رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

انفراجة جديدة فى ملف الإعلام

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين


مرة أخرى هناك بوادر انفراجة فى ملف حرية الإعلام نتمنى أن تستمر.
فى نهاية ليلة السبت الماضى، تأملت خريطة الضيوف والموضوعات المطروحة للنقاش فى برامج الفضائيات المصرية. وكانت النتيجة مختلفة مقارنة بما كان موجودا فى سبتمبر الماضى.
على القناة الأولى بالتليفزيون المصرى استضاف وائل الإبراشى فى أول ظهور له بالقناة ــ بعد تطويرها ــ الفنان محمد رمضان. كثيرون كانوا يترقبون اللقاء، لأسباب منها مشكلة مطربى المهرجانات، وأزمة رمضان مع كابتن الطائرة الذى تم فصله من عمله. والانتقادات الواسعة للتليفزيون الرسمى الذى استضاف رمضان. وظنى أن رمضان كان الكاسب الأكبر من هذا الظهور.
فى نفس البرنامج ناقش الإبراشى قضية الحرية، وهل هى موجودة فى مصر أم لا، وهل الحكومة خنقت المعارضة أم الأخيرة هى من فعلت ذلك بنفسها، ولماذا يغضب المسئولون من الانتقاد، ومتى يمكننا التعامل مع كل وجهات النظر؟!
على قناة «القاهرة والناس» استضاف محمد على خير الملحن حلمى بكر الذى قال «لو كنت موجودا فى النقابة ما ظهرت هذه الأصوات أبدا»، فى حين قال عمر كمال، إن غناء المهرجانات له جمهور واسع، وسوف يتخلصون من الكلمات المسيئة.
وعلى قناة «onE» استضاف خالد أبوبكر ــ د. جابر جاد نصار رئيس جامعة القاهرة السابق الذى قال إن أهم قرار اتخذه، كان إغلاق أبواب الجامعة أمام التيارات المتطرفة، وشرح كيفية اتخاذه قرار منع عضوات هيئة التدريس من ارتداء النقاب أثناء العمل.
وعلى قناة «إم بى سى مصر» استضاف عمرو أديب الدبلوماسى الكبير عمرو موسى الذى تحدث باستفاضة عن صفقة القرن، وكيف يمكن مواجهتها خصوصا أن معظم الأوروبيين والعرب والأفارقة والمسلمين يرفضونها.
وعلى قناة صدى البلد استضاف أحمد موسى المستشار مرتضى منصور رئيس نادى الزمالك، الذى تحدث عن رؤيته لمباراة السوبر التى انتهت بفوز الزمالك على الأهلى فى أبوظبى.
لكن رأيى أن القنبلة الصحفية الأهم خلال هذا الأسبوع كانت استضافة أحمد موسى لمكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام الذى قال كلاما مهما ملخصه الآتى:
«حرية الرأى منقوصة، وهناك تكميم للأفواه، وتخويف واضح ضد حرية الرأى التى بدونها لا توجد صحافة حقيقية. وأنا غير مسئول عن الإعلام، ولو قلت مين السبب سيغضب منى وزير الإعلام أسامة هيكل، لكن السلطة التنفيذية هى من يدير الإعلام، وأنه لم يعد منطقيا أن تخاف الحكومة من حرية الرأى والتعبير، لأنها تحمى البلد من التوجه الواحد، وعلى الحكومة أن تسمح بوجود معارضة، والدنيا لن تنهد من اختلاف الآراء».
دافع مكرم عن شبكة «بى بى سى» وقال إن بها حدا أدنى من المعايير المهنية التى تسمح بنشر كل الآراء.
مكرم قال إن الرئيس السيسى يمثل للمصريين استمرار الأمل، وأنه أنجز أشياء كثيرة، وأن الأحوال فى مصر تتحسن شيئا فشيئا خصوصا المؤشرات الاقتصادية.
كلام مكرم محمد أحمد يستحق الإشادة لشجاعته، وفضائية صدى البلد تستحق الإشادة؛ لأنها تحملت بشجاعة استضافته ليقول هذا الكلام المهم.
لماذا هو مهم؟! لأنه يخرج من أحد كبار أركان النظام.
مكرم محمد أحمد ليس فقط رئيس المجلس الأعلى للإعلام، بل هو قامة صحفية كبيرة حتى لو اختلف البعض مع أفكاره وتوجهاته. وحينما يخرج ويقول إن هناك مشكلة فى حرية الرأى والتعبير، فهو مؤشر مهم جدا على أنه لم يعد مقبولا الاستمرار فى ذلك.
كثيرون تحدثوا عن نفس الانتقادات طوال السنوات الثلاث الماضية، لكن أن يقولها شخص فى نفس مكانة مكرم محمد أحمد فهذا هو المهم العامل.
قد يقول البعض: وأين هى هذه الانفراجة التى تتحدث عنها؟.
والإجابة ببساطة أننى أعمل فى هذه المهنة وأعرف ما يجرى فيها، وأستطيع أن أقول بيقين لا يتزعزع، إن هناك تحسنا يتم فى ملف الإعلام فى الشهور الخمسة الأخيرة.
هل يعنى ذلك أن «الدنيا ربيع والجو بديع»؟!.. الإجابة هى لا، ولكن أنا لا أقارن بين أشياء مطلقة، وأعرف الواقع جيدا وتحدياته ومشاكله، وبالتالى حينما أقول إن هناك تحسنا، فهذا أمر أعنيه تماما.
إلى أين يمضى هذا التحسن؟!.
لا أعرف، لأننى لست مسئولا، ولا أعرف السبب المحدد الذى من أجله حدث هذا التغير. لكن ما أتمناه أن يستمر هذا المناخ الإيجابى لأنه فى مصلحة الحكومة والنظام، قبل أن يكون فى مصلحة الصحفيين والإعلاميين وكل المجتمع. كلما كان المجتمع عفيا وصحيا، وبه نقاش صحى حقيقى، وحرية رأى وكشف للأخطاء أولا بأول.. كلما كان قادرا على التصدى لكل السلبيات والفساد والمؤامرات الداخلية والخارجية والعكس صحيح تماما؟.
والسؤال الأخير: من هم الرابحون والخاسرون من أى انفتاح إعلامى حقيقى؟!.

نقلا عن "الشروق"