رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الملف الأسود لـ«مهازل وفضائح» المدن الجامعية (ملف شامل)

خالد عبد الغفار -
خالد عبد الغفار - أرشيفية


«أخدونا من الدار للنار».. باتت تلك العبارة لسان حال أغلب سكان المدن الجامعية على مستوى الجامعات، فتوحدت المشكلات التي يواجهونها، لنجد شكاوى الطلاب واحدة رغم اختلاف جامعاتهم، فالطلاب يقعون بين مطرقة زيادة المصروفات وانعدام النظافة، وتكدس الغرف، وسندان سوء الوجبات الغذائية وغيابها من الأساس في بعض المُدن الجامعية؛ لتصبح «النودلز» و«المكرونة» الأكلة الرسمية للطلاب. 

ووصل الأمر إلى إدارة المُشرفات للمباني كيفما يحلو لهن، هذا فضلًا عن نقص قاعات الاستذكار، ما يضطر الطالب إلى المشي مسافات طويلة إلى المباني المتوافر بها قاعة للحصول على جو هادئ يساعده على المذاكرة، بدلًا من زحام وحر «الغرف».

الأمر لم يختلف كثيرًا فى المدن التابعة لـ«جامعة الأزهر»، التى شهدت وقائع كارثية، وهو ما يكشفه الملف التالى.

معاكسة الفتيات و«التسكين» و«التغذية»

«3» أزمات كارثية تعصف بطلاب وطالبات «مُدن الأزهر»

«المحرصاوى»: الميزانية قليلة وهكذا تصدينا لمشكلة «معاكسة الطالبات»

«التونة» رديئة.. والطلاب يشترون المواد الغذائية من الخارج

مصدر: الإدارة حريصة على تقديم خدمة تليق بطلاب الأزهر الشريف

تواجه جامعة الأزهر عددًا من الأزمات داخل المدينة الجامعية «بنين وبنات»، خاصة بعد وفاة الطالب بكلية الصيدلية، أحمد علاء، بالمدينة الجامعية بالقاهرة، عقب حضوره إلى المدينة بعد الساعة 12 ليلًا.

وأوضح شهود العيان أن الطالب دخل غرفته، ووجد زملاءه نائمين، ثم شعر بضيق التنفس فخرج إلى «البلكونة»، وجلس فيها ربع ساعة، ثم شعر باختناق وتشنجات أفزعت زملاءه، فاستيقظوا للاطمئنان عليه.

وقال أحد شهود الواقعة: «استمر ضيق التنفس عند أحمد علاء، حتى علم كثيرون من الزملاء في المبنى بالحالة، وتجمعوا، وسط تطور الأمور حتى انتهت بوفاته، وحدثت حالات إغماء بين عدد من الطلاب نتيجة رؤية الموقف».

أزمة وفاة الطالب «علاء» كشفت عن سوء الخدمات الطبية المقدمة للطالب، وهو الأمر الذى أكده زملاؤه مشيرين إلى عدم وجود سيارة إسعاف داخل المدينة التي تشهد حالات وفاة سنويًا. 

أزمة التسكين

أزمات المدينة الجامعية بالأزهر لم تتوقف على حالات الوفاة؛ وبدأت مشكلات المدينة الجامعية قبل بدء العام الدراسي الجديد منذ إعلان جامعة الأزهر عن جدول التسكين الخاص بالفرق القديمة، والذي خلى من طلاب الفرقة الثانية الحاصلين على تقدير جيد جيدًا، ما فجر حالة من الغضب بين الطلاب، ووصل الأمر بهم إلى تدشين حملة اعتراض عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعى مخاطبين إدارة الجامعة بضرورة تسكينهم كما هو معتاد كل عام بتسكين جميع الطلاب الحاصلين على تقدير امتياز وجيد وجيدًا من كل الفرق.

وبالفعل وفور عودة رئيس الجامعة من رحلته الخارجية الأخيرة وعد الطلاب بحل المشكلة في أقرب وقت. 

مضايقات البنات

وفى سياق متصل، لم تكن مدن البنات أكثر هدوءًا؛ بل اشتكى بعضهن عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من وجود "مضايقات" من قبل بعض الأشخاص أمام سور المدينة، وبشكل متكرر.

ويحسب لإدارة جامعة الأزهر في هذا الشأن التحرك السريع للوقوف على حقيقة الأمر، وبمجرد وصول المعلومة إلى الدكتور محمد حسين المحرصاوي، رئيس الجامعة، تحرك بالفعل إلى المدينة الخاصة بالبنات برفقة قيادات الجامعة وتم التنسيق مع القيادات الأمنية بتكثيف الدوريات الأمنية؛ لمنع أي محاولة مضايقة أو معكاسات قد تحدث من قبل بعض الأشخاص للبنات.

التغذية

وبعد انتهاء «أزمة التسكين» والمضايقات، بدأ الطلاب في الشكوى من عدم وجود "تغذية" بالمدينة، وإبلاغهم أنها ستتوقف لمدة شهر، وهو ما أثار حالة من الغضب بين الطلاب؛ نظرًا لاعتمادهم بشكل كبير على الطعام المقدم في المدينة عن اللجوء إلى المطاعم في الخارج.

ومؤخرًا، أسندت الجامعة «توريد التغذية» لشركة جديدة لإمداد المدينة الجامعية، ولكن يشتكي الطلاب من استمرار سوء الوجبات، ووسائل الأمان اللازمة مثل إجراء تنظيم شامل للمطابخ.

ويشترى كثير من الطلاب احتياجاتهم من المواد الغذائية من خارج المدينة.

وفي هذا السياق، كشف مصدر مطلع بالجامعة، عن أن التعاقد مع الشركة القديمة الموردة للتغذية انتهى وأن هناك شركة تولت عملية التوريد والتغذية، مؤكدًا أن إدارة الجامعة حريصة على تقديم خدمة تليق بطلاب الأزهر الشريف.

في السياق ذاته، أعلنت جامعة الأزهر، عددًا من القرارات المهمة لضبط الأوضاع داخل المدن الجامعية، وهي منع دخول الطلبة بعد الساعة 11 ليلًا.

رد الجامعة

ومن ناحيته، قال الدكتور محمد حسين المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، إنّ البعض يقول إننا جامعة غنية ونحصل رسوم الطلاب الوافدين بالعملة الصعبة، وهذا خطأ، لافتا إلى أن جامعة الأزهر تأخذ ميزانية من الدولة مثل بقية الجامعات، بل على العكس ميزانية جامعة الأزهر تعد من أقل الميزانيات؛ لأن الجامعات الأخرى لديها ما يغنيها عن الصناديق، مثل التعليم المفتوح والتعليم المدمج، بالإضافة إلى أنشطة أخرى، أما جامعة الأزهر فلها مهمة سامية ورسالة والتعليم فيها شبه مجاني.

وأوضح أن البعض يظن أن الطلاب الوافدين يدفعون المصروفات بالدولار، لكن القانون ينص على أن تعليم الطالب الوافد في البلاد العربية والإسلامية بالمجان، لذلك جاءت القوى الناعمة لمصر، فالجامعة لا تأتيها إعانات ولا تبرعات من الخارج أو غيرها.

وعن شكوى البنات من «المعاكسات»، أكد رئيس الجامعة أنه بالفعل مع بداية العام الدراسي تم رصد شكاوى بعض الطالبات على مواقع التواصل الاجتماعي من وجود بعض الأشخاص الذين يمارسون بعض الأفعال التي تضايق الفتيات، وتم التحرك بالفعل للمدينة وتم التواصل مع قيادات الشرطة التي وعدتنا بتسيير دوريات في مواعيد مختلفة في محيط المدن الجامعية، ونصحت الفتيات الالتزام بالمواعيد في الدخول والخروج حتى لا نترك مجالا لأحد بأن يتجاوز.

جامعة بنها

جامعة بنها تضم أربع مدن جامعية؛ مدينة للبنين وأخرى للبنات في "كفر سعد"، ومدينة أخرى بـ "شبرا الخيمة" خاصة بطلاب كلية الهندسة، والرابعة بـ"مشتهر" لخدمة طلاب كليتي الزراعة والطب البيطري. 

وتعد المدن الجامعية ببنها من أقل المدن أزماتٍ، وعملت الجامعة مؤخرًا على توفير خدمات للطلاب، مثل توفير قاعات مزودة بـ 240 جهاز حاسب آلي موزعة على المدن الجامعية الأربع، بجانب 20 شبكة "واي فاي"، بالإضافة إلى مكتبة في مختلف المجالات، وتزود الغرف بالمدينة بمراوح أكثر للتهوية، وطاولات للمذاكرة لخدمة الطالب. 

كما يوجد خمس سيارات لخدمة الطلاب ونقلهم من الكليات إلى المدينة، وتوفر الجامعة أيضًا دورة مياه لكل أربعة طلاب وتحتوي دورة المياه على سخان غاز، ويحتوى كل دور من المبنى على سبع صالات للمذاكرة. 

ويوجد بالمدينة «كنتين» خاضع للإشراف البيطري في المدن، وتكمن الخدمات الطبية في توفير سبعة أطباء بالمدينة، وممرضين وعربة إسعاف على مدار 24 ساعة لخدمة الطلاب والحفاظ على سلامتهم، كما يقوم مركز المعلومات والخدمات البحثية لرش المبيدات ومكافحة القوارض، برش المدينة للحفاظ عليها خالية من الحشرات، بالإضافة إلى سعي الجامعة للمرة الأولى في العام الماضي لجعل المدن خالية من "فيروس سي"، ونجح هذا الأمر بالفعل من خلال التشديد في إجراءات الكشف الطبي. 

كما تشكل الجامعة لجنة لإدارة الأزمات والطوارئ بكل مدينة جامعية، عن طريق لجان صيانة مدربة لتفادي حدوث الأزمات، وزودت المدن بـ 80 كاميرا مراقبة ثابتة ومتحركة لمراقبة الأحداث وتسجل البيانات أول بأول؛ لتكوين أرشيف تسجيلي للأحداث وهذا في إطار تأمين المنشآت الجامعية، بجانب وجود جهاز لاسلكي موصل بإدارة الجامعة لنقل ما يحدث بالمدينة استبدلت المدينة الأواني الألمونيوم بأخرى فندقية من خامات "الأستانلس استيل"، منذ عامين، كما يستخدم الغاز الطبيعي في الطهي، واستحدثت أدوات جديدة بناء على رغبة الطلاب. 

وتقدم الجامعة للطلاب أيضًا وجبات اللحوم، والدجاج، والبانية، والتونة، ولا تعتمد على اللحوم المثلجة، كما تشكل لجنة لتذوق الأطعمة قبل تقديمها للطلاب حرصًا على صحتهم. 

ووفرت الجامعة أيضًا ست وحدات تنقية للمياه موزعة على المدن الجامعية الأربع، ويتم صيانتها بصفة دورية، حيث تُغير الفلاتر بصفة دورية وتُحلل المياه كل أسبوعين من قبل مديرية الشؤون الصحية بالقليوبية، والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، وكليتي العلوم والزراعة بالجامعة، وتحتفظ إدارة المدن الجامعية بالتقارير الدورية، وتعمل بصفة دائمة على التدخل السريع في حال عدم تطابق العينات.

جامعة عين شمس

الوضع ليس أفضل حالًا بالنسبة للتغذية داخل المدن الجامعية بـ«جامعة عين شمس»، فهناك شكاوى عبر صفحات طلابها من أنواع الأطعمة التي توجد بداخل كراسة الشروط تخالف تمامًا ما يتم إحضاره لهم في مطعم المدينة الجامعية، وأبسط مثال على ذلك أن «التونة» التي تحضر لهم هي من الأنواع «الرديئة»، بالإضافة إلى الإهمال الشديد في النظافة داخل المطعم، كما أن أنواع الطعام التي يأكلها الطلاب ليست ناضجة.

وتقدم الطلاب بشكوى إلى المسئولين داخل المدينة عن جودة الطعام المقدم لهم، وأكدوا أنه تم زيادة بعض الأصناف لتحسين الجودة، وأن الطعام الذي يقدم لا مثيل له في الجامعات الأخرى التي تحسدهم على ذلك، وهذا القول مثير للسخرية، فلا أحد من المسئولين يلمس مشكلاتنا حقًا.


الفراخ غير مستوية والمكرونة معجنة

جامعة القاهرة.. «التغذية» تفجر الغضب داخل المبانى ونتيجة التسكين «فى علم الغيب»

طالبة: المشرفات استولوا على حمام وقافلينه بالقفل

أميمة: "أوبشن الثلاجات مش متاح عندنا"


طلاب وطالبات المدينة الجامعية بالقاهرة كان لهم حظ أفضل من زملائهم بأسيوط، رغم معاناتهم إلا أنها لم تصل إلى مستويات معاناة سكان المدينة الجامعية بأسيوط. 

"المبنى اللي أنا فيه الأوضة فيها 6 بنات، وفيه مباني الأوضة فيها طالبتان أو 4 طالبات"، هكذا بدأت (شروق.م)، الطالبة بالفرقة الرابعة كلية الآداب جامعة القاهرة، تُسلط الضوء على المشكلات، توزيع الطلبة والطالبات على المباني يعتمد على التقديرات التي يحصلون عليها نهاية كل عام.

"إلى الآن لم يتم توزيع وجبات التغذية"، اعتادت إدارة المدينة الجامعية تأخير توزيع وجبات التغذية، إلا أنها طالت مدة التأخير هذا العام، "احنا ما دفعناش فلوس الشهر لغاية دلوقتي، وما أعرفش هيخصموا فلوس التغذية ولا لا، بما أنهم بلغونا أن توزيعها على أول نوفمبر، ولكن زميلاتنا المستجدات دفعن مصاريف الشهر كاملة وهي 350 جنيها"، لم تجد الطالبات أمامهن إلا القبول بالأمر الواقع، "احنا بقينا مقضينها مكرونة وإندومي".

أما ما يتعلق بالمطابخ فحال المدينة الجامعية بالقاهرة أسوأ، "بعض المباني بيكون فيها مطبخ واحد لكل دورين، وأخرى مطبخ في كل دور"، استولى المشرفات على دورة مياه من دورات المياه الأربعة التي تكون مخصصة للطالبات في كل دور، "المشرفات قافلين الحمام بالقفل، وكدا الدور كله بقى على 3 حمامات".

طالبات مبنى امتياز كن سعيدات الحظ، فالغرفة يسكنها طالبتان فقط، فضلًا عن توافر الاهتمام بالصيانة والنظافة، وفقًا لوصف أميمة شكري الطالبة بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة، "الحقيقة لا توجد معاناة بالنسبة لنا، إدارة المبنى تحاول توفير سبل الراحة"، ما يميز مبنى امتياز وجود قاعة استذكار، فضلًا عن تعاملات المشرفات الطيبة، ولكن لا مفر من وجود تقصير "أوبشن الثلاجات مش متاح عندنا، ولذلك الأكل اللي بنجيبه من البيت عبارة مكرونة أو رز".

مشكلة أخرى تواجه الطلبة، فإلى الآن لم تظهر نتيجة تسكين الطلاب، الأمر الذي دفع بعضهم إلى اللجوء إلى السكن الخارجي مؤقتًا، "أنا ساكن برة، لأن لسه نتيجة التقديم على السكن ما ظهرتش، يُقال يومين وتظهر"، سلط الطالب (محمود.هـ) بهذه الكلمات الضوء على تقصير إدارة المدينة الجامعية في أمر التسكين.

"الأكل ساعات بيكون سيئ، مرات الفراخ تكون غير مستوية، المكرونة معجنة"، كانت تلك شكوى محمود من وجبات التغذية، باعتباره سكن المدينة في العام الماضي.


انقطاع المياه «عرض مستمر»

جامعة أسيوط.. انتعاش «بيزنس المبيت» والحمامات «غير آدمية» والكلاب تطارد الطالبات

طالبة: «المشرفات واخدين المبيت سبوبة».. وأخرى: «بيشحتونا المياه»

محمود: «معاملة المُشرفين زى الزفت.. وأمن البوابات بيكلمونا كأنهم لواءات»

منة: "منظر الكلاب يرعب من أول ما سكنت والكلاب ما بتفارقناش"

«أهي فلوس وبتترمي على الأرض»، بهذه العبارة بدأت الطالبة (أسماء.م)، الفرقة الثانية كلية التربية الرياضية، تسرد معاناة طالبات المدينة الجامعية بأسيوط. 

تفر «أسماء» من نار المدينة إلى جنة البيت نهاية كل أسبوع، علها تحصل على قسط من الراحة لتصلح ما أفسدته المدينة الجامعية غير الآدمية.

تقول أسماء: «المبنى دايمًا مش نضيف، والأوضة زحمة جدًا، يعني إيه أوضة يكون فيها 10 بنات؟"، مستكملة: «225 جنيهًا تدفعها كل طالبة للسكن منها 150 جنيهًا للتغذية، التي لا تسفيد منها الطالبات في الغالب.. إحنا بنقرف ناكل أكل المدينة أصلًا؛ علشان كده لغيت التغذية، حتى قبل ما ألغيها أنا وبنات كتير، كنا بناخد العيش بس والعشاء، وما استفدتش من اللحوم إلا مرتين وكانوا فراخ، دا لأن الكفتة واللحمة منظرهم يقرف».

"أنا ما كنتش أتخيل أعيش في مكان بشع بالمنظر دا، الدور كله على حمام واحد، وهو كمان محتاج صيانة لأن الأحواض يا إما بتنقط يا إما مسدودة"، تشكو الطالبة (غادة. هـ)، من عدم الاهتمام بالصيانة، لاسيما وأن إدارة المدينة لم تكترث لتصليح دورة المياه الثانية، وضع مأساوي تعيشه الطالبات، ليصبح التزاحم سيد الموقف، "اشتكينا كتير للرئيسة المبنى والمشرفات، وردهم إن المبنى اتعمل له صيانة طول فترة الإجازة، نبقى نشوف سباك يشوف الدنيا".

مسلسل التزاحم والتدافع مازال مستمرًا، ولكن هذه المرة ليس على دورات المياه، فمع بداية كل شهر تستعد الطالبات لمعركة من نوع آخر على شباك سداد المصروفات الشهرية، وليت المهمة تكتمل فغياب التنظيم يقودهم إلى عبارة صادمة بعد قضائهن عدد ساعات طويلة على أمل دفع المصروفات، "الدفتر خلص، روحوا مبنى تاني، فعلًا بنروح مبنى تاني الموظف يقول لنا مش هأخد مصروفات من حد مش على قوة المبنى، عدد الوصلات عندي بعدد طالبات المبنى فقط"، وبهذا الرد ينتهي اليوم دون إنجاز المهمة، لتستعد الطالبات اللواتي لم يتمكن من سداد المصروفات بسبب غياب النظام، إلى يوم جديد يضيع مقابله اليوم الدراسي بأكمله، لاسيما وأن مواعيد دفع المصروفات تبدأ من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الثانية ظهرًا.

سبوبة المبيت والكلاب المسعورة

صدمة أخرى لم تكن في الحسبان، كشفت عنها «هاجر»؛ فالمشرفات لا يلتزمن بالضوابط والمعايير التي وضعتها إدارة المدينة بشأن المبيت، فبعضهن يوافق على تواجد طالبات ليسوا على قوة المبنى.

تقول هاجر: «أنا ما أعرفش فلوس المبيت بتروح فين! ولكن صاحبتي عملت إخلاء طرف أيام الامتحانات، والميس صفاء خلتها موجودة في اليوم الفارق بين كل امتحان والتاني، بشرط إن مشرفة تانية ما تشوفهاش". 

ما تخشاه صفاء وقع وبالفعل انكشف الأمر، وحينها اضطرت الطالبة تدفع العشرة جنيهات مصاريف المبيت، ذهبت للمشرفة، -بحسب هاجر.

«سبوبة» المبيت تسببت في أن تقضي إحدى طالبات جامعة أسيوط، ليلة في الشارع، لاسيما وأنها من محافظة سوهاج، "صاحبتي مسكنتش مدينة السنة اللي فاتت بسبب إنها شالت مادة، ولكن من حقها تعمل مبيت، ولما طلبت تعمل مبيت في المبنى اللي كانت ساكنة فيه، المشرفات رفضوا، وباتت في الشارع".

"بيشحتونا المياه تقريبًا، ما مش معقول تبقى قاطعة الـ25 ساعة في الـ24 ساعة!"، هكذا وصفت (هاجر.م) الطالبة بالفرقة الثانية كلية التربية الرياضية، أزمة انقطاع المياه، وفي عز الصقيع لم تجد طالبات المدينة الجامعية أمامهن إلا القليل من المياه الباردة للاستحمام، بعد طول انتظار لأن تأتي المياه بعد انقطاعها لساعات طويلة، "بنستحمى بمياه ساقعة ما أعرفش السخانات مالها بايظة ولا هم فاصلينها، دا غير المشرفات تعاملاتهن في مصلحتهم وبس".

"منظر الكلاب يرعب، من أول يوم سكنت والكلاب ما بتفارقناش" لم تكن تعلم (منة. أ)، أن الكلاب ستلازمها طوال فترة مذاكرتها في حديقة المدينة الجامعية بأسيوط، بعدما هربت من ضجيج الغرفة التي تكتظ بالطالبات، "يا ريت مشكلة الكلاب دي تتحل، احنا بنبقى مرعوبين جدًا، وهي عمال تطوف حوالينا"، خيار المذاكرة بحديقة المبنى مضطرة إليه؛ لأن المبنى الذي تسكن به، خالٍ تمامًا من قاعات الاستذكار، "أنا باضطر أذاكر في الجنينة، لأن قاعة الاستذكار في المبنى الجديد، ودي بعيدة عن المبنى اللي ساكنة فيه، وقتي بيضيع في المشوار"، المأساة الأكبر أن القاعة الجماعية الأقرب للطالبات إضاءتها ضعيفة، لعدم الاهتمام بصيانتها، -وفقًا لمنة.

"أكلنا بيبوظ، لأن ما فيش تلاجات"، مأساة منة مازالت مستمرة فأغلب الأطعمة التي تحضرها لتفادي أكل وجبات المدينة يكون مصيرها التلف، بسبب عدم وجود ثلاجات لحفظ الأطعمة، إما أن الثلاجة تحتاج للصيانة "بيقولوا كل دور فيه تلاجة، ورغم إن دا مش كفاية، أنا ما شوفتش تلاجة في الدور اللي أنا فيه".

الغرف المكتظة بالطالبات تخلو من المراوح الأمر الذي يجعلها أشبه بـ"السونا"، تحاشي حر المدينة الجامعية، ليس سهلًا فليس من اليسير أن توافق المدينة الجامعية على أن يأتي الطلبة والطالبات بمروحة، بدعوى أن الأجهزة الكهربائية تشكل خطرًا على الطلبة والطالبات، وفي المقابل اختلقت المدينة الجامعية بأسيوط، ما يسمى بالمبنى المميز، ما يميز هذا المبنى وجود مراوح في الغرف إضافة إلى انخفاض عدد الطلبة أو الطالبات إلى 4 في الغرفة، مقابل ارتفاع المصروفات الشهرية عن المباني الأخرى، وقيمتها تزيد عن الـ700 جنيه شهريًا.

العدد زاد إلى أربعة

سوء أحوال المدينة الجامعية بأسيوط لم يقتصر فقط على مدينة الطالبات، فالوضع أكثر سوءًا في مدينة الطلبة، "الأكل بشع أوقات كتير بنلاقي شعر فيه، ومعاملة المشرفين زي الزفت"، بدأ محمود جمال (اسم مستعار) الطالب بالفرقة الخامسة كلية الهندسة، يحكي عن سوء الخدمات في المدينة الجامعية، "الغرف صغيرة جدًا، تقريبًا مترين في متر، ونفاجئ أنهم زودوا عدد الطلبة إلى 4 في الغرفة حتى إن الطالب الرابع لا توفر له دولاب أو مكتب".

يقضي محمود أغلب أوقاته في المنزل ليتمكن من المذاكرة، معاناة الطلبة مع دورات المياه لا تقتصر على غياب الصيانة، بل لا يوجد اهتمام حتى بتنظيفها، وتخلو مدينة الطلبة تمامًا من الثلاجات أو البوتاجاز، اللهم إلا شعلة كهربائية ضعيفة تحتاج إلى وقت كبير، لتحضير كوب شاي فقط.

"الأزمة الأكبر إني ممكن ألاقي نفسي في الشارع، لمجرد إني تأخرت عن مواعيد غلق المدينة الساعة 11 مساءً، رغم إني مرتبط بشغل خاص بمشروع التخرج"، أزمة أخرى تواجه محمود، رغم أنه في كل مرة يحمل ما يؤكد أنه كان مرتبطًا بعمل معين، إلا أنه يُقابل بتعنت المشرفين الذين يصرون على عمل تأخير له، بدعوى أنه لم يأتِ بجواب موقع من رئيس الجامعة أو رئيس المدينة الجامعية.

لم تتوقف مأساة محمود عند ذلك الحد فقط، لما يقابله من معاملة سيئة "أمن البوابات بيكلمونا كأنهم لواءات".