رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

محمد الفلكى سليمان: نُخطط للاستفادة من تجربة مصر فى علاج التضخم وسعر الصرف وفتح مجالات الاستثمار بالسودان (حوار)

 محمد الفلكي سليمان
محمد الفلكي سليمان

يُعد محمد الفلكي سليمان، الناطق الرسمي لـ«مجلس السيادة في السودان»، أصغر عضو بالمجلس، عاش وأتم دراسته بمراحلها المختلفة في مدينة «أم روابة» بولاية شمال كردفان، والتحق بالدراسة بجامعة الخرطوم، ثم أصبح من الكفاءات الوطنية السودانية التي هاجرت للخارج إبان حكم الرئيس السوداني المعزول عمر البشير. 


عمل صحفيًا بإحدى الصحف العربية في دولة خليجية على مدار خمس سنوات، قبل أن يتم استدعاؤه ليلبي نداء الوطن، ويكون عضوا بالمجلس السيادي السوداني. 


وفى هذا الحوار، يكشف «سليمان» العديد من التفاصيل بشأن عمل مجلس السيادة السودانى والعلاقات مع مصر، وإلى نص الحوار:


فى البداية.. نود أن نعرف كيف اُختيرت عضوًا في المجلس السيادي السوداني؟

أود أن أنوه أنني أنتمي إلى «التجمع الديمقراطي»، أحد المكونات الخمس في تجمع المهنيين، نداء السودان الذي يضم الأحزاب والحركات، وقوى الإجماع الوطني ثم التجمع الديمقراطي، فترة محددة كنت خارج السودان، وكنت فخورًا أنني مسئول عن الإعلام في تنسيقية إعلان الحرية والتغيير ضمن كوكبة من 15-18 شخصا، ووجودنا في الخارج ساعدنا كثيرا في لحظات محددة إذ كانت هنالك مطاردات واعتقالات للقيادات التنسيقية، وبوجودنا في الخارج كنا في مأمن وساعدنا في أن نتواصل مع اللجان، والقواعد ومع لجان الميدان، ومع مكونات أخرى؛ فوجودنا في الخارج سهل لنا أن نتواصل وأحوذ على أكبر كمية من المعلومات؛ لأن هناك كثيرا من الأشياء التي كانت موجودة في أماكن لا يمكن الوصول إليها وهذا جعلني ملما بكل تفاصيل الحراك المتصل.


كيف ترى علاقات المجلس السيادى السودانى بمصر؟

العلاقات السودانية المصرية إيجابية قائمة على المنفعة المتبادلة والمصلحة المشتركة، فقد لعبت مصر دورا كبيرا في مساندة جهود السودان لتحقيق السلام من خلال استضافتها لاجتماعات الجبهة الثورية ونداء السودان؛ بهدف تقريب وجهات النظر بين الأطراف، وفور تشكيل مجلس السيادة والحكومة المدنية، بذلت مصر بصفتها رئيسًا للاتحاد الإفريقي جهودًا مقدرة لدعم عودة السودان للاتحاد الإفريقي، بجانب مساعيها الجادة نحو رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فضلًا عن مساهمات مصر في الترويج للإمكانيات الضخمة التي يذخر بها السودان في مختلف المجالات.


ماذا عن علاقة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بالمصريين؟

علاقة الشعب المصري والسوداني «أخوية متميزة» على مدار التاريخ،  كما أن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أكد أن الشعبين في السودان ومصر، تربطهما أواصر أخوة وتاريخ مشترك، ونحن شعب واحد يعيش في دولتين، وهناك العديد من التحديات التي تواجه السودان في هذه المرحلة الدقيقة، وفي مقدمتها ضرورة إحلال السلام المُستدام، وتخفيف المعاناة عن الأهالي في السودان، إلى جانب التحدي الاقتصادي، وأود الإشادة بالتجربة المصرية، ونتطلع لدور رائد من الشقيقة مصر، والاستفادة من تجربتها في علاج العديد من القضايا الاقتصادية الراهنة لا سيما التضخم، وسعر الصرف وفتح مجالات الاستثمار.


كيف ترى تأثير التغيير في السودان على سد النهضة.. وما المتوقع من الخرطوم في هذه المرحلة الدقيقة بين القاهرة وأديس أبابا؟

ملف سد النهضة مازال في إطار المفاوضات، واجتماع اللجان الفنية، ونؤكد أن السودان ومصر تربطهما علاقة أزلية وطيدة ومصلحة مصر من مصلحة السودان.


ما الرسائل التي وجهها المجلس السيادي للحركات المسلحة خصوصا أن بعضها رفض التفاوض؟

المجلس السيادي دعا جميع الحركات المـســلحة للانخـراط في العـملـــيــــة السياسية السلمية، واتخذنا إجراءات كثيرة تمهد الأجواء لسلام دائم تطبيقا للوثيقة الدستورية المؤسسة للفترة الانتقالية.


فى ظل رفض بعض الحركات الدخول في التفاوض.. ما الفترة الزمنية التي تسعون فيها للوصول لاتفاق سلام شامل بالسودان؟

جميع المسؤولين يبذلون جهودًا كبيرة للوصول إلى اتفاق سلام شامل تشارك فيه جميع الحركات، ونأمل في الوصول إلى اتفاق للسلام قبل انتهاء فترة الستة أشهر التي جرى تحديدها.


كيف ترى محاكمة الرئيس السوداني "عمر البشير" حتي هذه اللحظة؟

الرئيس المخلوع عمر البشير، وهو الآن أمام القضاء، ارتــكـــب كــثــيـــرًا مـــن الــجــرائـــم التى ســتــضــاف قـــريـــبـــًا إلـــى ســـجـــل مـــحـــاكـــمـــتـــه، ولـن يـفلت من الـعـقاب وهذا أمر الثورة والثوار لا تراجع عنه.


هناك اتهامات من الشارع السوداني أن هذه المحاكمات «صورية» وأن البشير لا يُحاكم فى الجرائم الأساسية التي ارتكبها سواء في دارفوار أو الإبادة الجماعية والتي وجهتها له المحكمة الجنائية الدولية.. فكيف ترى ذلك؟

دون شك «البشير» ارتكب عددًا كبيرًا من الجرائم والتي منها الجرائم «الفظيعة» في دارفور كما أنه اعترف بنفسه بأنه قتل حوالي عشرة آلاف شخص، وبجانب هذه الجرائم ارتكب أيضا جرائم في جبال النوبة وفي النيل الأزرق، وبالتالي فهذه الجرائم يجب أن يُحاكم عليها، ولكن هذا الأمر سيتم ترتيبه وفقا للجدول القانوني فالشارع السوداني يتابع كل ما يحدث بعين فاحصة، ولذلك فالشارع السوداني ضغط لتعيين نائب عام من الثورة كما ضغط لتعيين رئيس قضاء من أبناء الثورة، ويجب ألا يلفت "البشير" أو أي من رموز النظام السابق من الجرائم التي ارتكبوها.


هل تم التوصل لاتفاق سلام شامل دون بعض الحركات المسلحة مثل حركة عبد الواحد نور التى ترفض المشاركة في التفاوض حتى الآن؟

لا يمكن الوصول لسلام شامل وترك عدد من الحركات المسلحة خارج إطار السلام، ونحن في إعلان "جوبا" الشهر الماضي، أكدنا وجود مسار مخصص لحركة "عبد الواحد نور" وهي ضمن المسارات الثلاثة لاتفاق السلام كما وضعنا شرطا في إعلان "جوبا" ينص على أنه بإمكان الحركات المسلحة الأخرى الانضمام إلى أحد المسارات الثلاثة، وهي مسار مع الجبهة الثورية ومسار مع الحركة الشعبية والمسار الثالث مع حركة تحرير السودان بقيادة "عبد الواحد نور" فهذه هي المسارات الرئيسية الثلاثة والتي من خلالها يمكن إضافة الحركات المسلحة والسياسية شريطة أن يتوافق الطرفان على ذلك، ونحن نؤكد ضرورة إشراك الحركات السياسية والحركات المسلحة، وندعوهم إلى الانخراط في العملية السياسية السلمية الآن، فالحكومة الموجودة بالخرطوم تعترف بكل الحركات السياسية فهم شركاء في الوطن وفي الكفاح والنضال ضد النظام السابق.


الانتهاكات التي حدثت في اعتصام القيادة العامة والمطالبات بمحاكمة المتورطين فيها رغم أنها تطال بعض أعضاء المجلس السيادي.. كيف يمكنكم التعامل مع ذلك؟

شُكلت لجنة التحقيق من قبل رئيس الوزراء وهي مستقلة ويمكنها التحقيق مع أي شخص كان وسوف تقول اللجنة قولها، وستبدأ قريبا عملها في قضايا قتل المتظاهرين والمفقودين خلال الثورة، ولا يوجد أحد أكبر من القانون وكل شخص سوف تثبت اللجنة أنه متورط في أي من الأعمال ضد السودانيين، وأنه متسبب في مقتل السودانيين، واستشهاد عدد من أبناء السودان، لابد أن يحاكم على ذلك؛ لأنه إذا لم تتحقق العدالة فلن يتحقق الاستقرار كما أنه لا يوجد حكم يؤسس على ظلم، كما أننا لا يمكن أن نقنع الناس أن يتنازلوا عن دماء أبنائهم.


ما خطتكم بالمجلس السيادي للتعامل مع الدولة العميقة في ظل ما يردده المتظاهرون من أنها تعرقل جهود رئيس الوزراء واتفاق السلام؟

أؤكد أن الدولة العميقة موجودة وهي لن تستسلم بسهولة، ولكن واضح أمامنا أن الحرب عليها مستمرة فهناك جهود كبيرة مبذولة لإصلاح الخدمة المدنية، أمامنا معارك متواصلة في الولايات والوزارات لإحلال وإبدال للكوادر التي أفسدت الخدمة المدنية، وهذه خطوة في مشوار طويل فلا يمكن أن نعدل فساد ثلاثين عاما في أيام قليلة، ولكن نبذل جهودا كبيرة وعدد كبير جدا من السودانيين عادوا من الخارج وتركوا وظائفهم للمشاركة في نهضة السودان والتغيير. 


ما أهم المقومات والعقبات التي تواجهكم في المجلس السيادي؟

المسئولية كبيرة، فالوطن شبه محطم، الخدمة المدنية متردية، والفصل للصالح العام ونظام تعليمي وصحي متدهور وفي غاية السوء، ومن هذا خرج الأطباء الذين قادوا هذه الثورة المجيدة إذ كانوا الفصيل المتقدم في الثورة وهذا نتاج السياسات الصحية البائسة التي تخلت عن تغطية الشريحة الأعظم من السودانيين الذين لا يملكون إمكانيات العلاج، وكل هذه التحديات تفرض نفسها على المجلس السيادي ومجلس الوزراء، وعلى كل السلطة بمستوياتها المختلفة سواء في مجلس السيادة أو مجلس الوزراء أو المستوى التشريعي، بالإضافة إلى المستوى الولائي، ونحن مطالبون بإصلاح ما أٌفسد من ثلاثين عاما فقط في ثلاثة سنوات، بالإضافة إلى محاربة الفساد الكبير الذي تفشي، علاوة على تحقيق مطالب الثورة لتحقيق السلام كواحد من الملفات المهمة أمام المجلس السيادي وكل السلطة الانتقالية.


كيف يتعامل المجلس السيادي السوداني مع الأطراف الإقليمية التي تدعم الدولة العميقة؟

لدينا خطط وبرامج نسعى لتحقيقها وأي طرف خارجي يمد يده للدولة العميقة بما يعرقل نهضة السودان، وتحقيق مطالب الثورة، سيتم الرد عليه بما يستحق.


حركة عبد الواحد نور رافضة للتفاوض وما تقوله متعلق بوجود الجانب العسكري داخل مجلس السيادة السوداني.. فكيف ستتعاملون مع هذا الأمر؟ 

أنا أعتقد أن ما يقولونه هو جزء من موقف تفاوضي فالجانب العسكري هو شريك في الثورة لا شك في ذلك، كما أن الوثيقة الدستورية التي أسست للحكم على مدار السنوات الثلاثة المقبلة، توضح بجلاء دور العسكريين والمدنيين في المجلـس السيادي، ونحن نعمل الآن كفريق واحد داخل المجلس السيادي، كما أن فريق التفاوض به عدد من المدنيين والعسكريين ونحن نحمل رؤية تفاوضية واحدة؛ فالجميع حريصون على تحقيق السلام، فالعسكريون أكثر من يعرف ويلات الحرب لأنهم خاضوها لسنوات طويلة جدا.