هذا الفترة وأنه يقول كلاما ولا يترجمه إلى واقع، وبالتالي كان على مصر أن تراجع حساباتها من حفتر منذ فترة، وكان على مصر أن تعيد النظر في حسابات القوى في ليبيا بعد أن طالت مدة تحرير طرابلس الذي وعد لها حفتر أكثر من مرة، مستبعدا أن يكون هناك حسم عسكري لإنهاء الصراع في ليبيا ولكن الحل العسكري سيكون له تأثير على الحل السياسي.