رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«خط أحمر».. قائمة بأشهر الشخصيات «الممنوع الاقتراب» منها فى مصر

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر

لكل شعب رموزه السياسية والأدبية والفنية والرياضية التي يفخر ويتباهى بها، لاسيما أن هذه الشخصيات أصبحت محفورة في ذاكرة الشعوب؛ بل إن الاقتراب من هذه الشخصيات بالحديث السلبي، أصبح توجهًا يُقابل بالهجوم اللاذع، فالاقتراب من هؤلاء أصبح ممنوعًا.

وتاريخ مصر كغيرها من الدول مليء بالشخصيات السياسية والأدبية والفنية والرياضية والعامة التي أثرت في تاريخها، وأصبح الاقتراب من هؤلاء يمثل اعتداء على تاريخ مصر، لأن هذه الشخصيات صارت جزءًا من التاريخ المصري، وأصبحت محفورة في قلوب وعقول كل المصريين دون استثناء.

ومن هذه الشخصيات التي لها مكانة خاصة في قلوب المصريين، ولا يسمحون بإهانتها أو الاقتراب منها، وتعد بالنسبة لهم خطًا أحمر.

جمال.. حبيب الملايين

يعد الرئيس جمال عبد الناصر أكثر رؤساء مصر والشخصيات الوطنية حبا عند المصريين، رغم نكسة 1967، ورغم موقفه من الديمقراطية والحريات العامة.

تقول الكاتبة فريدة الشوباشي، إن أكبر دليل على إنجازات الرئيس الراحل هو أن محبته ما زالت فى قلب المصريين حتى الآن حتى من لم يحضر فترته، فإنجازاته ونجاحاته ما زالت تتحدث عنه.

وأكدت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، أن جمال عبد الناصر يعد محطة هامة فى تاريخ مصر، فحب المصريين له لم ينتهِ، وتمكن الرئيس الراحل من أن يسكن قلوب المصريين.

وقالت سكينة فؤاد، إن هذه المحبة التى يحظى بها جمال عبد الناصر تعود إلى ما اتخذه من قرارات مصيرية وهامة والخدمات التى قدمها لشعبه والإنجازات التى حققها والتى لا يمكن أن ينساها المصريون، بجانب دعمه للفئات الفقيرة، وحرصه على تحقيق مصالح الشعب المصرى.

وأضاف الكاتب والناقد الإعلامي ياسر عبد العزيز، أن الرئيس جمال عبد الناصر، لم يزل يملأ الدنيا ويشغل الناس، بوصفه زعيمًا امتلك طموحًا تجاوز حدود بلده، وظهر فى فترة تحولات عالمية، تأثرت فيها السياسات الإقليمية والدولية بما اختاره لنفسه من أدوار، فإن الجدل حول ناصر يمتد إلى المنطقة العربية، ثم إلى العالم الثالث، وصولا لدوائر عالمية رغم آلاف الكتب والمقالات والحوارات والوثائق وساعات البث، التى استهدفت نقده، وفضح مثالبه، وتخطئة خياراته.

وقد تعرض عمرو موسى وزير الخارجية المصري السابق، لحملة شرسة من المصريين وأنصار الرئيس جمال عبد الناصر وأسرته، بسبب وصفه لجمال عبد الناصر بالديكتاتور، وذلك في مذكراته.

وكان عمرو موسى قد تطرق في مذكراته إلى الرئيس جمال عبد الناصر، وجوانب من حياته، فقال موسى إن الرئيس كان يستورد طعامه من سويسرا، لاهتمامه بنظام غذائي معين، وهو ما دفع مؤيدى عبد الناصر للهجوم عليه.

أبو تريكة.. أمير القلوب

ومن الشخصيات التي ما زالت تحظى بحب جارف عند المصريين، اللاعب محمد أبو تريكة، رغم اتهامه بدعم الإرهاب، والانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، فما زال أبو تريكة يحظى بشعبية جارفة في مصر والدول العربية والإفريقية، وأُطلق عليه لقب “أمير القلوب”.

وما زالت الجماهير المصرية والعربية تهتف باسم محمد أبو تريكة في الكثير من المناسبات الرياضية، ففي بطولة كأس الأمم الإفريقية الأخيرة التي أقيمت في مصر، هتفت الجماهير لأبو تريكة في الدقيقة 22 من كل مباراة.

وقد هنأ الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" محمد أبو تريكة نجم النادي الأهلى ومنتخب مصر السابق الملقب بـ"أمير القلوب"، بعيد ميلاده الواحد والأربعين.

ونشر "فيفا" عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مقطع فيديو يحتوي على مجموعة من أهداف أبو تريكة، وعلق عليه: "عيد ميلاد سعيد لأسطورة المنتخب المصري والنادي الأهلى محمد أبو تريكة، 41 سنة اليوم، استمتعوا بأهداف أمير القلوب".

ويحظى محمد أبو تريكة بحب وعشق كل المصريين باختلاف انتماءاتهم السياسية والايديولوجية والفكرية، بسبب ما قدمه لمصر والنادي الأهلى من بطولات محلية وقارية وعالمية، وبسبب الأخلاق الحميدة التي كان يتمتع بها داخل الملعب وخارجه.

الشيخ محمد متولى الشعراوي.. إمام الدعاة

يعد الشيخ محمد متولى الشعراوي، من الشخصيات المصرية المقدسة عند المصريين، فلا يسمح المصريون لأحد بإهانة الشيخ الشعراوي أو توجيه نقد حاد له، فهو بالنسبة لهم مثال لوسطية الإسلام، وهو بالنسبة لغالبية المصريين المرجعية الأساسية للإسلام.

ويصفه محبوه بإمام الدعاة، وفارس اللغة العربية وعاشقها الكبير، وفارس الوسطية والاعتدال في الإسلام، بخطابه السلس الموجه للعامة والبسطاء، والذي مكنه من شغل موقعه الأثير في قلوبهم، وأحد أبرز أعلام مجددي الخطاب الديني في العصر الحديث، وقد تعرض الشيخ الشعراوي للكثير من الهجوم في الفترة الأخيرة، فعلي سبيل المثال وليس الحصر..

تطاول الإعلامي مفيد فوزي، على الشيخ محمد ‏متولي الشعراوي، معتبرًا أنه أرض خصبة لظهور الفكر المتطرف في مصر ومتهمًا له ‏بتحريض الفنانات على الحجاب.‏

وقال الإعلامي مفيد فوزي، إن الشيخ محمد متولي الشعراوي، مهد الطريق لظهور الفكر المتطرف ‏وانتشاره في المجتمع المصري، بشكل عام.‏

وأضاف "فوزي"، خلال استضافته في برنامج "نظرة" للإعلامي حمدي رزق في 2016، على قناة صدى ‏البلد، أن الشيخ الشعراوي، كان سببًا في ارتداء بعض الفنانات للحجاب، وهو ما أطلق عليه ‏‏"التحريض".‏

وتعرض مفيد فوي لهجوم شرس وعنيف من قبل المصريين، وسادت حالة من الغضب ضد الإعلامي على مواقع التواصل الإجتماعي، وقد وصفه البعض بالصعلوك، كما استنكر عدد من علماء الأزهر هجوم المذيع مفيد فوزي على فضيلة الإمام محمد متولي الشعراوي، مؤكدين أن الشعراوي قيمة وقامة كبيرة ولا يمكن التطاول عليها.

كما وصفت الإعلامية أسما شريف منير، ابنة الفنان شريف منير، إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي بـ"المتطرف"، ونشرت أسما شريف منير منشورا عبر حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قائلة "صباح الخير عايزة اخد رأيكم في حاجة، بقالي كتير معنديش ثقة في أغلب الشيوخ، كتير منهم مدعين ويا متشددين أوى يا خالطين الدين بالسياسة، نفسي أسمع حد معتدل محترم معلوماته مش مغلوطة، لسه في حد كده؟".

وقد تعرضت أسما شريف لهجوم شديد وشرس من قبل المصريين بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية والشعبية، مما دفعها للتراجع والاعتذار، وتأكيدها أنها لم تكن تقصد الإساءة بأي حال من الأحوال إلى "إمام الدعاة" الشيخ محمد متولي الشعراوي، كما قامت بنشر مجموعة مقولات للشيخ محمد متولي الشعراوي، عبر حسابها الشخصي بموقع "فيسبوك".

وكتبت أسما شريف منير، في منشورها: «حصل بينى وبين شخص حوار أسأت فيه التعبير عن اللي عايزه أقوله وحساه، اتفهم على أنى أنتقد فضيلة الشيخ متولي الشعراوى أنا بتكلم من غير ما بحسب كلامي وأنا مقصدش بأي حال من الأحوال أني أغلط أو يوصل كلامي بشكل غلط كده، أنا مش بقيم فضيلة الإمام، انا عموما عمري ما أحب أغلط في حد».

وتابعت: «أنا بعتذر جدا جدا عشان لم أستطع أن أحسن التعبير واختيار الكلمات الصحيحة وده يمكن عشان لسه بتعلم وده عن عدم إدراك أنا لسه بتكلم على طبيعتي زي أول يوم قررت أني أظهر علي السوشيال ميديا، بس دلوقتي لازم أخد بالي من كل كلمة بقولها عشان كل حاجة بتتحسب عليا وده جديد عليا، كل ما في الموضوع أني كنت بدور عن مرجع دينى ودروس دينية عشان أفهم بشكل مبسط وعشان أفهمه كنت محتاجة حاجة تناسب استيعابي، والشيخ الشعراوى أعمق من قدراتى لأني في حاجات فعلًا مفهمتهاش، أنا مبتدئة بحاول أتعلم واقرب اكتر من ربنا، وعموما انا بعتذر فعلا عن ذلت لساني وكلمتى.. حقيقي انى اكن للشيخ الشعراوى كل احترام وتقدير رحمه الله وجزاه كل خير وربنا عالم نيتي ايه».

شخصيات سياسية ووطنية وفنية ورياضية

وهناك الكثير من الشخصيات السياسية والفنية والأدبية والرياضية والوطنية، التي يعشقها المصريون ويرفضون إهانتها أو الإساءة إليها.

 فعلى المستوى السياسي والوطني، هناك الكثير من الشخصيات التي يعشقها المصريون وينتفضون عند التعرض لها أو الإساءة إليها رغم الأخطاء التي ارتكبتها مثل، الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بطل الحرب والسلام، والذي أعاد سيناء إلى حضن مصر.

ومن الشخصيات التاريخية التي يعشقها المصريون، ويخلدون تاريخها، من خلال إطلاق أسمائهم على الشوارع والميادين الرئيسية ومحطات المترو، أحمد عرابي، قاد الثورة العرابية. طلعت حرب، أحد أعلام الاقتصاد المصري في العصر الحديث، ولُقب بـ"أبو الاقتصاد المصري"، ومؤسس بنك مصر والشركات التابعة له، لتحرير البلاد من التبعية الإنجليزية. سعد زغلول، قائد ثورة 1919 في مصر. عبدالخالق ثروت، رئيس وزراء مصر في عهد الملك فؤاد الأول، ساهم في نشر العلوم والمعارف. عبدالرزاق السنهوري، أحد أعلام الفقه، والقانون في الوطن العربي، ساهم في وضع عدد من الدساتير المصرية، وصياغة القانون المدني، والمصطلحات القانونية. مكرم عبيد، أحد رموز الحركة الوطنية في مصر. صلاح سالم، أحد رموز مجلس قيادة ثورة 23 يونيو. عبد المنعم رياض، واحد من أشهر العسكريين العرب لمشاركته في العديد من الحروب.

أما على المستوى الرياضي، فهناك، اللاعب محمد صلاح، نجم مصر ونادي ليفربول الإنجليزي، والذي يعتبر معشوق الجماهير المصرية الآن، حتى أنهم أطلقوا عليه لقب «الفرعون المصري»، وهناك الكابتن الراحل صالح سليم رئيس النادي الاهلى السابق، وهو أحد أساطير الكرة المصرية، وله مكانة خاصة في قلوب وعقول المصريين، وخاصة مشجعي وأنصار النادي الأهلى، وهناك الكابتن محمود الخطيب، رئيس النادي الاهلى الحالي، الذي يحظى بحب كبير عند جماهير النادي الاهلى والمصريين عمومًا.

أما على المستوى الفني، فهناك الكثير من الفنانين والمطربين الذين يحظون بحب كبير عند المصريين منهم، كوكب الشرق أم كلثوم، والعندليب عبد الحليم حافظ، والفنان عادل إمام، والمطرب عمرو دياب.

على المستوى الأدبي، هناك الكثير من الأدباء المصريين الذين يحظون بحب واحترام المصريين، على رأسهم الكاتب والأديب الكبير نجيب محفوظ، الذي فاز بجائزة نوبل للأدب.

وعلى مستوى الدين الإسلامي، يحظى شيوخ وعلماء الأزهر بصفة عامة بمكانة خاصة ورفيعة عند المصريين، كما يحظى شيوخ الأزهر على مر التاريخ بمكانة دينية وروحية خاصة عند غالبية المصريين.

وبالطبع هناك الكثير من الشخصيات الإسلامية عبر التاريخ الإسلامي التي تحظى بمكانة خاصة وصلت لحد القدسية عند المصريين، من بين هذه الشخصيات، الخلفاء الراشدين، وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، والأئمة الأربعة، والإمام البخاري، وغيرها من الشخصيات الإسلامية التي أصبحت مقدسة عند المصريين بصفة خاصة والمسلمين بصفة عامة.

أما من الشخصيات الدينية التاريخية التي يرفض المصريون الاقتراب منها رغم أنها غير مصرية، القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي، الذي حرر القدس من الصليبيين، وعمل على إسقاط الدولة الفاطمية التي تتبنى المذهب الشيعي.

وعلى مستوى الدين المسيحي، يقدس المسيحيون البابابوات، وخاصة البابا شنودة الثالث، فهم يعتبرونه رمزا لهم، وخطا أحمر بالنسبة للغالبية العظمى من المسيحيين في مصر.

رموز مصر التاريخية

تقدم النائب محمد الغول، عضو مجلس النواب، باقتراح برغبة، للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، موجها لرئيس مجلس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي، ووزير التنمية المحلية، في شأن تسمية الشوارع والميادين في المدن الجديدة بأسماء رموز مصر التاريخية، وطالب عضو مجلس النواب بتسمية الشوارع والميادين في العاصمة الإدارية والمدن الجديدة علي مستوى محافظات مصر، بأسماء رموز مصر التاريخية  حتى نسير على نفس النهج الذي سار عليه المصريون لتخليد ذكرى الشخصيات التاريخية البارزة التي أثرت فينا جميعا وفي تاريخنا.

سر تأخير قانون تجريم إهانة الرموز التاريخية

ما زال قانون «تجريم إهانة الرمو التاريخية» الذي تقدم به النائب عمرو حمروش، محل خلاف كبير، ولم تتم الموافقة عليه حتى الآن في مجلس النواب، بسبب الاعتراض عليه من جانب فئات كثيرة من الشعب المصري، وعدم الاتفاق على تعريف «الشخصية التاريخية التي لا يجب انتقادها أو إهانتها أو الاقتراب منها».

ورفض عدد من السياسيين وأساتذة التاريخ والمثقفين مشروع القانون الخاص بحماية الرموز التاريخية، واعتبروه يؤسس لقيود جديدة على حرية الرأى والنقد، ويفتح الباب لتصفية الخلافات بدعوى إهانة التاريخ فى قضايا أقرب لقضايا ازدراء الأديان، مشددين على أن القانون لا يحدد من هو الرمز التاريخى ومن المخول به الدفاع عنه والذى يستحق أن يحصل على لقب المحكم التاريخى، فيما وصفه البعض بـ«الكلام الفارغ» الذى يسىء للتاريخ بدلا من أن يحميه.

كما يرى أساتذة القانون الدستوري، أن هذا القانون المقترح، يخالف المادة 65 من الدستور التي تنص على، أن "حرية الفكر والرأي مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر".

يعبدون الإله الواحد

يقول الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان، إن أحد عيوب ثقافة المصريين، الاختلاف من أجل الاختلاف فقط، على طريقة «خالف تعرف»، وهناك من المصريين من يدمنون حب الظهور، مشيرا إلى أن مسألة منع أو تجريم الاقتراب من بعض الشخصيات بسوء ضد الموضوعية في دراسة التاريخ، وهذا عيب في تكوين الشخصية المصرية، المصريون أصبحوا يعبدون الإله الواحد منذ أمون وراع، ولا يقبلون الهجوم على هذا الإله الواحد، ولا يعرفون الاختلاف الموضوعي.

معاملة الأبناء للآباء

يقول الدكتور نبيل لوقا بباوي، المفكر المصري، إن الرموز الدينية سواء المسيحية أو الإسلامية لابد وأن يكون لها احترامها من جميع المصريين، سواء من المسلمين أو من المسيحيين، لأن هذه الرموز سواء الإسلامية أو المسيحية لا تتاجر بالدين ولكنها توضح ميزات الأديان في خلق المحبة والتآخي وإظهار وسطية واعتدال الأديان، وهذا الدور فيه شيء من الربانية، لافتا إلى أن احترام هذه الرموز لا يعني إضفاء نوع من القدسية عليهم، ولا يعني أن ذلك ضد حرية الرأى والتعبير، ولكن لابد أن يكون هذا النقد موضوعيا، وأن يكون النقد موجهًا لآرائهم، بعيدا عن الإهانة والتجاوز واتهامات الخيانة والعمالة.

وتابع: وبالتالي نقد هذه الشخصيات مباح، ولكن بأسلوب الابن لأبيه، فمثلا لا تجوز إهانة الابن لوالده أو لوالدته تحت شعار حرية الرأي والتعبير، مطالبا أن يتم التعامل مع هذه الرموز الدينية على طريقة تعامل الأبناء لآبائهم، وخاصة أن الأديان السماوية تحض على احترام الأب والأم، مؤكدا أنه ضد تجريم إهانة الرموز التاريخية، ولكنه مع خلق ثقافة مجتمعية من خلال تراث المصريين التراكمي لنقد هذه الشخصيات بطريقة علمية وموضوعية، من خلال علاقة الأب بابنه، لاسيما وأن علاقة الإبن بالأب لها قدسية منذ آدم وحواء.

مؤامرة خبيثة دنيئة

يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، لقد ورد في المأثور، أنه «إذا غضب الله على قوم ابتلاهم بالجدل»، وهذا المأثور له أصل في النصوص الشرعية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم أي ضامن ببيت في ربض الجنة أو في وسط الجنة لمن ترك المراء أي الجدال وإن كان محق»، والإسلام يحرم ويجرم التعرض لأعراض الناس بصفة عامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام»، ومن أخلاقيات الإسلام عدم نهش الأعراض، خاصة لكبراء الناس بدون وجه حق، وخاصة الموتى.

وتابع: فقد جاء في الأثر «اذكروا محاسن موتاكم، فإنهم أفضوا إلى ما أفضوا»، وما يندى له جبين الشرفاء، أن الهجوم إنما يتوجه لأصحاب العمائم البيضاء من وجهاء ورؤساء العلماء، فعلى سبيل المثال الذين يتحاملون ويتطاولون على الإمام البخاري، لا يعرفون المنهجية العلمية التي التزمها الإمام البخاري رضى الله عنه في جمعه لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي الهجوم على هؤلاء العلماء الأكابر ومنهم الشيخ محمد متولى الشعراوي يتم عن جهل وعدم فهم للمنهجية العلمية هؤلاء العلماء الأكابر.

وأضاف «كريمة»، أن الذين يهاجمون ويتطاولون على العلماء الأكابر، يلجأون إلى إنشاءات سفسطائية لا تسمن ولا تغني من جوع، مؤكدا أنه يرفض التطاول على علماء الإسلام وعلماء أهل الكتاب معا، ولكن هؤلاء  يصوبون سهام الحقد للإسلام ومرجعياته، موضحا أنه لا قداسة في الإسلام إلا لله عز وجل ولا عصمة إلا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكل الناس يؤخذ من كلامهم ويرد عليهم، لكن الذي ينتقد العالم لابد أن يكون عالما، والذي يريد أن ينتقد شأنا سياسيا لابد أن يكون خبيرا سياسيا وهكذا، والعلماء الأكابر بشر ولكن لهم مرجعية علمية وريادة علمية منضبطة تجعلهم في مصاف العدالة العلمية الكاملة بتوفيق الله.

وأكد أنه يشم رائحة كريهة من التعرض للصحابة ولمرجعيات الإسلام مثل الإمام البخاري والشيخ الشعراوي لهز الثقة في التشريع الإسلامي، وهذه مؤامرة خبيثة دنيئة، لأن التشريع لم يصل المسلمين إلا عن طريق الصحابة وآل البيت، ولم يصل المسلمون إلى علوم الإسلام إلا عن طريق أئمة العلم مثل، الإمام البخاري والإمام البخاري، رضي الله عنهم جميعا.

لا قدسية لبشر

يقول الدكتور شريف الشوباشي، المفكر المصري، إن الشخصيات الدينية فقط هي التي لديها نوع من الحصانة لا تتوافر لأي شخصيات أخرى، وعلى رأس هذه الشخصيات الشيخ محمد متولي الشعراوي، وهو الشخصية الذي لا تمس وممنوع الاقتراب منها، وهذا أمر خطير جدا، مشيرا إلى أن مصطفى كامل وسعد زغلول وطه حسين وعباس محمود العقاد من أكثر الشخصيات التي تتعرض للهجوم والنقد دون أن يغضب أحدا، مؤكدا أنه لا يوجد شخص فوق النقد بالنسبة له، لافتا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستشير أصحابه وكان يتناقش مع من حوله وكان يتم انتقاده من جانب الصحابة.

وأوضح أنه إذا أردت تحصين شخص ضد النقد في مصر فقل إنه يهاجم الإسلام، أو أنه يهاجم الدين أو أنه يهاجم الوطن، وهذه دعوة باطلة وخطيرة وكلام فارغ، لأن المسلمين عبر التاريخ  تناقشوا وتجادلوا واختلفوا وخرجوا بأمور جديدة، لافتا إلى أن هذا المنطق يصنع شخصية ديكتاتورية، والرسول صلى الله عليه وسلم نفسه لا يقبل ذلك، وكان يفتح الباب للجدال والنقاش، وهناك مئات الأمثلة على ذلك، موضحا أن الرئيس جمال عبد الناصر من أكثر الشخصيات التي تتعرض للهجوم في مصر، وهناك من يشتمه ويسبه ويعتبره السبب في كل بلاوي مصر، وهناك من يدافع عنه، وهذا يدخل في إطار الرأى والرأي الآخر، أما الشيوخ فلا يسمحون لأحد أن ينتقد رموزهم الدينية أو يقترب منها، ومن ينتقد الرموز الدينية يتم اتهامه بالتآمر على الإسلام، وهذا كلام في منتهى الخطورة، ولم يحدث في أيام الدولة الأموية ولا الدولة العباسية ولا حتى الدولة العثمانية.

وأشار إلى أن زيادة الهجوم على من ينتقدون الرموز الدينية بعد سقوط حكم الإخوان دليل على أن التطرف الإسلامي في حالة انحسار وضعف بعد أن كان مسيطرا على مصر والعالم العربي والإسلامي وبعد أن كان مهيمنا على العقول ومحتكرا الفكر، وأصبحوا مثل النمور الجريحة الذي أدركوا أن أيامهم معدودة، لافتا إلى أن الأزهر الآن ليس هو الأزهر الذي كان أيام الشيخ المراغي والشيخ الأحمدي والشيخ الظواهري والشيخ على عبد الرازق، والشيخ مصطفى عبد الرازق، ومن قبلهم الشيخ محمد عبده، مؤكدا على أنه ضد أي قانون يضفى قدسية على بشر، حتى فى التاريخ الإسلامي، لأن القدسية تغلق باب الاجتهاد وباب الفكر ويغلق العقول، مؤكدا أنه ضد تجريم معاداة السامية.