رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تورط قيادات بـ«الأوقاف» فى سرقة صناديق النذور داخل مساجد «آل البيت»

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

لا يتوقف الحديث عن المخالفات والسرقات داخل «صندوق النذور» فى بالمساجد الكبرى و«آل البيت»، يأتى ذلك فى الوقت الذى تعلن فيه وزارة الأوقاف عن وضع إجراءات صارمة لمنع تلك السرقات. 

الكارثة هذه المرة تمثلت في تورط قيادات بديوان عام وزارة الأوقاف في سرقة صناديق النذور، وقرر الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، وقف كل من الشيخ عبد الناصر نسيم أمين، والشيخ محمد جمال عبد اللطيف، وعماد قرنه أبو عميرة، لمدة 3 أشهر أو لحين انتهاء التحقيقات أيهما أقرب، مع إحالتهم إلى النيابة العامة والنيابة الإدارية للنظر فى المخالفات المنسوبة إلى كل منهم.

كما قرر الدكتور محمد مختار جمعة، إنهاء تعاقد ماهر عبد الرحيم القنائي فؤاد، أخصائي نظم معلومات بمركز المعلومات بديوان عام الوزارة، مع إحالته إلى النيابة العامة بشأن ما نسب إليه من مخالفات أثناء فتح صناديق النذور بمسجد السيدة زينب بتاريخ 3122019، بناء على مذكرة الإدارة المركزية للرقابة والتقويم بديوان عام وزارة الأوقاف.

وخلال أسبوع واحد تمت إحالة عدد من الكوادر إلى النيابة بقرار من وزير الأوقاف بعد «فضح» كاميرا تصوير صناديق النذور وتسريبات وصلت إلى الوزير بمخالفات فى فتح صندوق نذور السيدة زينب ونتج عنه الإطاحة بـ4 قيادات وفصل أحدهم.

كما تقدم أحد المواطنين بمحافظة المنصورة، بمذكرة للنيابة الإدارية، يتهم فيها أئمة أحد المساجد بجمع أموال أسبوعيًا عن طريق المخالفات، لسماحه لأحد الأشخاص بالمرور على المصلين أثناء الصلوات لجمع التبرعات بالمخالفة للتعليمات.

وتابع، أنه قدم شكوى في 2017 بسبب المخالفات التي صدرت عن هذا المسجد وتم التحقيق فيها ولكنها حفظت في النهاية، الأمر الذي جعل تلك المخالفات تستمر حتى الوقت الراهن دون رقابة من الوزارة، وتم رصد المخالفات بالفيديوهات وإرسالها لـ«مديرية الأوقاف» التابع لها المسجد.

إحالة قيادات بـ«الأوقاف» للنيابة بسبب سرقة صناديق النذور، كانت سببًا في انقلاب مجلس النواب على وزير الأوقاف، وطالب نواب البرلمان التصدى لظاهرة التعدى على أموال صناديق النذور، من خلال تشديد الرقابة عليها من قبل الجهات المعنية، وتركيب كاميرات مراقبة، ووضع لائحة جزاءات جديدة من شأنها إحالة المتعدين على هذه الأموال لمحاكمات جنائية وليست عقوبات تأديبية.

وفى هذا الإطار، قال النائب فايز بركات، نائب أشمون وعضو لجنة التعليم، إن صناديق النذور شهدت عبر السنوات الماضية العديد من المخالفات وعمليات السرقة لغياب الشفافية والمصداقية، رغم الإجراءات المشددة التي تفرضها وزارة الأوقاف على الصناديق الموجودة بمساجد الأولياء، إلا أنَّها لم تمنع «نهب» الأموال التى يتبرع بها الناس.

وأضاف عضو مجلس النواب، أن عدد مساجد النذور فى مصر، وفقًا لمصادر خاصة بالأوقاف يبلغ نحو 201 مسجد على مستوى الجمهورية، وحصيلة صناديق النذور تزيد على 20 مليون جنيه، ولا أحد يملك فيها سلطان على الأوقاف، الأمر الذى يدفع البعض لسرقة الصناديق بالاتفاق مع العمال.

وأوضح النائب، أن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال التى يتم جمعها من أكثر من 200 صندوق تذهب إلى موظفى وزارة الأوقاف المشرفة على المساجد وجزء آخر كبير يتم سرقته بسبب الإهمال، كما يلجأ بعض القائمين على المساجد لإطالة مدة المولد لصاحب المقام لجمع أكبر كمية من الأموال لزيادة نصيب القائمين على الصندوق والمسجد وهو تلاعب غير مشروع لجمع تبرعات أكبر بخداع المريدين وأهل الخير، كما يلجأ البعض لإقامة مولدين لصاحب المقام فى العام الواحد خصوصًا فى الإسكندرية والدقهلية، ويحصل أصغر عامل فى المسجد فى المولد الواحد على نحو 30 ألف جنيه.

فى سياق متصل، طالب النائب عصام الفقى، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بتركيب كاميرات مراقبة على جميع صناديق النذور الموجودة خاصة فى المساجد الكبرى على مستوى الجمهورية، لسهولة المراقبة عليها خلال الـ24 ساعة فى اليوم على مدار العام، ويكون هناك تطبيق من خلاله يستطيع المسئولين عن الصناديق سواء الأوقاف، أو المحافظة مراقبتها ومتابعتها طوال الوقت.

وطالب أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن يكون المحافظ هو رئيس مجلس إدارة الصناديق فى محافظته، وألا يتم اتخاذ خطوة سوى بالرجوع إليه، وإن كان هناك أي من الإجراءات لابد من الرجوع للمحافظ للوقوف عليها، وعدم توزيع مكافآت من أموال الصناديق نهائيا، أو حوافز، على أن يتم توجيهها لملف الحماية الاجتماعية بالكامل، وإنشاء مشروعات خدمية تصب فى الإطار والصالح العام للمواطنين.

وأكد النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، أن أموال صناديق النذور ارتفعت حصيلتها بين عامى 2012 2013 من 7 ملايين جنيه إلى 32 مليونا، وفقا لتصريحات وزير الأوقاف، مطالبا الوزارة كشف النقاب عن الإجراءات التي أدت إلى هذه الزيادة، وكذلك خطة الوزارة لضمان استمرار ذلك بل وزيادة الأموال.

واقترح «أبو حامد» تعليق لوحات استرشادية على أبواب المساجد الكبرى، حول مواصفات صندوق النذور لقطع الطريق على بعض الصناديق التى يمكن أن يتم وضعها بشكل غير شرعى، من قبل البعض، ولهذا لابد من الوقوف على مواصفات الصندوق حتى يبث رسالة طمأنينة للمتبرع، وعدم استغلال الأمر من قبل على الخارجين.

وطالب بوضع لائحة جزاءات بموجبها يتم التعامل مع كل من يثبت تعديه على أموال صناديق النذور لمحاكمات جنائية وليس عقوبات تأديبية، لمنع الظاهرة والقضاء عليها، مع تشديد التفتيش والرقابة على الصناديق.

وفى آخر دراسة أجرتها وزارة الأوقاف، أوضحت أن دخل مساجد «آل البيت» من صناديق النذور يبلغ نحو 20 مليون جنيه شهريًّا، ويصل إلى 30 مليون فى كثير من الأوقات، مؤكدة أن هناك مساجد بها «أضرحة» غير مسجلة بالوزارة يصل دخلها إلى ملياري جنيه سنويًا.

ووفقًا للأرقام والإحصائيات، فإن حجم الأموال التي تضخ سنويًا عبر المساجد فقط، تصل إلى 6 مليارات جنيه سنويًا، ونشر الجهاز المركزى للمحاسبات تقريره حول الأرقام التي تجمع من دور المناسبات بالمساجد الكبرى تصل شهريا إلى 5 ملايين و267 ألفا و579 جنيها مصريًا.

وفى دراسة أجرتها وزارة الأوقاف، أوضحت أن حجم أموال «صناديق النذور» المسجلة بوزارة الأوقاف، تتجاوز الـ66 مليون جنيه، وهي حصيلة 179 مسجدًا على مستوى الجمهورية، وزادت إيراداتها فى العام المالي 2017 إلى 20 مليون جنيه، بنسبة 62% على الثلاثة أعوام السابقة الذى لم تحقق فيه سوى 7 ملايين جنيه تقريبًا، في حين أن دخل الصناديق التى بها أضرحة وغير مسجلة بالوزارة وتقدر بـ4000 ضريح، يصل إلى ملياري جنيه سنويًا.

أما عن عائد لجان الزكاة بالمساجد فتصل إلى ما يقرب من 2،5 مليار جنيه سنويًا، ووفقًا للأرقام أيضًا، فإن حجم أموال التبرعات بالمساجد تصل إلى ما يقرب من 125 مليون جنيه سنويًا.

ومن أهم المساجد التي تحتل المراتب الأولى في «بيزنس النذور»، مسجد السيدة زينب، ويتوافد عليه أعداد غفيرة من المصريين والعرب والمسلمين والأجانب، والذين يتبرعون بالدولار واليورو؛ تقربًا إلى الله تعالى، وتبركًا بـ«السيدة زينب».

وفى الأيام «المباركة»، تتضاعف التبرعات ويصل دخل المسجد السنوي من أموال النذور ما يقرب من مليون ونصف المليون جنيه.

ثم يأتي بعد ذلك مسجد الحسين، الذي يكون أغلب رواده من العرب والهنود والباكستانيين والأفغان، ويحقق دخلًا سنويًا يزيد عن الـ«2 مليون جنيه».

أما ثالث دخل للمساجد فعلى الترتيب، مسجد السيدة نفيسة والسيدة سكينة، والسيد البدوى بطنطا، ويصل دخل كل منها الشهري 100 ألف جنيه، ومساجد عمرو بن العاص، وعمرو مكرم، والنور بالعباسية، الذي يصل الدخل الشهري بها ما يقرب من 500 ألف جنيه، ثم يأتي بعد ذلك مسجد الرفاعي، ومسجد الشاذلي أبو الحسن بـ«البحر الأحمر».

فى هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة عن أن تكرار جرائم وتورط أئمة وقيادات الأوقاف في سرقة صناديق النذور سيضع الوزارة في مأزق شديد، خاصة أن الحكومة تسعى للتحكم في صناديق النذور من خلال عودة المقترح الذي نوقش داخل مجلس الوزراء والمتعلق بتشكيل لجنة مستقلة بعيدًا عن وزارة الأوقاف على غرار «بيت الزكاة»، لتتولى فقط متابعة أموال صناديق النذور، وطرق صرفها على أن يعاد مجددًا وضع معايير لعملية فتح الصناديق، ومنافذ إنفاقها، خاصة أن هناك مقترحات بتوزيع أموال الصناديق على طريقة صندوق «تحيا مصر»، من خلال تخصيص جزء من أموال صناديق النذور لصالح المرضى بنسبة 10%، ومثلها لإعانة الحالات الحرجة من الفقراء والأكثر احتياجًا، و20% لتوفير فرص عمل للشباب، على أن تخصص نسب أخرى لصالح إعمار المساجد، وتوفير الخدمات بها، و10% لدعم الطرق الصوفية، ولبناء المدارس.