رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لغز ارتفاع نسبة "وفيات كورونا" في مصر

فيروس كورونا
فيروس كورونا

منذ ظهور أول حالة مصابة بفيروس كورونا "كوفيد 19" في مصر، منتصف شهر فبراير الماضي، ظلت معدلات الوفيات في الحدود العالمية، حيث قدرت النسبة بـ2.4%، لكن مع منتصف شهر مارس الفائت، بدأت هذه النسبة في الارتفاع تدريجيًا، حتى وصلت إلى 7.6% حاليًا، واقتربت مصر من تسجيل 300 حالة وفاة حتى الآن. 

وكانت منظمة الصحة العالمية، حددت المتوسط العالمي للوفيات بسبب كورونا بين 4% إلى 5%؛ وبررت وزارة الصحة، ارتفاع معدل الوفيات، بأن بعض الحالات تصل في حالة متأخرة بعد أن يُداهمها المرض بشدة، أو تم تحويلها لمستشفيات أخرى غير المستشفيات التي حددتها وزارة الصحة لاستقبال الحالات (الحميات والصدر) ويتم تشخيصها متأخرًا.

وبحسب وزارة الصحة، فإنها رصدت قيام بعض المستشفيات الخاصة، بـ"تحويل عشوائي ورفض استقبال مرضى يعانون من أعراض تنفسية"؛ وتسبب هذا الأمر في استقبال عدد ضخم من حالات الأمراض التنفسية المزمنة في مستشفيات الإحالة التي أعدت خصيصا لمواجهة جائحة الكورونا، ووصول جزء كبير من تلك الحالات في مرحلة طبية متأخرة"، بحسب الخطاب الذي أرسلته الوزارة إلى غرفة مقدمي الرعاية الصحية بالقطاع الخاص مطلع أبريل الجاري. 

ويوجد في مصر 47 مستشفى حميات و35 مستشفى صدر على مستوى الجمهورية، أدرجتهم وزارة الصحة ضمن منظومة مواجهة فيروس كورونا؛ إذ جرى إعدادها كمستشفيات فرز وإحالة لمستشفيات العزل البالغ عددها إلى الآن 12 مستشفى ببعض المحافظات، وفق بيانات الصحة.

ووفقًا لوزارة الصحة، فإن أغلب الوفيات من الأشخاص فوق سن 50 عامًا، ويعانون من أمراض مزمة أو أورام؛ لكن بعض الخبراء يرون أن الأسباب الحقيقية هو قصور بروتوكول "فحص فيروس كورونا" الذي وضعته وزارة الصحة، حيث اقتصر إجراء التحليل لمن تظهر عليهم أعراض الإصابة بالمرض، أو لبعض المُخالطين المُشتبه بهم فقط، دون التوسع في إجراء التحاليل، مثل بعض الدول المجاورة "السعودية والإمارات وإسرائيل تحديدًا". 

يشرح الدكتور محمد حسن خليل، المنسق العام للجنة الدفاع عن الحق في الصحة، الأسباب وراء هذه الزيادة بأن الدول نوعين، موضحًا أن هناك من تتوسع في إجراء التحليل الخاصة بشأن كورونا، ودول تقصرها على نسبة المُخالطين فقط، ومصر من النوع الثاني. 

ويُضيف، أنه لذلك، فإن نسبة الإصابات المُعلَنة بـ "فيروس كورونا – كوفيد19" تبدو قليلة، وهذا مخالف للواقع، لأن مصر لو توسعت في إجراء التحليل الخاصة بفيروس كورونا، سوف ترتفع نسبة الإصابة، ولن تبدو نسب الوفيات مرتفعة. 

ويقول خليل، إن خطورة بروتوكول وزارة الصحة الخاصة بإجراء تحليل فيروس كورونا للمُخالطين فقط، أن عدد غير قليل مما أصيِبوا بالفيروس، تتأخر أو تتدهور حالتهم الصحية، مما قد يُنتج عنها الوفاة، لافتًا إلى أن وزارة الصحة لاتُعلن إلا عن الحالات المصابة بكورونا التي تم إجراء تحليل لها، بغض النظر عن بعض الحالات التي تفرض عليها "حجرًا منزليًا" في بعض القرى أو الوحدات السكنية. 

ويعتقد المنسق العام للجنة الدفاع عن الحق في الصحة، أن نسبة انتشار فيروس كورونا في مصر أكبر من النسب المعلَن عنها، لافتًا إلى أن نسب الوفيات بسبب فيروس كورونا ليست مرتفعة مقارنة بفيروس سارس أو فيروس ميرس والتي وصلت نسبة الوفيات بها إلى 10 إلى 15%. 

ويُشير خليل إلى أن نسبة الوفيات قد تكون الأقرب إلى الصحة في مصر، مقارنة بنسب الإصابة، وإذا توسعت مصر في إجراء التحاليل الخاصة بفيروس كورونا، ستكون النسب في الحدود المتوسطة. 

ويلفت إلى أنه قد تكون نسبة الوفيات مرتفعة بسبب زيادة نسب السمنة والمرضى المصابين بالأمراض المزمنة مثل "السكر وارتفاع ضغط الدم"، وغيرها، وبالتالي فإنه يجب على الدولة رفع الكفاءة الصحية وزيادة الاهتمام بالمصابين، والبدء في استخدام علاج "الهيدروكسي كلوركين وأفيجان الياباني في علاج مرضى كورونا". 

من جهته، يقول أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن نسبة الوفيات بسبب فيروس كورونا، مرتفعة "إحصائيًا" لكن على أرض الواقع تبدو في الحدود الطبيعية، مرجعًا ذلك إلى قصور بروتوكول وزارة الصحة في إجراء التحاليل الخاصة بفيروس كورونا على المخالطين ومن ظهرت عليهم الأعراض فقط، وليس على المشتبه فيهم. 

ويشرح حسين، أن إجمالي عدد الإصابات في مصر تخطي الـ3 آلاف خلال الأسبوع الماضي، فيما تراوح إجمالي الوفيات إلى 250 حالة حتى منتصف الأسبوع الجاري، وهنا تبدو نسبة الوفيات مرتفعة، لأن عدد المصابين قليل جدًا، وهذا مخالف للواقع، ولكن بسبب "سياسة إجراء التحاليل لفيروس كورونا". 

ويُدلل حسين على كلامه ببعض إحصائيات الدول الأكثر إجراءً لتحليل فيروس كورونا، وهي الولايات المتحدة أجرت نحو 4 ملايين تحليل، تليها روسيا بنحو مليوني تحليل، ثم ألمانيا 1.9 مليون تحليل، ثم إيطاليا بنحو 1.5 مليون تحليل، ثم إسبانيا بمليون تحليل، وفي المنطقة العربية، هناك الإمارات التي أجرت قرابة المليون تحليل، ثم إسرائيل بنحو 500 ألف تحليل، تليها السعودية بنحو 200 ألف تحليل، وأخيرًا مصر التي أجرت حتى الآن نحو 55 ألف تحليل. 

ويُشير إلى غياب المعلومات حول عدم توسع وزارة الصحة في إجراء التحاليل لمصابي فيروس كورونا، متسائلًا: "هل نقص في كواشف تحليل فيروس كورونا؟، أو تخوف من ارتفاع نسبة المصابين!، أو أسباب إدارية وبيروقراطية؟، لاتوجد رؤية واضحة حتى الآن". 

وعن كواشف فيروس كورونا، يُوضح حسين، أن الكواشف ليست تحليل PCR عادي مثل تحليل الكبد، لكن هناك كواشف وأجهزة معينة، تُستعمل لفحص المصابين بفيروس كورونا.

وكانت منظمة الصحة العالمية، كشفت أن مصر تستخدم نوعين من كواشف فيروس كورونا، أولهما الكواشف السريعة، والتي تستخدم في المطارات والمنافذ، وثانيهما الكواشف pcr من خلال المعامل المركزية؛ وأن الاختبارات السريعة لبيان كورونا توضح "هل الشخص المشتبه، إيجابي أو سلبي؟"، ثم تقوم وزارة الصحة بإجراء فحص pcr آخر من خلال منهجية معتمدة من منظمة الصحة العالمية لتأكيد إصابة كورونا المستجد.

ويعتقد عضو مجلس نقابة الأطباء، أن مصر تأخرت في إنشاء لجنة عليا لإدارة الأزمة في مصر، معتبرًا أن تعيين الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشارًا صحيًا "خطوة جيدة" لكن هناك بعض الكوارد التي يمكن الاستفادة بها أبرزها "الدكتورة مها الرباط وزيرة الصحة السابقة، والدكتور أشرف حاتم وزير الصحة السابق، الأولى تتولى مسئولية الإشراف بمنظمة الصحة العالمية، والثاني متخصص في الفيروسات الوبائية، وبالتالي يمكن الاستفادة من خبراتهما في هذا المجال". 

من جهته، يقول الدكتور أمجد الخولي، استشاري الأوبئة في منظمة الصحة العالمية: "ربما يعود ذلك إلى أن معظم الحالات المكتشفة هي من الحالات الحرجة التي تكثر بينها الوفيات، كما أن الاكتشاف المتأخر وطلب المساعدة الطبية في مراحل متأخرة من الإصابة قد يكون من بين الأسباب". 

يتفق معه الدكتور عمر أبوالعطا، مسئول برامج الترصد بمكتب المنظمة في مصر، مضيفًا أن معدل الوفيات تُحدده عدد من المعايير منها قدرة نظام الترصد على تحديد جميع المرضى، بمعنى لو أن نظام الترصد لديه قدرة على تحديد جميع الأمراض حتى لو بأعراض بسيطة فهذا يقلل من العدوى وخطر تدهور الحالات. 

ويُضيف، أنه قد يكون هناك تفسير آخر، أنه لا يوجد علاج نهائي للمصابين بكورونا، وكل الدول تنتهج إجراءاتها بناء على خبراتها في التعامل مع المرضى، بإعداد توليفة من الأدوية المصرح بها واعتمادها كبروتوكول علاج لمرضاها.