رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

قتل وسحل وبلطجة.. أخطر جرائم الشهر الأول بالعام الدراسى الجديد (ملف شامل)

العنف داخل المدارس
العنف داخل المدارس



يبدو أن العام الدراسي الجديد، يختلف نسبيًا عن الأعوام السابقة في مشكلاته؛ حيث إنها كانت متكررة في السابق ما بين الطالب والمدرس، بسبب رفض الأخير ذهاب الطلبة إلى دورة المياه، ظنا بأنها محاولة من الطالب للهروب من الحصة أو اليوم الدراسي، أو التعدي على الطلاب بالضرب بالعصا داخل المدرسة، لكن بدت المشكلات هذا العام مختلفة تمامًا، حيث شهد فناء المدارس عدة جرائم مختلفة ما بين قتل وسحل وأعمال بلطجة فضلًا عن أزمة مراوح السقف التى تسببت في إصابة تلاميذ ومعلمين في الأيام الأولى دخل الفصول.


وجاء في الكتاب الدوري لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، بشأن الاستعدادات لبدء العام الدراسي 2019 - 2020 للمديريات التعليمية، للعمل على توفير نظام تعليمي متميز، وتهيئة المناخ المناسب والجيد والآمن لأبنائنا الطلاب خلال فترة سير الدراسة؛ من أجل تحقيق عام دراسي منضبط، لكن ما شهدته الأيام الأولى في المدارس من جرائم «قتل وسحل وبلطجة ومخدرات وتحرش» يجعلنا ندق ناقوس الخطر حتى لا يستيقظ المصريون على «فاجعة كبرى» مثل «فاجعة» محمود البنا، القضية المعروفة إعلاميًا بـ«شهيد الشهامة» والتي هزت الرأي العام، في محاولة لإنقاذ جيل المستقبل من براثن الجريمة.


هل تتذكرون واقعة مقتل محمود البنا، الطالب بالصف الثالث الثانوي، إثر إصابته بطعنات نافذة بالبطن، على يد محمد راجح، عقب قيامه بالتعدي عليه بمطواة، نتيجة مشادة كلامية حال معاتبته على إيذاء جارته، فهذا الحادث لم يكن الأخير لكنه يكشف عن أن ثقافة العنف والبقاء للأقوى هي السائدة خاصة بين طلاب المدارس.


وفي هذا الصدد، ترصد «النبأ» أبرز الأحداث التي وقعت داخل فناء المدارس أو خارجها من طلاب العلم وبعض أولياء أمورهم والمعلمين، منها «قتل وسحل وبلطجة ومخدرات وتحرش»، فضلًا عن وجود انحرافات لبعض الطلاب حيث تجد منهم من يحمل بين طيات ملابسه «مطواة» لترهيب زملائه ولعل ما حدث من جرائم في الأيام الماضية، هو أكبر دليل انتشار ثقافة العنف والبقاء للأقوى بين الطلاب.



قتل معلمة في الفصل

في البداية، تُعد واقعة مقتل مُعلمة أثناء تواجدها بمفردها داخل الفصل بمدرسة بناحية قرية العركي التابعة لإدارة فرشوط التعليمية بمحافظة قنا؛ هي الأولى من نوعها مع بداية العام الدراسي الجديد، حيث أطلق شاب النار على المذكورة لرفضها الزواج منه، وتم نقلها إلى المستشفى جثة هامدة، إثر إصابتها برش خرطوش بأنحاء متفرقة خلال تواجدها داخل الفصل الدراسى بالمدرسة عملها.


طالب بورسعيد

وفي بورسعيد شهدت مدرسة على بن أبى طالب واقعة مقتل طالب على يد آخر باستخدام خنجر سدد له طعنة في منطقة القلب سقط قتيلا وتم نقله إلى المستشفى.

«مش هضربك عشان أنت لسه عيل صغير مش راجل» بهذه الكلمات بدأت مشادة كلامية بين طالب بالمرحلة الثانوية وآخر في المرحلة الإعدادية أمام مدرسة علي بن أبي طالب في بورسعيد، تطورت بينهما وتبادل السباب والشتائم، وانفرط عقد الخلاف بين الطالبين إلى ممارسات البلطجة واستعان كلاهما بشقيقه.

وبعد دقائق معدودة تحول محيط المدرسة إلى معركة بالأسلحة البيضاء انتهت بمقتل الطالب أيمن محمد حسن بطعنة نافذة في منطقة القلب، وحضر المارة وعدد من السكان بمحيط المدرسة لمحاولة إنقاذ الطالب بسرعة نقله إلى مستشفى الزهور لكن توفى قبل وصوله.

وفشل المتهم في الهروب من مسرح الجريمة بسبب حصار شهود العيان له وتسليمه إلى الشرطة، وباستجوابه اعترف بجريمة قتل الطالب، مدعيًا أنه كان في حالة دفاع عن النفس: "الخنجر كان في إيده وكان هيضربني بيه وخطفته منه وضربته فطب ساكت".


بلطجية تقتحم مدرسة 

وتعرضت مدرسة جلال الدين الابتدائية بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية، لحالة من الفوضى عقب اقتحام 4 أشخاص من بينهم ولي أمر تلميذ، المدرسة بالأسلحة البيضاء والاعتداء على مدرس رياضيات بسبب دفاعه عن تلميذ، ما أدى إلى إصابته بجرح قطعي في الوجه.

وذكر العاملون بالمدرسة، أن ولي أمر تلميذ حضر بصحبة صديقه ليضرب تلميذا آخر انتقاما منه لضرب نجله في اليوم السابق، وعندما شاهدهما المدرس حاول منعهما لكن ولي أمر التلميذ رفض تدخله وقال له «أنا أضرب اللي يتشدد له» ودارت بينهم مشادات كلامية، قام على إثرها صديق ولى أمر التلميذ بإلقاء قطعة زجاج على المدرس، وأحدث إصابته بجرح قطعي في الوجه.

وأضافوا أن مدير المدرسة اضطر لاحتجازهما، وغلق باب الغرفة عليهما لمنعهما من الاستمرار في الاعتداء على المدرسين قبل أن يتطور الموقف، لكن اقتحم شخصان بحوزتهما سنجة ومطواة المدرسة وقاما بتهديد وترويع جميع العاملين والمدرسين والتلاميذ، وحطما باب الغرفة، وتمكن ضباط وحدة مباحث قسم ثالث المحلة من ضبط المتهمين الأربعة.


الاعتداء على مدير مدرسة

واتهم مدير مدرسة عرب تل الجراد للتعليم الإعدادى بناحية أنشاص الرمل بمركز شرطة بلبيس بالشرقية، ولى أمر الطالب «زياد. ع. أ. ش»، بالتهجم عليه فى المدرسة، ومحاولته ضرب «محمود. ع»، مدرس لغة عربية بالمدرسة، على خلفية نقل الطالب "وجهة نظر خاطئة للأب" بأن المدرس ضربه فى الفصل.

وقال السيد عبد البر مدير المدرسة إن ولى أمر الطالب استعان بـ«مجموعة» من أقاربه ودخل إلى المدرسة محاولا ضرب مدرس داخل الفصل أمام الطلاب، وأثناء محاولة المدير منعه؛ اعتدى عليه بالضرب المبرح.

وتبين إصابة مدير المدرسة بثقب فى الأذن وكسر أصابع اليد اليسرى، وتم نقله إلى المستشفى العام لعمل تقرير طبي بالواقعة، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 12486 لسنة 2019 إدارى مركز شرطة بلبيس.


«سحل مديرة»

وفي حي المقطم بالقاهرة تعرضت مدير مدرسة «صفية زغلول»، للسحل والاعتداء عليها جسديًا ولفظيًا على يد ولية أمر طالبة داخل فناء المدرسة.

وكشفت مديرة المدرسة، عن أن طالبة تسببت في كسر إصبع زميلتها، وقررت استدعاء ولي أمرها؛ للتوقيع على قرار بالفصل 10 أيام كنوع من العقاب على ما فعلته في زميلتها، لكن فوجئت بأن والدة الطالبة اعتدت عليها.

وتضيف المديرة أن ولية أمر الطالبة المعتدية عندما دخلت المدرسة بدأت بشتمها بألفاظ «وحشة جدًا» ومن ثم اعتدت عليها بالضرب و«جرجرتها من الطرحة» حتى أوقعتها على الأرض أمام المدرسين لدرجة أنهم «مقدروش يحوشوني من يديها»، مشيرة إلى أن ولية أمر الطالبة المعتدى عليها حضرت للمدرسة ومعها تقرير طبي بما حدث لابنتها، وحاولت تهدئة الأجواء بينهما، إلا أن الأمر تتطور لتشابك بالأيدي.

وتابعت: «أغلقت المدرسة واتصلت بالشرطة، وحضرت الشرطة وتحول الأمر إلى مشاجرة، بعدما ضربتني في صدري، وحاولت أهرب منها، لكنها قالت في وسط المدرسة محدش هيحمي مديرة المدرسة مني»، لافتة إلى أنّها اعتدت عليها بصحبة ابنها الذي يبلغ من العمر 15 عامًا.


«مطواة» في المدرسة

وشهدت مدرسة حوش عيسى الثانوية الصناعية بنين واقعة إصابة «س. ك. د»، طالب بمدرسة حوش عيسي الثانوية الفنية بنين، بجرح قطعي بالوجه وجروح سطحية بالصدر وطعنة في الجانب الأيسر باستخدام آلة حادة عبارة عن «مطواة» على يد زميله بالمدرسة.

وأكد الدكتور محمد سعد، وكيل وزارة التربية والتعليم، أنه على الفور تم إبلاغ وزارة الداخلية بالواقعة وتحويل الطالب المصاب لمستشفى حوش عيسي لتلقي العلاج اللازم، مضيفًا أنه سوف يتم عرض الحادث علي لجنة شئون اللوائح الطلابية، للبت في الواقعة واتخاذ القرارات المناسبة تجاهها، مؤكدًا على أن الانضباط والتربية قبل التعليم.


الطالب المشاغب يعتدي على زميلاته

أما في مدرسة الملك فهد بمدينة نصر، لم يختلف الأمر كثير عن السابق خاصة بعدما شهدت واقعة قيام الطالب «م.ي» بالصف الثاني الثانوي بإشهار سلاح أبيض «مطواة» في وجه زميلاته أثناء جلوسهن على أحد المقاعد بفناء المدرسة عقب مطالبته لهن بترك المقعد لصديقه.

وقالت أربع طالبات إنهن فوجئن بزميلهن المذكور – المعروف عنه الشغب وسبق فصله أسبوعين لسوء سلوكه - يطلب منهن ترك المقعد الجالسات عليه فى فناء المدرسة؛ لصديقه، وحينما رفضن الأمر، سارع بإخراج «مطواة» من طيات ملابسه فقامت ثلاث تلميذات منهن بالجرى واقترب من التلميذة الرابعة تدعى «فرح» ووضع المطواة على رقبتها إلا أنها تمكنت من الفرار وإبلاغ المشرفين بالمدرسة واتصلت بوالدتها، التي حضرت لمقر المدرسة وأبلغت الشرطة، وتم ضبطه، بحوزته المطواة، وتحرر المحضر اللازم، وتم استبعاده من المدرسة.

ورفضت إدارة مدرسة الشهيد رامي الجنجيهي المستقبل 1، التابعة لإدارة شرق مدينة نصر التعليمية، قبول تحويل الطالب سالف الذكر والذي كان مقيدًا بمدرسة الملك فهد وتم استبعاده منها بعد ارتكابه الواقعة، خاصة عقب إعلان أولياء أمور مدرسة المستقبل 1 رفضهم تحويل الطالب المذكور إلى المدرسة، لأنه يمثل خطورة على أبنائهم، مهددين بامتناع أبنائهم من التوجه إلى المدرسة.


مكافحة الأسلحة والتحرش بمحيط المدارس

وتؤكد الوقائع السابقة أن ثقافة العنف والبقاء للأقوى هي السائد بين طلاب المدارس، وأصبحت الـ«مطواة، والكاتر»، سلاح الطلاب، الذى حل محل «القلم»، فى غفلة من الأسر والقائمين على العملية التعليمية، لتتحول المدارس إلى ساحات حرب بين الطلاب بعضهم البعض، وبينهم وبين المعلمين، إلى جانب انتشار ظاهرة التحرش بالطالبات، التى صارت مصدرًا لأرق أسر كثيرة، لكن أجهزة وزارة الداخلية كان لها رأي آخر في إطار مكافحة الجريمة بشتى صورها وضبط الخارجين على القانون، حيث ألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة القبض على طالب وعاطلين اثنين بحوزتهم كمية كبيرة من الأسلحة البيضاء قبل بيعها لطلاب المدارس بمنطقة النزهة.

وكشفت تحريات المقدم محمد جهاد، رئيس مباحث قسم شرطة النزهة، عن قيام «ح. ح. س» 18 سنة، طالب يزاول نشاطا غير مشروع في مجال الإتجار بالأسلحة البيضاء بدون ترخيص متخذا من منطقتي نادي الشمس، والمدارس مكانا لمزاولة نشاطه غير المشروع.

وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط المتهم وعاطلين بحوزتهم (122 قطعة سلاح أبيض، و66 عصا بيسبول و30 عصا حديدية و9 أقلام ليزر وقناع غاز، وكمية من الألعاب النارية)، واعترف المتهمون أمام اللواء نبيل سليم، مدير مباحث العاصمة بحيازته للمضبوطات بقصد بيعها لطلاب المدارس والشباب المترددين على الأندية بمنطقة النزهة.


المخدرات

كما شنت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، حملة أمنية مُكبرة استهدفت محيط المدارس والجامعات والمعاهد، لضبط المترددين من مروجي المواد المخدرة بكافة أنواعها لحماية الشباب وحفظ الأمن بمحيطها تلك المنشآت.

وأسفرت نتائج جهود الحملة على مدار ثلاثة أيام عن ضبط 36 قضية "إتجار وحيازة مواد مخدرة" بلغ عدد المتهمين فيها 40 متهمًا.

وعثر بحوزتهم على 3 كيلو بانجو، 3.3 كيلو حشيش، 930 جرام هيروين، 1.2 كيلو استروكس، وكمية من مخدر الأفيون وزنت 300 جرام، و6674 قرصا مخدرا لعقار الترامادول، 1234 قرصا مؤثرا، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وأمرت النيابة بحبس المتهمين على ذمة التحقيقات.


الأسباب

لم تعد المدرسة تقوم بدورها كالسابق، علمًا بأن الضبط والانضباط هما جزأ أساسي من هيبة المدرسة وقيمتها الاجتماعية، بهذه الكلمات بدأ الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي بمركز البحوث التربوية، حديثه مؤكدًا أن المدرسة قيمة، والبناية التعليمية تتمثل في تأدية دورها الذي كلفها به المجتمع على أكمل وجه.

يتذكر «مغيث» أثناء حديثه لـ«النبأ» قائلًا: «وقت ما كنا طلاب مكناش نقدر نطلب من أولياء أمورنا دروس خصوصية، المعلمين كانوا بيدرسوا للطلاب في غير أوقات عمل المدرسة.. مجانًا لوجه الله، كنا زمان نشوف المدرس نمشي من شارع تاني؛ دا لأن المعلم كان له مكانة في المجتمع ويقوم بدوره ويتقاضى راتب يكفل له حياة كريمة».

وأوضح أن التعليم منظومة متكاملة تبدأ من العامل وفرد الأمن حتى المعلم والتلميذ فإذا سقط أحد أطراف المنظومة انتهى الأمر برمته، مشيرًا إلى أن ولاء الطالب حاليًا أصبح لوالده الذي يتكبد ثمن الدروس الخصوصية الباهظ وليس للمعلم، لا سيما أن المعلم بدأ يلجأ للدروس الخصوصية والفلوس، وأصبح كل همه أن «يمضي» في المدرسة ويرحل ليلحق مصالحه ودروسه.

وأكد الخبير التربوي، أن العملية التعليمية كانت تحتفظ بهيبتها وكرامتها حتى وفاة الرئيس السابق جمال عبد الناصر، لوجود خطة تنمية اقتصادية واجتماعية فالدولة كانت تحتاج للخريجين وكان التعليم له قيمة كبيرة، لكن بعد ذلك انهارت خطط التنمية في العصور ما بعد عبد الناصر وجاءت تعليمات البنك الدولي بوقف التعيينات الحكومية وأصبح الخريج يعمل جرسون في «كافيه» والمعلم يضطر للعمل على «التوك توك» معتبرًا هذا القرار بـ«أول مسمار في نعش قيمة المدرسة».

وأشار إلى إن الدولة بدأت في خطة تقليل الإنفاق على التعليم ما نتج عنه زيادة كثافة الطلاب في الفصول واللجوء للمدارس ذات الفترتين والثلاث وهو ما يعني استحالة وجود عملية تعليمية سليمة ومنها يتجه أولياء الأمور إلى الدروس الخصوصية، حتى أصبحت المدرسة مجرد مبنى بلا هيبة أو مكانة أو مصداقية، مؤكدًا أن الطالب بات يذهب للمدرسة يوميًا من أجل إثبات الحضور فقط والاحتفاظ بحقه في دخول الامتحانات، وأصبحت تختلف عن الأسواق الشعبية والشوارع تسود فيها لغة القوة والبلطجة والبذاءة وتفتقد تمامًا للتعليم والأخلاق، تمتلئ بالعنف والتنمر والعصابات والإدمان.





المعالجة

من ناحيتها، تقول رباب عبده، نائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، إن السلاح الأبيض منتشر بشكل كبير بين طلاب المدارس في هذه الأيام، خاصة بين «إعدادي وثانوي»، حتى وصل الحال لحدوث جرائم فعلية بين الطلاب في «المدرسة»، منبر العلم ومنارته، فضلا عن زيادة العنف بين الأطفال حتى وصل الأمر إلى ارتكاب الطلاب جرائم القتل بين بعضهم، كما حدث في إحدى المدارس الثانوية بمدينة نصر بسلاح ابيض.

وتضيف «عبده» لـ«النبأ» أن ذلك يرجع إلى تقصير الأسرة في واجبها ودورها الكامل من تربية أطفالهم في المقام الأول، والابتعاد عن أصحاب السوء، فضلا عن دور المدرسة الذي أصبح حشوا للمناهج التعليمية، أكثر من دورها الأساسي في التربية قبل التعليم، فتلاشت الأخلاقيات التي كانت تبث بين التلاميذ من قبل، واصبح اهتمامهم الأول، هو حشو المناهج فقط لا غير، مؤكدة أن المدرسة تحتاج لإعادة هيكلة وترتيب أولويات لتنبيه المجتمع بناقوس الخطر، الذي بدأ في الانتشار، والبداية يجب ان تكون من الأسرة، بزرع القيم والأخلاقيات في أبنائهم باعتبارهم صناع المستقبل.

وتشير نائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث، وحقوق الإنسان إلى غياب المنظومة الإعلامية في عملية اهتمامها بالطفل، وأنها لم تعد صديقة له ولأسرته، ودورها الفعال في بث الأعمال الدرامية والبرامج المعتمدة علي القيم، لإعادة بناء الإنسان على أسس سليمة بزرع الأخلاقيات به، مطالبة بضرورة وجود خط اتصال بين الأسرة والمدرسة، بطرق وبصورة جيدة ومنتظمة، بحيث لا تنفصل الأسرة عن المدرسة والعكس، على عكس الوضع الحالي.

وتكمل: «يجب تعلم الأسرة كيفية تعاملها مع طفلها، وكيف يتعامل الطفل مع معلميه، وما هي الأخلاق التي يمارسها، وعند وقوعه في خطأ يجب استدعاء ولي أمره، فالمدرسة لا تتجاهل كل ذلك كما يحدث حاليا، سواء عمدا او سهوا او سقطت مسئوليتها في ذلك، فالتنحي عن ذلك، لا يجوز، والاهتمام بأخلاقيات الطالب أهم من مرور اليوم الدراسي علي خير، حتى لا يغيب دورها بمجرد خروج الطالب لسور المدرسة دون مراعاة لسلوكه.

وتؤكد «عبده» أنه يجب إعادة بناء هذه المنظومة بالتوعية عن طريق وزارة التربية والتعليم، والإدارات التعليمية التي يجب عليها أن تعيد ذلك الاتصال بين المدرسة والأسرة، فظهور العنف بين المدرسين والطلاب كان مفاجأة على المجتمع، فكيف للمعلم ان يستخدم العنف اتجاه تلاميذه، وهو يعلمهم، سواء بآلة حادة، أو عصا، أو تعنيفه بطرق غريبة، بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بتأهيل المعلمين في تعاملهم مع الأطفال، حتى يتوفر لديهم بناء قدرات، في كيفية التعامل مع تلاميذهم، وإن لم يحدث ذلك، سيظهر التقصير من وزارة التعليم، والإدارات التعليمية التي لا توفر الدورات المنتظمة لهم، ليتفهموا وضع الطلاب بصورة صحية، وسليمة.

واعتبرت أن غياب القدوة الإيجابية، له دوره في وجود خلل داخل المجتمع، واحتل مكانها صورة سلبية كالأسطورة، وعبده موتة، أي نموذج البلطجي، الذي أصبح قدوة جيل في سلوكه، وغياب دور الأسرة في التوعية السليمة، ساعد أيضا على انتشار ذلك، فالطفل لن يفهم معنى الأخلاقيات بصورة سليمة، والعادات المجتمعية الأصيلة إلا بالتوعية، واختفاؤها يؤدي لكوارث في أخلاقيات الأجيال الناشئة.

ووجهت حديثها لغياب القيم في الشوارع، لعدم التشجيع على القيم المجتمعية الأصيلة التي يجب أن تكون موجودة بداخل كل إنسان بصورة مستمرة، لسد الخلل وقلة انتشار البلطجة التي يعاني المجتمع من نتائجها، ووفاة محمود البنا، إحدى هذه النتائج، وضروري توعية الشباب بأن استعراض العضلات لا ينتمي للشجاعة، والتظاهر به شيء سيئ، ولن يكسب به أي احترام، بل الخوف الذي يظهر في عيون البعض، هو النظرة الحتمية لهذا السلوك.

وأوضحت نائب رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث، وحقوق الإنسان، أن هناك قانون الطفل، في المادة 80 من الدستور، وهي أقوى مادة حمائية تشريعية للطفل، لذلك ضروري جدا أن يتوفر الوعي القانوني، لأن مرتكبي بعض الجرائم يجهلون أنها معاقب عليها في القانون، واعتبرت أن تطبيق القانون على أرض الواقع بصورة فعلية يحقق الردع العام والخاص، أي أن يعرف المجتمع عقوبة الأفعال غير القانونية، ووقوع العقوبة على صاحب الجريمة المرتكبة في حقه، فضلا عن وجود الأسلحة داخل المدرسة وخارجها، يزيد من ارتكاب الجرائم بين الطلاب، ولأسباب تافهة كسرقة الموبايل، وغيرها، فتتم بمعاونة اصدقاء السوء لاستعراض القوة، بمختلف أنواع الجرائم، والخلل وضياع المجتمع؛ نتيجة حتمية لكل ذلك.

وتكمل: «السلوكيات الخطأ يتولد منها شباب لا يفيد المجتمع، سواء مدمن، أو بلطجي، وتخلخل المجتمع، سيفقد اعمدته، ونسبة الأطفال تقدر بال 40 % من الشعب المصري، أي الثلث، إذن تشوهت هذه النسبة أخلاقيا، وسيكون مستقبل المجتمع سيئا للغاية، والاهتمام بقضايا الطفولة هو أساس المجتمع بل واهمها، ولا تقل أهمية عن قضايا الإرهاب، على اعتبار أن مصطلح (طفل مجرم)، خاطئ، لأنه سيصبح يوما ما شابا منحرفا اخلاقيا».