رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

فضيحة.. استيراد أدوية بيطرية من إسرائيل تسبب الفشل الكلوى والضعف الجنسى والسرطان

أدوية
أدوية


كشفت لجنة الزراعة بـ«مجلس النواب» عن كارثة حقيقية يتعرض لها الثروة الحيوانية والمربون والفلاحون، وهى انتشار الأدوية البيطرية المغشوشة، والتى كانت سببًا مباشرًا فى نفوق نحو 5% شهريًا من الحيوانات والأسماك والدواجن في المزارع ولدى المزارعين بالقرى. 

وتقدمت الدكتورة شيرين فراج، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى الدكتور على عبد العال، رئيس المجلس، موجهًا إلى ثلاثة وزراء هم (الزراعة واستصلاح الأراضي، والصحة والسكان، والتموين والتجارة الداخلية) بشأن انتشار الأدوية البيطرية المغشوشة.


وأوضحت شيرين فراج في طلبها أن الفترة الماضية شهدت انتشارًا كبيرًا للأدوية البيطرية واللقاحات المغشوشة عن طريق تغيير مكونات العبوات وتزويدها بإضافات تقلل المادة الفعالة بها مما يجعلها أقل تأثيرًا على المرض، كما أن هذه المواد المضافة تترسب في أبدان الحيوانات فتؤثر على الإنسان حين تناوله اللحوم والبيض والألبان، ما يؤدى إلى حدوث خلل في وظائف الكلى والكبد بالإضافة إلى حدوث تشوهات جنينية لدى الأم الحامل.


وأشارت إلى أن انتشار هذه الأدوية المغشوشة يزيد من فرصة انتشار الأمراض بالنسبة للإنسان والحيوان على حد سواء ويتسبب في تراجع الإنتاج الحيواني والداجني والسمكي.


تقديرات نقابة الأطباء البيطريين تُشير إلى أن حجم الاستثمار في قطاع الأدوية البيطرية يقدر بنحو 40 مليار جنيه، و10 آلاف مركز بيع وتداول للأدوية البيطرية، واستيراد 80% من الحاجة المحلية من الأمصال واللقاحات و50% من الإضافات و40% من المضادات الحيوية، غير أن الدواء البيطري المغشوش يمثل 50%.


وطبقًا للأرقام الصادرة عن نقابة البيطريين، فإن هناك أكثر من ألف شركة تعمل بالدواء البيطرى، و21 ألف طبيب بيطرى يعمل بالدعاية والتداول.


وأكدت الدكتورة منى محرز، نائب وزير الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، أنها تلقت تقريرًا من الهيئة العامة للخدمات البيطرية متضمنًا أن إجمالى المراكز والعيادات البيطرية المخالفة بلغ 5 آلاف و428 مركزًا بمختلف المحافظات.


وكشفت الدراسة أن تناول تلك المنتجات التى تحمل تلك المضادات تؤدى إلى عدم استجابة الإنسان للمضادات الحيوية التى يستخدمها فى علاجه لأى مرض أُصيب به، ما يضطره إلى مضاعفة الجرعة إضافة إلى تأثيرات سلبية أخرى كثيرة قد يُصاب بها نتيجة تناول تلك المنتجات.


وأثمرت حملة موسعة بين مديريات الطب البيطري بالتعاون مع شرطة المسطحات المائية في 9 محافظات؛ الشرقية وبني سويف وأسيوط والدقهلية والإسماعيلية وكفر الشيخ والإسكندرية والغربية وبورسعيد، عن رصد 104 مراكز لبيع وتداول الأدوية واللقاحات مخالف، بين العمل بدون ترخيص ووجود أدوية منتهية الصلاحية ووجود أدوية محظورة أو مجهولة المصدر.


وأعلنت مديرية الطب البيطري وبالتعاون مع شرطة المسطحات بمركز أبو قرقاص عن ضبط 303 أصناف متنوعة من الأدوية البيطرية بـ«قرية الكرم» بمعرض بيطري يديره أحد الأشخاص غير المختصين بإجمالي 1736 عبوة منتهية الصلاحية.


كما شهد العام الحالى حملات موسعة، لضبط مصانع بير السلم للأدوية البيطرية، وتمكنت مديرية الطب البيطرى بسوهاج، من ضبط 3 أطنان أدوية بيطرية مغشوشة فى مركز لبيع وتداول الأدوية البيطرية دون ترخيص، كما تم ضبط 39 ألف عبوة أدوية بيطرية منتهية الصلاحية بكفر الشيخ، و4 آلاف عبوة أدوية بيطرية مجهولة المصدر فى البحيرة.


وداهم رجال "المديرية" مخزنًا بالبحيرة دون ترخيص به أدوية مجهولة المصدر ودون فواتير دالة على مصدرها يحتوى على 3600 عبوة أدوية بيطرية مختلفة الأنواع، وأيضًا، مخزنًا بأسيوط به 1446 عبوة أدوية بيطرية مجهولة المصدر، ومنتهية الصلاحية قبل بيعها".


يذكر أنه حتى الآن تصل غرامة الغش في موضوع الأدوية البيطرية إلى 50 جنيها فقط حسب قانون مزاولة المهنة رقم 127 لسنة 1955. 


يقول أحمد عبد الحليم، صاحب مزرعة دواجن، إنه تعرض مؤخرا لأكبر خسارة نتيجة نفوق 70% من الدواجن لتناولها أدوية مغشوشة، وأصيب عدد من العنابر بمرض "الينوكسل" وعنابر أخرى بمرض "الجمبور"، وهى أمراض معدية وخطيرة وتسبب النفوق، مضيفًا أنه سعى لشراء كميات من الأدوية والتحصينات لحماية الباقى والأدوية للعلاج، ولكن للأسف اللقاحات، والتحصينات «طلعت مغشوشة».


وأضاف أنه اكتشف بعد تقدمه ببلاغ رسمي للطب البيطرى، أن تلك الأدوية تُباع في مخزن أعلاف وأدوية وصاحبه حاصل على دبلوم متوسط ويورد لمزارع كثيرة الأعلاف المخلوطة بالفيتامينات والأدوية بسعر رخيص، لافتًا إلى أن كل الأدوية مليئة بالهرمونات والمضادات الحيوية التى تعمل على زيادة الإنتاج، وأغلبها محظور من مديرية الطب البيطرى، وبعد ذلك تبدأ الطيور فى النفوق.


وتابع: ولأن أغلب المزارع غير مرخصة من المديرية، فلا تحصل على حصتها من التطعيمات واللقاحات، وتضطر إلى اللجوء لتلك الدكاكين، وكلها أدوية وفيتامينات مغشوشة ومجهولة المصدر، ومليئة بالفورمالين تؤدى إلى زيادة حجم الدجاج بشكل سريع وبيعه فى الأسواق، لتحقيق مكاسب سريعة دون النظر للمخاطر التي تسببها تلك الأدوية للطيور والإنسان.


وقال الحاج محمد محمود صاحب مزرعة مواش، إن الفترة الماضية شهدت أكبر نفوق للمواشي وخاصة الجاموس، نتيجة الحمى القلاعية وغيرها من الأمراض المعدية، نتيجة غش الأدوية البيطرية، ووصلت نسبة النفوق في بعض المحافظات إلى ما يقرب من 10 % مع بداية الشتاء. 


وكشف عن كارثة وهي وجود الآلاف من المحال التى يُطلق عليها بالقرى والمحافظات "محال أعلاف"، تحتوى بداخلها على أرفف للأدوية البيطرية واللقاحات والأمصال، ويتعامل أهالى القرى من صغار المربين أو أصحاب المزارع مع من يديرها.


من ناحيته، كشف الدكتور عبد الحكيم عبد المنعم، طبيب بيطرى، عن مفاجآت كبرى، قائلا: إن الأدوية البيطرية المغشوشة نتيجة إقامة مصانع للأدوية البيطرية المغشوشة والأمصال واللقاحات وهرمونات النمو، تستخدم مواد خاما مجهولة المصدر وغير مسجلة، وأن هذه المصانع توجد داخل عمارات سكنية وبيوت ريفية، وتستعين بمطابع غير مرخصة تتولى طبع بونات وبيانات الأدوية المغشوشة بأسماء ماركات وعلامات تجارية للأدوية مصرح باستخدامها مصريا وعالميا ويكتب على أغلفتها استيراد أمريكا وهولندا وشركات مسموح لها بالاتجار في الأدوية البيطرية وتستخدم مندوبين من حملة المؤهلات المتوسطة تتراوح أعمارهم بين 21 إلى 31 عاما للتوزيع علي المحافظات والمزارع بسيارات مغلقة غير مجهزة طبيا.


وأشار إلى أن أهم مظاهر غش هؤلاء يستخدمون السكر المطحون المخلوط بالجير الأبيض في صناعة المضادات الحيوية المغشوشة والحلبة المطحونة في صناعة الفيتامينات وإضافات الأعلاف بالإضافة إلى استخدام المصانع للأدوية منتهية الصلاحية مع تغيير بيانات الصلاحية الموجودة على العبوة.


وعن أهم الأدوية المغشوشة التى يتم ترويجها، قال الطبيب البيطرى إنها تتركز فى: عقار جنتاميسين وهو مضاد حيوي ودواء الايفرمكتين فكثيرا تجد أن الدواء بعد حقنه لا تجد الحيوان يثار ولا يتألم وهذا معناه غش الأيفوماك، بالإضافة إلى جلب كميات كبيرة من أدوية الجرب والديدان من مصانع إسرائيلية.


وأضاف أن الأدوية البيطرية المغشوشة بها تركيبات خطيرة مثل "كليندامايسين، وسبكتينومايسين"، وهى مركبات محظور تداولها بناء على قرار وزارة الصحة، وأيضًا هناك انتشار للمضاد الحيوى بتركيبة "تايلوزين + كوليستين" المحظور استخدامه إلا بعد استخراج تصريح من مديرية الطب البيطرى لاستخدامه فقط فى تربية الخنازير، وبالمثل أدوية إنروفلوكساسين المحظورة، والأدوية التى تحتوى على سبيراميسين.


وأشار إلى أن هذه الأدوية المغشوشة تباع عبر مراكز الأدوية البيطرية غير المرخصة، ويستخدمها عدد من المربين للماشية والدواجن، لتحقيق نتائج عظيمة فى تكوين اللحم والنمو السريع، ولكنها تسرطن الأطفال عند تناول اللبن واللحم والبيض وتدمر الجهاز المناعى للطفل، وأغلب الأدوية المغشوشة يكون مكتوبًا عليه تركيز المادة الفعَّالة 10% فى حين أنها لا تصل إلى 2 %.


وقال الدكتور عبد الحكيم عبد المنعم، إن هناك مخازن عديدة تقوم بغش الأدوية البيطرية داخل القرى والنجوع، بعيدًا عن الجهات الرقابية، وأغلبها يقوم بجمع كميات من الأدوية المنتهية الصلاحية، ويتم إعطاء الدواء تاريخا جديدا مزورا، حيث يتم تزوير تاريخ الإنتاج، وتاريخ انتهاء الصلاحية، بالإضافة إلى رقم التشغيلة، ولون المغلف وتصميمه.


وأكد الدكتور سامي عيد، عضو نقابة البيطرين سابقا، أن مخاطر الأدوية البيطرية تكمن فى ترسب بقايا العلاج، والأدوية المغشوشة داخل الأنسجة الحيوانية، واللحوم والألبان ومنتجاتها والبيض بالنسبة للطيور، وهو ما يؤثر على صحة الإنسان، فيُصاب بأمراض مثل "الفشل الكلوى، والأنيميا، والأورام السرطانية، والاضطرابات الهرمونية بالجسم، والتشوهات الجنسية"، وغيرها.


وكشف عضو نقابة الطب البيطرى، عن وجود عجز شديد في أعداد الأطباء البيطريين، وأن هناك 4 مضادات حيوية يتم تداولها في الأسواق بطرق غير قانونية في مجال الطب البيطري، أهمها السيفوتاكس خاصة في مزارع الدواجن، ويعتبر من المضادات الحيوية الأكثر مبيعًا، ومزارع الدواجن في مصر تستخدمه رغم أنه مضاد حيوي بشري، لذلك حقق أعلى مبيعات لمصانع الدواء البشري، بسبب إقبال المزارعين عليه، الأمر الذي يخالف القانون.


ولفت إلى أن أحد أبرز الجرائم التي يرتكبها المزارعون في حق الثروة الحيوانية هو تطعيم الحيوانات بأدوية بشرية محرمة قانونيًا ودوليًا، إضافة إلى تطعيمهم بنفس السرنجة الأمر الذي يؤدي لنقل الأمراض بين الماشية وارتفاع نسب النفوق، ومن ثم إصابة الثروة الحيوانية بالركود والخمول.


وقال الدكتور سامي عيد، إن أبرز خطورة انتشار الأدوية المغشوشة، هي حدوث حالات نفوق للطيور والحيوانات التي تتغذى على أمصال ولقاحات غير مطابقة للمواصفات، وبانتقالها للإنسان إثر تغذية على لحومها، تتسبب في "متبقيات السموم" بالجسم، ما ينتج عنه أمراض عدة على رأسها؛ الفشل الكلوي والكبدي وأورام خبيئة، شأنها كشأن أي منتج غير مُصرح به.