رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تحديات وضغوط ما بعد الاتفاق التجاري بين الصين والولايات المتحدة

 الصين والولايات
الصين والولايات المتحدة


بعد قرابة عامين من النزاع، الذي وصل برأي البعض إلى حد تسميته بالحرب التجارية، وقع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو خه، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين الصين والولايات المتحدة في حفل توقيع مطول في البيت الأبيض يوم الخميس.


وكان من بين النقاط الرئيسية في الاتفاق، تعهد الصين بزيادة وارداتها من المنتجات الزراعية والصناعية والطاقية من الولايات المتحدة بمقدار 200 مليار دولار على مدار عامين عن مستوى 186 مليار دولار في عام 2017، بالإضافة إلى المشتريات.


تضمن الاتفاق أيضًا شروطًا بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا وفتح الأسواق، وعلى الرغم من أن الكثير منه تعلق بما يتعين على الصين والولايات المتحدة القيام به، إلا أنه جاء متوافقا مع التوقعات. 


اتفاق متوازن ومتوقع

اعلاميا ورسميا في بكين، اتفقت التعليقات الأولى على أن المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين الصين والولايات المتحدة جاءت متوافقة إلى حد كبير مع التوقعات وتعكس ما أكده المسئولون الصينيون منذ فترة طويلة بأن أي صفقة يجب أن تكون متوازنة وعادلة وأن تتضمن مبادرات.


وبحسب الاتفاق، من المتوقع ان تتوزع المشتريات الإضافية من جانب الصين بنسب تقريبية، حسبما أوردت صحيفة "جلوبال تايمز" المقربة من الحزب الشيوعي الصيني، كالتالي: ٧٧.٧ مليار دولار سلع مصنعة مثل الطائرات والسيارات والآلات ومعدات طبية وكهربائية وحديد وصلب وغيرها، ٥٢.٤ مليار دولار مواد نفطية وغاز مسال ومواد مكررة وفحم، و٣٢ مليار دولار مواد زراعية مثل القطن والحبوب واللحوم والبذور النباتية، و٣٧.٩ مليار دولار خدمات.


علاوة على ذلك، تضمن الاتفاق شروطًا حول ضمان الولايات المتحدة لإمداد السوق، وهو ما قد يعني أن الولايات المتحدة سترفع الحظر على صادرات الرقائق إلى الصين، حيث رأى المحللون أن هناك إمكانات هائلة لأن تستورد الصين رقائق بقيمة 300 مليار دولار كل عام.


ويعتقد هؤلاء المحللون أن التعهد بزيادة واردات السلع المصنعة بمقدار ٧٧ مليار دولار يشمل آلات كبيرة تحتاجها الصين التي يوجد بها طلب كبير أيضا على واردات النفط الخام والغاز الطبيعي.


وأكدت الولايات المتحدة أنه ستكون هناك معاملة متساوية في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا، وهو ما اعتبر موافقة ضمنية على شركة هواوي بدخول السوق الأمريكية، في إشارة إلى شركة الاتصالات الصينية التي أدرجتها الولايات المتحدة على القائمة السوداء، لكن الأهم هو ما أكد عليه المسئولون الصينيون عقب التوقيع وهو تنفيذ الاتفاق بشكل صحيح لأنه يساعد في معالجة النزاعات وتجنب المزيد من المواجهة بين الجانبين. 


وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، في رسالته إلى ترامب: "إن الخطوة المقبلة تتطلب من الجانبين تنفيذ الاتفاق وتعزيز أثره الايجابي على أرض الواقع بما يحقق تقدما أكبر في التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين".

 
وينظر هنا إلى أن التحرك نحو الميزان التجاري هو اتجاه أكثر صحة للتعاون الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة بدلا من شراء سندات الخزينة الأمريكية.


واستخدمت واشنطن الفائض التجاري الهائل للصين كسلاح سياسي ضد الصين، ومن شأن زيادة كمية الواردات من الولايات المتحدة أن يفكك هذا السلاح.

ضغوط وتحديات

هناك مخاوف من أن يواجه تنفيذ الاتفاق التجاري تحديات ولاسيما أنه قد يضغط على أسواق أخرى وشركاء رئيسيين للصين بشكل أساسي في ضوء التزامها بتوسيع المشتريات الأمريكية.


وفي الأفق، ستحتاج الصين إلى العمل الجاد لتنفيذ وعدها بشراء 200 مليار دولار إضافية من الواردات من الولايات المتحدة في العامين المقبلين، وفي الوقت نفسه، سيتعين الولايات المتحدة أن تتعاون بشكل تام لتوفير المنتجات التي تحتاجها السوق الصينية بالفعل بأسعار تنافسية،
فاقتصاد الصين هو اقتصاد سوق، ومعظم شركات الاستيراد خاصة، ولا يمكن للحكومة الصينية أن تعطي أوامر لهذه الشركات، بالإضافة إلى ذلك، لن يقوم المستهلكون بشراء منتجات عديمة الفائدة بدافع الاعتبارات السياسية، برأي المحللين.


وعكس ذلك يمكن أن يؤثر على المنتجات عالية الجودة من الأسواق الأخرى مثل أوروبا، واليابان، وجنوب شرق آسيا، وبالتالي انتهاك قواعد منظمة التجارة العالمية، وهو أمر لا ترغبه الصين التي تصبو إلى توسيع انفتاحها ووارداتها من جميع الأسواق الأخرى، وخاصة الدول النامية.


وفي الوقت نفسه، يعتقد أن زيادة واردات الصين من البضائع الأمريكية إلى حد كبير تشكل تحديًا للولايات المتحدة أكثر من الصين، وسيتعين على الشركات الأمريكية أن تواجه هذا التحدي.


وبينما يشير البعض إلى احتمال تأثير تباطؤ النمو الاقتصادي على استيعاب هذه الزيادة في الواردات، يجادل اخرون بأن اليوان قد يرتفع مقابل الدولار في العامين المقبلين، مما سيسهل على الصين توسيع وارداتها من الولايات المتحدة.