رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

شرط وحيد يحدد مصير مسابقة الـ«120» ألف معلم

طارق شوقى - أرشيفية
طارق شوقى - أرشيفية


تواجه وزارة التربية والتعليم أزمةً فى سد عجز المدرسين، وخاصة بالمرحلة الابتدائية ورياض الأطفال، بعد فشل الوزارة في جميع الحلول السابقة التى أعلنت عنها في سد العجز.


تفاقم الأزمة كان سببا في صدام الوزير طارق شوقي أمام نقابة المعلمين، ولجنة التعليم بالبرلمان، وعدد كبير من الخريجين.

 

البداية عندما وافق الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، على السماح لحاملي المؤهلات العليا التربوية بالعمل بمهنة التدريس تطوعًا، وفقًا لضوابط خاصة.


ووجهت الوزارة، مديري المديريات التعليمية، بإعداد حصر بالتخصصات التى بها عجز على مستوى الإدارات، فضًلا عن إجراء مقابلة شخصية للمتقدمين من خلال لجنة على مستوى الإدارة التعليمية في كل تخصص.


كما طالبت بتسكين الراغب في العمل التطوعي بالإدارة التي يرغب العمل بها، في ضوء العجز، مع مراعاة عدم التكسين في المدارس التي يوجد بها ذووهم من الدرجة الأولى والثانية.


واشترطت الوزارة ضرورة عدم مشاركة المتطوعين في أعمال الامتحانات (وضع الامتحانات، ولجان النظام والمراقبة)، وعدم تكليف المتطوعين بالإشراف اليومي، على أن يكون الحد الأدنى لمدة العمل التطوعي ثلاثة أشهر (فصل دراسي)، واجتياز برنامج تأهيلي من خلال التوجيه الفني بالإدارة.


وأوضحت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أنه سيتم منح المتطوع شهادة تقدير عن الحد الأدنى لمدة العمل التطوعي، وشهادة خبرة بنهاية فترة عمله (عام دراسي) بمدارس وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني.


تحرك «التعليم» نحو الاستعانة بالمؤهلات العليا لسد العجز تسبب في نشوب أزمة كبيرة مع نقابة المعلمين، وعلق إبراهيم شاهين، وكيل نقابة المهن التعليمية، على قرار وزير التربية والتعليم بالموافقة على تطوع أصحاب المؤهلات العليا بالتدريس، متسائلا "هل معنى ذلك أنه لن يتم تعيين معلمين ممن تقدموا فى المسابقة الأخيرة رغم تكبدهم مبالغ كبيرة أرهقت أسرهم؟".


وأشار وكيل نقابة المهن التعليمية إلى أن المتطوعين لن يلحقوا بالفصل الدراسي الثاني، مستطردا هل ستترك الأمور بالتعليم تجرى بالدفع الذاتي، الأمر جد خطير.


وأوضح أن القرار سينتهى بأن تصبح المدارس مكانا للامتحانات والحصول على الشهادة وعلى الراغب في تلقى التعليم إما التوجه إلى المدارس الخاصة أو الدروس الخصوصية أو يعتمدون على أنفسهم كل حسب قدراته المادية.


وأكمل أن هذا الوضع لن يرضاه الرئيس عبد الفتاح السيسي لو وصلته الصورة الحقيقية دون «تزييف»، وأضاف أن شهادة الخبرة التى يأخذها المعلم المتطوع من الممكن أن يستغلها فى إعطاء دروس فى سناتر الدروس الخصوصية وتزيد الظاهرة بذلك بدلًا من محاربتها.


وتابع: «مينفعش أى حد فى الشارع نجيبه نشغله معلم، لو قال معلومة خطأ للطلاب هنحاسبه إزاى، لو قال ألفاظ خارجة للطلاب هنحاسبه إزاى.. كل هذه تساؤلات لابد من الإجابة عليها».


وأشار «شاهين» إلى أن المعلم خريج كلية التربية يحتاج إلى تدريبات كثيرة حتى يكون مؤهلا للتدريس، متسائلا: «فماذا عن المتطوع الذي لا يعرف شيئًا عن التربية والتعليم والتدريس».


في السياق ذاته، ترددت أنباء داخل وزارة التربية والتعليم، عن السبب الحقيقي وراء قرار الدكتور طارق شوقي بالاستعانة بخريجي الجامعات الحاصلين على مؤهل تربوي العمل بالتدريس لسد العجز. 


وكشفت التقارير الواردة من مديريات التعليم بالمحافظات المختلفة، أنّ العجز في المدرسين وصل إلى نحو 320 ألف معلم، وأن الوزارة في حاجة ماسة وعلى وجه السرعة لسد العجز ولو بشكل مؤقت، ويتطلب ذلك توفير نحو 200 ألف معلم على وجه السرعة، ولهذا تقدمت الوزارة بمذكرة عاجلة لمجلس الوزراء تضمنت شكوى الوزير من عدم قدرة الوزارة على توفير الأموال الكافية لإتمام مسابقة العقود المؤقتة التى أعلنت عنها الوزارة في شهر أكتوبر الماضي وتضمنت 120 ألف معلم تم اختيارهم ويجري عمل الاختبارات النفسية لهم. 


وتحتاج الوزارة لتوفير ما يقرب من 150 مليون جنيه شهريا، على اعتبار أن كل مدرس سيتم التعاقد معه سوف يحصل على 1200 جنيه، أى ما يقرب من 2 مليار جنيه سنويًا، وهذا المبلغ غير متاح حاليا من ميزانية الوزارة، ولذلك طالبت التعليم من مجلس الوزراء بالمساعدة في توفير المبلغ ولو بجزء منه لإتمام المسابقة، أو وقفها وبدء عمل العقود للناجحين مع بداية العام الدراسي القادم 2020/2021، وليس في الترم الحالى كما تم الإعلان عنها من قبل، على أن يكون البديل الاستعانة بخريجي المؤهلات العليا للعمل في التدريس وسد العجز بشكل ملح في المرحلة الابتدائية ورياض الأطفال.


يأتى ذلك رغم خروج الدكتور رضا حجازى، نائب وزير التربية والتعليم، للتأكيد على عدم وجود علاقة بين مسابقة العقود المؤقتة والاستعانة بالمؤهلات العليا، وأن المسابقة «شغالة»، وهو الأمر الذي أكده أيضا الوزير، ولكنها وفقا للمصادر التعليمية تصريحات للتهدئة فقط.


وأخيرًا فإن سبب لجوء التعليم لخريجي المؤهلات العليا، هو فشل الوزارة في تفعيل بروتوكول التعاون الموقع بين التعليم والأزهر، والذي يتضمن الاستعانة بمعلمى الأزهر لسد العجز في التربية والتعليم عن طريق الانتداب، ورفض معلمو الأزهر الموافقة على هذا الأمر وخاصة مدرسو اللغة العربية والمرحلة الابتدائية ورياض الأطفال، وهو الأمر الذي كانت تبنى عليه الكثير التربية والتعليم لسد العجز في مراحله المختلفة.


يذكر أنّ عدد المعلمين بالمدارس الحكومية بلغ 1.19 مليون مدرس عـام 2017-2018، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.


واتخذت وزارة التربية والتعليم خلال الفترة الماضية، حلولًا عديدة لسد عجز المعلمين بالمدارس فشلت جميعها في حل الأزمة بشكل حقيقي؛ لكونها اعتمدت على المسكنات وليس الحل الجذري.


ولجأت الوزارة لزيادة نصاب الحصص للمعلمين وزيادة العبء عليهم، وهو ما نتج عنه أداء سيئ مردود على استيعاب الطلاب وتحصيلهم نتيجة إجهاد المعلمين بسبب العمل 6 حصص يوميًا.


كما لجأت الوزارة لموجهي المواد للتدريس للطلاب، رغم ابتعادهم عن الشرح بالفصول لسنوات عديدة، كما لجأت إلى معلمي الأنشطة والأخصائيين الاجتماعيين ووصل الأمر للاستعانة بالإداريين والهيئات المعاونة.


كما لجأت أيضًا «التعليم» لسد العجز في التدريس لمعلمي القوافل التعليمية لمحاولة سد العجز، وكذلك طالبت المتطوعين بفصول المشاركة المجتمعية وشباب الخدمة العامة لسد عجز المعلمين، كما لجأت وزارة التعليم بالسماح للمديريات التعليمية بالمحافظات التي تعاني عجزًا بالتعاقد اللامركزي مع المعلمين بنظام المكافأة الشاملة ولم تنجح في حل المشكلة نتيجة عدم وجود مخصصات مالية بالمحافظات أو بند بالصناديق المحلية لهذا الشأن.


وكشف الدكتور على المليجي، خبير تربوي، عن أن "أزمة نقص المعلمين واستغلال حاجة الشباب للعمل، يعكس حالة اللامبالاة والاستخفاف بالعملية التعليمية".


ولفت «المليجي» إلى أن الحل الأمثل لسد العجز في المدرسين هو إعادة نظام التكليف لخريجي كليات التربية، ما دون ذلك حلول مؤقتة هدفها إهدار المال العام، والعملية التعليمية بالكامل.


وأكد الخبير التربوي، أن الاستعانة بالخريجين من المؤهلات العليا بالمجان تعبر عن هالة التوهان التى تعيش فيها الوزارة، والسؤال: كيف تحاسب الوزارة هؤلاء المتطوعين في حالة ارتكاب مخالف تعليمية مثل ضرب الطلاب، أو ارتكاب فعل ما داخل المدرسة؟، وكيف يمكن محاسبته من قبل مديري المدرسة؟، وغيرها من الأسئلة متوقعا تحول الأمر لسوق كبير نحو المزيد من الدروس الخصوصية.


في السياق ذاته، أكد النائب مصطفى كمال الدين حسين، عضو لجنة التعليم، أنّ الوزارة تنفذ أجندة صندوق النقد الدولى بعدم تعيين مدرسين جدد بالتعليم وسد العجز، وتلجأ إلى حلول فاشلة، معتبرًا أن مسابقة العقود المؤقتة «ضحك على الشباب»، والحكومة الآن تعتمد على نظام «الجباية»، وهو ما حدث في المسابقة الأخيرة، مؤكدًا عدم وجود أموال لإتمام مسابقة «120» ألف الأخيرة.