رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الأسئلة الممنوعة عن الجنرالات والحرب والإخوان فى «ملف ليبيا»

حفتر والسيسي وأردوغان
حفتر والسيسي وأردوغان - تعبيرية

خيارات مصر لحل الأزمة الليبية فى ظل وجود «الجماعة»

«حسن»: القوى ذات المصالح الحيوية فى ليبيا لن تسمح بأن ينتصر طرف على الآخر

«بخيت»: مصر تتعامل مع الحلول الدبلوماسية بثلاثة مبادئ.. وفشل تلك الحلول يعنى الحرب

«درويش»: القاهرة لن تقبل بوجود أى ميليشيات في ليبيا


تشهد الأزمة الليبية تحركات دولية وإقليمية لحلها، وعودة طرفي النزاع إلى طاولة المفاوضات، وأسفرت هذه التحركات عن وقف لإطلاق النار بين الطرفين (حفتر، السراج) بناء على طلب من الرئيسين؛ الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان.

والتقى رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، بالرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة، وجرى التوافق بشأن أهمية تعظيم قنوات التشاور بين الجانبين في هذا الشأن، كما تلاقت الرؤى حول ضرورة استمرار العمل على التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للقضية الليبية.

كما أعلنت المستشار الألمانية، أنجيلا ميركل، عقد مؤتمر دولي في نهاية هذا الشهر في العاصمة الألمانية برلين، من أجل حل الأزمة الليبية، في حضور كل الأطراف الفاعلة في هذا الملف وعلى رأسها، مصر وروسيا وتركيا وفرنسا وإيطاليا والجزائر وتونس، بالإضافة إلى طرفي النزاع، المشير خليفة حفتر، وفايز السراج.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤولين روس، الثلاثاء الماضى، أن قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، غادر موسكو من دون التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار.

وأعلنت الخارجية الروسية أنها ستواصل العمل مع أطراف الأزمة في ليبيا من أجل التوصل إلى اتفاق.

وكشفت مصادر أن مفاوضات موسكو بين الوفدين الليبيين، انتهت من دون التوصل لاتفاق، مع تباينات واسعة برزت حول بنود وثيقة تثبيت الهدنة.

وعقد قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة طرابلس فايز السراج، مفاوضات برعاية روسية في إطار الجهود الدولية الساعية لاحتواء الأزمة الليبية، ووقف إطلاق النار.

هذه التطورات المتلاحقة في الشأن الليبي طرحت الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، مثل:

كيف ستتعامل مصر مع الحل السياسي في ليبيا، وهي ترفض الجلوس مع من تسميهم الجماعات الإرهابية في ليبيا، كما قال الرئيس السيسي: «إن الحكومة الليبية المدعومة من طرف الأمم المتحدة أسيرة الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية في البلاد»؟

وهل ملف الأزمة الليبية انتقل إلى إسطنبول وموسكو؟

وكيف ستتعامل مصر مع جماعة الإخوان التي تسيطر على حكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دوليا برئاسة فايز السراج؟

وكيف ستتعامل مصر مع تركيا، العدو اللدود للدولة المصرية، والتي تدعم حكومة السراج والميليشيات المسلحة وجماعة الإخوان ماديا وعسكريا، لاسيما وأن تركيا أصبحت لاعبًا رئيسيًا في الأزمة الليبية؟

وفي حال فشل المفاوضات السياسية، هل تستجيب مصر لرئيس البرلمان، عقيلة صالح، وترسل قوات من الجيش إلى ليبيا، لمواجهة الجيش التركي، وهل يمكن أن يجلس أردوغان والسيسي على طاولة واحدة لحل الأزمة الليبية؟

مصير الإخوان والميليشيات المسلحة

يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إنه توقع سيناريو اللجوء للحل الدبلوماسي منذ شهر إبريل الماضي، لأن القوى ذات المصالح الحيوية في ليبيا لن تسمح بأن ينتصر طرف على الطرف الآخر، وهذا ما وضحه المبعوث الأمم إلى ليبيا، غسان سلامة، الذي أكد عدم وجود حل عسكري في ليبيا، ولن يتم السماح لانتصار طرف على الطرف الآخر.

وأشار إلى أن «حلف الناتو» تغافل عن التدخل التركي عندما بدأ المشير خليفة حفتر الاتجاه إلى طرابلس، حتى يحدث نوع من التوازن، ويوقف تقدم «حفتر» نحو طرابلس، وهذا ما حدث حيث توقف المشير خليفة حفتر عند مدينة سرت، لأنه لو استمر في الزحف إلى طرابلس واقتحامها كان سيحدث حرب أهلية مدمرة، وبالتالي الأطراف صاحبة المصالح رأت أن ذلك سيكون له تأثير سلبي على مصالحها، بالإضافة إلى تدفق الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، من هنا سارعت كل الأطراف إلى احتواء الموقف، وكان هناك نشاط دبلوماسي في القاهرة لما لها من تأثير على خليفة حفتر وتريد أن تضمن تأمين حدودها الغربية من خطر الجماعات الإرهابية التي تأتي من ليبيا ومن تهريب السلاح، وتونس والجزائر جارتان ولهما حدود مشتركة مع ليبيا، وكل الأطراف أيقنت ضرورة مشاركة الجميع في أي حل عن طريق التفاوض وتقاسم السلطة والثروة كما تنادي جميع القبائل والعشائر في ليبيا.

وتوقع «حسن»، أن يكون مؤتمر برلين بداية العودة إلى اتفاق الأمم المتحدة، مع بعض التعديلات، مثل تشكيل حكومة جديدة، تكون موضع توافق ورضى من جانب كل الأطراف والطوائف في ليبيا، مشيرا إلى أن روسيا استطاعت إقناع تركيا بالحل السلمي بعد أن تعرضت أنقرة لانتقادات كبيرة من جانب الاتحاد الأوروبي والدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية بسبب تدخلها في ليبيا، كما أن تركيا قامت بالضغط  على فايز السراج وقف القتال، كما ضغطت مصر وروسيا وبعض الدول الأخرى على حفتر لقبول الوساطة الروسية، من أجل تجنب ليبيا الحرب الأهلية، لافتا إلى أن روسيا منذ البداية تدعم الحل السلمي ووقف القتال، وبالتالي أصبح لها دور أكثر قبولا لدى كل الأطراف، رغم أنها تتفق مع مصر في تصنيف الإخوان جماعة إرهابية.

وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصير الإخوان والميليشيات المسلحة سيكون موضع نقاش طويل في مؤتمر برلين، وبالتالي إذا استطاعت مصر إقناع الدول الأخرى بوجهة نظرها في مؤتمر برلين فسوف يتم أخذه في الحسبان، ويتم مناقشة مصير الميليشيات المسلحة ووضع جماعة الإخوان المسلمين في أي اتفاق سياسي، وخاصة أن هناك ثلاثة دول عربية وروسيا فقط يصنفون الإخوان جماعة إرهابية، وهذه معضلة تواجه مصر في أي حل سياسي للأزمة، لكن حل هذه المعضلة يمكن أن يكون من خلال  تطبيق النموذج التونسي في ليبيا.

واستكمل: المشكلة الأخرى التي تواجه الحل السياسي، هي وضع التنظيمات والميليشيات الأخرى الموجودة في ليبيا، وهذه المشكلة قائمة منذ اتفاق الصخيرات لذلك البرلمان الليبي لم يمنح الثقة لحكومة السراج، مشيرا إلى أن أحد الحلول هو تشكيل حكومة وحدة وطنية تحت رعاية الأمم المتحدة، مؤكدا أن الضغوط ستكون شديدة على الأطراف المتصارعة في ليبيا، من أجل التوصل إلى حلول وسط، ويتوقع أن يكون شعار مؤتمر برلين هو «مؤتمر الحلول الوسط»، للخروج من الأزمة، وهذه الحلول ترضى الطرفين، وتستجيب للجزء الأكبر من مطالب كل طرف، بحيث يكون هناك حل وسط يرضى الجميع، مشددا على ضرورة أن يكون الحضور المصري في مؤتمر برلين على أعلى مستوى، حتى لا يتم فرض الحلول عليها، وحتى تستطيع توصيل وجهة نظرها، لأن ليبيا بالنسبة لمصر مسألة أمن قومي، وبالتالي مؤتمر برلين خطوة بالغة الأهمية على طريق حل الأزمة الليبية، إذا توافرت الرغبة والإرادة للحل من الوسطاء.

القضاء على الإخوان نهائيا

من ناحيته، يقول اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، إن ليبيا الآن في حاجة إلى حل سياسي أكثر من الحل العسكري، لأن الحل العسكري سمح لدول كثيرة وبخيانة من بعض الأطراف الليبية بالتدخل في المشهد الليبي، وهذا يمكن أن يضر بليبيا ككل، وبالتالي هو يرى أنه من الأفضل أن يلجأ الليبيون إلى الجلوس على مائدة المفاوضات وحل مشاكلهم بأنفسهم دون تدخل أجنبي، وهذا ما تطالب به مصر منذ البداية، وهذا المبدأ يحتاج إلى اتصالات ووساطات كثيرة خلال هذه الفترة.

وأضاف «بخيت» أن لقاء حفتر والسراج في موسكو برعاية روسية تركية هو أمر واقع، مشيرا إلى أن فايز السراج محمي بتركيا، أما المشير خليفة حفتر فمحمي بإرادة الشعب الليبي بالكامل ويرى في روسيا شريكًا متعادلا، كما أن روسيا لها علاقات يمكن أن تؤثر بها على تركيا، وبالتالي روسيا تعتبر دولة محورية في الأزمة الليبية في هذه المرحلة. 

وتابع الخبير العسكري والإستراتيجي، أن مصر تتعامل مع الحلول الدبلوماسية في ليبيا على ثلاثة مبادئ أساسية هي، وحدة الأراضي الليبية وعدم السماح بتقسيمها، وأن الشعب الليبي وحده هو الذي يقرر مصيره، وعدم السماح بأي تدخلات أجنبية في الشأن الليبي، هذه المبادئ الثلاثة تتحرك بها مصر في كل القضايا التي تشهد صراعات داخلية في المنطقة العربية، مؤكدا على أن فشل الحلول الدبلوماسية يعني الحرب، والموقف في ليبيا لا يحتمل أن تفشل الحلول السياسية، وإذا فشلت فلا يوجد خيار أمام حفتر سوى تحرير الجزء المتبقي من طرابلس وإقرار أمر واقع.

وشدد «بخيت» على أن مجلس النواب الليبي هو الجهة الشرعية الوحيدة في ليبيا الآن، وهو الممثل الوحيد للشعب الليبي، وحكومة طرابلس والمجلس الرئاسي ليس لهما أي شرعية أو صفة في ليبيا، وبالتالي مصر سوف تستجيب لطلب رئيس البرلمان عقيلة صالح بإرسال قوات مصرية إلى ليبيا إذا فشلت الحلول السياسية والدبلوماسية، لأن البرلمان الليبي أصبح يمثل الشرعية الوحيدة في ليبيا.

وعن كيفية تعامل مصر مع جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا في حال التوصل إلى حلول دبلوماسية وسياسية، قال «بخيت»، إن الإخوان المسلمين تم القضاء عليهم نهائيا في مصر، ولكنهم متواجدون في كل العالم العربي، ولهم تأثير مباشر في صناعة قرار هذه الدول، ولا توجد إرادة سياسية في أي دولة عربية للتصدي للإخوان كما تصدت لهم مصر، وبالتالي هذه الدول ستبقى تحت تأثير هذه الجماعات المخربة، مستبعدا جلوس الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس التركي على طاولة واحدة لحل الأزمة الليبية، لكنه اشترط لحدوث ذلك، أن تقوم تركيا بتغيير كل سياساتها ومبادئها القذرة والعفنة تجاه مصر والدول العربية وتعلن توبتها عن هذا الأسلوب وعن حمايتها لجماعة الإخوان المسلمين، وهذا مستحيل، متوقعا أنه بعد زوال حكم أردوغان قريبا، سيكون المناخ في تركيا مناسبا لاستعادة تركيا علاقات متزنة مع دول المنطقة.

فشل الحلول الدبلوماسية

ويقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن أوروبا تريد حل الأزمة الليبية عن طريق الحلول الدبلوماسية لأنها تخشى من الهجرة غير الشرعية، مشيرا إلى أن الدول الأوربية وروسيا يخشون من تركيا، لذلك هم يحاولون تحييدها، لأن تدخل تركيا عسكريا سيدفع مصر إلى التدخل عسكريا أيضا، وبالتالي ستحدث مواجهة عسكرية بين مصر وتركيا، وهذه الحرب ستكون لها تداعيات كبيرة على مصالح الدول الغربية.

ولفت إلى أن الحل السياسي يقوم على دمج الميليشيات المسلحة في الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أو طرد هذه الميليشيات خارج البلاد، مؤكدا أن مصر لن تقبل بوجود أي ميليشيات في ليبيا خارج شرعية الدولة، مشيرا إلى أن دعوة رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح بدعوة القوات المسلحة المصرية للتدخل في ليبيا أثارت قلقًا لدى تركيا، لذلك هي لجأت للحلول الدبلوماسية، مؤكدا أن فشل الحلول السياسية يعني الحرب في ليبيا، ولم يستبعد جلوس أردوغان والسيسي على طاولة واحدة بوساطة أوروبية، مؤكدا أنه ليس من مصلحة أردوغان دخول مواجهة عسكرية مع مصر.