رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الرغيف في الدعم النقدي

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

كيف سيكون سعر وحالة رغيف الخبز إذا تم تطبيق الدعم النقدى الذى تدرس الحكومة تطبيقه فى الفترة المقبلة؟!.
هذا سؤال جوهرى، ويهم أكثر من ٧٥٪ من المصريين تقريبا، يتعاملون مع غريف الخبز المدعم. هم يدفعون خمسة قروش فقط ثمنا لكل رغيف؛ حيث يحصل كل شخص على خمسة أرغفة مدعمة يوميا، فى حين أن تكلفة الرغيف تصل إلى ٦٠ قرشا، أى أن كل رغيف مدعوم بخمسة وخمسين قرشا.
فى المنظومة الراهنة التى خطط لها الدكتور خالد حنفى، وزير التموين الأسبق، فإن من لا يشترى حصته من الخبز، يمكن أن يحولها إلى نقاط فى بطاقته التموينية، بحيث يحصل على عشرة قروش مقابل كل رغيف، يستطيع أن يشترى بها ما يشاء من سلع مدعمة.
فى المنظومة الجديدة، تخطط الحكومة، لحصول حامل بطاقة الدعم على كامل ثمن الرغيف أى ٣ جنيهات يوميا، أو ٩٠ جنيها شهريا، وبالتالى يكون قد حصل على حقه كاملا من الدعم.
هذا الدعم النقدى سيكون مشروطا فى السلع التموينية بمعنى أن كل مواطن سيحصل على خمسين جنيها شهريا لشراء السلع المدعمة وهى السكر والزيت والأرز أو المكرونة، وكلمة مشروط بمعنى أنه لن يكون بمقدوره إلا شراء السلع المدعمة بقيمة الدعم الموجودة فى بطاقته التموينية، وهذا الشرط مهم، حتى لا يقوم البعض بشراء سجائر مثلا، أو مقايضة البقال أو الجمعية الاستهلاكية، والحصول على مبلغ مالى أقل، يشترى به ما يشاء، ويحرم أسرته من الدعم!!.
هذا أمر مهم ويمكن تطبيقه فى السلع التموينية، لكن هل يمكن تطبيقه على الخبز؟ أظن أن هذا أمر صعب، لأن حامل البطاقة، قد لا يحب أن يشترى خبزا بتسعين جنيها بل كمية أقل، وبالتالى فأغلب الظن أن من لا يريد شراء الخبز، سيمكنه فى هذه الحالة شراء سلع تموينية أخرى يكون محتاجا إليها.
للأمانة فإن رغيف الخبز المدعم، من أفضل الخدمات التى تقدمها الدولة للمواطنين، ورأيت هذا الرغيف فى أكثر من بيت مصرى، وكنت أظن أنه من النوع الذى يباع بجنيه حرا فى الشوارع والمخابز، ثم فوجئت أنه الرغيف المدعم!.
أسامة الرفاعى، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية بالجيزة، كان قد تحدث فى الأسبوع قبل الماضى لـ«الشروق»، وقال: إن المواطن سيكون حر الاختيار فى شراء الخبز أو السلع التموينية من البقال التموينى، أو أى مكان آخر يدعم البطاقة التموينية مثل سلاسل المحلات والهيابر ماركت الكبرى.
وفيما يتعلق بالخبز، فإن النظام الجديد سيوجه ضربة قاتلة لأصحاب المخابز، الذى كانوا يحتفظون ببطاقات الخبز المدعمة لبعض المواطنين، وسيحصل صاحب المخبز على مستحقاته أو ثمن الرغيف مباشرة من البطاقة التموينية، من دون الحاجة للتوجه إلى هيئة السلع التموينية، كما هو متبع فى النظام الحالى؛ حيث تذهب كل مبيعات المخابز إلى الهيئة، ويتم إجراء مقاصة أو خصم قيمة الدقيق، وتحويل فارق قيمة الإنتاج إلى صاحب المخبز.
لكن الرفاعى يثير نقطة مهمة، وهى ضرورة إعادة النظر فى تكلفة إنتاج الرغيف، قبل بدء تطبيق المنظومة الجديدة، فتكلفة الإنتاج الحالية هى ٢٢٥ جنيها للجوال زنة ١٠٠ كيلو، ينتج ١٢٥٠ رغيفا، وأن شعبة المخابز، طالبت برفع قيمة الجوال إلى ٢٨٠ جنيها، لكن وزارة التموين، وافقت على رفع قيمة التكلفة إلى ٢٦٠ جنيها، ورغم ذلك، فلم يطبق القرار حتى الآن، رغم أن العقد ينص على إعادة النظر فى التكلفة كل ستة شهور، طبقا لأسعار السوق. بالطبع ينبغى حسم الأمر حتى لا يتضرر الشرفاء والأمناء من أصحاب المخابز، الذين يقول بعضهم إنهم تحملوا فوق طاقتهم فى هذه المنظومة، فى حين أن الذين كسبوا وتربحوا منها بعض أصحاب النفوس الضعيفة الذين كانوا يتلاعبون بالبطاقات أو وزن الرغيف ومواصفاته.
المؤكد أن الدعم النقدى فى الخبز، سيوفر كثيرا لميزانية الدولة، وسيقضى على الفساد والتلاعب، خصوصا تحويل بعض المواطنين الخبز إلى علف للدواجن والحيوانات، لأنه حينما يكون الرغيف المدعم بخمسة قروس، يكون أرخص كثيرا من العلف فى الريف، هناك مميزات كثيرة لهذا النظام لكن الموضوعية تحتم علينا أيضا أن نسأل عن «شيطان التفاصيل» التى يمكن أن تنتج عن التحول إلى الدعم النقدى فى الخبز، خصوصا أنه لا يوجد أى نوع من رقابة الدولة على صناعة الخبز، وصار صاحب أى مخبز أو فرشة فى الشارع يبيع الخبز، بالوزن والسعر الذى يخطر على باله، فكيف سيمكن حل هذه المعضلة؟.. هذا سؤال يحتاج إلى نقاش لاحق مفصل.
نقلا عن "الشروق"