رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل اشتعال أزمة «الصيام فى زمن كورونا» برعاية الهلالى ويوسف زيدان

الهلالى ويوسف زيدان
الهلالى ويوسف زيدان

شهدت الأيام الماضية حالة من الجدل فى الشارع المصري بشأن الصيام في وجود فيروس كورونا، وبالرغم من صدور عدد من الفتاوى من قبل المؤسسات الدينية في مصر وخاصة دار الإفتاء بالتأكيد على عدم وجود صلة بين الصيام وكورونا، ووجوب الصيام بخلاف من لديه ظروف خاصة مثل المرض، إلا أنّ هناك آراء تجاهلت تلك الفتاوى وخرجت لتؤكد عدم وجوب الصيام في ظل الفيروس، زاد من تلك الفتاوى اعتمادها على بعض الآراء الطبية المثيرة.

وأطل الدكتور عبد الهادي مصباح، أستاذ المناعة، وقال: «إن الله أعطى رخصة، وإن الله يحب أن تأتي رخصه، كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والمجموعات الأكثر تعرضًا للإصابة بهذا المرض، يفضَّل أن يفطروا، لأن في الصيام يحدث جفاف، والجفاف يعطي للفيروس فرصة لممارسة قوته علينا، كما أن الجفاف يبطئ من الدورة الدموية التي تنقل الخلايا المناعية التي تدافع عن الجسم. لكن بالنسبة للناس العادية، فهذا حسب قدرتها، وكل فرد يقيّم هو مدى قدرته على الصيام"، ليخرج بعد ذلك عدد من الفتاوى الدينية ومن بين الآراء، الفتوى التي أصدرها المصري مصطفى راشد مفتي استراليا ونيوزيلندا، وقال فيها: "إن الشخص الصائم في زمن كورونا لا يختلف كثيرًا عن المريض والمسافر الذي يجوز له أن يفطر ويقضي بعد زوال السبب. أما الناس العادية فمن المستحب أن تفطر للحفاظ على مناعتها».

كما قال الدكتور يوسف زيدان الكاتب والمفكر: إنه وفقًا للأطباء والعلماء الذين خدموا الحضارة الإنسانية من العرب فإنه لا يجوز الصوم ولا الجماع في زمن الوباء، وقال نصا: «المشايخ دي تركن على جنب كده وتريح نفسها دلوقتي مش وقت يعلموني أقول إيه لما أجي أنام مع مراتي»، وقال في مقطع آخر: «بلا صيام بلا أزهر بلا لجنة فتوى كل ده يريح لو سمحتم». 

وشدد على أنه لا وصاية للأزهر أو دار الإفتاء أو وزارة الأوقاف على المسلمين، مشيرًا إلى أنه في الإسلام لا يوجد ما يسمى بمؤسسات دينية، وأشار إلى أن الأطباء فقط هم المخولون لتوجيه الناس إلى الصيام أو الإفطار، واستنادًا لعلماء الحضارة الإنسانية فإنه لا صوم أو جماع في زمن الوباء ونحن الآن في وباء عالمي وللناس الرخصة في عدم صوم رمضان.

وأكمل: "قالوا إنه فى زمن الوباء وفساد الهواء لابد أن يتناول الشخص الطعام الخفيف والذى لا يجهد المعدة بالهضم حتى لا تنشغل المناعة بمواجهة الجراثيم.. فالأطباء المسلمون قالوا بلاش صوم فى رمضان".

أما قمة الفتاوى المثيرة التى أصدرها الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، عندما قال إن صوم رمضان ليس له علاقة بالمناعة ولا السوائل، بل له علاقة بالقدرة على الصيام، وهناك رخصة لمن يخاف من المرض بأن يفطر، مشيرا إلى أن هذا أمر فقهي، موضحا أن الله لا يقبل عملا قام به عبده وهو خائف، والله قال من كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، مؤكدا أن الرأي الفقهي واضح في هذا الأمر، وأن كل من يتحدث في هذا الأمر يتحدث وفقا لخلفيته الدينية ومن منظوره وليس من منظور الآخرين.

مؤكدا أن الموسوعة الفقهية فيما يتعلق بالصوم بالنسبة للخائف من المرض له الحق أن يفطر، وينطبق الأمر نفسه على "الحنفية" و"الشافعية" و"الحنبلي"، موضحا أنه ليس رأيه الشخصي، وإنما رأي المذاهب الأربعة.

وأوضح، أنه يجب أن نحترم الناس ومشاعرهم، وأن الله قال إن الإنسان على نفسه بصيرا، ولابد أن يقيم الإنسان وضع نفسه فيما يتعلق بالصيام، ووفقا للفقه فإن الإنسان الذي يفطر لأنه خائف إما يعوضها بصيام أيام أخرى، أو من خلال إطعام فقراء، مشيرا إلى أنه لو لم يكن هناك حكام مدنيين يصدرون قرارات مصيرية لمنع الاختلاط بين الناس كما حدث في مصر والسعودية، ما كان هذا ليحدث على الإطلاق.

من ناحيته، نبّه الدكتور مبروك عطية، الداعية الإسلامية أنه في حالة ما إذا استمر نشاط الفيروس إلى شهر رمضان المقبل وتبين أن الصيام يسبب خطورة على حياة الصائم بسبب جفاف الحلق وقلة الريق ففي هذه الحالة يجوز الفطر ولا حرج في ذلك، بشرط أن يكون ذلك بتعليمات من الأطباء المختصين المشهود لهم بالكفاءة.

وأشار مبروك عطية إلى أن هناك مسألة فقهية يغفل عنها الكثيرون وهي لو أن شخصا مريضا وقادرا على الصيام ونصحه الطبيب بعد الصيام لأن الصيام سيؤجل شفاءه يوما واحدا فيحرم عليه الصوم لأنه قد يشفى من المرض في 5 أيام وتسبب الصيام في شفائه بعد «6» أيام، فهذا غير جائز شرعا. 

كما شن رواد مواقع التواصل الاجتماعي، هجوما على الداعية السلفي ياسر برهامي، بعد نشره فيديو يخالف فيه قرار وزارة الأوقاف والأزهر الشريف بوقف الصلاة في تلك الأيام داخل المساجد لعدم انتشار فيروس كورونا بين المواطنين.

ونشر ياسر برهامى فيديو تحت عنوان "أداء صلاة الجمعة"، ادعى فيه برهامي بأن النبي محمد صلى عليه وسلم، لم يعف من يخشى الإصابة بالمرض من أداء صلاة الجمعة، وعدم وجود فتوى بإغلاق المساجد خلال الفترات السابقة رغم انتشار الأوبئة.

وقال ياسر برهامى إنه لو قام بعض الأشخاص بأداء صلاة الجمعة مع الأخذ بالأسباب بعدم المصافحة وارتداء الكمامة وتعقيم المكان فإن ذلك سيبعد خطر الإصابة.

كما أن المرجعية الشيعية العليا في العراق، علي السيستاني، قال في رد على سؤال عن الموضوع ذاته: "فإذا حلّ شهر رمضان القادم على مسلم وخاف من أن يصاب بالكورونا إن صام ولو اتخذ جميع الإجراءات الاحتياطية سقط عنه وجوبه بالنسبة إلى كل يوم يخشى إن صامه أن يصاب بالمرض. وإذا أمكنه تضعيف درجة احتمال الإصابة حتى يصبح مما لا يعتد به عند العقلاء ـ ولو من خلال البقاء في البيت.

في الوقت نفسه فقط حسم الأزهر وهيئة كبار العلماء بناء على تقرير وزارة الصحة وتقرير منظمة الصحة العالمية بعدم ثبوت وجود تأثير للصيام على الإصابة بكورونا وهو ما كشفت عنه "النبأ" من قبل، فإن الصيام واجب على كل مسلم ويستثنى من ذلك أصحاب المرض، مثل السكر والضغط والأمراض المزمنة ومن يفطر بناء على طلب الأطباء، وأكدوا أنه لا يجوز الفطر بحجة الخوف من الإصابة.

كما أكد الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لفضيلة مفتى الجمهورية، أن صوم المريض من عدمه يرجع الحكم الشرعى فيه إلى الأطباء، فإن رأوا أن فى الصيام ضررًا على صحة المريض وجب عليه الفطر والقضاء بعد ذلك لمن يستطيع، أو الفطر والفدية لمن لا يستطيع الصوم بعد ذلك.

وأضاف: "في مثل حالة الصيام هناك أحكام ثلاثة لأسباب الرخصة: فإن كان السبب واقعا ويقينيًّا - بقول الأطباء - فيجب الأخذ بالرخصة حينئذٍ.. وإن كان سبب الرخصة (العذر) مظنونًا، فكذلك يجب الأخذ بالرخصة؛ حفاظًا على صحة الإنسان وحياته. 

وتابع: "والحالة الثالثة أن يكون سبب الرخصة مُتَوَهَّمًا، يعني لا أساس له وغير صحيح عند المتخصصين من الأطباء، ففي هذه الحالة لا يجوز للإنسان أن يأخذ بالرخصة لفقدان محلها؛ بل يأخذ بأصل الشرع (العزيمة) وهي هنا وجوب الصوم".

واختتم عاشور: أنه في مسألة صوم المريض يرجع الحكم الشرعي فيه إلى الأطباء فإن رأوا أن في الصيام ضررًا على صحة المريض، وجب عليه الفطر والقضاء بعد ذلك لمن يستطيع، أو الفطر والفدية لمن لا يستطيع الصوم بعد ذلك.. والخوف من المرض ليس بمرض في حالة الصيام بل هو وَهْمٌ زائدٌ، ما دام لم يَقُلْ به الأطباء؛ ولذلك يجب الصوم على صاحب هذه الحالة.