رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«تحليل السنة».. أحدث أنواع زواج القاصرات في الريف

أرشيفية
أرشيفية


شاب تزوج بنت 17 ورفض الاعتراف بها عند الإنجاب

الدكتور أحمد كريمة: النكاح قبل سن الرشد له مخاطر عديدة والقاعدة الفقهية تقر بأنه مفسدة

أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: التسنين مرفوض شرعاَ ومصير الأبناء مجهول

تحدثت جميع وسائل الإعلام عن قضية زواج القاصرات، التى أحدثت ضجة كبيرة فى كثير من المجتمعات وعلى وجه خصوص الريفية منها، حتى أن محيت من أذهان البشر، لكنه مازال هناك نوعا من التزويج فى وجهة نظر البعض أنه أخطر من زواج القاصرات، فهو مشروع دينيا ومعروفا فى العرف بين الناس وهو زواج يطلق عليه فى المجتمعات الريفية "تحليل السنة"، لكنه لايضمن حقا للزوجة فى بعض حالاته وفى بعض الحالات الأخرى يستدعى تدخل القضاء بين المتزوجين.

مازال يعتاد بعض الناس زواج فتياتهم مبكرا قبل بلوغ السن القانونى لهم، من خلال إبرام عقدا عرفيا يتم إبرامه عند محاميا، ويأخذون ضمانات مالية على الزوج وأهله، حتى يتم توثيق العقود رسميا لدى مأذون شرعى عند بلوغ السن القانونى، ظانين أن هذا سوف يضمن حقوق بناتهم، دون الأخذ فى الاعتبار ماذا سيحدث عند انجاب طفلا ولم يعترف به الوالد أو عند توفى الزوج قبل أن يتم توثيق الزواج وتسجيل الطفل بإسمه ورفض أهله الاعتراف بالزوجة وبنجلها، فكل هذا متوقع الحدوث فى ظل الخلافات التى تحدث بين المتزوجين وبين الوزجات وأهل الزوج، فيرفضون الاعتراف بذلك الزواج رغبة فى عدم إعطاء الزوجة حقوقها.

وكانت قد أصدرت وزارة العدل نظام حديثا وهوالتابلت الإلكترونى، المستخدم مع المأذون؛ لإعداد وثائق الزواج والطلاق المميكنة إلكترونيا، وتعميم فكرة المأذون الإلكترونى خاصة بعد تطبيقها رسميا فى يوليو الماضى بمحافظة بور سعيد. 

وعقدت "العدل" دورة تدريبية، تضمنت تدريب المأذونيين على استخدام التابلت والبرنامج المسجل عليه، وتوصيله بالمحاكم التابعين لهان وتدوين البيانات وطباعة الوثائق من خلاله، حيث إن البرنامج المسجل عليه لا يقبل تسجيل بيانات بتاريخ

ميلاد لا يتجاوز الـ 18 عامًا سواء للزوج أو الزوجة.

هذه الفكرة سوف يتقضى على شق واحد من هذة الأنواع للزواج وهو تزوير وثائق الزواج من خلال تسنين الطفلة بسن يزيد على عمرها الحقيقى حتى يتمكنو أهلها من استخراج قسيمة الزواج وتوثيقه، ويظل شقا أخر يجب تسليط الضوء عليه حتى تقتنع عقول البشر وتقضى عليه، وهو الزواج من خلال عقد عرفيا يبرم عند محامى ويوقع عليه الزوجين، بعد تلقينهم صيغة الزواج الشرعى،  وذلك على ميثاقا بين أهل العروسين أن يوثق هذا الزواج عند السن القانونى، ونرصد خلال السطور القادمة حالات عانت وما زالت تعانى من وراء هذا النكاح.

تزوجها بنت 17 ورفض الاعتراف بها عند الإنجاب

قامت إحدى الفتيات التى تدعى «أ. و»، صاحبة ال «18» عاما، ربة منزل، بالتقدم إلى محكمة الأسرة بالجيزة؛ لرفع دعوى  اثبات نسب نجلها وزواجها من المدعو «ع، م»، سائق «توك توك»، فى العقد الثالث من عمره، ومقيمان بمنطقة مصر القديمة.

وقالت الفتاة فى التحقيقات الأولية التى أجريت معها، إنها عقد قرانها على زوجها منذ عاما، ولكنه كان عقدا عرفيا  عن ايجاب وقبول بين أهليتهما، وذلك لإنها لم تكن أكملت السن القانونى حتى يتم تسجيل الزواج رسميا، وأنه لم يأخذ أهلها أى ضمانات على الزوج؛ بسبب صلة القرابة والصداقة بين العائلتين، وظلت تقيم مع الزوج لمدة عاما حتى أنجبت منه طفلا، وحين ذلك أفتعل الكثير من المشاكل الزوج معها، مما دفع بها الى الذهاب للإقامة فى منزل والدها، كل ذلك وهى لم تبلغ سنها القانونى ولم تسجل زوجها، وحين بلوغها السن وأرادت أن توثق زواجها وتسجل نجلها بإسم والده المقدم الدعوى ضده، رفض ذلك الزوج وشكك فى أن يكون الطفل من صلبه، كما رفض الاعتراف بزواجها، ليبقى مصيرها أمام المحاكم والقضاء يحدده، ويظل نجلها مجهول النسب لا تستطيع أن تفعل له أى إجراء رسميا من استخراج شهادة تطعيم وغيره مما قد يضر بحياة الطفل.

وأوضح أحمد فخرى، محامى الفتاة، أنه سوف يطالب فى أولى جلسات المحكمة بإجراء تحليل «الدى أن أى» للزوج والطفل، وأنه يرى أن الخطأ فى هذة الحالة من أهل الفتاة وجميع أمثالهم الذين يوافقون على زواج فتياتهم مبكرا، قبل تخطى السن القانونى، بحجة أنهم لم يفعلوا بهم شيئا سيئا، وأنهم أرادوا لهم الستر وكأن الإناث فى بيوت أبائهم معيوبون.

زوجة بدون زوج أو ورق رسمى

تداول فى سنة 2018 فى محكمة الأسرة بالمنيا، دعوى مقدمة من فتاة تدعى "رنيا. خ. ع"، فى العقد الثانى من العمر، مقيمة بمركز الفشن محافظة بنى سويف، تفد بأنها تزوجت من المدعو "باسم. أ. ح"، عامل، مقيم فى مركز مغاغة بالمنيا، عندما كانت فى سن 17 عاما ولم يتم تسجيل الزواج لعدم بلوغها السن القانونى.

وأوضحت الدعوى، أن الزواج  عقد من خلال قيام أهلية الزوجين بنسبة سنا للفتاة اكبر من عمرها الحقيقى فى قسيمة نكاح غير سليمة، وقبل مرور عاما على النكاح  أنجبت الفتاة نجلها "أحمد"، ولم يسجل رسميا لحين اتمام مقدمة الدعوى السن القانونى لتوثيق زواجها، لكن القدر يشاء ولقى الزوج مصرعه صعقا بالكهرباء، أثناء مزاولة عمله بأحد المصانع فى محافظة القاهرة.

وسردت  الفتاة فى  الدعوة، أن أهلية الزوج بعد ذلك لم يعترفوا بها وبنجلها قاصدين بذلك التهرب من حقوقها، طامعين فى معاش خصصه المصنع الذى توفى به نجلهم إلى أسرته تعويضا لهم، وكانت نهاية هذة القضية هو تسجيل الابن وعدم الاعتراف بالزوجة، وذلك بعدما تداولت الدعوى شهورا فى المحاكم ، وحرمت الفتاة من جميع مستحقاتها.

متخصصون فى قضايا الأسرة يحللون موقف الفتيات فى "زواج السنة"

اجتمعت أراء أحمد عبد الفتاح، المحامى بالنقض، وأحمد فخرى، محامى،  أن الموقف القانونى بشأن زواج الفتيات وهم دون السن القانونى من خلال عقدا عرفيا يكتب عند أحد المحاميين المتعارف بين الناس بإسم "زواج السنة"، يهدر حق الفتيات فى الحصول على أى شئ من مستحقاتهم  من قايمة النفقة وغيره، فلا يحق لها المطالبة بمتعلقاتها فى بيت الزوجية عند حدوث انفصال، وقد يؤدى هذا إلى عدم اعتراف الزوج بنسب الزوجة إليه وتصبح مثل حالة الزواج العرفى لكن الفارق الوحيد هواشهار الزواج.

وأخبروا أن الخطر الأجسم فى هذا النوع من القران إذا توفى الزوج قبل توثيق الزواج، وتسجيل الطفل عندما يكون منجبا، ففى هذا الوقت يستلزم تسجيل الطفل شهادة أولياء أمور الزوجين، وحينها تكون القضية فى يد أهل الزوج بالاعتراف بنسب الطفل اليهم أم لا، وأنه اذا حدث ولم يعترف أهل الزوج بنكاح الزوجة من نجلهم ونسب الطفل إليه، يكون الحل هو تسجيل الطفل المولود بأسم والد الزوجة بأن يصبح نجلها شقيقها على الاوراق الرسمية، مما يدخل به اختلاط الأنساب المحرم شرعا.   

"الأزهر" لا ينصح بهذا الزواج

قال الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، فى قضية زواج الفتيات قبل تخطيهم السن القانونى، أنه يجب فهم أن الشريعة الاسلامية جعلت سنًاً للرشد، والرشد هو صالحية الانسان؛ لعمل التعاملات المالية وغيرها، وبناء على هذا فقد قدر الفقهاء سن الرشد التقريبى، وهو «18» عاما للفتيات و«21» عاما للفتيان، فنحن ننصح أن لا يتعجل الأهالى بتزويج أبنائهم وهم قاصرين؛ تجنبا لمسائلات قانونية، ومشاكل أخرى؛ وذلك لعدم النضج سواء عقلى أو نفسى أو جسدى.

وأضاف أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن القضاء على هذا الزواج وتوقفه مصلحة كبيرة، والقاعدة الفقهية تقرر أنه حيثما كانت المصلحة تسمى شرع الله، فيتبين أن الابتعاد عن مثل هذة من عقود القران حسنا، وأنه ينصح بعدم التحايل على الشريعة من خلال الاوراق العرفية، والشئ الاغرب الذى يرافقها وهو أن بعض المناطق تجعل الزوج يوقع على إيصال أمانة، ضمانا لتوثيق العقد مستقبلا، وهذا لايليق ببناء أسرة، لأنه ينزل بكرامة المرأة وكأنها سلعة من أجل البيع والشراء، وكذلك الالتزام بسن الرشد وقوانين الدولة، لأنها تحقق المصلحة وتضمن حقوق الأزواج، وأنه طاعة ولى الامر واجبة فكذلك توجب طاعة مؤسسات الدولة، التى تحارب مثل هذة الأنواع من الزواج.

وتابع "كريمة" أن هذا الزواج قبل سن الرشد له مخاطر عديدة، ذكر منها إذا توفى الزوج عن الفتاة قبل توثيق نكاحهما، وجحد الأهل الزواج وكان لديها طفلا فماذا يكون مصيرهما، فالقاعدة الفقهية لا تحرم هذا الزواج لكن تقر بأنه مفسدة، ودفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، فهذا النكاح لا يلتزم بسن الرشد الذى تقرر فى تقنين وزارة العدل؛ حفاظا على مصالح الناس، وأفاد "أحمد"  أن عملية التسنين عملية مرفوضة أيضا من الناحية الشرعية؛ لإنها تتحايل على الشرع، وأنها تعتبر قول زور وقد حرم قول الزور فى مقال التحريم والتجريم للزور، وأن اللجوء إلى التسنين خاطئ قد يسسبب مشكلات لأهل الزوجة فيما بعد تضيع  بحقوق نجلتهم.