رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الملف الأسود لـ«الرجل الغامض» فى كلية التجارة بـ«جامعة الأزهر»

الطيب - أرشيفية
الطيب - أرشيفية


قطعت الدولة بعد «ثورة 30 يونيو» شوطًا كبيرًا في محاربة الفساد، بالتوازي مع جهودها في محاربة الإرهاب، لإيمانها العميق بأن الفساد لا يقل في خطورته عن الإرهاب، فهما على حد سواء يتسببان فى جلب الكوارث للمجتمع، وتهديد الأمن القومي، والعمل على تدمير الدولة.


وعندما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن المجاملة تعد فسادًا، كان ذلك إشارة إلى عزم الدولة بكل مؤسساتها على القضاء على الفساد من جذوره، ومحو أبسط صوره من مؤسسات الدولة، وبالرغم من أن هذا التوجه واضح للجميع كوضوح الشمس في مشرقها، إلا أن بعض الجهات مازالت تعاني من مرض الفساد الذي مازال يأكل في مفاصلها بطريقة يوشك أن يصيبها بالسقوط والانهيار؛ بسبب وجود «حفنة» من أصحاب المناصب ومن بيدهم القرارات دون وجود ذمة لهم أو  ضمير، مازالوا يختبئون داخل تلك الجهات والمؤسسات.


كارثة الفساد تكون أعظم بشاعة، عندما تكون الوقائع داخل مؤسسة دينية وتعليمية عريقة مثل مؤسسة الأزهر الشريف، تلك المؤسسة التي على رأسها شيخ تخلى عن راتبه الشهري منذ الشهر الأول لتولية مسئولية مشيخة الأزهر، لضرب أروع الأمثلة في الوطنية ومساندة الدولة في أصعب ظروفها.


الواقعة التي نحن بصددها الآن، نقدمها للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبالتأكيد هي أيضًا مطروحة للجهات المعنية في الدولة، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأنها، إنها واقعة فساد كبيرة داخل الحرم الجامعي لجامعة الأزهر، وبالتحديد داخل «كلية التجارة بنين».


وترجع تفاصيل الواقعة عندما أصدر مجلس إدارة جامعة الأزهر قرارًا بتاريخ 16/10/2019، بعزل الدكتور حسن بدر حسن، رئيس قسم التأمين بكلية التجارة؛ لارتكابه عدة مخالفات داخل الكلية، إلا أن المفاجأة أن الدكتور حسن بدر مازال يحضر اجتماعات مجلس الكلية بوصفه رئيسًا لقسم التأمين بالكلية، وكان آخر تلك الاجتماعات الاجتماع الذي عقده مجلس الكلية بتاريخ 19/11/2019، وبالرغم من أن مجلس الجامعة أبلغ عميد الكلية الدكتور محمد يونس بقرار عزل حسن بدر.


الغريب في الأمر، أن تظل كلية التجارة خالية من الوكلاء لمدة عام ونصف العام؛ بسبب صراع حسن بدر على هذا المنصب، وقوته الخارقة في منع تعيين وكلاء بالكلية إلى أن خرج على المعاش في 27/9/2019، حيث تم أنه بتاريخ 28/10/2019 عُين الدكتور عماد الصائغ أستاذ المحاسبة وكيلًا للكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور عبد الوهاب حجاج، وكيلًا للكلية لشئون التعليم والطلاب.


الأغرب من ذلك، أن الدكتور حسن بدر، تمت إحالته للتقاعد في تاريخ 27/9/2019، وبالرغم من ذلك مازال يعمل رئيسًا لقسم التأمين بالكلية، على الرغم من أنه أستاذ متفرغ.


وكشف الدكتور رفعت السيد العوضي، الأستاذ المتفرغ بكلية التجارة بنين بجامعة الأزهر، في مذكرة مقدمة منه إلى رئيس جامعة الأزهر، عن واقعة تهديده بالقتل داخل الكلية من قبل الدكتور حسن بدر.


وقال "العوضي"، في مذكرته: "أعلن الدكتور حسن بدر، أنه سوف يقتلني، وأنه أحضر معه المسدس الذي يستخدمه في قتلي، وقد حدثت هذه الواقعة يوم الثلاثاء  الموافق 12/12/2017، والشهود على ذلك الأستاذ الدكتور محمد يونس عبدالحليم، عميد الكلية، والأستاذ الدكتور طارق محمد شمس الدين وكيل الكلية، وآخرون".


وأضاف "العوضي": "وما قاله الدكتور حسن بدر وهو يعلن قتله لي أن بيني وبينه ثأر منذ عشرين عامًا، وهو يشير بذلك إلى واقعة ملخصها أنني عينت رئيس لجنة لكتابة تقرير عن تزويره في نتائج امتحانات كنترول كان يرأسه، وقد ثبت هذا التزوير، ورفع الأستاذ الدكتور عبد الحميد ربيع عميد الكلية آنذاك هذا الأمر إلى الجامعة وحقق معه، وثبتت إدانته، وتمت معاقبته بقرار من الجامعة".


وأوضح "العوضي"، في مذكرته، أن هناك شهودًا على الوقائع السالفة، وهم (الأستاذ الدكتور محمد يونس عبد الحميد عميد الكلية، والأستاذ الدكتور طارق محمد شمس الدين وكيل الكلية، وذلك للشهادة على إعلان الدكتور حسن بدر أنه أحضر المسدس معه لقتلي به، والأستاذ الدكتور محمد برس العميد السابق لكلية التجارة بنات بتفهنا الأشراف وكان عضوًا باللجنة التي أثبتت التزوير في نتائج الامتحانات على حسن بدر، والأستاذ الدكتور عبد الحميد ربيع عميد الكلية الأسبق، وهو الذي أرسل المستندات إلى الجامعة التي أثبتت تزوير الدكتور حسن بدر في نتائج الامتحانات وتلقى قرار الجامعة بمعاقبته).


وأصدر مجلس جامعة الأزهر، عدة قرارات بمعاقبة الدكتور حسن بدر، على تلك المخالفات، وأصدر قرار بعقوبة توجيه اللوم له مع تأخير العلاوة المستحقة لمسئوليته عن التجاوزات التي حدثت بالكنترول، وقرار آخر بالإنذار لقيامه بالتجاوز والإساءة للجامعة بالتقرير المقدم منه لرئيس الجامعة، وقرار ثالث بعقوبة الإنذار لقيامه بالتجاوز والإساءة للجامعة بالتقرير المقدم  وقرار بعقوبة الإنذار وذلك لتطاوله وتهديده بالقتل وارتفاع صوته على الأستاذ الدكتور رفعت السيد العوضي الأستاذ المتفرغ بكلية التجارة للبنين بالقاهرة.


وفي واقعة أخرى، أرغم الدكتور حسن بدر، الطالب أحمد توفيق عبد المنعم المقيد بالفرقة الرابعة شعبة تأمين على التحويل إلى شعبة أخرى، واصطحابه إلى شئون الطلاب للتأكد من تحويله، كما قام أيضًا بتهديد راغبي الالتحاق بشعبة التأمين بالرسوب في مادته ما دفعهم إلى التحويل من الشعبة، وترتب على ذلك انسحاب أحدهم من القسم واستمرار 4 آخرين، وتقدم الطلبة بشكوى لعميد الكلية فأشر عليها بتعديل خطة الدراسة من أجل انتظام العملية التعليمية، وقد تم إسناد تدريس المادة إلى الأستاذ الدكتور ناصر محمد يوسف والأستاذ الدكتور السيد عبدالمطلب عبده، وأُحيل الموضوع إلى التحقيق بمعرفة الجامعة، وقرر مجلس الجامعة إعفاء الأستاذ الدكتور حسن بدر من التدريس لطلاب الفرقة الرابعة شعبة التأمين حفاظًا على حسن سير العملية التعليمية وحرصًا على مصالح الطلاب.


وفي تاريخ 25/9/2019 رفض مجلس إدارة جامعة الأزهر، رفع الجزاءات الموقعة على الدكتور حسن بدر، بشأن التجاوزات التي حدثت منه في الكنترول، والإساءة لجامعة الأزهر، والتطاول على الأستاذ الدكتور رفعت العوضي.


وبالرغم من ذلك مازال الدكتور حسن بدر يحضر اجتماعات مجلس كلية التجارة، ومازال في منصب رئيس قسم التأمين، بالرغم من أنه أستاذ متفرغ بالكلية في الوقت الحالي، الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة، حول قرارات مجلس جامعة الأزهر في هذا الشأن والتي تتضمن محاربة الفساد لكن مع إيقاف التنفيذ، والأهم هذا التساؤل: ألم يكن هذا الفساد جدير بأن يحول للنيابة العامة؟.


يبدو أن هناك جهاتٍ مجهولةً لها «أذرع» داخل جامعة الأزهر تديرها بشكل خفي، خاصة فى ظل توغل «اللوبي» الذي يحمي إمبراطورية الفساد السابقة، وتقع مسئولية إخفاء الحقائق على عاتق مدير عام الشئون الإدارية للأرشيف بالكلية، ومدير عام الشئون الإدارية، ومدير عام شئون الأفراد، ومسئول جزاءات أعضاء هيئة التدريس، ومسئول أوامر تنفيذ تعيين رؤساء الأقسام.


من ناحيتها، تؤكد «النبأ» أن كل الوقائع الواردة فى الموضوع الهدف منها إلقاء الضوء على المخالفات، وكشف الفساد، وأنها فى الوقت ذاته تتُيح لجميع الأطراف الواردة فى الموضوع حق الرد.