رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل «مرعبة» عن زيادة العنف الأسرى فى فترة الحجر المنزلى بسبب «كورونا»

العنف الأسري
العنف الأسري

تزايدت مخاوف بعض منظمات المجتمع المدني المدافعة عن المرأة من تنامي العنف الأسري في المنازل خلال فترة الحجر المنزلي الناجم عن تفشي فيروس كورونا المستجد «كوفيد – 19»، خاصة أنّ البقاء الجبري في المنازل جعل الضحايا من النساء يواجهن صعوبات في طلب المساعدة.

وتعددت الشكاوى أمام المراكز المدافعة عن حقوق المرأة بشأن العنف الأسري الذي تتعرض له النساء في مصر خلال فترة الحجر المنزلي الذي فرضته الحكومة لمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وأصبح بمثابة قنبلة موقوتة تكاد تنفجر في وجه المجتمع وتزيد من أزماته.

في هذا الصدد، سلطت «النبأ» الضوء على هذه الظاهرة من جديد، وناقشنا أسباب تفاقم هذه الأزمة في ظل كورونا وكيفية مواجهتها من خلال الحديث مع خبراء علم النفس والاجتماع وإحدى المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة وتم وضع روشتة علاجية خاصة بعدما أظهر الحجر المنزلي أسوأ ما فينا من شروخ واضطرابات نفسية.

كشفت الدكتورة نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري لحقوق المرأة عن أن المركز يصدر تقريرًا بالشكاوى المقدمة من النساء اللاتي تعرضن للعنف خلال فترة الحجر الصحى، مؤكدة أن التقرير يشير إلى تزايد معدلات العنف الأسري إلى ما يقرب من الضعف خلال أسابيع العزل الماضية، فالزيادة تمثل 85 % من معدلات الشكوى العادية.

وتضيف رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أن التقرير يكشف عن أن آليات الاستجابة لتلك الشكاوى أبطأ من المعدلات العادية، ما يشير إلى أن آليات الحماية بالاستجابة ضعيفة جدًا، فضلًا عن أن المركز استقبل خلال الفترة الماضية شكاوى أكثر من العادي بشأن العنف الأسري خلال فترة الحجز المنزلي مؤكدة أن تزايد معدلات العنف باتت ملحوظة خلال الأسابيع الماضية، وأن آليات الاستجابة ضعيفة.

وتوضح أن هذا التزايد الملحوظ في معدلات العنف خلال هذه الفترة جاء نتيجة الضغوط الاقتصادية وأن الرجالة «قاعدة» في البيت بدون شغل، فيحدث بينهم مشاكل كثيرة تصل للاعتداء عليهم من قِبل أزواجهن، ففي هذه الحالة تتوجه «الست» لتحرير محضر بقسم الشرطة لكن عند عودتها للمنزل «تُلقن بعلقة موت من زوجها في الشقة عشان راحة عملت بلاغ أصلًا»، وبعد ذلك تتوجه لتحرير محضر آخر، وفي النهاية تجد أن البلاغ الأول الذي حررته لم يحمها من الضرب ولا البلاغ الثاني تحرك بالسرعة التي تحميها أيضًا.

وتؤكد «أبو القمصان» أن الحل في وجود آليات فعالة ونافذة لحماية النساء من تعرضهن للعنف، لأن التنفيذ في الأقسام يقول لك (إنهم يعملون حاليًا بطاقة أقل) وكذلك المحضرين في المحاكم يتعاملون بنفس المنطق (أصل احنا بنشتغل بطاقة أقل)، مشيرة إلى أن الموظفين الحكوميين التاركين أعمالهم وجالسين في بيوتهم نظرًا للظروف التي فرضتها كورونا هم موظفو الضرائب والتربية والتعليم، لكن المحضرين ومسئولي التنفيذ شغالين وجميعهم رجالة؛ (يشتغلوا أزاي بطاقة أقل!).. لابد أن تكون هناك آليات حماية أفضل لعدم تفاقم أزمة العنف الأسري لأنه توجد درجة شديدة من الظلم تتعرض لها النساء فدور الدولة حمياتهن؛ خوفًا من الوقوع في الخلافات العائلية.

من ناحيتها تقول الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس السياسي والاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، إنه كلما انخفض مستوى الثقافة والتعليم والوعي وإدراك الناس للقيم الحميدة والبعد الأخلاقي كلما أصبح المجتمع المصري معرضًا للعنف الأسري نتيجة الحجر المنزلي الناجم عن تفشي فيروس كورونا، وإذا كانت هناك أزمة في القيم بالمجتمع إلا أنه توجد أخلاقيات لبعض من الفئات التي تتقرب بحالة طيبة للخالق سبحانه وتعالى، فضلًا عن أن كل المؤسسات المعنية بالدولة تعمل حاليًا بكل جهد على عملية التوعية وطرق الحماية والوقاية من خطر انتشار الفيروس بأن وجهت الناس بالجلوس في المنازل حتى تخطى الأزمة، مؤكدة أن الجهد الذي تقوم به الدولة جميل ورائع لكنه (مش كل حاجة) ومن المفترض أن تكون هناك برامج توعية لكيفية قضاء الوقت في المنازل لمنع التوترات والصدامات والخلافات بين أفراد الأسرة وكيف يشغل يومه بشكل إيجابي وفي نفس الوقت عدم إيجاد وقت أو فرص للصدامات العائلية.

وتضيف أستاذ علم النفس السياسي والاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، لـ«النبأ» أن وضع برامج توعية يساعد على وجود تفاعل اجتماعي وإعادة صياغة للعلاقات الاجتماعية تصلح القصور الذي حدث خلال الفترة الماضية والبدء في وضع برامج لكل مرحلة عمرية تهدف إلى توعية كيف يقضي الشخص وقته يوميًا وعمل مصالحة اجتماعية وعند عرضه يكون مقدما بشكل مدروس من قِبل متخصصين، فمن ليس لديه رصيد ثقافي سوف يتأثر بهذه البرامج ويكون لديه بوصلة تجعله بعيدًا عن العنف الأسري لكن إذا غابت هذه البرامج قد نكون معرضين للعنف أكثر خلال فترة الحجر المنزلي.

وتوضح «فايد» أن العنف الأسري ناتج عن العشوائية وغياب البرامج التي تهدف للترفيه وإعداد للطعام المنزلي الذي يرفع من المناعة وفي نفس الوقت تجعلك تستغنى عن (التك اواي) الذي يقلل من الصحة البدنية، وتكون البرامج تهدف إلى عمل حوار بين الزوجة والزوج والأبناء وتجدد علاقات الفرد وتشيع الحب بداخل أفراد وأطراف الأسرة، إذن عدم الاهتمام بهذا الكلام يوسع من دوائر العنف الأسري، وعلى مؤسسات الدولة الاهتمام بنشر البرامج والأساليب التي تعمل على توعية الناس.

وتشير إلى أنه يجب أن يكون لدينا ثقافة مضادة لثقافة العنف التي تتولد عن الجهل وغياب الأخلاقيات والعشوائية في التصرفات وأن يكون لدينا تفكير علمي يقوم به وسائل الإعلام سواء التقليدية أو الحديثة مثل الإنترنت ووزارة الثقافة فكل هذه المؤسسات تعمل على هدف مشترك لخلق مناخ صحي للمحافظة على الحالة النفسية والبعد عن سلوكيات التوتر والعنف، لافتة إلى أن النقاط التي تثير العنف داخل الأسرة الضغوط الحياتية حيث أنه من الممكن أن ضغوط الحياة لا توفي بمتطلبات اقتصادية واشباعات لكن إذا كانت الدولة وضعت لديها سياسة عامة توجد لهم الحلول ويترجم ذلك من خلال خطاب ثقافي لحل الأزمة الاقتصادية حينما تتعرض لها ربة المنزل، وكيف تتغلب عليها إذا واجهتها، ولمن تتقدم إذا حدث عندها نقص في الموارد لكي يساعدها، وهناك بالفعل مساعدات من الدولة لهذه الفئات المعرضة للعنف لكن هذه المساعدات ليست كافية، والمفترض يتم الإعلان عن تلك الجهات التي تقوم بمساعدة الناس ليطمئنوا ولا يكونوا خائفين على قوت يومهم.

من جانبه يقول الدكتور على عبد الراضي استشاري العلاج والتأهيل النفسي وعضو المجلس العربي للعلوم الاجتماعية، إن العنف الأسري موجود بالفعل لكن خلال فترة كورونا وتواجد الزواج والأبناء في البيت يزيد من سلبيات وانتشار العنف ما يؤدي إلى حدوث أضرار جسيمة خطيرة ليست مجرد ضربا وخدشا وخلاص قد تصل إلى صدمات نفسية مثل تنمر شديد وسباب وبعض السلوكيات التي تؤثر على نفسية أفراد الأسرة في المستقبل، وذلك يحدث نتيجة انحدار الوعي والتنوير التربوي.

ويضيف استشاري العلاج والتأهيل النفسي وعضو المجلس العربي للعلوم الاجتماعية، أن قبل كورونا كانت بعض الأسر ليس لديهم الوعي التربوي الكافي في التعامل مع الأزمات مثل كورونا، وفقدان فن الاستماع، مؤكدًا أن حالة الاستماع وفن الحوار بين أفراد الأسرة منعدمة تمامًا ويمكن أن يكون هذا هو السبب في زيادة العنف خلال فترة العزل الناجم عن كورونا، لأنهم ليس لديهم فن التواصل ما «تعودوش» على التواصل الجيد مع أفراد الأسرة ليس لديهم هذه المهارة، فبالتالي يشعرون بنوع من الاعتياد المزاجي والعبء الأسري يؤدي إلى أنهم كرهوا العزل والأسرة ويبدأون في ما يسمى «الإسقاط» على المشاعر السلبية الموجودة لديه ويظهر ذلك على زوجته بأن يتكلم معها بطريقة مش كويسة أو صوته يرتفع في المنزل ويكون مُنفعلا ولديه حساسية زيادة أو التأهب.