رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد رمضان.. والبعد الطبقى فى أغانى المهرجانات

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين


أرجو أن ينتبه الجميع إلى عامل مهم جدا فى القضية المثارة بشأن مطربى المهرجانات، وهو «البعد الطبقى». الذى لفت نظرى لذلك، ما قاله الفنان محمد رمضان قبل نحو أسبوع، وهو يخاطب معجبيه عبر وسائل التواصل الاجتماعى ومضمونه: «انتم شاركتونى فى صنع كل حاجة حلوة فى حياتى، وبسببكم أيضا يتم محاربتى، هذه الحرب الممنهجة من معظم الاتجاهات. والسبب هو أنه لا يجوز لواحد من الطبقة البسيطة أن يصل لهذا النجاح والجماهيرية. والمقصود من هذه الحرب هو الفتنة بينى وبين رزق ربنا أعطاه لى وهو أنتم، ثقتى فى الله ثم فيكم أن الظلم لا ينتصر أبدا»!!
هذا ما قاله محمد رمضان، وشىء قريب منه إلى حد ما، قاله مطرب المهرجانات حمو بيكا يوم الثلاثاء الماضى، فى حوار مع الإعلامية لميس الحديدى على قناة «الحدث».
كلام حمو بيكا كان أكثر دهاء ولؤما حينما قال: «أغانى المهرجانات لا يمكن منعها، لأنه فن فرضه الشارع، والناس أحبته. وليه مابتمنعوش حفلات الكباريهات والنايتات، معقولة مهرجاناتنا، هى اللى عملت كل ده فى المجتمع، وفيه تجاوزات كثيرة داخل الكباريهات. ولو النقابة منعت فن المهرجانات من الشارع، مش هيقدروا يمنعوا السميعة. وكفاية أننا بنمشى فى الشارع مش عارفين نتحرك من الناس اللى ملمومة حوالينا، وأنا باحصل على ٩٠ ألف جنيه فقط أرباح شهرية من اليوتيوب»!.
استمرار عزف رمضان وبيكا وغيرهما على نغمة الصراع الطبقى، أمر شديد الخطورة على المجتمع بأكمله، وقد يقود إلى تطورات بالغة الخطورة.
حرصت على عرض وجهة نظر كل من محمد رمضان وحمو بيكا، باعتبارهما يمثلان مطربى المهرجانات. والخطر الحقيقى الذى أشمه من هذا الكلام، هو محاولة تصوير الأمر باعتباره صراعا طبقيا بين الأغنياء والفقراء.
الجزء الصحيح الوحيد فى كلام رمضان وحمو بيكا هو الشعبية الطاغية لهما وسط البسطاء، الذين يعتبرون أن هذه الأغانى هى الناطق الشرعى باسمهم.
جرب أن تركب توك توك فى أى منطقة، خصوصا إذا كانت شعبية، وسوف تكتشف فورا أن «الفلاشة» التى يملكها السائق، لا تحتوى إلا على أغانى المهرجانات.
ونجمهم السينمائى المفضل هو محمد رمضان، وأسماء شخصياته السينمائية أو الدرامية، هى أسماء شهرتهم أو أسماء محلاتهم، مثل «الأسطورة» و«عبده موتة».
الأمر ليس قاصرا فقط على ملاك أو سائقى أو مستخدمى التوك توك، أو حتى الميكروباصات، وسيارات الأجرة أو «الفان» الصغيرة، المعروفة باسم «التمناية»، بل هو ممتد للعديد من ساكنى هذه المناطق. ويندر أن يستمع أحد من هؤلاء لهانى شاكر أو عمرو دياب أو كاظم الساهر أو أصالة أو أنغام.
ولا نعرف ولا يملك أحد أن يحكم بدقة أو يجيب عن السؤال التالى: من الذى أثّر فى الآخر: الواقع فى المطربين، فجعلهم يعبرون عنه، أم أن هؤلاء المطربين هم من أثروا فى الواقع؟! هذا سؤال يحتاج إلى بحث اجتماعى شامل وعلى أسس علمية.
وبغض النظر عن الإجابة. فالسؤال الجوهرى هو: كيف يمكن تفكيك ما يحاول بعض هؤلاء المطربين إقناعنا به، وهو أن المعركة طبقية، وأن غالبية ما يؤدونه من أغنيات شديدة الركاكة ومسىء ومدمر للأخلاق العامة. حتى لو كان المستمعون لا يدركون ذلك الآن؟!
سبق أن كتبت وقلت إن مواجهة مشكلة أغانى المهرجانات ليس بالمنع الإدارى، ولكن بطرق مختلفة، وأقترح على من يهمهم الأمر أن تكون خطتهم هى الآتى: لا يكون هناك حظر شامل لهذه الأغانى، بل حظر لأى كلمات تخدش الذوق أو الأخلاق العامة، ومراجعة الكليبات قبل نشرها حتى لا تتضمن مشاهد فاضحة أو خارجة.
القاعدة الثانية أن تكون الرسالة الموجهة من نقابة المهن الموسيقية ومن سائر المجتمع، أنه لا توجد معركة طبقية بالمرة، وأن القضية هى باختصار محاربة للقبح وانعدام الذوق. على الأجهزة المعنية أن تقول للناس إن المعركة بين الكلمات الجيدة والكلمات البذيئة، التى لا يمكن لشخص عاقل أن يقبلها. وقتها وإذا حدث ذلك، فسوف نضمن نزع فتيل السلاح الطبقى، وثانيا سنضمن أن الكلمات البذيئة ستختفى تماما أو على الأقل تتلاشى. لكن فى كل الأحوال علينا أن نقتنع أن كل عناصر هذه المشكلة متداخلة، ولا يوجد عنصر واحد حاكم. والمدخل الرئيسى أن يكون لدينا تعليم جيد وإعلام حر ومتنوع، وأن نتوقف عن دعم وتبنى العديد من النماذج الشاذة التى لعبت دورا خطيرا فى تشويه الذوق العام. إذا حدث ذلك، فإن الجمهور وقتها هو من سيرفض هذه النوعية الرديئة!

نقلا عن "المصري اليوم"