رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«لغز» التحركات البرلمانية لـ«تغليظ» عقوبة المجرمين الصغار بعد «قضية شهيد الشهامة»

النبأ


أثار مقترح برلماني بشأن تعديل تشريعي حول خفض سن الطفولة من 18 لـ15 عامًا جدلا كبيرا بين الحكومة ونواب البرلمان، بعد انتشار جرائم القتل التى ارتكبها مجرمون بـ«دم بارد»، وصنفهم القانون أطفالًا. 


ويرى مؤيدو التعديل أنه سيساهم في الحد من الجرائم التى تشهدها مصر الفترة الحالية، لأنه بحسب قانون الطفل فإن العقوبة القصوى للقاتل الذي لم يتجاوز الـ18 عاما هى السجن 15 سنة، فيما يرى آخرون أن هذا التعديل سيكون مخالفًا للمواثيق والأعراف الدولية التى وقعت مصر عليها، مشيرين إلى أن هناك بديلًا يتمثل في إدراج عقوبة الإعدام والمؤبد.


وتقدّم رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «المصريين الأحرار» أيمن أبو العلا، بمقترح مشروع لتعديل قانون رقم 12 لسنة 1996 "قانون الطفل"، والذي يتضمن ضرورة تغيير المادة والعودة لنص قانون العقوبات الخاصة بالجرائم مكتملة الأركان والإدراك، ويشمل أنه إذا ارتكب طفل لا يتجاوز سنه الـ15 جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد، يحكم عليه بالحبس.


ويهدف هذا المشروع لتطبيق عقوبتي الإعدام والسجن المؤبد على مرتكبي الجرائم، إذا جاوزوا 15 سنة، وليس 18 سنة كما الحال في القانون الحالي.


وجاء في مقترح مشروع تعديل القانون تغيير عبارة "على المتهم الذي لم يتجاوز سنه الـ18 ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة" في الفقرة الأولى من المادة مع إلغاء الفقرة الثانية من المادة، لتصبح "على المتهم الذي لم يتجاوز سنه الـ15 ميلادية وقت ارتكاب الجريمة".


واشتملت المذكرة الإيضاحية لمشروع تعديل القانون على ضرورة تعديل القانون بعد التطور التكنولوجي، والذي أصبح إدراك الإنسان أكثر تطورا وزيادة الوعي عند الشباب وأصبح اكتماله مبكرا وخاصة في جرائم القتل العمد والاغتصاب والخطف مع سبق الإصرار والترصد أصبح مكتملا عند سن الـ15.


من ناحيته، قال اللواء الدكتور محمد درويش، مستشار وزارة التضامن الاجتماعى، إن خفض سن الطفل عن 18 سنة مخالف للدستور، وللاتفاقيات الدولية الخاصة بالطفل.


وأضاف «درويش»: «مسألة خفض سن الطفل تخالف الدستور والاتفاقيات الدولية، ولكن يمكن البحث في العقوبة، فالقانون الحالي للطفل يمنع على القاضي الحكم على طفل بعقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد».


وأشار مستشار وزارة التضامن الاجتماعى إلى ضرورة التشاور بين الحكومة ممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى، وبين البرلمان ولجنة التضامن، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والجهات الأخرى المعنية، لإخراج قانون يتلاءم مع الظروف الحالية. 


الجدل السابق، أحدثته الحالة التى تشهدها مصر خلال الفترة الحالية، من تزايد غير مسبوق في معدل جرائم القتل، ارتكبها أطفال، تخلوا عن براءتهم، ونفذوا جرائمهم بشكل بشع، تقشعر لها الأبدان، لا تتناسب مع السن التى صنفهم أطفالا بحكم أنهم لم يتجاوزوا ال18 عامًا، لعل أبرزها القضية المعروفة إعلاميًا بشهيد الشهامة "محمود البنا".


تعد واقعة "البنا" الأشهر، بعدما حصدت تعاطفًا شعبيًا كبيرًا مع القتيل، الذي لم يتجاوز عمره  السابعة عشرة من عمره، وتم التنكيل به وقتله؛ لأنه دافع عن فتاة تحرش بها شاب جامعي يدعى "راجح".


وكشفت دراسة جديدة بأحداث شمال الجيزة عن أن هناك 15 ألف جريمة ارتكبها الأطفال دون الـ18 خلال عام 2016 منها 4730 قضية سرقة و333 قضية مخدرات و40 قضية هتك عرض و200 مرور و40 إصابة خطأ و8 نصب و217 ضرب 4 قتل 37 مظاهرات و22 قضية سلاح نارى و75 قضية سلاح أبيض و11 قضية تموين و8 قضايا دعارة و11 تحريض على الفسق و6 فجور و5 خيانة أمانة.


وفي هذا السياق، قال الخبير الدستوري، الدكتور جمال جبريل، إنه لا يمكن تعديل القانون الخاص بخفض سن الطفولة، مشيرًا إلى أن مصر موقعة على اتفاقية دولية خاصة بالطفل، متابعا «مش بمزاجنا وماتقدرش».


وأضاف «جبريل» في تصريح خاص لـ«النبأ» أن المسألة ليست في خفض سن الطفولة بالقانون من عدمه أو تغليظ العقوبة ولكن الأزمة تتلخص في البحث وراء الظاهرة ومعرفة أسبابها، ومحاولة معالجتها من خلال دراسة الأسباب النفسية والاجتماعية.


وأشار إلى أن تعديل العقوبة لتصل إلى الإعدام أو المؤبد في جرائم القتل لن يفيد في وقف هذه الجرائم، مشيرًا إلى أن العقوبات تعد المرحلة الأخيرة في التعامل مع أي ظاهرة، كما أثبتت التجارب عدم جدواها في الحل.


وقالت داليا صلاح مديرة المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفل، إن هذا المقترح مرفوض، مشيرة إلى أن تحديد سن الـ18 لم يكن من فراغ؛ لأنه تم وضعه بناء على دراسات وأبحاث وصلت إلى أن الطفل لا يكتمل نضوجه الفكري إلا عند ال18 عاما.


وأضافت في تصريح خاص لـ«النبأ»، أنه ليس من العدل أن يتم تحميل الطفل مسؤولية الجرائم التى يرتكبها، مشيرة إلى أنه ضحية الظروف والمشاكل الأسرية التى يكتسبها بحكم سنه وعدم نضوجه، متابعة" ليس الحل في رفع سن العقوبة ولكن في إصلاح المجتمع".