رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد مازن يكتب من بكين: يومياتي مع كورونا.. معا لوقف الذعر! (٢)

محمد مازن
محمد مازن


الالتزام بالمنزل، شعار أرغم عليه الكل الزاميا أو ذاتيا. حاول أن تتكيف مع الوضع، رتب منزلك على ذلك حتى لو كان صغيرا للتنفيس، لا مانع من تحويل منضدة الطعام للعب البينغ بونغ، أو ممارسة تنس الريشة على سرير غرفة النوم، أو هواية الصيد في حوض سمك الزينة أو حتى "تشت" الحمام. أفعل ما تشاء لا أحد يسمع أو يرى، فضحايا المرض هم فقط المرئيون والمسموعون.
لا جدوى من الثرثرة، فلا شئ في هذا الوضع أجدى من الخرس. رغم ضرره النفسي، فإنه تضامن وتعاطف، الخرس مقاومة واستبسال، عزوف عن الحياة، كفاح على الخط الأمامي. العدو غامض غير مرئي، يجعلك تعرف قيمة أشياء لم تكن تعير لها أي اهتمام. تفكر ألف مرة قبل المصافحة والعناق والقبلات، تحذف لمس الأسطح الصلبة من قاموسك، تفكر في طرق آمنة لطلب طابقك من لوحة المصعد، أو حتى استخدام المفاتيح أو "أوكرة" الباب، تؤجل الى غير مسمى مشيك ولهوك وحتى اصطحاب أطفالك إلى الخارج.
حان وقت أمورك المنزلية المؤجلة. ألعاب الليغو المركونة على الأرفف بانتظارك، كتب بحاجة إلى قراءة. مواد ترفيهية تحتاج الى عيونك وأذانك، الفرصة الآن مواتية لنفض الغبار والتجربة. تجربة القديم والجديد. التقرب أكثر لمعرفة المزيد. الحديث عن أي شئ ولا شئ. موضوعات عديدة تنتظر الطرق، ومفاهيم بحاجة الى طرح، وأفكار بحاجة الى بحث. إنه عالمك الجديد.
فرصة لتتعرف على نفسك جيدا، على أفراد يتقاسمون معك نفس المنزل، تتقرب منهم وتعيش حياتهم، وتشاركهم هواياتهم، فرصة لاكتشاف بعض، والغوص في أعماق بعض، واللعب مع بعض، ومشاركة هوايات بعض. مشاريع جانبية كنت ترغب دائما في بدئها، أو هوايات منزلية كنت ترغب في العودة إليها.
في العمل من المنزل باستخدام الكمبيوتر الشخصي، تجد الكثير من الوقت بعيدا عن العالم الخارجي. لا زيارات، لكن الحجر الصحي ليس عقوبة سجن، فرصة لاستعادة الوقت لنفسك، وتعلم كيف تكون سعيدا بمفردك. الشعور بالوحدة أمر فطري وطبيعي.
لكن في المنزل، لم يكن الحال كما كان الخيال. أيام يكسر مللها فقط أوقات الوجبات. أيام أكثر ضبابية تحت إضاءة باهتة داخلية، نقص في الهواء النقي، وأشعة الشمس، والحركة، والتفاعل الاجتماعي. من الشارع احتل الفيروس كل مكان. في التلفزيون، أخبار لا تتوقف في كل قناة. على الكمبيوتر، تنبيهات مستمرة على الإيميل، صفحات وتحديثات متواصلة على المواقع ووسائط التواصل الاجتماعي. على الموبايل، إشعارات بالمعلومات الجديدة في كل ثانية، قصص من كل مكان، عن إغلاقات هنا، وقيود على السفر هناك، عن عزل مدن، وإغلاق حدود دول. تطل من النافذة، ترى فرق طبية تقف مسعفون يتحركون. وفي الشارع، تسير سيارات إسعاف. لا أفضل الآن من المطبخ، لكن لسوء الحظ قد تصطدم أيضا باكلتك المفضلة المع"كرونة".عالم كله مفيروس.
الأمر أصبح شخصيا الآن. صديق أصيب بالكورونا. لا تستمع الى عقلك، ليس دوما ما يخبرك به هو الحقيقة، لا تقل انك ستمرض، بل قل إن عقلك يقول إنك سأمرض. تغذية إيجابية لنفسك. يجب أن يكون هناك مستوى من القلق، لكن سيطر على تفكيرك، صعب في بعض الأحيان السيطرة، لكن القلق لن يضمن نتيجة، خصص مساحة من دماغك لأشياء مهمة أخرى. من التركيز على الموت والكآبة إلى تعلم مهارات بقاء جديدة.
الذعر والقلق مرض. ضيق تنفس سرعة نبضات قلب، شئ من أعراض الكورونا. التجاهل خطير. أفسح المجال للقلق يتدفق، احضر ورقة لوصف ما تعاني، التعبير أفضل طريقة، مع حساب الأنفاس لمدة 10 ثوان. يمكنك القيام بشئ عملي، بدلا من إرهاق عقلك بتفكير سلبي.
الآن، حان الوقت للتوقف عن متابعة الأخبار المباشرة، وتشغيل الإشعارات، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. لكن الصرامة مع النفس شئ مستحيل، مع شخص قد يكون مثلي يعمل في مجال الأخبار. لا يمكن أن يقرر أو يشاهد ما يريد، فقط يعمل ما العمل يريد. لا يمكن أن يختار من شئ واحد. الفيروس هيمن على عالم الأخبار واحتل جنباته. ساعات طويلة أسير لجولاته. تحت أمره أنفذ طلباته.
أقل ما يمكن فعله أن تقرر فقط مشاهدة أخباره أو قراءة تحديث حوله مرة واحدة في اليوم. تتبع تطوره. لكن قلل قلقك بتقليل مقدار الوقت الذي تفكر فيه حوله. لا تسمح له بالسيطرة على عقلك، هناك خطوات تشعرك بالاطمئنان، تصفح مواقع الويب الصحية المحترمة، إلبس الكمامة، وإغسل يديك بالصابون والماء كثيرا، خاصة قبل تناول الطعام، وتجنب الاحتكاك المباشر.
الحفاظ على التفاعل البشري طاقة إيجابية. الوقت متاح للتواصل مع نفسك والاتصال بأحبائك. في عالم كورونا، تجنب التركيز على الحقائق، ولا تنجر إلى الضجيج. تجنب الوقوع في العاصفة الإعلامية، تجنب قراءة ومشاهدة التقارير والفيدويوهات المفرطة. الحصول على تعليمات وحقائق واضحة وبسيطة عنه، قد تساعد في وقف انتشاره، ولكن بمساعدة بعضنا البعض يمكن وقف انتشار الذعر منه.