رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أغاني المهرجانات.. فيروس عمره 70 عامًا في مصر

فنانون
فنانون

تشهد الفترة الحالية حرب تكسير عظام بين نقيب الموسيقيين هاني شاكر ومعه شريحة عريضة من المجتمع المصري من جهة، ومطربي المهرجانات ومستمعيهم من جهة أخرى، لاسيما بعدما أشعلت جملة «أشرب خمور وحشيش» فتيل أزمة جعلت النقيب يصدر قرارا جريئا بمنع منح النقابة التصاريح لمثل هؤلاء، ولكن لم يبال مطربو المهرجانات بالمنع، فالسماوات المفتوحة «ملعبهم»، وخرج مطربو «بنت الجيران» بأغنيتين جديدتين على موقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب» حققا من خلالها ملايين المشاهدات في تحد واضح ورسالة مفادها أن هذا اللون من الغناء يصعب القضاء عليه بسهولة.

ظهور الأزمة جاءت بعدما غنى في ستاد القاهرة أمام ما يقرب من 80 ألف متفرج هذه الأغنية، وبها كلمات غير لائقة، مما استدعى نقيب الموسيقيين هاني شاكر لإصدار قرار بإلغاء جميع تصاريح الغناء السابقة والجديدة لمطربي المهرجانات، ولكن سرعان ما تراجع النقيب وفكر في استحداث شعبة جديدة بالنقابة تحت مسمى «الأداء الشعبي».

يشن المعارضون لهذا «اللون» هجوما حادًا بسبب الكلمات الجريئة التي تشكل بعض أغاني المهرجانات ويراها البعض غير لائقة بل يذهب البعض بعيدا بأن كلماتها ضد قيم المجتمع وهؤلاء لم يكونوا وليدة اليوم، فمنذ خمسينيات القرن الماضي منع رئيس الوزراء آنذاك النحاس باشا أغنية الموسيقار فريد الأطرش بدعوى مخالفاتها لقيم المجتمع، فقد جاءت جملة يا «عوازل فلفلوا» ليجد النحاس باشا ذريعة لمنعها هربا من المكايدة السياسية حينها بينه وبين علي ماهر باشا الرئيس السباق للوزراء ومع ذلك المنع فقد نجحت الأغنية أكثر من المتوقع، فقد سجل فيلم "آخر كدبة" الذي تغنى به فريد بتلك الأغنية إيرادات كبيرة، وعززت من تربع فريد الأطرش على عرش "الفيلم الغنائي الاستعراضي".

نفس الأمر حدث مع المطرب الشعبي أحمد عدوية عام 1973، حين قدم أغنيته الشهيرة "السح الدح امبو"، والتي حققت نجاحا كبيرا، تبعها بعد ذلك بمجموعة من الأغنيات منها «بنج بنج» و«سيب وأنا اسيب» و«زحمة يا دنيا زحمة»، وغيرها من الأغنيات التي جعلت عددا كبيرا من المثقفين يهاجمونه، ووصفوه بأن أغنياته مثالا للانحطاط والابتذال، ولكن رغم ذلك صمد عدوية وواصل تقديم أغنياته التي حققت نجاحا كبيرا جعلت العديد من منتجي السينما يستعينون به في أفلامهم، وأصبح بعد ذلك رمزا للأغنية الشعبية في الوطن العربي.

ورغم النجاح الكبير الذي حققته أغنية «السح دح امبوه» إلا أنها كانت سببًا لمنع اعتماد أحمد عدوية بالإذاعة المصرية فقد أوضح المطرب في أحدى البرامج الفضائية أن البعض كان يرى أنها مسفة وهابطة، برغم أن اغنياته كان يكتبها له عمالقة الشعراء أمثال مأمون الشناوي والذي اكتشفه، وكتب له ''سيب وأنا سيب'' و''سلام مربع''، ولحن له عمالقة التلحين أيضا كالموجي ومكاوي وبليغ وأنه كان أول مطرب مصري يبيع مليون نسخة فى مصر بأغنية "سلامتها أم حسن"، وأنه بأغانيه كان سببا في نجاح أفلام كثيرة، وكان يصر المنتجون أن يوضع اسمه على "الأفيش"، لأنه عنصر جذب للجماهير.


في ثمانينيات القرن الماضي عندما ظهر مصطلح الأغنية الشبابية وكان كلمة السر في الطفرة الموسيقية التي حدثت لهذا الجيل هو الفنان حميد الشاعري الذي طور من إيقاع الأغنية وقدم العديد من المواهب الشبابية آنذاك وأصبحت علامات مضيئة اليوم وأسماء رنانة مثل سيمون وحنان وهشام عباس وعلاء عبد الخالق ومصطفى قمر وعلى حميدة وفارس ومنى عبد الغنى، وكان بمثابة جواز سفر للشهرة وختم النجاح حتى تسعينيات القرن الماضي.

من جانبه حمل الموسيقار حلمي بكر ما يحدث من انتشار واسع لمطربي أغاني المهرجانات للإعلام لأنه من وجهة نظره يفتح ذراعيه لاستضافتهم، وقال:«المشكلة بدأت من عام 1967 حتى الآن فكثرة العشوائيات أظهرت هؤلاء فكل من لا عمل له خرج علينا مدعيا أنه مطرب مهرجانات فأحداث 25 يناير شهدت أعمال نهب وسرقة ومن بعدها خرج هؤلاء ووجدوا من يسمع لهم وأيضا وجدوا من أثار فضولهم ويتابعونهم من بعيد".

وتابع «حلمي» ملايين المشاهدات لتلك الأغاني ليست بمقياس على النجاح فـ«عداد» اليوتيوب ليس دليلا على حب الناس فمن يمسك بالريموت و«يقلب» في القنوات ليبحث عما يريده لا يعني ذلك أنه يشاهد كل تلك القنوات ويتفرج بتركيز عما يقدم فيها ودليلا على كلامي أن الأرباح لا تكون إلا على دقائق المشاهدة فقد تجد فيديو عليه آلاف واربحه أكثر من فيديو أخر عليه ملايين لأن وقت المشاهدة في الأول أطول من الثاني.

واستطرد «حلمي» أغاني المهرجانات ليس كما قيل انها «ظاهرة» ستظهر وتختفي لأنها استمرت منذ ظهورها بعد 25 يناير ولا أيضا لون جديد للأغنية المصرية ولكنه «سبوبة» تستخدم فيها الكلمات البذيئة لـ«أكل العيش» فكثرة المحاضر لن توقف المهزلة وتمنع انتشارهم فكما قولت كلما أفرد لهم الإعلام المساحة كلما انتشروا وتوغلوا فنحن نصنع من «الزبالة» نجوما وسنبكي غدا بدلا من الدموع دم.

وتابع «حلمي» التدني في الأغنية كان قبل جيل الثمانينيات الذي ظهر في وجود قامات ولكن في هذا لتوقيت ظهرت تجارة الكاست وترتب على ذلك ظهور تجار «الخيش» ومع عودة العمالة المصرية من الخارج أصبح لكل واحد إذاعة خاصة به، فكل فرد عاد معه "كاسيت" في يده، وبدء ظهور الأغنية الشبابية وأيضا بدأ ظهور أنماط جديدة من الغناء وبدأ كل واحد يبحث عن أغنيته، ولم تكن أغنية بل كان ترديدا أو إلقاء قائما على الإيقاعات وبدأ فتح أبواب لأنماط جديدة وظهرت أغاني «الطشت قال لى، أما نعيمة، العتبة جزاز» والأخيرة كانت تغنى في القرى أثناء تجهيز العروس لعريسها قبل ليلة الدخلة، ثم ظهرت الأغاني القائمة على اللفظ وكانت المفردات تؤخذ من بين الكلمات التي تحظى بشهرة بين العشوائيين، وانتشرت بين طلبة الجامعة مثل سيحله وادهنله إلخ و«هتسيح وهاسيح» ثم تجلى الانهيار الغنائي فيما يسمى بالمهرجانات فبدلا من الصور الفاضحة التي كانت تباع في الأسواق أصبحت تغنى على مواقع التواصل الاجتماعي فإذا سألت أيا من هؤلاء المطربين معنى كلمة «مهرجان» لن يعرف وسيقول إنها تعنى «الهيصة واللمة» أو أغنية مخصوص للعريس والعروسة تغنى في فرحهما باسميهما فهذا جهل وذلك النوع بدأ البعض من المجتمع يتعاطون هذا المخدر الغنائي الفاضح، وإذا تعمقنا في هذا فسيأتي اليوم يسير فيه البعض «ملط» والمحترم الذي يرتدي ملابسه سيكون هو الغريب.

وأكمل «حلمي» المطربون الحقيقيون غير قادرين على المواجهة فمن «عمل قرشين» وقف عند مرحلة النجومية ولم يكمل الطريق فهم أوائل بلا ظهور وعلى أجهزة الأعلام أن تفسح المجال للمواهب الحقيقية في الظهور فيوجد الكثير بدار الأوبرا وأيضا للأسماء الكبيرة أمثال علي الحجار ومدحت صالح وثروت وعلى عمرو دياب أن يتحرك هو وتامر حسني وحماقي، فكل واحد «قاعد في برجه ومدلدل رجليه» وعلى الدول أن تفعل القانون تجاه ظهور مطربي المهرجانات على اليوتيوب لأنها في «غفلة» وأيضا على النقابة والمصنفات أن تتحرك وتمنع وألا تمنح التصاريح لهم وتستحدث شعبة لهم داخل النقابة فلم تر للدعارة أو الحرامية والقتلة شعبة فهؤلاء يقتلون مجتمعا كاملا ولا يجب أن نسمح لهم وألوم على نقيب الموسيقيين هاني شاكر لأنه تحمس في البداية في منع ظهورهم ولكنه «لان» بعد ذلك وقال سنبحث وجود شعبة لهم ويوجد تحايل في خروج التصاريح إلى هؤلاء تحت بند «DJ» ويجب تصريح النقابة يمر على آداب الدولة.