رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«ماسبيرو».. عالم مصريات فرنسى اكتشف «4» آلاف نص بـ«الهيروغليفية»

ماسبيرو
ماسبيرو


مبنى «ماسبيرو» الشهير الكائن على ضفاف كورنيش النيل، هو مقر التليفزيون المصري، أقدم التليفزيونات الحكومية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وماسبيرو أيضا هو اسم الشارع الذي يطل عليه هذا المبنى. 


لكن هل تعلم أن "ماسبيرو" هو اسم عالم مصريات فرنسي أحب مصر وعشق ترابها، وقدّم لها خدمات جليلة واكتشافات عظيمة سجلها له التاريخ. 


جاستون كاميل شارل ماسبيرو، عالم فرنسي من أشهر علماء المصريات أو «الإيجبتولوجي»، ولد في عام 23 يونيو عام 1846م في باريس لأبوين إيطاليين هاجرا إلى فرنسا، وأظهر اهتماما خاصا بالتاريخ عندما كان في المدرسة، وبدأ تعلم الهيروغليفية في عمر الرابعة عشر ليتقن بعدها العربية.


فاز "ماسبيرو" فى المسابقة العامة للأدب وهو في الثالثة عشرة من عمره، والتحق بمدرسة الأساتذة العليا (école normale supérieure) والتي قابل بها عالم الآثار "أوجوست مارييت" والذي أعطاه نصين هيروغليفيين تم اكتشافهما حديثا بواسطة "مارييت" وطلب منه ترجمتهما.


ورغم صعوبة قراءتهما، إلا أن ماسبيرو استطاع ترجمة النصين ببراعة فائقة في 8 أيام، ما أثار أعجاب "مارييت". 


درس «ماسبيرو» علم المصريات بمفرده من خلال اطلاعه على الآثار المصرية المحفوظة في متحف اللوفر، ونقوش المسلة المصرية بـ«ميدان كونكورد»، وبدأ اسمه يتردد في الأوساط العلمية بعد ترجمته لـ«نصوص مارييت».


حظى "ماسبيرو" بإعجاب علماء «الكوليج دى فرانس»، وفكروا في شغله لكرسي علم المصريات بها، ولكن لصغر سنه آنذاك قرروا منحه لقب أستاذ مساعد لمدة يومين، شغل بعدها الكرسي عام 1874. 


ولم يكن ماسبيرو قد زار مصر في ذلك الحين، إلى أن جاءته الفرصة عندما مرض "مارييت" مدير مصلحة الآثار المصرية التي قام بتأسيسها.


في 5 يناير 1881 كانت أول زيارة يقوم بها ماسبيرو إلى مصر بعد أن تمت الاستعانة به لتولي منصب مدير مصلحة الآثار المصرية، عقب مرض معلمه عالم الآثار "أوجوست مارييت" الذي كان يتولى إدارة المصلحة، واختار "ماسبيرو" العيش فوق عوامة على حافة النيل، معروفة الآن باسم المنشية، وهي إحدى ممتلكات إدارة خدمة الآثار وقد أمضى فيها ماسبيرو كل فترة إقامته الأولى بمصر حتى عام 1892. 


وقد ساعد ماسبيرو اتقانه للغة العربية وقدرته على فك شفرات العديد من النصوص الهيروغليفية، في اكتشاف العديد من المومياوات؛ ليصبح من بعدها أول مدير للمتحف المصري. 


ولم تقتصر جهود العالم الفرنسي ماسبيرو على اكتشاف الآثار المصرية، بل قام بتأسيس المعهد الفرنساوي للآثار في القاهرة لدراسة الآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية وكان أول مدير لهذا المعهد. 


اكتشف ماسبيرو أكثر من 4000 نص بالهيروغليفية، وواصل حفائر "مارييت" في معبدي إدفو وأبيدوس وعمل على إزالة الرمال من حول تمثال أبو الهول في منطقة أهرامات الجيزة عام 1886، وقام بإعادة ترتيب المتحف المصري ببولاق في الجيزة، قبل انتقاله إلى موقعه الحالي في القاهرة، كما كان له دور بارز في اكتشاف خبيئة أثرية بمعابد الكرنك في الأقصر، كانت تحتوي على مجموعة هائلة لمومياوات الفراعنة في عام 1881 وتم العثور فيها على مومياوات كل من الفراعنة سقنن رع وأحمس الأول وتحتمس الثالث وسيتي الأول ورمسيس الثاني.

كما قام ماسبيرو بنشاط كبير لمواجهة السرقات التي كانت تحدث للآثار المصرية القديمة وساعد العالم المصري أحمد كمال بك بنقل المئات من الموميات والآثار المنهوبة إلى المتحف المصري بالقاهرة، واستطاع أن يسن قانونا جديدا صدر عام 1912 ينص على أن لا يسمح للأشخاص بالتنقيب وأن يقتصر التنقيب فقط على البعثات العلمية بعد الموافقة على مشروعها، كما فرض مقابل لمشاهدة المناطق الآثرية لمواجهة النفقات التي يحتاجها للتنقيب وأعمال الصيانة.

توفى جاستون ماسبيرو في 30 يونيو عام 1916 ودفن في فرنسا، وقد أطلق اسم ماسبيرو في مصر على مبنى الإذاعة والتلفزيون بالقاهرة؛ تكريمًا لأعماله الجليلة ومساهماته في البحث والمحافظة على الآثار المصرية القديمة وسجل وجوده في السينما المصرية في الفيلم الروائى الطويل الرائع المومياء للمخرج العبقري شادي عبد السلام.