رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سليم أفندى سركيس.. الراعى الرسمى لـ«نجوم الصحافة والأدب»

سليم أفندى سركيس
سليم أفندى سركيس


كان سليم أفندي سركيس، صحفيا لبنانيا لمع اسمه في عهد الخديوي عباس الثاني، وهو أحد أبرز الأقلام التي امتلكت إصدارات صحفية حققت انتشارا واسعًا؛ فلقد أصدر سليم أفندي مجلة تحمل اسم عائلته «سركيس»، والتى انتشرت وازدهرت في عهد كل من الخديوي عباس الثاني والسلطان حسين كامل.

لم تكن مجلة «سركيس» هي أولى تجارب «سليم» مع الصحافة، فوفقًا لما ذكره الكاتب ياسر قطامش في كتابه «عشرة طاولة مع الملك فاروق»، فقد أصدر سليم أفندي قبلها جريدة «المشير» التي صدرت في مدينة الإسكندرية في عام 1894، واشتهرت بأنها ثورية تهاجم السلطان العثماني وتحرض الشعب على ضرورة المطالبة بالإصلاح؛ لذلك عندما وصلت أعدادها إلى بيروت أمرت الحكومة العثمانية بمصادرتها وإحراق أعدادها.

كما طالبت السلطات المصرية بتسليم الجورنالجي المدعو سليم سركيس مكبلا بالحديد، إلا أن اللورد كرومر تدخل في الأمر لينجو سركيس من الحبس، وينتقل من الإسكندرية إلى القاهرة ويرسل السلطان عبد الحميد جواسيسه ليقومون باغتيال «سليم»، إلا أنه نجا من المؤامرة.

وبعد معارك ضارية مع السلطان ترك «سليم» مصر وسافر إلى نيويورك ليصدر هناك مجلة أخرى ويواصل مهاجمته للسلطان الذي لم يجد وسيلة للتخلص منه سوى العفو عنه حتى «يكسر عينه» كما يقولون.

وبالفعل عاد «سليم» إلى القاهرة وأصدر أول عدد من مجلة «سركيس» في عام 1905، وكان مقرها فى شارع الفجالة برمسيس، واختار «سليم» أن يغير بها سياسته الصحفية، وقرر أن تكون اجتماعية فكاهية فنية؛ وتجد إذا تصفحت أحد أعدادها أن أهم أبوابها كانت تلك التي يحررها سليم سركيس بنفسه والتي حملت عناوين «حديث العصفورة، والشيء بالشيء يذكر، ويغيظني»، إلى جانب أبواب ثابتة مثل «روايات مسلسلة، وأخبار من الجرائد العالمية وحكايات منقولة عن كتب شهيرة».

ولأن سليم سركيس لبناني ماهر يتقن كباقي أهل الشام فن التجارة، ويعرف من أين يحقق الربح؛ كان يبتكر أساليب عديدة وفريدة على زمانه في الدعاية لمجلته.

واختار أن تكون مجلة سركيس الراعي الرسمي لإحدى حفلات فرقة سلامة حجازى، واتفق معه على تمثيل رواية «تليماك» تحت إدارة المجلة التي أعلنت أنه سوف يتخلل الفقرات التمثيلية خطب وقصائد شعرية لحضرة صاحب السعادة أحمد شوقي بك شاعر الخديوي وخليل أفندى مطران، وهي  الواقعة التي أثارت دهشة الناس لأنهم لم يشهدوا مثلها من قبل، ما أدى إلى انتشار المجلة بشكل واسع جدا بسبب ذكاء سليم سركيس، الذى حرص على تكرار أفكاره الدعائية الجريئة من وقت لآخر حيث نجده في عام 1907 يقيم حفلا لتكريم الشاعر حافظ إبراهيم في فندق شبرد تحت رعاية مجلته الشهيرة، وحفل تكريم في منزله لمصطفى لطفى المنفلوطى فى عام 1908، والذي تلاه حفل تكريم ثالث لخليل مطران في الجامعة المصرية القديمة للإنعام عليه بالوسام المجيدى الثالث، وهي الحفلات التي كان يستغلها سليم سركيس للتقرب من نجوم المجتمع ومشاهيره وإقناعهم بالكتابة على صفحات مجلته مجانا، وكان يستغل أسماءهم اللامعة في الدعاية لمجلته، إلى جانب حرصه على إقناع أثرياء المجتمع بتقديم جوائز مالية كما حدث في حفل زفاف كريمة أمير الشعراء، حيث استطاع بدهاء شديد إقناع أحمد زكى باشا بالتبرع بخمسة جنيهات تمنحها المجلة كجائزة لمن يكتب على صفحاتها أجمل وصف لحفل الزفاف.

الجميل في الأمر أنه وعلى صفحات مجلة سركيس بدأت أولى خطوات العديد من نجوم الصحافة والأدب حيث أتاح لهم سليم أفندى سركيس الفرصة لنشر أعمالهم منهم الكاتب الشاب إنطوان الجميل الذى أصبح رئيس تحرير «الأهرام» فيما بعد، وعباس محمود العقاد ومي زيادة وجبران خليل جبران الذي كان يراسل المجلة من نيويورك. نظرا لشهرتها وانتشارها.