رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

نفاد الكمامات.. ملامح حية من مواجهة الصينيين لفيروس كورونا في أول أيام الربيع

مواجهة فيروس كورونا
مواجهة فيروس كورونا


شوارع هادئة شبه خالية من البشر، وسيارات تسير بسرعة لا توقفها سوى إشارات المرور، يشترك سائقوها مع السائرين على أرجلهم فقط في ارتداء الأقنعة وملامح القلق في العيون.


هذا مشهد بسيط من صورة غير كاملة لأول أيام عيد الربيع الصيني في العاصمة الصينية بكين على خلفية زائر وبائي طرق باب البلاد فجأة دون سابق إنذار.


وفي أحدث تطورات فيروس كورونا الجديد، أبلغت بكين عن 29 حالة مؤكدة بالفيروس الخطير حتى ظهر الجمعة، والغيت صلاة الجمعة في المساجد في إطار إلغاء كل الأنشطة الجماعية في سياق معركة تخوضها البلاد لهزيمة الفيروس. 


وعلى المستوى الوطني حتى الساعة ١٢ ظهرا بالتوقيت المحلي، تم تأكيد 876 حالة من حالات الإصابة بكورونا المستجد على مستوى البلاد ووفاة 26 شخصًا.


ورأت منظمة الصحة العالمية، أنه لا يزال من المبكر جدا اعتبار الفاشية حالة طوارئ صحية دولية.


وأمام تطور فيروس كورونا الجديد وتزايد حالات الإصابة به، رفعت مدينة شنغهاي اليوم الجمعة مستوى الاستجابة الطارئة إلى المستوى الأول، وهو الأعلى، بعد مقاطعات بكين وهوبي وهونان وتشجيانغ وآنهوي وقوانغدونغ. 


في حين أكدت مقاطعة منغوليا الداخلية أول حالة إصابة لمريض (30 عاما) يعيش في ووهان وتوجه إلى المقاطعة لمشاهدة معالمها. 

 
وتقول التقارير الواردة من ووهان، المدينة التي نشأ فيها الفيروس بمقاطعة هوبي وسط الصين وثالث أكبر محور للنقل في الصين، تقول التقارير إنها باتت منعزلة بسكانها البالغ عددهم ١١ مليونا. 


وليست ووهان فحسب، بل انضمت مدينة ييتشانغ اليوم الجمعة الى ١٣ مدينة بمقاطعة هوبي تفرض قيودا على وسائل النقل.


وعززت السلطات المحلية في ووهان، أمس الخميس، من جهودها للحد من انتشار فيروس كورونا الجديد من خلال تعليق جميع وسائل النقل العام، بما في ذلك النقل العام والقطارات والرحلات الجوية.


كما طلبت الحكومة من السكان المحليين عدم مغادرة المدينة دون أسباب محددة وارتداء الأقنعة في الأماكن العامة. 


وجاء قرار تعليق خدمات النقل العام في ووهان في الوقت الذي تدخل فيه البلاد موسم ذروة السفر لمهرجان الربيع.


وأشارت تقارير، إلى رؤية عمال وهم يذكرون السكان المحليين بارتداء الأقنعة بمكبرات الصوت في شوارع المدينة وسط نشر إشعارات للتحوط من الفيروس في العديد من الأماكن العامة.


وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي مثل WeChat و Weibo إلى ما يشبه منتديات لتعبئة الطاقات لمواجهة الفيروس والاحتفال بعيد الربيع أيضا.


وحفلت تعليقات العديد من الأشخاص من أنحاء أخرى من البلاد برسائل دعم للمدينة وجهود الحكومة لمحاربة الفيروس.


وحظى بوست يقول "نحن معكم ، ووهان! دعونا نحارب الفيروس وننتصر!" على موقع Weibo على أكثر من ٩٥٠ مليون مشاهدة.


وبالإضافة إلى حظر الأنشطة الجماعية، تم إلغاء عرض ٧ أفلام جديدة في السينما خلال مهرجان الربيع بسبب خطر انتشار الفيروس.


في الوقت نفسه، تم إلغاء كأس العالم للتسلق في الجبال 2020 في مدينة تشانغجياكو الصينية، والمقرر في الفترة من 18 إلى 20 فبراير، وفقا لبيان المنظم في خطوة واضحة للرد على المخاوف من تفشي الفيروس.


كما ألغيت بطولة للملاكمة مؤهلة للأولمبياد كان من المقرر أن تعقد في ووهان لنفس السبب.


-- الأقنعة مثل المخدرات 

لا يعلو شيء تقريبا على شراء الأقنعة التي وصفها البعض بأنها باتت شحيحة مثل المخدرات، وقالت تقارير إنها نفدت في عدد من المدن. 


وتم بيع أكثر من 80 مليون قناع للوجه على منصة التجارة الإلكترونية الصينية تاوباو، المملوكة لشركة علي بابا، خلال يومي الاثنين والثلاثاء، حيث يتحول المزيد من الصينيين إلى ارتداء أقنعة وسط تفشي فيروس كورونا. 


ونقل عن بائعين وتجار قولهم إن الطلب ازداد ايضا على المواد الطبية الأخرى، مثل المطهرات والنظارات الواقية.


ورصد في بعض المناطق التجارية أقنعة تباع بأعلى من سعرها المعتاد، على سبيل المثال، قناع N95 والذي يُعتقد أنه أكثر أدوات الحماية فعالية ضد فيروس كورونا، وصل سعره إلى 25 يوانًا مقابل القطعة الواحدة من 10 يوانات.


ووسط حالة من القلق بين الشباب، تتبدى حالة من الثقة بين كبار السن إيمانا بقدرة الحكومة على السيطرة على الفيروس، فيقول عجوز فوق ال٦٠ من عمره لا يرتدى كمامة واقية في الشارع بثقة: "لقد هزمنا سارس قبل 17 عامًا. هذه المرة، وبتكنولوجيا أكثر تقدماً ونظام ناضج، يمكننا أيضًا التغلب على فيروس كورونا الجديد".


وسجلت كل الوفيات التي حدثت تقريبا بسبب الفيروس الفتاك بين كبار السن، وفقا لبيانات الحكومة.


--ضغط اقتصادي

تقول تقارير، إنه من المرجح أن يفرض تفشي الفيروس ضغطا على الاقتصاد بعد إصدار العديد من المقاطعات سياسات وأنظمة جديدة للحد من أنشطة المجموعات وأحداث السوق غير الضرورية لمنع أو تقليل احتمال حدوث مزيد من العدوى.


لكن الخبراء الصينيين يعتقدون أن التأثير سيكون محدودًا لأن الدولة لديها خبرة في التعامل مع الفيروس المميت في ظل نضج نظام الاستجابة والتكنولوجيا الجديدة.


ويستند الخبراء الى انه من المحتمل أن تمارس الفاشية بعض الضغوط على الشركات في مجالات معينة مثل السياحة، والنقل، والمطاعم، والسكن، وتجارة التجزئة، حيث من المتوقع أن يلغي الكثير رحلاتهم، وفقًا لبعض تقارير أبحاث السوق.


ووصف بعض المراقبين اندلاع الحدث ب"البجعة السوداء" التي يمكن أن تزيد من انخفاض النمو. 


وقارن آخرون الفيروس الجديد بسارس في عام 2003، والذي كان له تأثير كبير على الاقتصاد الصيني في ذلك الوقت.


وقدر تقرير صادر عن الرابطة الدولية للنقل الجوي في عام 2006 أن تفشي مرض سارس عام 2003 كلف الاقتصاد الصيني 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.


وبينما وصف البعض الفيروس بأنه خطر كبير على الأسواق العالمية، يجادل البعض الآخر بأن الفيروس الجديد من غير المرجح أن يكون له نفس التأثير السلبي على الاقتصاد مثلما حدث مع سارس بالنظر إلى نطاق الوباء وقدرة الصين على احتواء الفيروس بشكل فعال.