رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مدرس الـ«أون لاين» أحدث تقاليع المعلمين لتقنين الدروس الخصوصية

المدرس الأون لاين
المدرس الأون لاين ـ تقليعة جديدة

 
الكيمياء والفيزياء والرياضيات الثالوث الأشهر  


هل تهدد أرباح "يوتيوب" السناتر والحصص المنزلية؟  


مع بداية كل عام دراسي، تشتعل أزمة اقتصادية هائلة في جميع البيوت المصرية، وتضطر كل أسرة، إلى وضع ميزانية ضخمة للدروس الخصوصية، خاصة إذا كان لدى هذه الأسرة أكثر من ابن في التعليم.


وفي الوقت الذي تحاول وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، محاربة الدروس الخصوصية، فإن سوقها تشهد تناميا مطردا، في ظل تراجع رواتب المعلمين، وتردي المناخ داخل المدارس، لارتفاع كثافات الفصول، حتى أصبح المجتمع أمام معادلة صفرية ليس من اليسير إيجاد حل حاسم لها.


ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ووصول نسبة القادرين على التعاطي معها، إلى أكثر من 95% من المجتمع، ظهرت تقاليع جديدة، تنافس الشكل التقليدي للدروس الخصوصية، التي يعتمد فيها المدرس على جمع طلابه إما في سنتر، أو من خلال الحصص المنزلية.


وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي، مثل: "يوتيوب"، و"تليجرام"، أحدث هذه التقاليع، والتي يعتمد فيها المعلم على إنتاج فيديو يشرح من خلاله دروس المادة لطلابه، دون مقابل في الغالب، لتظهر العملية في ثوب المحاولة الإنسانية لمساعدة الطلاب، وإن لم يخل الأمر من تحقيق أرباح مادية، عن طريق المشاهدات التي تحققها هذه الفيديوهات، والتي يدفع  "يوتيوب" مقابلا لها بالدولار الأمريكي.


 فائدة مزدوجة      


ويرى "ماهر.ح"، مدرس الفيزياء بإحدى المدارس الثانوية، في محافظة الجيزة، أن الدروس الخصوصية تمثل أزمة مجتمعية، يصعب أن يتحمل مسؤوليتها فئة واحدة من الفئات المرتبطة بها، مشيرا إلى أن المجتمع يدور في حلقة مفرغة، بسبب هذا النشاط، الذي لم تفلح وزارة التربية والتعليم في مواجهته بشكل جدي، لاحتياجها إلى ميزانية ضخمة لدفع أجور عالية للمعلمين.


واعترف "ماهر" لـ"النبأ"، بأن الدروس الخصوصية تدر أرباحا طائلة على بعض المعلمين من المشاهير، خاصة في المرحلة الثانوية، ولدى من يدرسون المواد المهمة مثل: الكيمياء، والفيزياء، والرياضيات، واللغة الإنجليزية.


وحول تجربته الشخصية مع الدروس الخصوصية قال "ماهر": "بالفعل أضطر لإعطاء بعض طلابي دروسا خصوصية، من أجل تحسين دخلي الشهري، وكذلك لأن المناخ المدرسي لا يسمح لعدد كبير من الطلاب بالاستفادة من الحصة المدرسية، بسبب قصر مدة اليوم الدراسي، والكثافة الكبيرة للفصول".


وعن فكرة تقديم دروس للطلاب، عن طريق منصات التواصل الاجتماعي، مثل: "يوتيوب"، و"تليجرام" وغيرها، أكد مدرس الفيزياء، أن هذه الوسيلة جديدة على المعلمين، ولم تنتشر حتى الآن بالشكل الذي يمكن أن يمثل تغييرا في النمط المعتاد للدروس الخصوصية.


وقال: "بعض المدرسين يقدمون على هذه التجربة لمساعدة الطلاب، والبعض الآخر يفكر في الحصول على شهرة واسعة، تساعده على جمع أكبر عدد من طلاب مدرسته، والمدارس القريبة منه، في الدروس التقليدية، والبعض الآخر، يستهدف تحقيق نسب مشاهدات مرتفعة تدر له ربحا من مواقع التواصل الاجتماعي ذاتها.


الرأي ذاته أيدته، أسماء مجدي، معلمة وعضو "ائتلاف معلمي مصر" واصفة قنوات "يوتيوب"، التي يقدم من خلالها المعلمون دروسا للطلاب، وبخاصة في المرحلة الثانوية، بأنها "فائدة مزدوجة".


وأوضحت لـ"النبأ"، أن هذه الوسيلة توفر المادة العلمية للطالب في مكانه، وبشكل مجاني، ويستفيد منها القادر وغير القادر في وقت واحد، مضيفة: "وفي الوقت نفسه لا أحد يمانع من أن يحقق المعلم ربحا، طالما دون ضغط على ميزانية الطالب وأسرته، ودون إجبار للطلاب".


وقالت: "أرى أن انتشار القنوات التعليمية التي تقدم شرحا للطلاب، مفيد للمجتمع، لأنه يصنع بيئة جديدة، تحقق أهداف الجميع، دون ضغوط، فالطالب يستفيد من المادة العلمية التي يقدمها المعلم، والأخير يمكن أن يحسن دخله عن طريق الربح الذي تدره القناة، بفضل إعلانات "يوتيوب"، والأسرة لا ترهق ميزانيتها.


ضرورة للطلاب


في غضون ذلك، قال أشرف عبد الله، مدرس الكيمياء بالمرحلة الثانوية، إن الدروس الخصوصية، لم تعد مجرد فائدة مادية للمدرس، وإنما صارت ضرورة للطلاب، الذين لا يستفيدون شيئا من المدرسة حاليا.


وأضاف لـ"النبأ" أن منظومة الدروس الخصوصية، أصبحت بديلا للمدرسة، لدى عدد ضخم جدا من الطلاب، حتى أن بعضهم لا يذهب إلى المدرسة أصلا"، مضيفا: "لو تذكرنا تصريحات الطلاب الأوائل على الثانوية العامة، خلال العام الماضي، والذي سبقه، سنجد أن بعضهم أكد اعتماده على الدروس الخصوصية، والمذاكرة في المنزل، من أجل النجاح والتفوق، وقليل منهم من أشار إلى دور المدرسة، مما يؤكد أن الدروس الخصوصية صارت ضرورية للطلاب، أكثر من كونها فائدة للمدرس".


وحول أشهر المدرسين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال مدرس الكيمياء: "من المعروف أن الثالوث الأشهر هم معلمو الكيمياء والفيزياء والدراسات، وهناك نجوم في هذه المواد، نظرة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعي، كفيلة بتحديد الكثيرين منهم".


مشاهير وأساطير        


البحث على مواقع التواصل الاجتماعي، يكشف عن وجود قائمة من معلمي الثانوية العامة، الذين يمتلكون شهرة تفوق أقرانهم، حتى أن الطلاب يطلقون عليهم ألقابا عدة، من نوعية: الملك، والأسطورة، وغيرها.


ومن هؤلاء المعلمين في مادة الفيزياء، محمود عبد المعبود للفرع الكلاسيكي منها، وعبد الرحمن اللباد للفرع الحديث، أما في مادة الكيمياء فتضم قائمة المشاهير والأساطير من المعلمين كلا من: مصطفى يوسف،  وإيهاب سعيد، وفي مادة الرياضيات فيحظى بشعبية كبيرة فيها على "يوتيوب" محمد الدميني.


ولا يقتصر الأمر على هذا الثالوث المرعب لطلاب الثانوية العامة، وإنما هناك مواد أخرى يحظى معلموها بمكانة فائقة على الإنترنت مثل: اللغة العربية، ويشتهر فيها مدرس يدعى محمد السخاوي، وآخر يدعى أسامة عز الدين، الملقب بأسطورة النحو، والبلاغة، ويتكرر الأمر بالطبع في جميع المواد تقريبا،  


مستقبل الدروس التقليدية


وفيما يتعلق إمكانية أن يؤثر هذا الأسلوب الجديد، على الصورة التقليدية للدروس الخصوصية، قال أحمد سعيد، أحد النشطاء على موقع "يوتويب"، إن هذا النوع من النشاط يحتاج إلى مئات الآلاف من المشاهدات، وربما الملايين، حتى يدر ربحا على المعلم، يغنيه عن الدروس التقليدية.


وأضاف لـ"النبأ": "الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، فيما يتعلق بالحصول على مقابل لما يبثه المعلم عن طريق قناته على يوتيوب، إذ إن الأمر يرتبط بنسب مشاهدة لا يتم تحقيقها بسهولة، لذا أرى أننا مازلنا في بداية هذا المشوار، الذي يصعب أن يؤثر على الأسلوب التقليدي للدروس الخصوصية، على الأقل في الوقت الراهن".


وأشار إلى أن "يوتيوب"، يدفع بالفعل مقابل بالدولار الأمريكي، للقنوات التي تحقق نسب مشاهدات عالية، إلا أن الأمر يرتبط في النهاية بكفاءة المدرس، وشعبيته في المادة التي يقدمها، وبالتالي فلن يستغنى عن الشكل التقليدي للدروس الخصوصية بسهولة.


أولياء الأمور يرحبون


من جانبهم أبدى عدد من أولياء الأمور ترحيبهم بفكرة، مدرس الـ"أون لاين"، مؤكدين أن انتشار هذه الفكرة، ينقذهم من جانب كبير من أعباء الدروس الخصوصية التقليدية.


وقال وائل محمود، ولي أمر طالبة في الصف الأول الثانوي لـ"النبأ: "الدروس الخصوصية عبء كبير على ميزانية الأسرة، لذا فإن أي وسيلة جديدة لتخفيف هذا العبء، ستجد ترحيبا من أولياء الأمور".


بدورها قالت أميرة أحمد عوض، ولية أمر طالب في الصف الثالث الثانوي لـ"النبأ": "أي أسلوب جديد لتوصيل المعلومات والدروس للطلاب في أماكنهم، مرحب به طبعا، لكن احنا عارفين، أن الطريقة دي مش هتغني عن الدروس التقليدية، علشان التفاعل مهم بين الطالب والمعلم، لكن ممكن تقلل من عدد المواد اللي بيعتمد فيها الطلاب على الدروس".


بدوره دعا أحمد عبد القادر، ولي أمر طالب في الصف الثالث الثانوي، إلى تطبيق هذه الفكرة بشكل واسع، ووضعها تحت إشراف رسمي، حتى تكون مقننة، ومفيدة للطلاب، مضيفا لـ"النبأ": "ومفيش مانع يستفيد المعلم من خلال عائد الانتشار والمشاهدات على يوتيوب وغيره من المواقع".