رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سيناريوهات «تفكيك» المشروع الشيعى بعد الموجة الثانية من «الربيع العربى»

خامنئي
خامنئي

تراجع حركة النهضة في تونس وإزاحة حكم الإخوان في السودان

«حسن»: الشعوب العربية مصممة على التغيير والحصول على الحرية والديمقراطية

«النفيس»: ما يجرى في لبنان والعراق جزء من مخطط ضرب مشروع المقاومة في المنطقة 

«صبح»: مشروع إيران لن يسقط لأنه مؤيد من القرآن الكريم


التطورات والتظاهرات التي شهدتها «5» دول عربية فيما أُطلق عليه الموجة الثانية لـ«ثورات الربيع العربي» فى السودان والعراق ولبنان والجزائر وتونس، من المؤكد أنه سيكون لها تداعيات سياسية خطيرة، لاسيما أن هذه التظاهرات والاحتجاجات شهدت هجومًا على النظام الإيرانى كما فى العراق ولبنان. 


أما الجزائر، فتميزت الاحتجاجات بغياب التيار الإسلامي، وتركزت مطالب المتظاهرين على رحيل نظام بوتفليقة، ومحاكمة الفاسدين، وتطبيق نظام ديمقراطي قائم على الحرية والعدالة والمساواة وتداول السلطة، وفي تونس، أسفرت الانتخابات الرئاسية عن فوز الرئيس (قيس سعيد) من خارج التيار الإسلامي، وفي السودان أُسقط نظام عمر البشير المحسوب على التيار الإسلامى.


هذه التطورات أثارت الكثير من الأسئلة مثل: هل ما يحدث في العراق ولبنان هو ثورة على المشروع الإيراني المعروف بـ«المشروع الشيعي» في المنطقة العربية، والذي يهدف إلى تشييع المنطقة، وهل هذه الاحتجاجات ستؤدي إلى إسقاط هذا المشروع في الدولتين؟


وهل غياب التيار الإسلامي في احتجاجات الجزائر، وتراجع حركة النهضة في الانتخابات الرئاسية في تونس، وإسقاط حكم عمر البشير المحسوب على الإخوان في السودان، مؤشر على تراجع الإسلام السياسي في المنطقة العربية؟


إلى أي مدى استفادت هذه الثورات أو الاحتجاجات من أخطاء ثورات الربيع العربي 2011، وهل هذا الشكل الجديد من الثورات سينتقل إلى دول أخرى في العالم العربي؟


إلى أي مدى كانت نظرية الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عام 2006 الذي قال فيها إن ولاء الشيعة العرب هو لإيران، والتي أثارت موجة من الغضب في أوساط الشيعة العراقيين، كانت صحيحة؟


هل خروج المتظاهرين في تلك الدول رغم حملات التخويف من مصير سوريا والعراق، ورغم الثمن الفادح الذي دفعه الشعب السوري، دليل على أن الشعوب العربية لم تتأثر بهذه الحملات وأنها مستعدة لدفع أي ثمن من أجل الحصول على حريتها وكرامتها، وأنها كسرت حاجز الخوف إلى الأبد؟


الحشد الشعبى والحرس الثورى

يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هناك محاولات من جانب كل من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ورئيس الجمهورية برهام صالح لعودة العراق للأسرة العربية، وجعل العراق بلدا محايدا وعنصر وفاق للمصالحة بين الجميع، وعدم تحويله إلى ساحة صراع للآخرين، لذلك كانت هناك محاولات من جانب «عبد المهدي» لعمل مصالحة بين إيران والسعودية، والنأي بالعراق عن أي صراعات بين إيران وجيرانها الخليجيين.


وتابع: «لكن يبدو أن هذه الاتجاه لم يرضِ أمريكا والسعودية، كما أن زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للعراق لم تكن مريحة بالنسبة لأمريكا وبعض الأطراف الأخرى، ومن هنا بدأت إثارة المشاكل للعراق عن طريق اللعب على المصاعب والمشاكل الاقتصادية التي يعاني منها العراق منذ سنوات، وبالتحديد منذ الغزو الأمريكي»، مشيرا إلى أن المظاهرات في العراق بدأت بالمطالبة بالإصلاح، ثم سرعان ما تطورت إلى المطالبة بإسقاط النظام، ومهاجمة المصالح الإيرانية.


ولفت «حسن» إلى أن المحاصصة الطائفية التي وضعها بول بريمر، الحاكم الأمريكي السابق للعراق بعد الاحتلال الأمريكي، قسّمت الدولة، وهناك مطالب بإنهاء هذا التقسيم، والعودة بالعراق إلى النظام القديم القائم على المشاركة الكلية في إطار الدولة الواحدة.


وأضاف أن اتجاه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لدمج الحشد الشعبي في الجيش العراقي لم يلقَ قبولا من جانب الحرس الثورى الإيراني، كما أن الأمريكيين غير راضين عن وجود الحشد الشعبي؛ لأنهم يعتبرونه تأسيسًا لكيان جديد خارج إطار الدولة على غرار حزب الله في لبنان، ومن هنا بدأت إثارة الناس ضد إيران، وتم الاعتداء على القنصلية الإيرانية في البصرة.


وأشار إلى أن مقتدى الصدر زار قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني في العراق، من أجل فض المظاهرات، وإنهاء الفرقة لصالح الوجود الإيراني، مؤكدا أن إيران لن تضحى بسهولة بوجودها في العراق لأن الأخير أحد عوامل قوتها أمام أمريكا.


وقال «حسن» إنّ بعض الأطراف الخارجية استغلت متاعب الناس الاقتصادية في لبنان من أجل إقصاء «حزب الله» من الحكومة، لافتا إلى أن المتظاهرين في لبنان بدأوا بالمطالبة بإنهاء نظام المحاصصة، وتشكيل حكومة تكنوقراط، ورحيل الطبقة السياسية الموجودة، وأنّ هذا مطلب نظري يستحيل تحويله إلى واقع عملي؛ لأن النظام الطائفي في لبنان متأصل في الدستور، وتوزيع المناصب يعتمد على ذلك بقوة الدستور؛ فالرئيس مسيحي ماروني، ورئيس الوزراء سني، ورئيس مجلس النواب «شيعي». 


وأردف: «وبالتالي من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل أن يتم استبعاد أو إقصاء حزب الله من المعادلة السياسية في لبنان؛ لأنه مكون أساسي من النظام الطائفي المحمي بالدستور اللبناني، وتشكيل حكومة تكنوقراط لن يحل مشكلة لبنان لاسيما في ظل التحالف السياسي بين حزب الله وحركة أمل».


واستبعد «حسن» أن يؤدي ما يحدث في العراق ولبنان إلى إسقاط المشروع الإيراني في المنطقة؛ لأن وجود إيران في الكثير من الدول وخاصة في العراق ولبنان ليس وجودا مباشرا، ولكنه وجود ممتد عبر عناصر وتنظيمات موالية لطهران سياسيا وأيديولوجيا، فمثلا في لبنان يوجد «حزب الله»، وهو جزء من البرلمان اللبناني والحكومة ومن الميليشيات المعترف بها في لبنان مثل الكثير من الميليشيات الطائفية الأخرى، كما أن التصعيد الأمريكي السعودي ضد إيران سيأتي بنتائج عكسية ويجعل إيران أكثر تمسكا بوجودها في تلك الدول، لاسيما وأن طهران تمتلك سياسة النفس الطويل أو سياسة صناعة السجاد عقدة بعقدة كما يقولون في إيران.


وأكد أنّ إسقاط المشروع الإيراني في العراق وسوريا ولبنان غير ممكن في ظل التصعيد السعودي الأمريكي في الأزمة السورية، وتحريض الأكراد للسيطرة على مناطق النفط في سوريا، مشيرا إلى أن إيران بقواتها البرية وميليشياتها المسلحة هي التي ساعدت سوريا في القضاء على الجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة، والحرس الثوري الإيراني عن طريق حرب العصابات استطاع مع الطيران الروسي مواجهة التنظيمات الإرهابية والمسلحة في سوريا وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي.


وقال أيضًا: «لكل هذه الأسباب وبسبب التحالف الاستراتيجي بين روسيا والنظام السوري وإيران أمريكا لن تستطيع إخراج إيران من سوريا، وفي لبنان تحالف حزب الله وحركة أمل بزعامة نبيه بري والتيار الديمقراطي الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل المرشح بقوة لخلافة ميشيل عون يجعل من المستحيل إسقاط حزب الله».


واستطرد «حسن»، أن ما قاله الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في عام 2006 من أن ولاء الشيعة العرب يكون لإيران غير صحيح، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الشيعة العرب من القوميين، والذين يلجأون أحيانا إلى إيران من أجل حمايتهم، فلا يمكن القول مثلا أن نبيه بري زعيم حركة أمل موالٍ لإيران، ولا يمكن القول إن مقتدى الصدر الزعيم الشيعي في العراق موالٍ لإيران.


وعن ما يحدث في الجزائر والسودان وتونس، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن تراجع شعبية حركة النهضة في تونس يعود إلى فشلها في انتشال الاقتصاد التونسي من عثرته خلال فترة حكمها، ونتيجة لهذا التراجع أصبحت الآن غير قادرة على تشكيل الحكومة التونسية، مشيرا إلى أن ما حدث في الجزائر ثورة شعبية يشارك فيها جميع الجزائريين إسلاميين ومدنيين من إجل إسقاط جبهة التحرير الوطني التي تحكم الجزائر منذ استقلالها حتى الآن. 


ولفت إلى أن الإسلاميين جزء من الحراك الجزائري، ولكنهم يشاركون في الخلفية، فهم لا يريدون تكرار العشرية السوداء التي حدثت في ثمانينيات القرن الماضي، مؤكدا أن الشعوب العربية في العراق ولبنان والجزائر وتونس والسودان استفادت كثيرا من أخطاء ثورات الربيع العربي التي اندلعت في 2011، ولم ترفع أي شعارات طائفية أو دينية أو إسلامية، كانت شعاراتها تطالب بالحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية ومحاربة الفساد، وهذه شعارات عامة يطالب بها كل الناس بغض النظر عن انتمائاتهم السياسية أو الفكرية، فالكل أصبح متفقا على أن الشعارات الطائفية والدينية التي ميزت ثورات الربيع العربي في 2011 هي السبب فيما يحدث من دمار في العالم العربي.


واستكمل: «هذه الشعارات تم استغلالها من جانب الأطراف المعادية لهذه الثورات للانقضاض عليها وإجهاضها ووأدها في مهدها»، مؤكدا أن ثورات الربيع العربي لم تكن ثورات الإسلام السياسي كما يزعم البعض، وأن التيار المدني كان هو الغالب في تلك الثورات ولكن الأنظمة التي قامت عليها هذه الثورات سمحت للإسلاميين بركوب هذه الثورات من أجل إجهاضها، لافتا إلى أن ذريعة الإسلام السياسي التي تم استخدامها للإجهاز على ثورات الربيع العربي زالت الآن، بعد أن أدركت الشعوب العربية هذه الذريعة وتجنبت تكرارها. 


وأشار «حسن» إلى أن ما يحدث في العالم العربي أثبت أن الإسلام السياسي كان مجرد بعبع يخوفون به الشعوب العربية، وأن تونس رغم مشاكلها الاقتصادية الكبيرة استطاعت استيعاب التيار الإسلامي ووضعه تحت السيطرة، مؤكدا أن الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الجزائر الشهر المقبل لن تضع نهاية للصراع في هذا البلد العربي، بل أنها ستكون بداية لصراع جديد مع النظام الذي ستفرزه تلك الانتخابات، لاسيما وأن الشعب الجزائري يرفض إجراء هذه الانتخابات قبل إسقاط جبهة الإنقاذ الوطني وكل الفاسدين، كما أن هذه الانتخابات ستشهد مشاركة شعبية ضعيفة جدا.


ولفت مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أن الثورات الحالية أثبتت عدم تأثر الناس بحملات التخويف من مصير سوريا والعراق وليبيا، وأن الشعوب العربية مصممة على التغيير والحصول على الحرية والديمقراطية مهما دفعت من ثمن، مشيرا إلى أن الشعوب العربية وخاصة التيار المدني تعرضت لظلم كبير بسبب إجهاض ثورات الربيع العربي، وبالتالي ما يحدث الآن دليل على أن الشعوب العربية مستعدة لدفع أي ثمن من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة ومحاربة الفساد.


إسقاط مشروع المقاومة في المنطقة

يقول الدكتور أحمد راسم النفيس، الناشط الشيعى، إنّ ما يحدث في العراق ولبنان حلقة من مسلسل إسقاط مشروع المقاومة في المنطقة، الذي بدأ منذ أكثر من نصف قرن لمواجهة المحور الأمريكي الإسرائيلي، وكان أبرز حلقاته الرئيس الراحل جمال عبد الناصر،  في الوقت الذي كانت فيه إيران بقيادة الشاه متحالفة مع إسرائيل.


وتساءل الناشط الشيعي عن سر الحساسية من كلمة إيران التي أصبحت جزءًا من محور المقاومة ضد المشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة.


وأشار «النفيس» إلى أن أمريكا وإسرائيل ضد إيران بسبب أنها صارت جزءًا أساسيًا من محور المقاومة في المنطقة، وأن الدولتين تراهنان على تركيع المقاومة، مضيفًا أن ما يحدث في سوريا جزء من هذا الحرب على المقاومة، وأن إسرائيل تستخدم الآن الورقة الأخيرة لها للقضاء على المقاومة، وهي اللعب على وتر الصراع الداخلي الطائفي في كل من لبنان والعراق، بعد أن فشلت في ضرب المقاومة من خلال الحرب في سوريا ودعم المنظمات الإرهابية ومنها تنظيم «داعش».


ولفت إلى أن الأمريكيين والإسرائيليين يحاولون الاستفادة سياسيا من الأزمة المالية التي يمر بها لبنان، ويشترطون إخراج «حزب الله» من الحكومة لحل الأزمة المالية، مستبعدا أن تنجح أمريكا في تحقيق أهدافها في لبنان، كما استبعد أن تنجح تلك التظاهرات في إخراج حزب الله من الحكومة.


وتوقع أنّ تعلن لبنان إفلاسها، وهو ما حذر منه السيد حسن نصر الله، لافتا إلى أن الهتاف ضد إيران عادي جدا وقد حدث قبل ذلك، موضحا أنه لولا تدخل إيران في العراق لسيطر تنظيم داعش الإرهابي على الأماكن المقدسة، وأن الكيان الصهيوني يعلم جيدا أنه لا يستطيع إسقاط مشروع المقاومة إلا عن طريق إسقاط لبنان، والزج بها في أتون الحرب الاهلى ة، وهي لعبة «حافة الهاوية».


وحذر «النفيس» من أن الذهاب بعيدًا في لعبة حافة الهاوية، وانهيار لبنان سيجعل المعبد يسقط على رؤوس من تسببوا في هذا الانهيار، و«حزب الله» لن يسقط؛ لأنه القوة الوحيدة القادرة على الإمساك بزمام السلطة في لبنان بعد انهيارها، مشيرا إلى أن أهل السنة والجماعة يحاربون حزب الله منذ سنوات ولم ينجحوا في هزيمته.


وأوضح أنه منذ عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وهناك محاولات عربية للتقريب بين السنة والشيعة، وبين إيران والسعودية، مشيرا إلى أن الأمين العام لجامعة الدول العربية الحالى أحمد أبو الغيط ذكر في مذكراته عن خطة ومشروع مصري وسعودي لتحسين العلاقات مع الشيعة العرب، متسائلا عن سر اختفاء هذه المبادرات والمحاولات.


مشروع إيران لن يسقط.. لهذا السبب 

من ناحيته، يقول الشيخ أحمد صبح، زعيم المنشقين عن الجماعة الإسلامية، إن ما يحدث في العراق ولبنان واليمن «موجة ثانية» من الثورات التي تشرف عليها المخابرات الأجنبية.


وأكد «صبح» أنّ ما يحدث في العراق ولبنان لا علاقة له بإيران أو بإسقاط المشروع الإيراني، لكنه نوع جديد من الثورات خالٍ من الإسلاميين من أجل تقسيم الشرق الأوسط، مشددا على «أن مشروع إيران لن يسقط لأنه مؤيد من القرآن الكريم».