رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

المعارك الصحفية لـ«النبأ».. 30 عامًا على خط النار (ملف خاص)

الكاتب الصحفى ممدوح
الكاتب الصحفى ممدوح مهران - مؤسس "النبأ"


طيلة «30» عامًا رفعت مؤسسة «النبأ» شعار «لسان الشعب عين الحُكم»، ولم يكن مجرد شعار جذاب على صدر الصحيفة؛ بل بمثابة وثيقة وقعها الكاتب الصحفي المؤسس ممدوح مهران مع قرائه منذ اللحظة الأولى على إطلاقها عام 1989، باعتبارها أول جريدة خاصة في مصر.


وخلال تلك السنوات الطويلة، لم يكن طريق النجاح مفروشًا بالورود؛ بل خاضت «النبأ» معارك صحفية في سبيل الالتزام بالوثيقة ونشر الحقائق والكواليس كاملة، ووضعها بين يدي القارئ من خلال الخبر الصادق والتحليل الموضوعي والتحقيق الهادف لكشف الحقيقة واضحة، بعيدًا عن أي زيف أو مآرب شخصية أو تضليل أو انحياز أو تعمية أو تعتيم.


ومن هنا نرصد فى هذا الملف، كواليس أبرز المعارك التي خاضتها المؤسسة طيلة الـ30 عامًا الماضية.


تاريخ لجزء من الحياة الصحفية فى مصر

«روحي خرجت بخروجي منها».. هكذا بدأ الكاتب الصحفي إسحاق روحي، مدير عام مؤسسة «النبأ» سابقًا، ورئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة «منبر التحرير»، كلماته عن مؤسسة «النبأ».


وقال: «النبأ الوطني سندسة تتربع في القلب.. أرويها بكلمات ممدوح مهران، فحين أتحدث عنها، فأنا أتحدث عن تاريخ لجزء من الحياة الصحفية في مصر، فهي الحلم الذي عاش من أجله الكاتب الصحفي العظيم الراحل ممدوح مهران، مؤسس صرح النبأ الذي كان يقول دائمًا إن أخطر رجل في العالم هو رجل عاش من أجل فكرة، وهذه الفكرة كانت لدى ممدوح مهران هي تأسيس صرح صحفي عملاق ولكن بفكر القطاع الخاص فهي أول جريدة مصرية مستقلة، ولأنها الأولى كان من المنطقي أن تخرج أغلب المؤسسات الخاصة من عباءة النبأ، ومن ينظر لخريطة الصحافة الخاصة سيجد أن أغلب الصحف خرجت من عباءة النبأ، فضلًا عن أن الجيل الذي تعلم على يد الأستاذ ممدوح مهران كان ومازال لهم بصماتهم في مهنة صاحبة الجلالة».


وأضاف أن «النبأ» هي فكرة خيالية استطاع ممدوح مهران أن يجعلها واقعية؛ فهي أول جريدة خاصة أسبوعية مصرية، وأول مؤسسة خاصة تمتلك مطابعها وأسطول توزيع في جميع محافظات مصر، كاشفًا عن أنها أول مؤسسة خاصة يلتحق أبناؤها بنقابة الصحفيين كأول دفعة يتم قبولها وقيدها من جريدة خاصة،  بعد أن كان القبول قاصرًا على أبناء الصحف والمؤسسات القومية، مشيرًا إلى أن هذه الدفعة ضمته هو (أى إسحاق روحي) وستة من زملائه. 


وأكد أنه على الرغم من أنه كان مديرًا عامًا للمؤسسة التي كانت تُصدر أكثر من مطبوعة، إلا أنه يفخر ويتشرف بأنه شارك بالكتابة في الجريدة من العدد الثاني مراسلًا للجريدة في الصعيد، متابعًا: «هذا المراسل بفضل النبأ وتعليم الأب والمعلم والمثل الأعلى ممدوح مهران تدرج إلى أن وصل إلى منصب مدير عام تحرير المؤسسة».


واستطرد: «هي العشق الذي لا يضاهيه عشق في الكون، وحتى كتابة هذه السطور أرى أنه لو لم تكن النبأ في حياتي، لكنت نسيًا منسيًا في غياهب الصعيد؛ فهذه المؤسسة هي التي فتحت أحضانها وصدر صفحاتها لكل شباب مصر شمالًا وجنوبًا، ولم تبخل على أحد في التعلم وفي فرصة النشر والالتحاق بنقابة الصحفيين وفق شروط مهنية صارمة أزعم أنها المؤسسة الوحيدة التي تطبقها حتى كتابة هذه السطور».


وأضاف: «ثلاثون عامًا ليست عمر النبأ فقط وإنما هي عمر خبرات لدى أجيال كاملة استطاعوا أن يحفروا أسماءهم في بلاط صاحبة الجلالة منطلقين من محراب النبأ الوطني، فمنها خرج مديرو تحرير ورؤساء تحرير وأصحاب صحف وإعلاميون ومذيعون في الإذاعة والقنوات الفضائية ومحللون سياسيون وسينمائيون ورياضيون، كانت رسالة سامية يقودها شباب مصر وجاء وقت لم تكن على هوى المنافسين فشنوا عليها الحملات تلو الحملات ولكن كل هؤلاء انتهوا وبقيت النبأ شامخة تتلقى الحجارة بصدر رحب».


وأوضح أن «النبأ» خاضت حربًا ضروسًا من أجل هذا الوطن وشبابه وأدارت حوارات مجتمعية مع جميع التيارات. 


وتابع: «أزعم أن عدد الدعاوى القضائية التي رفعت ضد النبأ لم يمر على مؤسسة صحفية لا خاصة ولا عامة، وأذكر أنها خاضت حربًا حقيقية في عز مجد وقوة صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق، من أجل الفساد الذي كان في مبنى الإذاعة والتليفزيون وحربًا أخرى ضد وزير الأوقاف، وأخرى ضد مافيا الأجهزة الطبية المستعملة التي كانت تأتينا من الخارج إبان فترة تولى الدكتور إسماعيل سلام وزارة الصحة، وحربا لم تهدأ ضد من يشوهون الفن المصري في جميع مجالاته؛ بل وكانت السبب في خروج عمالقة إلى النور مثل الفنان تامر حسني والتى كانت النبأ أول من تنبأ بهذه الموهبة، وقدمها للجمهور المصري، وأذكر أن الذي كتب عنه هو الكاتب الصحفي الزميل أحمد جلال».


وأضاف: «المسيرة طويلة وتحتاج إلى كتب لوصفها بل ودراستها وأذكر أنه كُرم الأستاذ ممدوح مهران وأنا أيضًا في أحد المؤتمرات من قبل مؤسسة كانت تحارب الإدمان والتدخين، وقال رئيس المؤسسة وقتها: من تفاعلوا مع مسابقة مؤسسة النبأ الوطني يفوق عدد من تفاعلوا في جميع الصحف المصرية».


واستكمل: «أذكر أن أول من تبنى قضايا متحدي الإعاقة وكان عددهم سبعة ملايين عام 1998 هي جريدة النبأ، ومازلت أحتفظ بشهادة تقدير من رئيس المنظمة المصرية لحقوق متحدي الإعاقة الدكتور أحمد يونس، والذي قال في كلمته: إن الجريدة الوحيدة التي تبنت حقوق متحدى الإعاقة كانت جريدة النبأ الوطني».


وعن المناسبة قال إسحاق روحي إنه كان يتمنى الاحتفال بمرور ثلاثين عامًا على تأسيس «النبأ» وسط الأب والمعلم والأستاذ ممدوح مهران، مضيفًا: «لكنها يد القدر التي لا يستطيع أحد أن يغلها مهما فعل فهي إرادة الله أن تأتى أجيال تسلم أجيالًا وتذهب أجيال وتأتى أجيال لتتحقق كلمته – رحمه الله –: الجريدة عمرها ما تقف على حد حتى لو كان صاحبها».


معركة الراهب المشلوح

ويقول الكاتب الصحفي عمرو غريب، إن «النبأ الوطني» خاضت على مدار تاريخها الممتد لنحو 30 عامًا، معارك طاحنة ترقى لمستوى الحروب مع أشخاص ومؤسسات وجهات وحكومات وأنظمة حكم، وبفضل المولى سبحانه وتعالى والأسس الراسخة والمتينة التي وضعها مؤسسها الراحل صانع الصحافة العبقري وشهيد الكلمة الأستاذ ممدوح مهران، والإرث الفكري والقيم والمبادئ التي أورثها لأبنائه وتلاميذه ومريديه، خرجت «النبأ» من هذه الحروب قوية منتصرة بعد أن حفرت لنفسها اسمًا مميزًا وعلامة بارزة في تاريخ صاحبة الجلالة.


وتابع: «لعل أشهر المعارك التي خاضتها النبأ على مدار تاريخها كانت معركة الراهب المنحرف والذي فضحت الجريدة جرائمه الأخلاقية ونزواته الشهوانية في حق العديد من السيدات حتى وصل به الأمر لدرجة ابتزازهن والحصول على أموال طائلة من بعضهن مقابل عدم فضح ما يربطه بهن من علاقات».


وأضاف أنه على الرغم من أن «النبأ» ارتأت من نشر ملف انحرافات هذا الراهب تطهير الكنيسة من أمثاله المندسين وتقديمه للمحاكمة جراء جرائمه المخجلة، إلا أن ردود الفعل وقتها كانت متفاوتة ما بين قبول ورفض لما نشرته الجريدة خاصة، لافتًا إلى أنها كانت المرة الأولى وربما تكون الأخيرة في تاريخ الصحافة المصرية والعربية والعالمية التي يلقي فيها الضوء بهذا الشكل المباشر والقوي على هذا الملف الشائك والمسكوت عنه لاعتبارات دينية وعقائدية ربما يمنح بعضها قدسية لرجال الدين وكأنهم فوق مستوى البشر وفوق الشبهات.


وأوضح «غريب» أن المشهد كان غير اعتيادي بالمرة في التاريخ المصري الحديث، أن نرى مظاهرات حاشدة نظمها شباب غاضبون أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية تنديدًا بإقدام «النبأ» على فتح هذا الملف، وأن نشاهد وكالات أنباء عالمية تبرز ما أقدمت عليه الجريدة، حتى أن البعض روج أن بعض الدول الغربية فتحت خطوط اتصال مع النظام المصري بشأن ملابسات هذا الحدث الجلل، وبين هذا وذاك ظهرت تساؤلات هنا وهناك ووجهت اتهامات باطلة للجريدة حول كيفية إقدامها على النشر، دون أن يراعى أصحاب هذه الاتهامات أن الوقائع حقيقية وأن الهدف هو تطهير الكنيسة وليس فضحها كما ظن البعض، وأن هناك دعوى قضائية رفعت بالفعل ضد الراهب المنحرف وأنه يحاكم أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ.


وتابع: لكن الموج كان عاتيًا وتسابق خصوم «النبأ» سواء كانوا داخل النظام أو خارجه في استغلال الفرصة سانحة في التشهير بها ومحاولة النيل منها، مضيفًا أن الأمر وصل لدرجة أن معقل الحرية والفكر والرأي في مصر وهو نقابة الصحفيين، التى من المفترض أن تدافع عن مهنة الصحافة وأن تنتصر لحرية الفكر والتعبير، سارعت هي الأخرى لاتخاذ إجراءات عقابية في حق رئيس التحرير الأستاذ ممدوح مهران، ونفس الأمر أقدم عليه ما كان يعرف وقتها بالمجلس الأعلى للصحافة.


واستكمل: «انتهى الأمر بإغلاق الجريدة الأسبوعية وشقيقتها الصغرى اليومية (آخر خبر) لنحو عام دون وجود سند قانوني أو دستوري لذلك، وتشريد المئات من العاملين، وسجن الأستاذ ممدوح مهران لمدة 3 أعوام ظالمة، حتى قضى نحبه في محبسه شهيدًا لكلمة حق قالها».


واستطرد: «وقتها تصور البعض أن أسطورة النبأ ولت وأن أيامها انتهت إلى الأبد، وأنها لن تخرج للنور مرة أخرى، لكن المولى سبحانه قال في محكم آياته في سورة الأنفال: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، فبعد مرور نحو عام انتصر القضاء المصري الشامخ لكلمة الحق وعادت النبأ من جديد بحكم تاريخي يرسخ لقيم الحرية والتعبير».


«الإنسانية».. طريق النبأ لـ«خبطة صحفية»

وقال الكاتب الصحفي على جمال، إن تجربة «النبأ» من التجارب الرائدة التي ينبغي أن تدرّس كنموذج صامد للصحافة المكتوبة المتطورة في العالم العربي، متابعًا: «رغم ما مرت به من عثرات إلا أنها تمكنت من البقاء من ناحية، ومن ناحية ثانية هي لا تكف عن مواكبة الجديد في عالم الصحافة». 


وأضاف «جمال» أن سبب قوة «النبأ» يعود بالأساس لكونها مع الناس، فضلًا عن إفرادها صفحات لآراء الجماهير في الشؤون العامة وشكاواهم. 


واستطرد: «في هذا الصدد أذكر أن صفحة شكاوى القراء ذات مرة نشرت استغاثة مريرة من مواطن رفض مسئولو مستشفى استثماري تسليمه جثة والدته لعدم قدرته على دفع الحساب، وأصرّ ممدوح مهران، رحمه الله تعالى، على أن يضع عنوان هذه الشكوى في صدر الصفحة الأولى، وكان هو الذي يشرف بنفسه على اختيار العناوين للصفحة الأولى ويسميها فترينة الجورنال، وبعد ساعات من نزول الجريدة، أصدر وزير الصحة وقتها قرارًا يحظر على المستشفيات الخاصة اتخاذ هذا الإجراء، وأعتبر هذه من أهم الخبطات الصحفية الإنسانية التي كانت النبأ بطلتها».


وأضاف علي جمال، أن الأستاذ ممدوح مهران، إلى جانب كونه مهنيًا لا يشق له غبار، كان عقلًا اقتصاديًا لا يبارى، وهذا التوازن مهم جدًا حتى تشق صحيفة جديدة طريقها من ناحية، وألا تخلع عنها ثوب الاستقلال من ناحية أخرى، فقد كان حريصًا على أن تكون السياسة التحريرية للصحيفة منبثقة من قناعاته السياسية والمهنية وفقط.


«تركيع» الإعلامية هالة سرحان

من ناحيته، يقول الناقد الرياضي أحمد جلال، إن «النبأ» خاضت العديد من المعارك الصحفية منها معركة مع الإعلامية هالة سرحان والتي كشفت عن فساد ما يُقدم من محتوى برامجي بقناة «دريم»، وما يُقدم فيها من محتوى إعلامي في عام 2002.


وأوضح «جلال» أن البداية كانت بإذاعة القناة حلقة لـ«سرحان» تتناول فيها العادة السرية، وتستضيف عددًا من الشباب للحديث عن هذا الأمر، وهو ما استدعى الجريدة إلى توجيه انتقادات قوية جدًا للمذيعة والقناة، فضلًا عن تقديم تحليل لمضمون الحلقة بشكل كامل، وأجرينا مناظرة مع الإعلامية الشهيرة؛ لمواجهتها لكنها لم تستطع الرد في المناظرة على تلك الانتقادات الموجهة إليها.


وأشار إلى أن تلك الخبطة الصحفية كانت السبب الرئيسي في تحرك الدولة تجاه ما يقدم من محتوى برامجي في الفضائيات، والتعجيل بحجب ظهور هالة سرحان على قناة دريم مرة أخرى، متابعًا: «العديد من الصحف وقتها نقلت ما قمنا بنشره خلال تلك الحملة الصحفية ونسبت لنا الفضل في مواجهة هذا العبث».


وأضاف أن الجريدة خاضت معركة أخرى مع المايسترو صالح سليم رئيس النادي الاهلى في عز قوته، من خلال نشرها خبطة صحفية من العيار الثقيل خلال عام 1997 تحت عنوان: «لا نصدق أن يكون المايسترو صالح سليم حرامي أراضي» بعد أن تلقت الجريدة شكاوى من العديد من الجهات تفيد استغلال محامي المايسترو صالح سليم اسمه في الحصول على العديد من الأراضي دون وجه حق.


وأشار «جلال» إلى أن عنوان الموضوع كان صادمًا في بداية الأمر لرئيس التحرير الأستاذ ممدوح مهران، ولكنه بعد قراءته أجاز نشره على الفور، وأوضح أن صالح سليم كان وقتها خارج البلاد في رحلة علاج بلندن، لكنه أجرى اتصالا تليفونيا بـ«مهران»، وأوضح له الأخير العديد من الأمور الغائبة عنه، ليقدم له «المايسترو» الشكر على نشر الموضوع.


وكشف «جلال» عن كواليس المعركة الشهيرة التي دارت بين الجريدة ووزير الأوقاف الأسبق محمود حمدي زقزوق، بعدما نشرت «النبأ» عددًا من المخالفات التي تحدث داخل ديوان الوزارة، ودور زوجة «معالي الوزير» ببعض الأمور، وأنها ألمانية الجنسية وكانت تدين باليهودية قبل إسلامها، وهو ما أغضب الوزير غضبًا شديدًا وصعد الأمر إلى ساحة القضاء التي أنصفت الجريدة في معركتها وذكرت في حكمها صحة المعلومات المنشورة، وأكدت أن كشف الجريدة ديانة زوجة الوزير اليهودية، ليس سبّة لكونها من الديانات السماوية.


وأوضح أن الكاتب الصحفي ممدوح مهران كان شخصًا سابقًا لعصره، ويعلم أن التكنولوجيا الحديثة ستغير سوق الإعلام والصحافة تمامًا، لذلك أحدث طفرة ليس لها مثيل؛ فأصدر أول جريدة يومية خاصة «آخر خبر» بتمويل ذاتي لتحقيق الاستقلالية التامة بإنشاء وحدة مونتاج إلكتروني للتجهيزات، وكذلك مطبعة خاصة وجهاز للتوزيع.


وتابع: «عندما أخبرنا ممدوح مهران بعزمه إنشاء جرنال يومي ومطبعة وجهاز توزيع تدلت شفاهنا من الدهشة والاستغراب».


وأنهى الناقد الرياضي أحمد جلال حديثة لـ«النبأ»، قائلًا إنه يرى أن الأستاذ ممدوح مهران «الهرم الثالث» للصحافة المصرية بجانب الهرمين مصطفى وعلي أمين.


محاولة اغتيال مبارك 

وقال عادل توماس، رئيس قسم الحوادث والقضائي بالجريدة، إنه طيلة فترة عمله بالمؤسسة، انفرد بالعديد من القضايا الهامة التي هزت الرأي العام، كان أهمها نشر تفاصيل قضية محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك تحت عنوان: «المؤامرة القذرة لاغتيال الرئيس مبارك بشرم الشيخ» في أواخر عام 2004.


وأضاف «توماس» أن البداية كانت من خلال نشر عدد من الجرائد وقائع إحدى القضايا، تتعلق باغتيال قيادات سياسية مصرية ومتورط فيها دولة أجنبية، وتابع: «من خلال حسي الصحفي تناقشت مع رئيس التحرير وأخبرته بحصولي على معلومات تفيد أن أوراق القضية المنشورة تحمل العديد من الأمور التي لم يتم نشرها، وأن المستهدف اغتياله ليست مجرد قيادة سياسية عابرة، وبالفعل حصلت على أوراق القضية وكانت أولى المفاجآت أنها لم تكن بالفعل مجرد شخصيات سياسية عادية بل كان المطلوب اغتياله فيها هو رئيس الدولة الرئيس مبارك، وكان المتهم فيها محمد عيد دبوس وهو شخص جُند في إيران من خلال الحرس الثوري الإيراني».


وقال إن «النبأ» وقتها انفردت بكشف التفاصيل كاملة وكذلك نشر نص التحقيقات مع المتهم، وتبين من خلالها أنه وُضع له خطتان لتنفيذ المهمة المطلوبة منه؛ الأولى: هي محاولة اغتيال «مبارك» على الطريق الدائري أثناء زيارته أكاديمية الشرطة خلال احتفالات عيد الشرطة، بتلغيم الطريق وتفجيره عن بُعد حال مروره، والخطة الثانية البديلة: أن يتم اغتياله أثناء تواجده بمدينة شرم الشيخ.


واستطرد: «بمجرد صدور العدد في الأسواق أصدر النائب العام وقتها المستشار ماهر عبد الواحد قرارًا بحظر النشر في القضية، وكان العدد يحتوي على تفاصيل القضية بشكل كامل ونص التحقيقات فيها وبعض الوثائق السرية التي تضمنتها الأوراق، وطُلب منى ورئيس التحرير الحضور أمام المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا وقتها المستشار هشام بدوي، وتم التدخل والتوصية من قِبل رجال المخابرات؛ لعدم سؤالنا نظرًا لأن الجريدة كانت قد حصلت على إذن سابق قبل النشر من المخابرات العامة وهي الجهة التي كشفت القضية».


واستكمل: «في أولى جلسات محاكمة المتهم أمام محكمة أمن الدولة العليا التي كانت برئاسة المستشار المرحوم عادل عبد السلام جمعة، وعضوية المستشارين محمود الرشيدي، والدكتور أحمد السبيلي، وبعد انتهاء الجلسة سأل عدد من الصحفيين والإعلاميين أعضاء المحكمة: إذا كان حظر النشر مستمرًا أم لا، فرد رئيس المحكمة قائلا: المحاكمة علانية وأن بمجرد ما المحكمة تسلمت القضية تم إلغاء قرار النائب العام، وبطلب بعض المعلومات منه، ابتسم القاضي وقال لهم إن الزميل عادل توماس الصحفي بالنبأ نشر تفاصيل عديدة في القضية ويمتلك جميع المعلومات، وأنهم يستطيعون الاستعانة به، وانتهت القضية بالحكم بالسجن المؤبد على المتهم، وكانت إحدى الانفرادات التي لا تنسى مهما مرت الأيام».


وأضاف «توماس» أنها لم تكن القضية الأولى التي تنفرد «النبأ» بكشفها؛ ففي عام 2001 نشرت الجريدة نص التحقيقات في قضية المهندس شريف الفلالي، والتي كانت تربطه علاقة قرابة بوكيل وزارة الزراعة حينها – عمه – ووالده مدير عام بأحد البنوك الشهيرة، والذى جُند من خلال الموساد الإسرائيلي لامداده بمعلومات عن مشروع توشكى والأراضي الزراعية التي سيتم زراعتها في تلك المنطقة، وضُبط بحوزته عدد من الرسومات الكروكية للمناطق العسكرية والاقتصادية والسياحية التي كان يعجز عن تصويرها فوتوغرافيا.


وكشف عن عدد من القضايا التى انفردت بها «النبأ» مثل: المبيدات المسرطنة، وقضية الجاسوس محمد سيد صابر.


وعن ذكرياته داخل المؤسسة، قال عادل توماس، إنه كان يحصل على مكافآت من الراحل ممدوح مهران الذى أوقف ماكينات الطباعة ثلاث مرات؛ لحصوله (أى توماس) على انفرادات صحفية تتطلب نشرها فورًا.


وختم: «الأستاذ ممدوح مهران كان يقول إن صحفي الحوادث مُعرض للخطر بسبب قيامه بكشف جرائم الخارجين على القانون»، متابعًا: «ده بالفعل حدث معي أكثر من مرة منها محاولة قتلي من خلال سيارة مسرعة أثناء عبوري الطريق بشارع الحجاز بمنطقة مصر الجديدة بعد نشري تحقيقًا عن أشهر القوادين في مصر، وكان وقتها سني 22 عامًا».