رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سيناريو «المواجهة العسكرية» بين مصر وتركيا فى البحر المتوسط

النبأ

اشتعلت الأوضاع السياسية فيما يخص ليبيا التى أصبحت «فوق صفيح ساخن»؛ لاسيما بعد موافقة البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية إلى تلك «البقعة الملتهبة» الآن من الشرق الأوسط، ثم إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرسال وحدات عسكرية إلى ليبيا رسميًا.

 

الجامعة العربية من ناحيتها أدانت هذا الأمر، ومصر شهدت اجتماعات على أعلى مستوى لوضع خريطة التحركات لمواجهة هذه الأمور التى تهدد الأمن القومي المصري.


وردًا على موافقة البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، أعلن مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، إدانة جمهورية مصر العربية بأشد العبارات، خطوة تمرير البرلمان التركي المذكرة المقدمة من الرئيس التركي بتفويضه لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، تأسيسًا على مذكرة التفاهم الباطلة الموقعة في إسطنبول بتاريخ 27 نوفمبر 2019 بين فايز السراج والحكومة التركية حول التعاون الأمني والعسكري.


وأكدت مصر عبر بيان صحفى صادر على الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء، أن خطوة البرلمان التركي تعد انتهاكًا لمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا بشكل صارخ، وبالأخص القرار (1970) لسنة 2011 الذي أنشأ لجنة عقوبات ليبيا وحظر توريد الأسلحة والتعاون العسكري معها إلا بموافقة لجنة العقوبات.


كما حذرت جمهورية مصر العربية من مغبة أي تدخل عسكري تركي في ليبيا وتداعياته، وأكدت أن مثل هذا التدخل سيؤثر سلبًا على استقرار منطقة البحر المتوسط، وأن تركيا ستتحمّل مسئولية ذلك كاملة.


وأكدت مصر في هذا الصدد وحدة الموقف العربي الرافض لأي تدخل خارجي في ليبيا، والذي اعتمده مجلس جامعة الدول العربية في اجتماعه يوم 31 ديسمبر 2019، وتذكر بالدور الخطير الذي تلعبه تركيا بدعمها للتنظيمات الإرهابية وقيامها بنقل عناصر متطرفة من سوريا إلى ليبيا، ما يُبرز الحاجة المُلحة لدعم استعادة منطق الدولة الوطنية ومؤسساتها في ليبيا مقابل منطق الميليشيات والجماعات المُسلحة الذي تدعمه تركيا ويعوق عودة الاستقرار في هذا البلد العربي، فضلًا عن أي احتمال للتدخل العسكري التركي في ليبيا باعتبار أن هذا التطور إنما يهدد الأمن القومي العربي بصفة عامة، والأمن القومي المصري بصفة خاصة، ما يستوجب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المصالح العربية من جراء مثل هذه التهديدات.


وأكد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، رفض وضرورة منع التدخلات الخارجية التي تسهم في تسهيل انتقال المقاتلين المتطرفين الإرهابيين الأجانب إلى ليبيا، وكذلك انتهاك القرارات الدولية المعنية بحظر توريد السلاح بما يهدد أمن دول الجوار الليبي والمنطقة.


وشدد المجلس في قرار بعنوان «تطورات الوضع في ليبيا» أصدره في ختام اجتماع دورته غير العادية برئاسة العراق على خطورة مخالفة نص وروح الاتفاق السياسي الليبي والقرارات الدولية ذات الصلة، على نحو يسمح بالتدخلات العسكرية الخارجية، بما يسهم في تصعيد وإطالة أمد الصراع في ليبيا والمنطقة.


وأكد ضرورة وقف الصراع العسكري وأن التسوية السياسية هي الحل الوحيد لعودة الأمن والاستقرار في ليبيا والقضاء على الإرهاب.


وطلب المجلس من أمين عام جامعة الدول العربية إجراء الاتصالات على أعلى المستويات مع الأطراف الدولية المعنية بالأزمة الليبية بما فيها السكرتير العام للأمم المتحدة قصد استخلاص مواقف إيجابية ومنسقة تستهدف حلحلة الأزمة الليبية، ومنع أي تدخل عسكري خارجي في ليبيا بما يهدد السلم والأمن الدوليين ودعم الجهود التي يقودها المبعوث الأممي في المسار السياسية والأمنية والاقتصادية في إطار السعي نحو حل ليبي خالص اللازمة، ورفع تقارير دورية لمجلس الجامعة متابعة لتنفيذ هذا القرار.


وأكد أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن التدخلات العسكرية «غير العربية» في الأراضي العربية تظل مرفوضة إجمالا من الدول العربية.


من ناحيته، حذّر اللواء محمود زاهر، وكيل جهاز المخابرات الأسبق، من دخول مصر حربًا مباشرة في ليبيا، مشيرا إلى أن هناك دولا تريد «توريط» مصر في حرب مباشرة في ليبيا من أجل استنزاف ثرواتها في البحر الأبيض المتوسط، مفضلا أن يكون التدخل المصري من خلال «الحرب بالوكالة»، التي تنتهجها الكثير من الدول، أما «التعويل» على الدول العربية فيكون عن طريق قيام هذه الدول وعلى رأسها السعودية والإمارات بتقديم دعم مادي لمصر لدعم الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر بالسلاح والعتاد والتدريب.


وأكد أن رهان مصر على الدول الأوربية في حل الأزمة الليبية ليس في محله، لأن كل دولة من هذه الدول تبحث عن مصالحها في المقام الأول، مشددا على    ضرورة أن تعتمد مصر على نفسها في التعامل مع الأزمة الليبية، محذرا من أن دخول مصر في حرب مباشرة في ليبيا سيجعلها تصطدم بـ«حلف الناتو» الذي يساند تركيا باعتبارها عضوا في الحلف، لافتًا إلى أن دخول قوات عسكرية تركية إلى ليبيا سيكون له تأثير سلبي جدا على الأمن القومي المصري.


ولفت إلى أن «أردوغان» يريد تحقيق عدد من الأهداف من دخول ليبيا، أول هذه الأهداف هي التخلص من مشاكله الداخلية، وإعطاء قبلة الحياة لجماعة الإخوان المسلمين، والحصول على قطعة من التورتة، موضحا على أن الولايات المتحدة الأمريكية ومن ورائها المنظومة الدولية المتمثلة في روسيا والصين وأوربا وإسرائيل هدفهم تقسيم المنطقة فيما بينهم ونهب ثرواتها، مؤكدا أن ليبيا سوف يتم تقسيمها إلى ثلاثة دول.


ويقول الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، إن رهان مصر على بعض الدول في الملف الليبي لن يسفر عن أي نتيجة، مشيرا إلى أن مصر لم تحصل على تأييد الدول العربية قبل طلب عقد اجتماع جامعة الدول العربية، لذلك خرج الاجتماع مخيبا للآمال، بالإضافة إلى أنه أقر اتفاق الصخيرات الذي هو أصل المشكلة بين فائز السراج وخليفة حفتر.


ولفت إلى أن تركيا جادة في تدخلها في الشأن الليبي، مؤكدا أن المسألة الليبية أصبحت أكثر تعقيدا، وهذا التعقيد هو لمصلحة «السراج»، وليس لمصلحة خليفة حفتر، مشيرا إلى أن تونس والجزائر والمغرب أقرب لفائز السراج من خليفة حفتر، وكانت من ضمن الدول العربية التي اعترضت على وضع اسم تركيا في بيان جامعة الدول العربية، مشددا على أن حل الأزمة الليبية يتطلب من الدول الفاعلة في الملف الليبي البعد عن الذاتية والشخصنة من أجل تجنب تكرار السيناريو السوري في ليبيا.


فى السياق نفسه، أعلنت المؤسسات الدينية مساندة الدولة والقيادة السياسية والجيش، ضد قرار التدخل في الشأن الليبي، وإرسال قوات عسكرية على الأراضي الليبية، وهو ما يهدد الأمن القومي المصري.


وفي مشيخة الأزهر، طالب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، جميع مؤسسات الأزهر الدينية وعلى رأسها لجنة الفتوى ومجمع البحوث الإسلامية، بإصدار فتاوى يومية تكشف الأغراض التركية بالمنطقة، وإصدار فتاوى تؤكد ضرورة الوقوف ضد أى عدوان خارجى على الأراضي المصرية، كذلك فتاوى تساند الجيش المصري.


وكشفت مصادر، عن أن هيئة كبار العلماء اتفقت على عدد من النقاط فيما يتعلق بدعم الجيش والدولة بخصوص الأزمة الليبية، ومنها التأكيد عبر الفتاوى المختلفة أن أى تدخل خارجى على الأراضى الليبية هو فساد فى الأرض ومفسدة لن تؤدى إلا إلى مزيد من تعقيد الأوضاع فى ليبيا وإراقة المزيد من الدماء وإزهاق الأرواح البريئة.


كذلك خروج علماء الهيئة عبر وسائل الإعلام المختلفة ومطالبة العالم أجمع وفى مقدمته الدول الإسلامية والمؤسسات الدولية المعنية بحفظ السلم والأمن الدولى منع هذا التدخل قبل حدوثه؛ ورفض سطوة الحروب التى تقود المنطقة والعالم نحو حرب شاملة، وقيام الأزهر بدور وساطة بين الأطراف المتنازعة في ليبيا، والدعوة لعقد جلسات حوار سياسي بمشاركة المؤسسات الدينية الليبية. 


وتقرر قيام المعاهد الأزهرية بحملة تعبئة تضمن إذاعة الأغانى الوطنية المتعلقة بالجيش المصري من أجل بث الوطنية في الطلاب والمعلمين والأهالي بالقرى والنجوع. 


أما بالنسبة لدور دار الإفتاء، أعلنت دار الإفتاء المصرية، دعمها لخطوات الدولة المصرية عقب قرار البرلمان التركي بالسماح بإرسال قوات إلى ليبيا.


كما قامت الدار عبر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، بفضح الكيان التركي، وسيتناول يوميا الجرائم التي يرتكبها «أردوغان» ضد الشعب، وجرائمه في العراق وضد الأكراد وسوريا بجانب «فضح» التاريخ الأسود للدولة العثمانية وكشف قضية «إبادة الأرمن»، كما سيتناول المرصد عددًا من التقارير اليومية تؤكد أنّ الأطماع التركية فى الأراضى العربية من خلال سعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان للسيطرة على سوريا وليبيا، وأطماع تركيا اللامحدودة فى المنطقة العربية، تخلق بيئة مناسبة وأرضًا خصبة لنمو وتزايد نشاط التيارات والجماعات والتنظيمات الإرهابية.


وأوضح مرصد الإفتاء أن الأطماع التركية فى المنطقة العربية تعمق الصراع والعنف فى الأراضى التى تشهد عدم الاستقرار؛ ما يزيد الاضطرابات والصراعات الداخلية فى هذه الدول وينذر بدخول المنطقة برمتها فى موجة من العنف والفوضى والعمليات الإرهابية.


أما بخصوص دور وزارة الأوقاف فقد صدرت التعليمات لجميع الأئمة بشن حملة دينية ضد الأطماع التركية بالمنطقة، وبث روح الوطنية لدى المصلين تجاه الجيش والقيادة السياسية، وضرورة رفض أى مؤامرات ضد مصر خلال الأيام المقبلة خاصة في ذكرى ثورة يناير، ومنها دعوات الخارجية التى ينادى بها المقاول محمد على بالنزول في ذكرى الثورة، كما طالبت «الأوقاف» بشن حملة ضد التدخل القطري بالمنطقة ودور جماعة الإخوان في مساندة تركيا ضد مصر.

 

كما طالب وزير الأوقاف قيادات الوزارة بعمل قوافل دعوية تكون من مهامها الأساسي خلق تعبئة عامة وشعبية ضد «أردوغان»، ومساندة الدولة والجيش عبر قيام القوافل بعقد لقاءات دورية بالنوادى ومراكز الشباب والجامعات والمدارس.


وتنشر «الأوقاف» كتيبًا يتضمن جرائم «أردوغان» خلال حكمه، وخاصة فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان والمرأة.