رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد مازن يكتب من بكين: كيف تعالج الصين مرضى فيروس كورونا؟

محمد مازن
محمد مازن


تجاوز العدد اليومي للمرضى الذين تعافوا حديثا من عدوى فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وغادروا المستشفيات في الصين نظيره للإصابات المؤكدة الجديدة لليوم الثالث على التوالي. وبحسب الأرقام الرسمية، خرج 2109 أشخاص من المستشفيات بعد تعافيهم أمس الخميس، وهو رقم أعلى من عدد المصابين الجدد الذي بلغ 889 شخصا لنفس اليوم، ليرتفع إجمالي عدد الذين تعافوا من المرض منذ اندلاعه إلى 18264.

وبلغ العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة في البر الرئيسي الصيني بالفيروس 75465 حتى نهاية الخميس، بينما توفي 2236 شخصا جراء الفيروس. 

ومن بين تلك الأرقام السالفة يتوقف الكثيرون عند رقم المتعافين. فبالرغم من الفشل العلمي حتى الآن في إيجاد علاج للفيروس، إلا أن الملاحظ هو أن هذا الرقم في تحسن مستمر. وفي هذه الحالة، من الطبيعي أن يتساءل البعض عن ماهية العلاجات المستخدمة في الصين، وخاصة تلك التي تحرز تقدما في عملية مكافحة الفيروس، وكانت السبب في تعافي المزيد من المصابين المؤكدين.

بحسب التقارير الواردة من المستشفيات وتصريحات كبار الأطباء والمسؤولين، ليس هناك دواء فعال بنسبة 100 بالمئة يطبق في علاج الفيروس أو الوقاية منه حتى الآن. وكانت السلطات الصحية الصينية اعتمدت دواء يحمل اسم "فافيبيرافير" كأول دواء مضاد للفيروسات معتمد لعلاج مرض كورونا الجديد، وهو قيد الانتاج حاليا، ومن المتوقع أن يصل الدواء إلى السوق في وقت لاحق من شهر فبراير، حيث يقدر أن تبلغ الدفعة الأولى منه 100 ألف قرص.

ومنذ بداية الاعلان عن تفشي الفيروس في أواخر العام الماضي، تم اختبار العديد من الأدوية بما في ذلك أدوية تعالج مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وأوردت تقارير على لسان أطباء وخبراء نجاحها مع بعض المرضى. والثابت هنا وسط عدم استقرار علمي بعد على دواء محدد هو الجمع بين الطب الصيني التقليدي والطب الغربي في علاج المرضى. ورغم ذلك، لم تخلو القاعدة من استثناءات في ضوء ما افادت مستشفيات بنجاحها في علاج مرضى بأدوية تقليدية صينية فقط والعكس أيضا مع الدواء الغربي.

ووسط جدل حول فعالية العلاج الموجود منذ آلاف السنين مقارنة بالطب الحديث، ثبتت فعالية الطب الصيني التقليدي على نطاق واسع في مكافحة الصين للالتهاب الرئوي الفيروسي الجديد. وبحسب مصادر طبية مطلعة، تم اختبار خمسة أنواع من الوصفات الطبية بشكل فعال ضد الفيروس. وأبرز نتيجة أجمع عليها الخبراء حتى الآن هي أن الطب الصينى التقليدى يمكن أن يمنع الفيروس من دخول الخلايا البشرية.

هذا ما أكده تشونغ نانشان، المستشار الطبي للحكومة الصينية، فى مؤتمر صحفي فى مدينة قوانغتشو بمقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين، هذا الأسبوع. وقال تشونغ إن العديد من الأدوية الغربية أثبتت فعاليتها ضد الفيروس في المختبرات، لكنها فعاليتها غابت على المرضى. وأفاد أن أدوية الطب الصيني التقليدي، مثل كبسولات "ليانغ هوا تشينغ ون" جرى استخدامها على نطاق واسع في العلاج السريري وأثبتت فعاليتها في وقف الفيروس وتخفيف الالتهاب، وهو ما اعتبر بنظر البعض كدليل على فعالية الطب الصيني التقليدي.

 وقال وانغ شيان بوه، أخصائي في مستشفى بكين ديتان، إن الطب الصيني التقليدي أثبت فعاليته في الحد من أعراض الحمى والسعال والإرهاق في الحالات الخفيفة، فضلا عن تحسين بعض الحالات الشديدة عند استخدامه مع الأدوية الغربية. ويمكن أن يحقق الطب الصيني التقليدي تأثيرات واضحة على المريض في المرحلة المبكرة من المرض. 

وقد أثبت حساء عشبي فعاليته مع 90 بالمئة من المرضي المصابين بالفيروس بحسب الملاحظات السريرية، حسبما أعلنت الإدارة الوطنية للطب الصيني التقليدي.

وأفادت تقارير من مقاطعات بأنه يستخدم لحماية أفراد رئيسيين مثل العاملين الطبيين من العدوى. وقال مسؤول باللجنة الوطنية للصحة يوم السبت إن الطب الصيني التقليدي استخدم في علاج أكثر من نصف المرضى المؤكدين في مقاطعة هوبي المنكوبة بالفيروس.

وقال يانغ زيفنغ، خبير بمعهد قوانغتشو للصحة التنفسية، إن خمسة أنواع من الطب الصيني التقليدي، بما في ذلك كبسولات "ليان هوا تشينغ ون" وكبسولات ليوشين جياونانغ، من بين 54 دواء تم اختبارها، أثبت فعاليتها في كبح فيروس كورونا الجديد في التجارب المختبرية من قبل المعاهد الطبية قوانغدونغ. لكنه أكد أنه لا تزال هناك حاجة لمزيد من التجارب السريرية لتأكيد فعالية الأدوية الخمسة. ومن ضمن الأدوية التي استخدمت أيضا في علاج الفيروس دواء تقليدي يسمى "الالتهاب الرئوي رقم 1 ". وقد استخدم هذا الدوءا بالتحديد على نطاق واسع في مقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين.

وتركز تلك الأدوية على علاج أعراض المرض. وبحسب وانغ قويلين، مدير مكتب العلوم والتكنولوجيا في قوانغدونغ، فإن الدواء المذكور سلفا أدى إلى إعادة 84 بالمائة من 121 مريضا تناولوه لأكثر من ستة أيام إلى درجة الحرارة العادية، وأظهر 74 في المائة تحسنا في نتائج التصوير المقطعي. لكنه في الوقت نفسه حذر من أن "الالتهاب الرئوي رقم 1 " يناسب فقط المرضى الذين يعانون من أعراض طفيفة وليس المرضى الحرجين.

وفي هوبي مركز تفشي الفيروس وحاضرتها ووهان، تبنت المستشفيات والفرق الطبية هناك علاجات مختلفة لعلاج المرضى. ومن واقع متابعة أرقام البعثات الطبية التي أرسلت الى المقاطعة، بلغت مساهمة جامعات ومستشفيات الطب الصيني التقليدي في جميع أنحاء البلاد 2220 عاملا طبيا تم إرسالهم إلى هناك للمساعدة في مكافحة الوباء.

وقال وانغ هيشنغ، نائب رئيس لجنة الصحة الوطنية، إن الطب الصيني التقليدي تم تطبيقه في علاج أكثر من نصف المرضى المؤكدين في هوبى، مشيرا إلى أن الجمع بين الطب الصيني التقليدي والطب الغربي هو سمة مهمة في مكافحة وباء فيروس كورونا الجديد.

وأورد تقرير لصحيفة "غلوبال تايمز" أن مريضين من مقاطعة جيانغشي شرقي الصين خرجا من المستشفي يوم الأحد بعد تطبيق أدوية طبية تقليدية صينية فقط. واتفق خبراء صحيون استطلعت الصحيفة آراءهم على أن الطب الصيني التقليدي يمكنه فقط من تحسين أعراض الحالات الخطيرة، وتقصير مدة العلاج وتقليل كمية الهرمونات والحد من المضاعفات.

وقال تسوي يونغ تشيانغ ، كبير الأطباء في مستشفى تابع للأكاديمية الصينية للعلوم الطبية الصينية في بكين، أنه عندما لا توجد أدوية خاصة يمكن أن تقتل فيروس كورونا الجديد بشكل مباشر، فإن الطب الصيني التقليدي والطب الغربي يفعلان نفس الشيء لتخفيف الأعراض وتقوية مناعة الجسم.

 لكن طبقا لما قاله بنغ تشى يونغ، مدير وحدة العناية المركزة في مستشفى تشونغنان بجامعة ووهان في ووهان، يستخدم الأطباء الطب الغربي في العلاج السريري أكثر من الطب الصيني التقليدي. وقال بنغ "إن الطب الصيني التقليدي يبلي بلاءً حسناً في تخفيف الأعراض ولكنه ليس فعالاً بالنسبة للحالات الحرجة".

وقال هو بي جي، مدير قسم العدوى في مستشفى في شنغهاي، لنفس الصحيفة، إن "الحالات أظهرت أن الجمع بين الطب الصيني التقليدي والطب الغربي جاء بنتائج أفضل في علاج عدوى فيروس كورونا من استخدام أي منهما بمفرده".

وعلى حد قول الأطباء، فإن فيروس كورونا يضر بأعضاء متعددة. وفي هذه الحالة يحقق الطب الصيني التقليدي أداءً أفضل لأنه يهدف إلى تنظيم الحالة البدنية العامة للأشخاص بدلا من استهداف أحد الأعراض.

ورغم أنه علاج شائع منذ عصور في الصين، إلا أن الجدل مستمر حول الطب الصيني التقليدي. وبينما باتت تحظى فعاليته بقبول تدريجي من قبل المجتمع الدولي، يأتي الكثيرون من شتى أنحاء إلى الصين لتعلمه.