رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الدكتور محمد نصر الدين علام: علينا الاستعداد لـ«السيناريو الأسوأ» فى أزمة سد النهضة.. وأمريكا مصدر السلاح لإثيوبيا (حوار)

 الدكتور محمد نصر
الدكتور محمد نصر الدين علام

قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري والموارد المائية الأسبق، إنه من «السذاجة» السؤال عن وجود دور لإسرائيل في أزمة سد النهضة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب يمولان السدود الإثيوبية، كاشفا عن حقيقة ما يقال عن توصيل مياه النيل لإسرائيل.


ووصف «علام» في حوار مع «النبأ»، موقف السودان الأخير من أزمة سد النهضة بـ«المخزي»، مؤكدًا أنّ الهدف من المفاوضات التي تخوضها مصر هو تقليل الخسائر وليس منعها، وإلى تفاصيل الحوار:


في البداية.. ما تعليقكم على موقف السودان من قرار مجلس وزراء الخارجية العرب الداعم والمساند لحقوق مصر التاريخية في مياه النيل؟

موقف السودان واضح وهو أنه داعم تماما للموقف الإثيوبي وضد مصر ومصالحها الاستراتيجية، موقف مخزٍ ويحتاج إلى وقفة سريعة جدا مع الطرف السوداني؛ لتوضيح المواقف، ووضع كل دولة في مكانها الملائم.


ما الذي دفع السودان لاتخاذ هذا الموقف المخزي كما قلت؟

من الواضح الآن أن مصر أصبحت في جهة وإثيوبيا والسودان في جهة أخرى تماما، مصر تريد الحفاظ على حقوقها وعلى حقوق إثيوبيا والسودان، لكن السودان وإثيوبيا تبحثان فقط عن مصالحهما، الأكثر من ذلك أنهما يريدان إخضاع مصر للمشيئة الإثيوبية.


لكن ماذا سيستفيد السودان من هذا الموقف؟

الطرف السوداني متضرر بشدةٍ على سبيل المثال وليس الحصر، أولا هم كانوا يعتمدون في الزراعة على الري الفيضي الذي كان يغمر الأرض من مياه النيل الأزرق، ولكن بعد بناء السد هم سيضطرون إلى رفع المياه من النيل الأزرق للزراعة، وهذا يحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة للري، ثانيا صناعة الطوب في السودان سوف تتوقف لأن الطمي هو العنصر الرئيسي لهذه الصناعة، ثالثا أن عدم وجود طمي سيؤثر بشدة على سلامة السدود السودانية وسيؤدي إلى تآكلها كما حدث في القناطر الخيرية في مصر بعد بناء السد العالي، كما أن حجز المياه في السودان سوف يقوم برفع منسوب المياه الجوفية بشدة وهذا قد يؤثر بشدة على خصوبة الأراضي الزراعية في السودان وسلامة أيضا المنشآت المائية، كما أن بحيرة سد النهضة سوف تغمر منطقة كبيرة جدا من الغابات مما يؤدي إلى تحللها وخلق نوع من البكتريا سيكون له تأثير سلبي كبير على الثروة السمكية في السودان، هذه بعض الأضرار التي سوف تلحق بالسودان من سد النهضة، بالإضافة إلى أن احتمال انهيار سد النهضة سيكون له تأثير كبير على سلامة الشعب السوداني بالكامل، إضافة لعدم الاتفاق على مخرجات سد النهضة من المياه بما قد يؤثر على كمية المياه الواردة للسودان ومصر وتصدير المشكلة المائية الإثيوبية إلى مصر والسودان، بمعنى أن إثيوبيا سوف تحصل على المياه التي تريدها ثم تترك مصر والسودان تتعاركان على المياه، وبالتالي سوف تتحول المشكلة من مشكلة مصرية سودانية إثيوبية إلى مشكلة مصرية سودانية فقط.


لكن هل موقف رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من الثورة السودانية كان له تأثير على موقف السودان وخاصة أنها تريد رد الجميل له؟

إذا كان هناك جميل يجب رده، فيجب رده إلى محمد على الذي بنى السودان وبنى الخرطوم ووحد السودان وهو الذي أقام معظم منشآت العاصمة الخرطوم، مصر والسودان كانتا دولة واحدة وتحت حكم واحد، هناك ملايين السودانيين يعيشون في مصر يعملون ويتاجرون بحرية شديدة، وبالتالي إذا كان الأمر هو رد جميل فالأولى هو رد الجميل لمصر.


هل ترى أن الموقف السوداني في عهد البشير قد تغير عن الموقف الآن بالنسبة لمصر وسد النهضة؟

عهد «البشير» كان سيئًا جدا، أتاح لتركيا إقامة قاعدة عسكرية، وتعاون بشدة مع قطر، والاثنان معروفان بعدائهما لمصر، كما لجأ إليه الكثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بعد سقوط حكمهم في 2013 وكان هناك معسكرات للإرهابيين في عهده، وكان البشير يساعد الإرهابيين في السودان ضد مصالح مصر القومية، وكان أكثر رئيس سوداني يقوم بزيارة إثيوبيا واتفق على إقامة خط سكة حديد بين أديس أبابا والخرطوم، وهو أكبر داعم لسد النهضة.


هل موقف جامعة الدول العربية الداعم لحقوق مصر سيكون له تأثير في المفاوضات مع إثيوبيا؟

بالتأكيد، جامعة الدول العربية هي المحطة الأولى لتحركات مصر، تليها المحطة الإفريقية ثم المحطة الدولية، لكن موقف السودان المخزي لا يساعد كثيرا في التفكير في المراحل الدولية القادمة، وبالتالي موقف السودان سيضعف موقف مصر عند تحركها في المحافل الدولية.


هل ترى أن مواقف الدول العربية النظرية تكفى أم لابد من أن تتبعها مواقف عملية للضغط على إثيوبيا؟

الموقف العربي طيب، ولكنه يحتاج إلى تحركات دولية وإقليمية، وأتوقع أن يكون هناك تحركات من جانب الدولة الشقيقة والصديقة لمصر قريبا.


كيف ترى رهان مصر على الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الملف الحيوي؟

موقف الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن موقف عادل من الأطراف الثلاثة، وهذا الموقف انتهى بعمل اتفاقية وقعت عليها مصر بالأحرف الأولى، وهذه الوثيقة يمكن أن تصلح للتحرك الدولي، وإن كنا نأمل أن تبذل الولايات المتحدة الأمريكية المزيد من الجهود والضغوط على إثيوبيا، وخاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب هم الممولون الرئيسيون لسد النهضة، ومعظم السدود في إثيوبيا لم تكن لتنشأ لولا وجود الرضا الأمريكي، ثانيا الولايات المتحدة الأمريكية هي مصدر السلاح الرئيسي لإثيوبيا، والولايات المتحدة لها كلمة وشأن داخل إثيوبيا، وبالتالي هناك الكثير تستطيع الولايات المتحدة القيام به في هذا الملف.


إثيوبيا اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية بالانحياز لمصر في ملف سد النهضة.. كيف ترى ذلك؟

الأمر ببساطة هو أن إثيوبيا لها أحلام واستراتيجيات قديمة، وقد ظن النظام المصري أنه حان وقت إصلاح ما حدث في الماضي وإضافة مصداقية للعلاقة معها، وبالفعل النظام المصري مد الكثير من الأيادي لإثيوبيا وغيرها من الدول الأفريقية لفتح صفحة جديدة تماما مع القارة الإفريقية والعودة إلى الوفاق والتآخي، ولكن ما فعلته الحكومة المصرية لم يتم استقباله من جانب إثيوبيا الاستقبال المناسب، فهي ما زالت تعيش في المدرسة القديمة، وما زالت تصر على استغلال مواردها المائية في إخضاع مصر لمشيئتها، وقد حدث ذلك عدة مرات ولكنها فشلت، وسوف تفشل هذه المرة أيضا.


التوافق المصري الأمريكي في هذا الملف أثار الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام عند البعض حول مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الموضوع؟

الموضوع ليس توافقًا بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، الولايات المتحدة الأمريكية اختارت بإرداتها أن تكون مراقبًا لهذه المفاوضات من أجل عدم السماح لقوى دولية أخرى مثل الصين وروسيا للتغلغل في هذه المنطقة، وبالتالي من مصلحة أمريكا ألا يدخل هذه المنطقة آخرون في قضية مصيرية بهذا الشكل، وأمريكا التزمت بما يريده الأطراف الثلاثة، وبما اتفقوا عليه في مسائل التخزين والتشغيل، في البداية وضعت خطة زمنية حول التشغيل والتخزين، المناقشات كلها تمت في إطار النظام الدولي والخاصة باتفاقية 1997 للأمم المتحدة الخاصة بالأنهار المشتركة للأغراض غير الملاحية، وبناء على هذه القواعد تم الاتفاق، وتم اللجوء لهذه القواعد في وجود البنك الدولي ولما له من باع كبير في هذا الأمر، وتم الاتفاق على هذه النقاط في هذا الإطار، وبالتالي الدول الثلاثة هي التي اختارت الإطار التفاوضي والإطار الزمني في هذا الملف، وبالتالي دور الولايات المتحدة اقتصر على إيجاد صيغة توافقية بين الأطراف الثلاثة، وهذا ما حدث، وبالتالي ما يقال عن توافق مصري أمريكي غير حقيقي، لكن مصر دولة محترمة، فبعد أن وضعت أمريكا الصيغة النهائية للاتفاق سألت الدول الثلاثة عن ملاحظاتهم، وكل دولة من الدول الثلاثة أبدت ملاحظاتها وتم أخذها في الحسبان داخل الاتفاق، لكن إثيوبيا قالت إنها تحتاج إلى المزيد من الوقت للتشاور الداخلي، مصر وقعت فورا على الاتفاق بصفتها دولة ملتزمة بما جاء في بنود الاتفاقية، وهذا ليس معناه أن هناك توافق بينها وبين أمريكا والبنك الدولي، مصر وقعت لأن ذلك التزام دولي عليها أمام العالم.


إسرائيل نفت أكثر من مرة أنها لا علاقة لها بموضوع سد النهضة بعد التقارير الصحفية التي كشفت عن قيام تل أبيب بنصب منظومة صواريخ لحماية سد النهضة.. تعليقكم على هذا الموضوع وهل هناك دور لإسرائيل في موضوع سد النهضة؟

 لازم، من السذاجة أن نبحث عن إجابة لهذا السؤال، الصحيح هو البحث عن أعدائنا الاستراتيجيين والزيارات التي يقوم بها نتنياهو وهو يفكر في دولته ومصلحتها وبقائها، ونحن في نفس الوقت نفكر في مصالحنا وبقائنا، وبالتالي ومما لاشك فيه أن هناك تلاعبا من إسرائيل ومن دول كثيرة أخرى ضد مصالح مصر القومية والاستراتيجية، والأجهزة المعنية في مصر تفهم ذلك جيدا وهي تتخذ جميع الإجراءات الخاصة بذلك وتعرف هذه اللعبة وتحسبها في كل التحركات الدولية والمحلية كما أعتقد.


كيف ترد على من يقول إن أمريكا وإسرائيل هما من يقفان وراء أزمة سد النهضة والهدف في النهاية هو توصيل المياه لإسرائيل وتحقيق حلمها القديم؟

موضوع توصيل المياة لإسرائيل «تهريج»، تردده بعض الجهات المعادية للدولة المصرية، وهذا الموضوع لن يحدث ليس من أجل إسرائيل ولكن من أجل حاجة الشعب المصري الشديدة للمياه، فهل يعقل أن نقوم بتوصيل المياه لإسرائيل ونحن نقوم بعمل محطات تحلية مياه بعشرات المليارات كل عام من أجل الشعب المصري؟، وبالتالي الهدف من ترديد هذه الشائعات هو التأثير على الأمن القومي المصري، وعلى تماسك الشعب المصري وتشويه النظام المصري، ونحن لا نلتفت لمثل هذا الأمر.


مين السبب.. البعض يحمل ما حدث في 25 يناير 2011 مسئولية أزمة سد النهضة والبعض الأخر يزعم أن اتفاق إعلان المبادئ الذي وقعه الرئيس عبد الفتاح السيسي هو السبب.. تعليقكم على ذلك؟

قبل ثورة يناير 2011 عندما كنت وزيرا للرى قدمت إثيوبيا دراسات جدوى لبناء 4 سدود ومنها سد النهضة الذي كان معروفا باسم سد الحدود، وكانت سعته 14 مليار متر مكعب من المياه بالإضافة إلى 3 سدود أخرى سعتها التخزينية 140 مليار متر مكعب، وكان أحمد أبو الغيط وزيرا للخارجية، وقمنا بإرسال وفد مشترك من وزارتي الخارجية والري طافوا العالم كله لقطع الدعم السياسي والمالي لهذه السدود، وانتهى الأمر عند هذا الحد، وتوقفت هذه الإنشاءات وقام البنك الدولي بسحب موافقاته، وتم التوافق على رفض بناء هذه السدود مع أمريكا واليابان والصين وروسيا والدول الأوروبية، وهذا كان في شهر أكتوبر 2010، بعد ثورة 2011 مباشرة وبالتحديد في منتصف فبراير وبعد تنحية الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك أعلنت إثيوبيا عن بناء السد ثم تم وضع حجر الأساس في شهر إبريل 2011، وخلال 31 سنة وبالتحديد منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات وحتى قيام ثورة 25 يناير، لم تجرؤ إثيوبيا على اتخاذ هذا القرار.


وماذا حدث بعد ذلك؟

بعد ذلك شكّل المجلس العسكري وحكومة عصام شرف لجنة دولية لتقييم الدراسات الإثيوبية لسد النهضة، وهذه اللجنة وضعت شرطين، الشرط الأول هو أن هذه اللجنة استشارية وغير ملزمة، والشرط الثاني هو أن هذا السد هو تحت الإنشاء، بمعنى أن السد يتم بناؤه بموافقتنا، وبالتالي أول اعتراف بالسد كان في 2011 من حكومة التحرير، واللجنة الدولية أدانت إثيوبيا في جميع دراساتها وأنها غير مكتملة وسيئة ولا تصلح وطالبت بإعادة هذه الدراسات، وبعد ثورة 30 يونيو 2013 التي أسقطت نظام الإخوان، وتم تشكيل حكومة مؤقتة كانت ضعيفة، ثم جاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وبدأ تصليح العلاقات مع إثيوبيا وبدأ يرجع مصر في مكانها في الاتحاد الأفريقي، وبدأ التفاوض.


ماذا عن إثيوبيا والخبراء الأجانب؟

كان هناك تعنت من الجانب الإثيوبي بدأ برفض الخبراء الأجانب في لجنة التفاوض ورفض أن تشمل الدراسات سلامة السد وأن تشمل فقط الدراسات المائية، وقدمت مصر هذه التنازلات طمعا في إعادة الثقة وحسن النية، ورغم ذلك لم يتم تحقيق أي نجاح في المفاوضات، حتى اضطر الرئيس لعمل اتفاق إعلان المبادئ وأكد فيه على موافقة مصر على سد النهضة بشرط عمل الدراسات البيئية والمائية قبل ملئ السد وتشغيله، وهذا الإعلان كان تأكيدا لاتفاقية 2011 بتشكيل اللجنة الدولية للمفاوضات بالإضافة إلى وضع شرط جديد وهو ألا تقوم إثيوبيا بالتخزين والتشغيل إلا بعد الانتهاء من الدراسات، ولكن إثيوبيا لم تكترث ولم تعر هذه الاتفاقية أي اهتمام واستمرت في تعنتها ورفضت استكمال الدراسات حتى أعلن الرئيس السيسي في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة أن مصر تحتاج إلى وسيط لأن إثيوبيا لا تستجيب للمفاوضات وأن هذه المفاوضات فشلت، حتى تم الموافقة من قبل الأطراف الثلاثة مصر وإثيوبيا والسودان على دخول أمريكا كمراقب وليس كوسيط، وهذا كان شرط من جانب إثيوبيا، وهذا يعني أن الدول الأمريكي يقتصر على مراقبة التزام الدول الثلاثة ببنود الاتفاق وشروطه.


هدف مصر من التفاوض.. هل هو لتقليل الخسائر كما يقول البعض أم لمنع الخسائر؟

لازم يكون هناك خسائر نتيجة لتشغيل سد النهضة، لكن الخلاف ظل على طريقة التشغيل، وعلى كمية المياه التي سوف تحصل عليها مصر بعد تشغيل سد النهضة حتى لا يتوقف السد العالي عن التشغيل وهي نقطة الخلاف التي توقفت عندها المباحثات.


كيف ستعوض مصر هذه الخسائر الحتمية؟

إثيوبيا تريد أن تتكبد مصر خسائر أثناء التخزين والتشغيل، التخزين فترة مؤقتة لسنوات محددة، نحن وافقنا على التخزين ولدينا حلول لها بشكل أو بأخر بحيث لا يتأثر الشعب المصري تأثرا كبيرا، القانون الدولي لا ينص على منع الضرر ولكنه ينص على منع الضرر الجسيم الذي يؤثر على استقرار الدولة الاقتصادي والسياسي، وبالتالي التشغيل بالنسبة لما تريده إثيوبيا سيلحق ضررًا بمصر بما يخالف القانون الدولي، وبالتالي عند التخزين سوف تتأثر مصر ويلحق بها الضرر، وهذا يعني أن الشعب لازم يتأثر والاستقرار لازم يتأثر، الموقف الإثيوبي فيه مكابرة وسوء استغلال الموقف، وهو ما يرفضه المفاوض المصري تماما، المفاوض المصري على مستوى عالي جدا.


إلى أي مدى سوف تتأثر الخطط التي وضعتها الدولة لاستصلاح ملايين الأفدنة من سد النهضة؟

هذه الخطط تسير ببطئ شديد، وتم استبدال خطط استصلاح 3 ملايين فدان بالتوسع في زراعة الصوب، وهي زراعات أكثر تأثيرا وأكثر فائدة، وباستخدام خزانات المياه الجوفية البعيدة، لأن خزانات المياة الجوفية القريبة الموجودة في المنيا وسوهاج وأسيوط وبعض المحافظات يجب أخذها كاحتياطي استراتيجي للشرب، لأن سد النهضة سوف يكون له تأثير كبير على مياه الشرب بشكل أو بأخر.


أخيرا.. ما السيناريوهات المتوقعة أمام مصر للخروج من هذه الأزمة بعد الموقف الإثيوبي والسوداني والعربي والأمريكي؟

أتوقع حدوث تدخل أمريكي، من أجل عودة إثيوبيا للمفاوضات، لكنني أخشى أن تعود إثيوبيا للمفاوضات بشروط، وفي هذا الحالة يجب على مصر أن ترفض ذلك، وأن تتمسك بما وافقت عليه إثيوبيا في مفاوضات واشنطن، وبما جاء في الاتفاق النهائي الذي صاغته وزارة الخزانة الأمريكية، أمريكا هي الداعم الأساسي لإثيوبيا في كل شيء، في الاقتصاد والسياسة والجيش، ثانيا من مصلحة أمريكا عدم دخول طرف آخر في المفاوضات لاسيما الصين، ثالثا إثيوبيا حصلت على أكثر مما كانت تحلم به، حصلت على الاعتراف بالسد وسعته، وحصلت على موافقة الجانب المصري بشراء الكهرباء، لكن احتكار النيل الأزرق خطير جدا على مستقبل الشعب المصري، وبالتالي هو يستبعد حصول إثيوبيا على أي دعم دولى لمواقفها، البديل هو الدخول في «دوشة»، لكن لابد لمصر أن تكون مستعدة للسيناريو الأسوأ والأخطر، بما في ذلك السيناريو العسكري، والموقف المصري عبر عنه وزير الخارجية المصري سامح شكري عندما قال: مصر سوف تتخذ جميع الوسائل المتاحة للحفاظ على حقوقها المائية، وهذه الحقوق تعني حق الشعب المصري في الوجود، مصر  غير مطالبة أمام العالم للكشف عن خطتها الاستراتيجية وخطواتها القادمة، لكن وزير الخارجية قال إن جميع الوسائل المتاحة.


ماذا يعني قيام إثيوبيا بملء وتشغيل السد قبل التوقيع على اتفاق؟

يعني عملًا عدائيًا صريحًا، وفي هذه الحالة وكما جاء في بيان الخارجية المصرية كل السبل تصبح متاحة للتعامل مع التعنت الإثيوبي، كما يجب على العرب استخدام سلاح استثماراتهم في إثيوبيا، ويجب التواصل مع المنظمات الدولية والدول الكبرى لمنع تمويل أي شيء في إثيوبيا، ويمكن أيضا استخدام قناة السويس، من خلال منع مرور السفن التجارية الإثيوبية فيها من أجل عمل حصار اقتصادي على إثيوبيا، هناك خيارات كثيرة يمكن لمصر أن تصعد بها دون الخيار العسكري، لكن يظل الخيار العسكري موجودا، لاسيما وأن الخيار العسكري لأي دولة هو جزء كبير من قوتها الشاملة، ومن الخطأ عدم وضع هذا الخيار في الاعتبار، القوات المسلحة أحد عناصر القوة الشاملة الرئيسية للدولة وفي العلاقات الدولية أيضا.