رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«بيزنس البنزينات».. مطاعم وكافيهات وعربيات «فاست فود»

بنزينة
بنزينة

مواطن: "البنزينات بقت زحمة جدًا والأطفال بتشبط فى الأكل والحلويات"

شيماء محمد: "أنا شايفة إن ده باب رزق للشباب اللى بيساعد نفسه"

خبير اقتصادى: أصبحت زيارة محطات الوقود فسحة ترفيهية

هانى توفيق: نسبة المخاطر لا تتعدى الـ1%.. والازدحام خطأ تنظيمى

«اتفضل يا باشا».. وسط زحام شديد تصل إلى أسماعك تلك العبارة، وما إن تلتفت للكشف عن مصدر الصوت، تجد شابًا يمد إليك يده بعود أسنان مثبتا به قطعة من حلوى "الزلابية"، إنه ليس مشهدًا في فيلم، ولكنه بات مشهدًا مألوفًا أمام محطات الوقود التي تعج بالمحلات والمطاعم، لتكشف عن «بيزنس محطات الوقود في مصر»، الذي بات أشبه بسحابة تخيم على محطات البنزين، ورغم أن الكثيرين يرون أن الأمر إيجابي إلا أن للبعض رأيا آخر، لاسيما مع تواجد سيارات «الفاست فود» أمام محطات الوقود، ليصبح المشهد أشبه بمولد أو مهرجان.

استدعى ذلك المشهد المُتكرر بالكثير من محطات الوقود، مجموعة من التساؤلات على رأسها، لماذا يلجأ أصحاب محطات الوقود إلى «بيزنس» تأجير المحطة؟ 

850 محطة وقود جديدة تم تشغيلها خلال فترة الـ5 سنوات الماضية، وفقًا لبيان وزارة البترول المصرية 30 يونيو 2019، ليصبح إجمالي محطات الوقود داخل السوق المحلية نحو 3597 محطة.

القصة كلها بيزنس
«مع الأسف كل شيء في البلد تحول بيزنس، لدرجة البنزينات بقت شبه المولات»، بهذه العبارة يصف محمد جمال، مواطن، ما وصلت إليه محطات الوقود، أفواج كثيرة تتوافد على محطات البنزين قاصدة المطاعم والكافيهات وعربات الفاست فود، ليتسيد الزحام الموقف ويؤرق راغبي "تفويل" سياراتهم، "الزحمة أكبر سيئة سببها بيزنس محطات البنزينات، والموضوع زاد عن حده بدرجة كبيرة".

لم يكن الزحام هو المشكلة الوحيدة التي تواجه المواطنين، فبعضهم يشكو من تطفل أصحاب عربات الفاست فود، لاسيما عند اصطحابه طفلًا، مثلما يحدث مع محمد "المشكلة لما بيكون معانا أطفال بتشبط في الأكل والحلويات اللي بيعرضها علينا أصحاب المشاريع كنوع من الدعاية".

«المشكلة الأكبر هنا لو إن محطات البنزين ما كانتش دارسة الموضوع كويس؛ لأنه ممكن يسبب كوراث»، كان هذا رأي (يوسف أحمد)، تحول الأمر إلى "بيزنس" يؤكد عدم اهتمام أصحاب محطات الوقود بالضرر الذي من الممكن أن تتسبب فيه تلك المشاريع داخل المحطات، "الحاجة الوحيدة اللي بتهم أصحاب البنزينات الأرباح اللي بيجنوها من وراء تأجير أماكن في المحطة، وما دام فيه إقبال عليها مش مهم بقى إذا كان لها سلبيات وأضرار".

"التفكير الأساسي لأصحاب محطات الوقود، هو إزاي أكسب فلوس أكتر، من المفترض يعملوا حساب لأن كل مشاريع المطاعم وعربيات الفاست فود أو حتى الزلابية بتستخدم النار لطهو الأكل، ووارد تحصل كوارث"، بهذه العبارة، أعرب يوسف عن أسفه لفكرة تفشي بيزنس تأجير محطات الوقود للمطاعم والكافيهات.

اختلفت الآراء
بينما هناك من يرى أن وجود تلك المشروعات بمحطات الوقود أمر ضروري، كما ترى (هويدا محمد) "المطاعم والكافيهات الموجودة في البنزينات مهمة جدًا، لأنها بتوفر الخدمات للمواطنين خصوصًا المسافرين".

هناك من ينظر بعين الشفقة لأصحاب المشاريع الصغيرة في محطات الوقود من الشباب، مثلما ترى شيماء محمد: "أنا شايفة إن ده باب رزق للشباب اللي بيساعد نفسه، هو ما بيفرضش على حد حاجة وبيتعامل بمنتهى الذوق واللي عايز يشتري بمزاجه".

أرباح خيالية لمحطات الوقود
يقترب صافي أرباح شركات إنتاج المواد البترولية سنويًا من النصف مليار جنيه، سواء أكانت شركات القطاع الخاص أو المملوكة للدولة، وبحسب تصريح رئيس شركة مصر للبترول التابعة للدولة، نبيل صادق، في سبتمبر 2019، حققت الشركة صافي أرباح 450 مليون جنيه.

ويتخطى عدد محطات الوقود التابعة لشركة مصر للبترول الـ1000 محطة، استطاعت حصد إيرادات من تسويق المنتجات البترولية والخدمات بلغت 50 مليار جنيه، بكميات 7.5 مليون طن خلال عام 2019.

عدد كبير جدًا من محطات الوقود تعتمد على زيادة مكاسبها من خلال بيزنس تأجير المحطات لأصحاب المشاريع، لاسيما المحطات الموجودة بالعاصمة، على رأسها محطات الوقود التابعة لشركة شل وتوتال وشركة الوطنية التابعة للقوات المسلحة، وشركة إكسون موبيل، وغيرها.

ووفقًا لدليل محطات البنزين بالقاهرة المتداول عام 2017، تمتلك شركة "إكسون موبيل" 53 محطة وقود بالقاهرة، بينما تمتلك شركة "التعاون" 27 محطة، أما شركة الوطنية التابعة للقوات المسلحة فتمتلك 8 محطات وقود فقط في مدينة القاهرة.

وتبلغ عدد محطات الوقود التابعة لشركة "توتال" داخل القاهرة 4 محطات، أما شركة "شل" تمتلك 11 محطة، في حين يبلغ إجمالي محطات الوقود التابعة لشركة مصر للبترول داخل العاصمة 13 محطة، ومعظم هذه الشركات اتجهت إلى بيزنس تأجير محطات الوقود.

"إمارات مصر" تتوسع في البيزنس
وتعد شركة إمارات مصر للمنتجات البترولية من أكثر الشركات التي تعتمد بشكل كبير على بيزنس تأجير محطات الوقود التابعة لها، برغم انخفاض عدد محطات الوقود التابعة لها بواقع 16 بعدما تم الإعلان عن إقامة محطتين جديدتين أبريل 2018.

مارس 2019 تعاقدت الشركة مع إحدى الشركات العقارية على إنشاء ثلاث محطات بمدينة القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر، والساحل الشمالي، واتخذت شركة "إمارات مصر" من السوشيال ميديا منصة لها للإعلان عن افتتاح المطاعم والكافيهات داخل محطات الوقود التابعة لها.

واعتمدت الشركة خلال عشر سنوات ما بين عامي 2009 و2019 أن تتوسع في بيزنس تأجير محطات الوقود التابعة لها لأصحاب المشاريع، وفقًا لما نشرته على الصفحة الرسمية لها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

الزحام خطأ تنظيمي
"كل ما فيه مكسب للشباب وإتاحة فرص عمل هو جيد"، هكذا علق الخبير الاقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة «مصر لرأس المال المخاطر» هاني توفيق، على انتشار الظاهرة.

وفيما يتعلق بانتشار الزحام في محطات الوقود أو أمامها بسبب تلك المشروعات، قال توفيق لـ"النبأ": الزحام خطأ تنظيمي يُسأل عليه أصحاب محطات الوقود أو الحي التابعة له محطة الوقود.

"بنسبة 100% تتوفر احتياطات الأمن والسلامة في هذه المشروعات قبل تأجير أو منح رخصة لأصحاب المشروعات"، بهذه العبارة اختتم هاني توفيق تصريحاته، مُضيفًا أن هذا لا يمنع أن تكون هناك نسبة ضئيلة لوقوع حوادث ولكنها لم تتخط 1%.

ظاهرة إيجابية وزيارة ترفيهية
الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، يرى انتشار الظاهرة مؤشرًا على تنمية موارد محطات الوقود من خلال استغلال أماكن غير مستغلة بها أمثّل استغلال، ووصفها بالظاهرة الإيجابية، لاسيما وأن أغلب محطات البنزين التي تنتشر بها المطاعم والكافيهات وسيارات الفاست فود، تكون على الطُرق السريعة، وبالتالي فهي تقدم خدمات مهمة للمسافرين والمواطنين بشكل عام.

وسائل الأمن والدفاع المدني في محطات الوقود تكون على أعلى مستوى، وتتمتع برقابة عالية جدًا، لافتًا إلى أن الزحام الشديد على محطات الوقود مؤشرًا على نجاح الفكرة، الأمر الذي حوَّل زيارة الأسرة لمحطة الوقود لصيانة السيارة تعد نوعًا من أنواع الترفيه بفضل الخدمات المُقدمة.