رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ألاعيب السياسية والنت.. «كلمة السر» وراء تحويل الجرائم الجنائية لقضايا رأي عام (ملف شامل)

النبأ




شهدت مصر في الآونة الأخيرة، عددًا من القضايا الجنائية التي شغلت الشارع المصري بشكل كبير، وتحولت إلى قضايا رأي عام، رغم أنه هناك جرائم أخرى تتكرر في السيناريو نفسه، دون أن تلفت نظر أحد.

ويرجع الخبراء تحويل بعض القضايا إلى رأي عام، إلى عدة أسباب أخطرها استغلال هذه الجرائم سياسيًا، كما هو الحال في جريمة قتل الطفل محمود البنا في المنوفية، أو استغلالها من قبل نشطاء السوشيال ميديا.

وتتناول «النبأ» في السطور القادمة أبرز الجرائم التي هزت الرأي العام وأهم أسبابها ودوافعها، كما تسلط الضوء على جرائم أخرى أكثر خطورة لم يلتفت لها المجتمع ولم تندرج تحت قائمة «قضايا الرأي العام».


ضحية الشهامة 

تعد قضية قتل الشاب محمود محمد البنا، 17 سنة، الطالب في مدرسة السادات الثانوية بمحافظة المنوفية شمال القاهرة، إحدى أبرز الجرائم التي هزت الرأي العام، خاصة أنه قتل إثر تعدي أربعة طلاب عليه ترأسهم "محمد أشرف راجح" طالب جامعي في ذات المحافظة، إثر دفاع الضحية عن فتاة اعتدى عليها القاتل في الشارع كما رصدت كاميرات المراقبة، إلا أنهم انصرفوا جميعا بعد المشاجرة، فدون القتيل ما حدث على حسابه الشخصي بموقع "إنستغرام"، الأمر الذي دفع راجح ورفاقه بتدبير جريمة القتل بعد أن تربصوا للبنا وقاموا بقتله في أحد شوارع المدينة. 

وانتشرت المطالبات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإعدام راجح ليكون عبرة للآخرين، وعدم التفريط في حق الشاب الذي دافع عن الفتاة، وهو ما دفع الآلاف لشن حملات ضد راجح والتأكيد على عدم الصمت، حيث تضامن الآلاف مع البنا رغم أنهم من محافظات أخرى ولم يعرفوه. 

وأمر النائب العام المصري بإحالة المتهم محمد أشرف عبدالغني راجح، وثلاثة آخرين إلى محاكمة جنائية عاجلة، لاتهامهم بـ"قتل المجني عليه محمود محمد سعيد البنا عمدًا مع سبق الإصرار والترصد. 

وقال البيان الصادر عن مكتب النائب العام: "كشفت تحقيقات النيابة العامة عن حقيقة الواقعة، والتي بدأت عندما استاء المجني عليه من تصرفات المتهم قِبَل إحدى الفتيات، فنشر كتابات على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام" أثارت غضب المتهم، فأرسل الأخير إلى المجني عليه عبر برامج المحادثات رسائل التهديد والوعيد، ثم اتفق مع عصبة من أصدقائه على قتله، وأعدوا لذلك مطاو وعبوات تنفث مواد حارقة للعيون مصنعة أساسا للدفاع عن النفس". 

غير أن المفاجأة الكبرى كشفتها وزارة الداخلية، عن استغلال بعض القضايا سياسياً، لتأليب وإثارة الرأي العام ضد الدولة، وأعلنت القبض على مجموعة من العناصر، التي استغلت حادث مقتل محمود البنا، لإثارة الرأي العام.


وقالت في بيان لها، إنه في إطار جهود الوزارة لكشف أبعاد مخططات جماعة الإخوان الإرهابية والعناصر الإثارية لاستغلال الأحداث المختلفة لإثارة الرأي العام، وتأجيج المشاعر لدى المواطنين، والتحريض ضد الدولة، من خلال نشر العديد من الأخبار المغلوطة والشائعات الكاذبة، ومن بينها حادث الاعتداء على الطالب، محمود البنا بمحافظة المنوفية، مما أدى إلى وفاته- تمكن قطاع الأمن الوطني من رصد محاولة الجماعة الإرهابية استغلال الحادث المشار إليه في تأليب الرأي العام، وإثارة الفوضى والبلبلة في أوساط المواطنين.. وأمكن تحديد العناصر القائمة على هذا التحرك وعددهم 22 وتم ضبطهم، عقب تقنين الإجراءات حيالهم.


وأوضحت الوزارة أنه عثر بحوزتهم على (ملصقات إثارية- إسبراي- أسلحة بيضاء- 2 طبنجة صوت- رشاش صوت)، بهدف استغلالها لإثارة حالة من الفوضى والشغب وقطع الطريق وتعطيل حركة المرور أمام مقر محاكمة المتهم بمدينة شبين الكوم، خلال جلسات المحاكمة.









قطع في الرقبة

في 14 أكتوبر الجاري وقعت حادثة أخرى في محافظة دمياط إثر خلاف على "عبوة عصير" حيث حاول أحد الطلاب ذبح زميله الطالب محمد عصام سامى المنير 14 عاما خلال مشاجرة أمام المدرسة وأصابه بقطع في رقبته كاد يودي بحياته.

جريمة أخرى وقعت في مركز تلا بمحافظة المنوفية، حيث قام طالب بالثانوية العامة بقتل سيدة في العقد الثاني من عمرها، إثر رفضها إقامة علاقة غير شرعية معه، كما اعترف بارتكابه الواقعة، وقيامه بضرب السيدة بقطعة حديد بالرقبة وإلقائها على قطعة إسمنتية في المنزل حتى توفيت، وأكد الشاب أنه قد قام بقتلها لرفضها إقامة علاقة غير شرعية معه وتهديدها بفضحه أمام أسرته. 


قاتل أخيه 

أثارت قضية أخرى استياء الرأي العام بعد تورط شقيق في قتل شقيقه، بمحافظة الدقهلية بتحريض من سيدة، حيث تداول مواطنون على مواقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" فيديو لتعذيب شاب على يد آخر تبين أنه شقيقه، وبحسب شهادات أهالي القرية أكدوا أن الشابين اللذين ظهرا في الفيديو أشقاء وأن السيدة التي ظهر صوتها بمقطع الفيديو أجبرت الأخ أن يضرب شقيقه الأصغر.


جنة وأماني 


وفي قضية أخرى أثارت غضب الرأي العام بأكملة لقيت الطفلة جنة مصرعها متأثرة بإصابتها بجروح وكى بالنيران، بأماكن متفرقة بجسدها، وتعرض شقيقتها الأخرى أمانى للتعذيب بنفس الطريقة، على يد جدتها لأمها، وبعد انتشار تلك القضية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فجرت النيابة العامة مفاجأة فى بيان لها مؤكدة، بأن الطفلتين لم تتعرضا للاغتصاب، وأنه تقرر تحويل الجدة المتهمة لمحكمة الجنايات العاجلة، وناشدت المواطنين بصحة الأخبار.




"عشان يتعلم الأدب".. مقتل طالب يتيم 


وشهدت محافظة الشرقية جريمة قتل بشعة تمثلت فى قتل عامل بفرن لطالب يتيم بالإعدادية كان العائل الوحيد لأسرته بعد وفاة والده، لكن الأسرة بعد رحيل الأب والابن السند لا تملك ما تدفعه للاستعانة بمحامى للحصول على حق نجلهم كما يبحثون عن ما يمد لهم يد العون لمساعدتهم لمواجهة الظروف الصعبة التى يمرون بها.


بداية الواقعة بمشادة كلامية بين محمد" 15سنه من مركز الإبراهيمية بالشرقية، وزميله "أحمد" باحد مخابز العيش، وذلك بسبب شرب المجنى عليه من زجاجة قبل زميله، وفي اليوم التالي ترصد له أثناء ذهابه لصلاة المغرب وقتله خلف مسجد العزبة، ب 3 طعنات وتركه ينزف حتى الموت، وبعدها اتصل بصديق "محمد" وقال له "روح خد صاحبك من عند المسجد قتلتهولك عشان يتعلم الأدب".


ويذكر ان والد محمد متوفى من 8 سنوات وهو أكبر إخواته، فكان يعمل بفرن يذهب للعمل به قبل ذهابه للمدرسه، فقد كان طالبا في الصف الثالث الإعدادي الأزهري.

يدفع حياته مقابل "آيفون"

تلقي اللواء عبد الله خليفة مدير أمن الشرقية إخطارا من اللواء محمد والي مدير المباحث الجنائية بورود بلاغ من مأمور مركز الزقازيق يفيد العثورعلى جثة "أحمد.ا.ع.م" 20 عاما طالب جامعى مقيم قرية غزالة الخيس التابعة لدائرة المركز، ناحية مصرف الشبانات بعد 24 ساعة فقط من اختفائه. 

وعلى الفور تشكّل فريق بحث جنائي على أعلى مستوى من المديرية وبتكثيف التحريات تبين أن المتغيب شوهد برفقة أحد اصدقائه في وقت معاصر للغياب. 

وعقب تقنين الإجراءات تم استهداف المتهم وضبطه بمحل إقامته، وبمناقشته أقر بقتله بالاشتراك مع آخرين وأرشد عن مكان الآيفون المسروق، وتحرر محضر بالواقعة تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المتهمين، وبالعرض على النيابة العامة أمرت بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات. 

واعترف المتهم "يوسف.ف.ق" طالب بكلية الحقوق مقيم الشبانات أمام النيابة أنه يوم الحادث اتفق مع آخرين، وهما"محمد. أ. م" 19 عاما طالب بالثانوية الفنية الصناعية و"أحمد. ع.ع "19 عاما عامل على استدراج المجنى عليه، حيث يعلم أنه من أسرة ميسورة الحال بهدف سرقة جهاز الآيفون الخاص به للإنفاق على الكيف. 

وعزموا النية على قتله والتخلص منه، حيث جاء إلى منزله بمسقط رأسه، وطلب منه الذهاب معه لشراء سيارة، وتمكن من استدراجه للقرية. 

وتابع: قمت باصطحابه إلى أحد الأماكن البعيدة عن المارة، حيث كان المتهمان الآخران ينتظرانه هناك ودون تردد انقضوا عليه وشلوا حركته وضربوه بواسطة عصا غليظة (شومة) على رأسه وخنقوه بكل قسوة وألقوه ناحية مصرف القرية بالقرب من السكة الحديد، وتمكنوا من سرقة هاتفه المحمول ولاذوا بالفرار هاربين.




أحمد.. شهيد الابتسامة


وفي واقعة أخرى، تدخل أحمد لدعم صديقه في مشاجرة له مع أحد الأشخاص أثناء شرائه بعض الملابس، ولكن الجاني اعتدى عليه بمساعدة آخرين وطعنه عدة طعنات أدت إلى وفاته، واستخدم مروجو القصة على السوشيال ميديا، شعارات وهاشتاجات شبيهة بتلك التي استخدمت في قضية البنا وراجح، مثل "أشرف محمدي قاتل"، و"أحمد شهيد الابتسامة".

قالت سلمى سليمان، شقيقة المجني عليه، إن شقيقها أحمد خرج يوم الجمعة الماضية، في التاسعة مساءً، رفقة أحد أصدقائه لشراء ملابس من ميدان فيكتوريا في شبرا، إلا أن صديقه تعرض لاعتداء من أحد الأشخاص، وخلال دفاعه عنه اعتدى عليه الشخص بـ"مطواة" وقتله. 


وأضافت أن شقيقها، صاحب الـ19 عامًا، "ما كانش بتاع مشاكل" ولم يتورط في أي منها يوما ما، وكان معروفًا بالهدوء والأخلاق في المنطقة، كما أنه لا يعرف قاتله من قبل، وأنهم ليسوا جيرانا كما أثار البعض. 


وأكدت أن شقيقها هو المسؤول عنها ووالدتها، حيث إن والدهما توفي منذ فترة، وكان "أحمد" يعمل "ديليفري" خلال دراسته لينفق على نفسه والأسرة، كما أنه كان من المفترض أن يكون أول أيامه في الفرقة الأولى بالجامعة العمالية، إلا أنه أصبح يوم تلقي العزاء فيه، الذي كان مظاهرة حب له من أهل المنطقة. 

وتابعت أنهم علموا أن أشرف محمدي، الذي اعتدى عليه، مسجل خطر وكان يقضي عقوبة الحبس 7 سنوات، وخرج من السجن منذ فترة قريبة، وسلّم نفسه للشرطة عقب الواقعة، إلا أن شقيقه الذي كان برفقته ما زال هاربًا. 




تعذيب طفلة لاستخدامها في التسول

وفي واحدة من أبشع جرائم العنف ضد الأطفال، نجحت حملة أمنية في القبض على سيدة في ميدان شبرا الخيمة تحمل طفلة عمرها سنتان وتستخدمها في التسول، وبفحص الطفلة لمعرفة أسباب بكائها المستمر تبين وجود آثار تعذيب في جسدها عبارة عن حروق ناتجة عن إطفاء السجائر في بطنها وصدرها وقدميها، بالإضافة إلى وجود إحمرار في العين اليسرى وكدمات في الوجه. 


على الفور أسرعت أجهزة الأمن بالقليوبية في البحث عن أهل الطفلة، وإرسال نشرات من أجل العثور على أسرتها، وتمكنت أجهزة الأمن من ضبط، "ا.ا" بائع، مقيم بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة، يشتبه في كونه والد الطفلة، وبعد إجراء التحقيقات قررت نيابة قسم ثان شبرا الخيمة إخلاء سبيل البائع، وإرساله للطب الشرعي لإجراء تحليل الحمض النووي DNA لمعرفة ما إذا كان والد الطفلة من عدمه. 


أدلت المتهمة باعترافات تفصيلية أمام النيابة قائلة أن والد الطفلة قام ببيعها واضافت: "أجرتها بـ50 جنيها في اليوم".. هكذا بدأت المتسولة المتهمة بتعذيب الطفلة اعترافاتها أمام رجال المباحث، قائلة إنها ذات يوم جاء إليها شخص ما وطلب منها أن تأخذ الطفلة لكي تتسول بها وتفاوضت معه على أن يأخذ مقابلا ماديا نظير "استئجار" الطفلة يوميًا. 


وأضافت المتهمة، كنت أقوم بضرب الطفلة حتى تبكي وذلك لاستعطاف المارة من أجل الإشفاق عليها والحصول على الأموال، مشيرة إلى أنها قامت بتعذيب الطفلة وإظهار التعذيب على وجهها لتوهم المارة بأنها مريضة وأنها لا تستطيع الإنفاق عليها من أجل الحصول علي المال. 


وأدلي المتهم، "ا.ا" المُشتبه في كونه والد الطفلة، بأنها ليست طفلته، وأنه تعرف على والدتها منذ فترة، وكان يقيم معها علاقة غير شرعية، موضحًا أن والدة الطفلة أخبرته أنها كانت على علاقة غير شرعية بأحد الأشخاص وحملت منه تلك الطفلة 


وتابع: "عند رؤيتي لها بحوزتها اقترحت عليها تأجيرها لإحدى المتسولات من أجل الحصول على الأموال، مشيرًا إلى أنه لا يعلم مكان والدة الطفلة وأنه انفصل عنها منذ فترة".
 
فيما قررت نيابة قسم ثان شبرا الخيمة، إيداع الطفلة إلى دار رعاية، في جسر السويس بمدينة القاهرة، كما أمرت، بتكثيف الجهود الأمنية للوصول لأسرتها، حيث تبين أن الطفلة ليس لها أي أوراق ثبوتية أو شهادة ميلاد تثبت نسبها. 

سامية خضر: عدم عقاب الجاني يذبح الشهامة في قلوب المصريين

 

وأكدت الدكتورة سامية خضر على أن مواقع التواصل الاحتماعي والسينما تعد من أهم المؤثرات السلبية في شخصية الاشخاص، خاصة أنهم يعتادون على تقليد هؤلاء الأبطال الذين يمسكون بالسلاح في الشارع، وهو ما أثار استياء نسبة كبيرة من الشعب. 


في ذات الإطار، قالت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الإجتماع بجامعة عين شمس، إن الحوادث التي تحدث هذه الأيام تعد طارئة على طبيعة المجتمع المصري، الذي لم يكن يعرف مثل هذه الجرائم في الماضي. 

وترى خضر أن هناك بعض الجرائم البشعة التي اثارت غضب الشارع المصري وتعاطف معها الجمهور بشكل عام وكان السبب الرئيسى في اشتعال تلك القضايا هو افتقاد المجتمع لعنصر"الشهامة"، فعندما يظهر شخص محاولا الدفاع عن فتاه تعرضت للخطف او التحرش او الاعتداء عليها بالضرب فيكون جزاؤه القتل بأبشع الطرق.

واستكملت: إن لم يأخذ القاتل عقابه في مثل تلك القضايا كما يحب "محدش يسألني ويقولي هو ليه المصريين اتغيروا وماذا حدث للمصريين" فيحب أن يعاقب المتهم على فعلته وبشدة دون أي تعاطف معه، وأن لم يتم الحكم عليه باقصى عقوبة فهذا لم يذبح أهل القتيل فقط بل يذبح الشهامة عموما في قلوب المصريين ويغير القيم والأخلاقيات.

لهذا السبب يتحمس المصريين لهذه القضية بالتحديد فإذا اخذ المتهم جزاءه يكون ذلك بمثابة جرس إنذار لكل من هو خارج عن القانون او يعتقد أنه فوق القانون او يشعر أنه كما يقولون "فتوة" فيدخلون إلى جحورهم  ويحدون من استخدام العنف والبلطحة في الشارع المصري، وإذا لم يتم الحصول على حقوقهم كاملة من القاتل فينعكس ذلك على القيم المصرية بكل ما فيها من رجولة وشهامة وتذهب الأخلاق بلا عودة ولذلك نجد أن المجتمع متحمس لهذه القضية بالتحديد، فإن لم يتم إعدام المتهم فلا تسأل عن الشهامة او الرجولة او النبل او الاخلاق في المجتمع المصري. 

وأكدت الدكتورة سامية خضر على أن مواقع التواصل الاحتماعي والسينما تعد من أهم المؤثرات السلبية في شخصية الاشخاص، خاصة أنهم يعتادون على تقليد هؤلاء الأبطال الذين يمسكون بالسلاح في الشارع، وهو ما أثار استياء نسبة كبيرة من الشعب. 




شادية قناوي: الشائعات وتعاطف المصريين يحول القضية إلى رأي عام

توضح الدكتورة شادية قناوي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس في تصريح خاص لـ"النبأ" الأسباب الحقيقية وراء إثارة بعض القضايا لتتخذ شكل "قضابا رأي عام "، حيث أكدت أن تعاطف الناس بطبيعة الأمر مع قضايا بها أي شكل من اشكال العنف يثير غضب المصريين بشكل عام  وهذا الى جانب الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يضخم من حجم الأمور بشكل واسع، ولكن موقف قتل "محمود البنا" بشكل عام هو موقف شديد القسوة يجعل البعض يتعاطف معه ويضع نفسه مكان الشاب الذي قتل بدون اي ذنب او موقف الاب والام اللذين فقدا ابنهما.

وأصبح الكثير من شباب المناطق المختلفة  يتبنون صورة البلطحي كأنه "فتوة المنطقة" وليس ذلك "الفتوة" الذي يساعد الناس في اخذ حقوقهم بل اصبحت الصورة معكوسة، لذلك بدأت الناس تتعاطف بشدة مع ذلك الشاب الذي قتل لأنه موقف غير طبيعي. لذلك اتخذت تلك القضية هذا الشكل الإعلامي الضخم وأثارت الرأي العام بشكل كبير بسبب ان القضية بها شاب صغير قتل، وأنها جريمة بشعة فاصبحت محتويات القصة باكملها تجبر الناس على التعاطف معه لأنه كان يدافع عن شيء إيحابي، وهو منع شاب من معاكسة فتاة او الاعتداء عليها او التحرش بها، فهو كان يؤدي قيمة اجتماعية إيجابية جدا كانت سببا في قتله.

أكدت الدكتورة شادية قناوي أن وجود الشائعات كانت العامل الرئيسي في اشتعال القضية وإثارة الراي العام بشأنها، فهناك شائعات تداولتها مواقع السوشيال ميديا والتي أكدت أن الجاني مسنود ولم يتم حسابه وسبب ذلك حساسية شديدة جدا لدى الشعب المصري، وردد الكثيرون اقوالا فيما معناها  ان "اللي مالوش ظهر محدش بيسأل عنه"  و"ابن مين في مصر" على حد قولها. وزاد التعاطف الى حد كبير بسبب اطلاق الشائعات.

وشددت "قناوي" على ضرورة محاكمة المتهم على فعلته لتهدئة الشارع المصري لأن كثافة الحديث بهذه الطريقة على مواقع التواصل الاجتماعي يكون منبعه تلك الشائعات وبالتالي تم التعاطف مع ذلك "الشاب" الذي قتل ليس فقط لانه عمل فعلا ايحابيا، ولكن بسبب الشائعات اللي ترددت على السوشيال ميديا، ما اذا كانت صادقة ام غير صادقة، ولكنها كانت أكثر الاسباب التي اثارت غضب افراد المجتمع وحولت القضية الى رأي عام.  




سوسن فايد: «السن» متغير خطير يثير الجدل بشأن القضية 

تقول الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس والإجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والإجتماعية، ان الإعلام له تأثير إيحابي في تسليط الضوء بشكل كبير على تلك القضايا التي تثير الرأى العام فضلا عن أن هناك متغيرا يثير الجدل بشأن القضية وهو مسألة السن، والاهتمام الزائد من قبل الإعدام يزيد من الرغبة في تعديل قانون الاحداث "اللي ينص على احداث سن ال 18 لانه طبعا علميا غير مقبول اننا نطلق العنان للطفولة حتى سن ال 18 فمن المفترض ان تنتهي الطفولة المتأخرة في سن ال13 سنة وتبدأ مرحلة المراهقة علميا"، فالغضب هنا وتحويل القضية لرأي عام بسبب وجود مبرر للقتل لسن الـ 18 سنة على اعتبار ان له الحق ومباح له ان يسلك مسلكا منحرفا، ونحن نكافح قضايا الارهاب والانتماءات السياسية لانهم يستغلون هذا السن على اعتبار انه طفل ويقنعونه انه مش هياخد اي عقوبات خطيرة لانه تحت السن بما يمثل مرحلة الطفولة قد يكون هذا سبب اثارة من الاعلام ساعدت في تكوين رأي عام وقضية مثيره للجدل بسبب هذا المتغير.  





أشار الخبير القانونى محمد علي شحاتة، إلى أن نص المادة 111 من قانون الطفل يمنع الحكم بالإعدام على من لم يتجاوز 18 سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة، ومع عدم الإخلال بحكم المادة 17 من قانون العقوبات، إذا ارتكب الطفل الذى تجاوز 15 سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر.


وبحسب الخبير القانونى، يجوز للمحكمة بدلا من الحكم بعقوبة الحبس أن تحكم على المتهم بالتدبير المنصوص عليه فى البند 8 من المادة 101 من هذا القانون، أما إذا ارتكب الطفل الذى تجاوز 15 سنة جنحة معاقبا عليها بالحبس جاز للمحكمة، بدلا من الحكم بالعقوبة المقررة لها، أن تحكم بأحد التدابير المنصوص عليها فى البنود 5 و6 و8 من المادة 101 ومن هذا القانون. 


وأضاف "شحاتة"، أن قانون الطفل يمنع تنفيذ عقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة على راجح المتهم بقتل شهيد الشهامة، وكل من لا يتعدى سن 18 عاما. 


واوضح أن القاضي لا يحكم بعلمه الشخصي، ولكن بالأوراق، مؤكدًا أنه إذا وجد بين الأوراق ما يدين المتهم بقتل شهيد الشهامة محمود البنا، سيحكم عليه بأقصى عقوبة طبقًا لقانون الطفل، وهي السجن 15 عاما، على اعتبار أن القاتل لم يتجاوز خلال ارتكاب جريمة القتل 18 عامًا.