رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«5» شخصيات «تقيلة» تحدد ملامح إعادة «هندسة» الحياة السياسية قريبًا

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


فى الفترة الأخيرة، خرجت أصوات محسوبة على الحكومة، ومؤيدة لها وللرئيس عبد الفتاح السيسي، تطالب بإجراء إصلاحات وتغييرات سياسية، وتطالب بوجود حياة حزبية ومعارضة وطنية قوية.


ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة «أخبار اليوم» والمقرب من رئاسة الجمهورية، قال في إحدى مقالاته: «الآن أعود لأكتب عن الإصلاح السياسي المنشود، متفائلا، ومستبشرا، وعندي خليط من تطلعات، وأمنيات، وإشارات، ومعلومات».


وأضاف: «أكاد أرى في الأفق شيًئا ما كبيرًا، لعله مبادرة تكتمل، أو برنامج يتبلور، أو رؤية تختمر، يقدمها القائد لشعبه تدفع بالإصلاح السياسي خطوات واسعة للأمام، في ظل إصلاحات طبيعية جارية».


واعتبر أنه "لابد من تعبيد الطريق أمام الأحزاب التي يبلغ عددها 104 أحزاب، ليتكتل المتشابه منها في الرؤى والاتجاهات ولعلهم يندمجون".


وتابع: "أحسب من الضروري تحفيز عملية الائتلاف والاندماج تحت مظلة رعاية وطنية غير منحازة إلا للمصلحة العامة وأظنها مؤسسة رئاسة الجمهورية، بل الرئيس السيسي نفسه".


وقال رزق: "بنفس الصراحة أقول إن الحرية، كل الحرية للشعب، للكتلة الوطنية المنضوية تحت لواء الثلاثين من يونيو".


وشدد على أنه إصلاح من دون الإخوان: "الإصلاح السياسي ليس - ولا ينبغي أن يكون- قنطرة عبور يتسلل منها سجناء جماعة الإخوان من المستتابين أو التقياويين إلى الحياة العامة".


واستطرد: "ولا يجب أن يظن أحد أن الحديث عن الإصلاح هو استعارة مكنية عن المصالحة مع أعداء الوطن، أعداء الشعب، أعداء الحرية، المنتمين للجماعة الإرهابية". 


وقال النائب مصطفى بكري، عبر حسابه بـ«تويتر»: "من المؤكد أن شعبنا العظيم يواجه مشكلات عديدة ويئن من الأوضاع والظروف الاقتصادية ومن المؤكد أن النخبة تسعى إلى تحقيق الإصلاح السياسي وحان الوقت لذلك".


واستدرك: "لكن فارقا كبيرا بين الوطنيين الذين يدعون للإصلاحات على أرضية وطنية وبين الخونة الذين يريدون الفوضى وهدم الأوطان على رؤوس شعوبها".


وطالب عضو مجلس النواب، رئيس المجلس الدكتور على عبد العال، "بإخراج الاستجوابات من الدرج"، مشيرا إلى أنه يجب إيقاف الحرب الخفية ضد كل من يقول رأيه.


وقال بكري، خلال جلسة عامة لمجلس النواب المصري: "مطلوب إيقاف الحرب الخفية ضد أي أحد يقول رأيه.. هذه ليست مصر التي ضحينا من أجلها ولن يزايد أحد علينا أو على حبنا لهذا الوطن، ومن يدير الأمور من وراء ستار سنقول له حاسب".


وأضاف: "الرئيس السيسي يستطيع أن يعبر بهذا البلد، ويجب أن تكون هناك مراجعة حقيقية".


أما الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، فقد أكد أن الفترة المقبلة ستشهد إصلاحات سياسية وحزبية وإعلامية، مؤكدا أن دور الانعقاد البرلماني الحالي سوف يشهد مناقشة مشروعات قوانين تمس جوهر الحياة السياسية في مصر، مضيفا أن البرلمان حريص على إجراء حوار مجتمعي يستوعب كافة الأطياف الوطنية من المؤيدين أو المعارضين لصياغة المستقبل بمشاركة لا مغالبة.


كما كتب الكاتب الصحفي محمد أمين مقالا في المصري اليوم تحت عنوان «تغيير الأمل»، قال فيه: «يبدو أن الحياة سوف تدب في قلب مصر، بعد حالة تجلط في الشريان التاجى.. فالدكتور على عبد العال يؤكد من جديد أن كلامه عن التغيير السياسي والإعلامي حقيقي، وليس لتنويم الناس.. ومعناه أن المطبخ شغال لإعداد قوائم بالوزراء والمحافظين، ورؤساء الهيئات الصحفية، والإعلامية.. وهو ما أكدت عليه كثيرًا، في الوقت الذي لم يؤكد فيه أحد «فكرة التغيير»!


وأضاف «ولا أتصور أن يقول الدكتور على عبد العال هذا الكلام من عنده، فهو رئيس البرلمان، وهو الذي يقرر مع المجلس الموافقة على الحكومة من عدمها.. ولو شكليًا.. وبالتالي، على الأقل، لابد أن تكون لديه معلومات.. كما أنه لا يقول ذلك من قبيل تنويم الشعب.. وأطمئن رئيس البرلمان بأن الشعب لا ينام، وأن التغيير مطلب جماهيري، والمهم أن يفتح التغيير «باب الأمل» للناس!


وتابع: وأتوقف هنا أيضًا عند مقولة التغيير السياسي والحزبي.. فليس المهم هو التغيير.. الأهم هو التغيير للأفضل.. وأتساءل: كيف يحدث التغيير الحزبي؟.. هل لديك خريطة طريق يا دكتور؟..هل هناك أحزاب جاهزة للاندماج مثلًا؟.. هل ستأخذون منها وزراء ومحافظين؟.. هل تعرف كيف ماتت الحياة الحزبية؟.. ومَن لعب في الأحزاب، ومَن الذي «شيّعها» لمثواها الأخير؟!


أما عبد الرحيم على، عضو مجلس النواب، فقد طالب الحكومة والنواب بالتكاتف من أجل رفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وتوسيع دائرة الحريات والاهتمام بتحسين المجال السياسي العام.


وأكد « على » في تصريحات للمحررين البرلمانيين، على هامش مشاركته في أول جلسة يعقدها مجلس النواب في دور الانعقاد الخامس، ضرورة التصدي لجميع المشكلات والتحديات والمخاطر التي تواجه الدولة المصرية داخليا وخارجيا، ودعم الجيش والشرطة في مواجهة المخربين الذين يسعون لعودة عقارب الساعة إلى الخلف.


هذه التصريحات والمواقف لا زالت تسير الكثير من الجدل في الشارع السياسي المصري، حيث وضع الكثير من الخبراء ونشطاء السوشيال ميديا عدة سيناريوهات أو أشكال لهذا التغيير المحتمل والمنشود، كما استدعى البعض تجربة الحزب الوطني ونموذج زكريا عزمي الذي قام بدور المعارضة في البرلمان المصري الذي كان يسيطر عليه الحزب الوطني الديمقراطي في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وحذر البعض من تكرار هذه النماذج الفترة القادمة.


نموذج زكريا عزمي

بعد الحديث عن هذه التغييرات استعاد البعض الدور الذي كان يؤديه الدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، وعضو الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل)، والذي كان يقوم بدور المعارض داخل مجلس النواب الذي كان يسيطر عليه الحزب الوطني.


وسخر الكثير من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من دور المعارض الذي كان يؤديه زكريا عزمي في الحياة السياسية لأنه ببساطة "لزوم الوجاهة والديكور السياسي وغير مقنع على الإطلاق" ويتساءلون: كيف يهاجم وزراء مثلا في حكومة الحزب الذي ينتمي إليه دون أن يكون مبارك نفسه على علم بذلك فهو مساعده وخطواته محسوبة عليه، إذ يبقى عصا مبارك المشهرة دائما في وجوهنا.


ويقول بعض الخبراء إن "عزمي" كان يحاول أن يلعب دور الحاوي في الحزب الوطني ويسعى إلى ملء الفراغ الموجود في مجلس الشعب بعدما ورط أحمد عز النظام الحاكم وأسقط كل رموز المعارضة، فارتدى عزمي ثياب المعارض في محاولة منه للإبقاء على المسافة الفاصلة بينه وبين المعارضة وليحافظ في الوقت نفسه على ودها ليبقى بعيدا عن النقد وحتى تكتمل الصورة في المجلس بعدما تحول إلى مجلس منزوع المعارضة.


سيناريوهات إعادة هيكلة الحياة الحزبية

ووضع بعض الخبراء ثلاثة سيناريوهات محتملة بشأن إعادة رسم الخريطة الحزبية والمعارضة في مصر هي:


السيناريو الأول: إعادة إنتاج ظَهير سياسي للنظام الحاكم، من خلال إنشاء حزب سياسي، وقد يتم ذلك عبر تصورين: الأول، انضمام الرئيس إلى حزب قائم يحُوز أغلبية برلمانية فيصبح حزبًا حاكمًا، أو تَحوّل أيٌّ من الائتلافات القائمة إلى حزب جديد.


إلاّ أن هذا يتطلب تَعديلات تشريعية متعددة، سواء للسماح بمشاركة الرئيس في العملية الحزبية، أو لدمج الأحزاب بما يحُول دون إسقاط العُضوية البرلمانية لنواب هذا الائتلاف، كما ينص الدستور والقانون؛ فالمادتان (110) من الدستور و(6) من قانون مجلس النواب، تُشيران إلى أن «تغيير النائب أحد شروط العضوية كالصفة أو الانتماء الحزبي، التي انتخب على أساسها، تُسقط عضويته».


إلّا أنّ هناك عوائق أمام هذا السيناريو ترتبط، بضرورة إجراء تعديلات تشريعية تسمح للرئيس بالمشاركة في العملية الحزبية، ودمج الأحزاب بما يحُول دون إسقاط العُضوية البرلمانية لنواب هذا الائتلاف، كما ينص الدستور والقانون، العائق الآخر هو تردد مؤسسة الرئاسة، وهو ما قد يعود إلى أمرين: أولهما، عدم رغبة الرئيس في الخضوع لمؤسسة حزبية قد تُقيد حَركته؛ وثانيهما، الرغبة في تجاوز تجربة الحزب الوطني الحاكم السابقة، وسلبياتها، ومن ثم فاحتمالية تَرجيح تنفيذ هذا السيناريو في المدى القصير مستبعدة في ظل الأولويات الراهنة أمام النظام، سواء ما يخص الملف الأمني ومكافحة الإرهاب أو الملف الاقتصادي.


يقول بعض المؤيدين للنظام، إن الدعوات المطالبة للرئيس بعمل حزب سياسي، هي دعوات مغرضة يصورها خيال البعض بإعادة استنساخ دولة مبارك مرة أخرى، والتي قامت في السابق على أساس "حزب الدولة ودولة الحزب"، مؤكدين أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يحتاج لظهير سياسي يترأسه لأنه رئيس لكل المصريين وهو من يؤكد في كل لقاءاته "أنه ليس محسوبا على أحد ولا أحد محسوب عليه".


ويضيف بعض الخبراء، أن الرئيس السيسي لا يحتاج في الوقت الراهن لإنشاء حزب سياسي على غرار الحزب الوطني المنحل، بسبب الحالة "الشعبوية" التي تساند الرئيس وهى أكبر ظهير سياسي له.


ويلفت الخبراء، إلى أن الدستور يمنع الرئيس من إنشاء حزب يترأسه هو، وأن التجربة ليست إيجابية بغض النظر عن شخص الرئيس، كما أن حزب الرئيس سيكون له خصوصية كبرى من جانب الدولة وستوفر له كافة الإمكانيات، ما سيتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص والذي يقره الدستور، وأن هناك من يحاول الاستفادة من الأزمات السياسية التي تسيطر على المشهد الحالي ويتحرك نحو إعادة استنساخ الحزب الوطني من جديد والذي كان يتصرف وكأنه الرئيس وبلسان الرئيس، ما أدى بطبيعة الحال لقيام ثورة يناير.


ويقول بعض المؤيدين للرئيس السيسي، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي انتخب رئيسًا لكل المصريين، ولم ينتخب من قبل حزب معين أو فصيل بعينة، رافضين الأصوات التي تدعو الرئيس لتكوين حزب سياسي أو كيان داعم لسياسات الرئيس، مؤكدين أن الفساد السياسي في عهد مبارك كان بسبب وجود الحزب الوطني برئاسة مبارك، ما أتاح الفرصة أمام الفاسدين وسارقي أموال الشعب للمتاجرة باسم حزب الرئيس، بالإضافة إلى أن انتمائهم لحزب الرئيس زادهم نفوذا وقوة.


السيناريو الثاني: وهو دمج الأحزاب، ويَنطوي هذا السيناريو على احتمالين: إما دمج كُتل حزبية محدودة بناءً على التوجهات الفكرية الرئيسية، كما كان الحال في تجربة المنابر في عهد السادات؛ وإما دمج أحزاب ضعيفة التّمثيل في البرلمان بغيرها من الأحزاب غير الممثلة، إلا أن هذا يتطلب أيضًا تَعديلًا تشريعيًا.


أما في حال عدم تنفيذ التعديلات التشريعية فإن الدمج سيكون فقط من نصيب الأحزاب الصغيرة التي لا يُمثلها نوابٌ، ما سيحُول دون وجود أثر حقيقي لتلك الخطوة، ومن ثم فإن احتمالية ترجيح هذا السيناريو قائمة في المدى المتوسط، ومرتبطة بدرجة رئيسة بمدى تفاعل البرلمان مع هذا التصور.


وقال المستشار بهاء أبو شقة، رئيس حزب الوفد، إن عملية دمج الأحزاب السياسية ليست سهلة كما يتصور البعض.


وتابع "أبو شقة" أنه من الصعب أن تتخلى بعض الأحزاب عن هويتها لتحقيق عملية الدمج.


وفي نوفمبر 2017 دعا الرئيس السيسي خلال لقائه مع ممثلي عدد من وسائل الإعلام الأجنبية والمصرية على هامش منتدى شباب العالم الأحزاب إلى الاندماج قائلًا: "الأحزاب كثيرة ويجب أن تدعوهم للدمج من أجل زيادة قدراتهم".


وفي أبريل 2018 جدد الرئيس السيسي دعوته لدمج الأحزاب مرة ثانية، حيث تحدث عن ضرورة التعاون بين رؤساء الأحزاب السياسية، وإجراء مفاوضات بينهم؛ حتى يحدث تقارب بين هذه الكيانات، سواء عن طريق الدمج أو التحالف السياسي حول القضايا المختلفة، والمعارك الانتخابية.


ومؤخرًا دعا الكاتب الصحفي ياسر رزق في مقال صحفي، إلى إجراء حوار بين الأحزاب خاصة الوفد ومستقبل وطن لتنفيذ مبادرة تستهدف دمج المتشابه منها في البرامج والأفكار والتوجه السياسي.


النائب مصطفى بكري، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب المصري، كشف في تصريحات صحفية عن وجود اتصالات تجرى بين عدد من الأحزاب السياسية الكبرى، لبحث مسألة اندماجها في حزب واحد ضخم.


وأضاف أن «المؤشرات الأولى تتجه نحو تدشين 3 أحزاب رئيسية كبرى، يمثل أحدها الدولة المصرية».


وبيّن أن «أحد الأحزاب سيكون من الائتلافات الانتخابية التي نجحت في تكوين كوادر سياسية في كل المحافظات خلال الفترة الماضية».


بكري، أكد أن، الحديث داخل الأروقة السياسية يتمثل في إقامة حزب سياسي داعم للدولة من خلال حملات تأييد السيسي في الانتخابات الأخيرة، «كلنا معاك من أجل مصر»، و«علشان تبينها»، و«مواطن»، على أن تشكل حزبًا واحدًا»، مستدركًا أن «الأمر لم تتم بلورته بشكل نهائي».


وأشار إلى أن ذلك «سيتم قبل إجراء انتخابات المحليات»، مؤكدًا أن «قانون المحليات ضمن أولويات المجلس في الوقت الحالي، خاصة أنه جاهز للمناقشة».


السيناريو الثالث: استمرار الوضع الراهن.. يفترض هذا السيناريو بقاء المشهد الحزبي كما هو دون تَغيير في مُكوناته، مع إعادة تنشيط أدوار الائتلافات السياسية القائمة، أو استحداث ائتلافات جديدة مرتبطة بملفات بعينها.


حزب مستقبل وطن – الحزب الوطني

رفضت قيادات حزب «مستقبل وطن»، ما يتردد عن كون الحزب إعادة لتجربة «الحزب الوطني» قبل ٢٠١١، مشددين على أن المناخ السائد في مصر، سواء السياسي أو الشعبي، لا يسمح بذلك، كما أن أفكارهم ورغباتهم وأهدافهم تختلف تمامًا عن تلك التي لدى قيادات «الوطني».


نموذج مبارك.. الأحزاب الكارتونية.. ديكور

كما تحدث البعض عن نموذج الأحزاب الكارتونية أو الديكورية التي كانت سائدة في عصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.


وكشف الدكتور على الدين هلال، عضو هيئة مكتب أمانة الحزب الوطني المنحل، عن رأي مبارك في الأحزاب السياسية، في حوار لقناة «العربية»، قائلا: إنه «غير مقتنع بوجود حياة حزبية، واعتبرها صورة تكميلية للنظام السياسي المصري أمام الرأي العام العالمي».


ومنذ ذلك التاريخ اعتلى الحزب الجديد صدارة الساحة السياسية، وظل يفوز بأغلبية تتراوح بين 75 و95% في كل انتخابات نيابية تجرى في مصر منذ العام 1979.


ويقول الخبراء، إن طريقة مبارك المفضلة خلال سنوات حكمه في التعامل مع أحزاب المعارضة كانت تتمثل في إخضاع الأحزاب من خلال إعطائها مساحة كافية للتنفس والعمل السياسي، وهو ما ساهم في إضفاء بعض الشرعية على نظام مبارك، إلا أنها ظلت تحت السقف الذي حدده النظام ولم تتجاوزه، متمثلًا في حصول المعارضة كلها على ما لا يمكن أن يتجاوز ثلث أعضاء البرلمان، وفي الوقت نفسه ظلت الأحزاب التي كان يطلق عليها “كارتونية” في عهد مبارك إشارة إلى ضعفها، وضعف أعداد أعضائها، فضلًا عن ضعف تأثيرها في الشارع، حاضرة في المشهد ولو بشكل ظاهري، واعتمدت بشكل كبير على رصيدها التاريخي في المشاركة في الحياة الحزبية وعلى بعض رموزها التاريخيين.


ويضيف الخبراء، أنه في عهد نظام مبارك كان الحزب الوطني حزب الحكومة والذي تأسس على أنقاض الاتحاد الاشتراكي، يقوده المسئولون وبذلك امتلك صلاحيات وقدرات استمدها من سيطرته على مواقع القيادة ومالية الدولة، وبذلك تمكن من التوسع والانتشار وتحولت استمارة العضوية إلى جواز المرور للمناصب والترقية والتعيين وتحقيق المصالح.


وبالطبع فقدت عشرات الأحزاب القائمة خلال هذه الفترة القدرة على الاستمرار أو الظهور أو الترويج لنفسها، للتحول إلى أحزاب كرتونية توزع عليها الأدوار 


أخطار تهدد كيان الدولة المصرية

أكد المستشار مصطفى الطويل، عضو الهيئة العليا لـ«حزب الوفد»، أنه يستبعد تماما قيام الدولة بعمل إصلاحات سياسية حقيقية في المدى المنظور؛ بسبب وجود أخطار كبيرة تهدد كيان الدولة المصرية، على رأسها أزمة سد النهضة الإثيوبي التي تهدد أمن مصر المائي، والحرب على الإرهاب، لافتًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ليس في حاجة إلى حزب سياسي، مشيرا إلى أن أغلب الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة ومن ضمنها حزب الوفد مؤيدة وداعمة للرئيس عبد الفتاح السيسي بقوة.


وأضاف «الطويل» أنّ هناك عوائق كثيرة تقف أمام فكرة دمج الأحزاب السياسية، من أهمها الزعامات الفردية، مستبعدا تكرار تجربة الحزب الوطني الديمقراطي في مصر، مؤكدا عدم وجود معارضة للنظام في مصر سوى جماعة الإخوان المسلمين.


بناء نظام سياسي جديد

يقول عبد العزيز النحاس، القيادي في حزب «الوفد»، إنّ الجلسة الأولى للانعقاد التشريعي الأخير لمجلس النواب كانت معبرة فعلا عن نواب الشعب، خاصة عندما تحدث رئيس المجلس الدكتور على عبد العال عن أهمية مواكبة السلطة التنفيذية لمشاكل وقضايا المواطن المصري؛ لأن هذا هو الدور الرئيسي والأساسي لمجلس النواب باعتباره ملاذ الشعب والمعبر عن قضاياه ومشاكله، وبالتالي فإن هذه الرؤية الجديدة هي رؤية تساهم في إزالة أي احتقانات ممكن أن تحدث في الشارع، وبالتالي فإن قيام المجلس بدوره الرقابي على الحكومة والسلطة التنفيذية يصب في النهاية في مصلحة هذا الوطن.


وأضاف «النحاس» أن نموذج الحزب الوطني الذي يستدعيه البعض هو نموذج فاشل، ولو كان نموذجا ناجحا ما كانت مصر تعيش ما تعيشه الآن وما كانت لتنفجر ثورة 25 يناير وبعدها ثورة 30 يونيو، وبالتالي مصر في حاجة إلى بناء سياسي جديد، هذا البناء يعتمد على شيئين أساسيين هما وجود حزب حاكم بإرادة شعبية حقيقية بعيدا عن تدخلات السلطة التنفيذية، ووجود معارضة وطنية بناءة تنطلق من ثوابت وطنية هي، أن يكون كل هدفها هو الوطن والدولة المصرية الوطنية، وكلاهما – الحزب الحاكم والمعارضة-  يشكلون النظام السياسي المصري الجديد الذي تحتاجه مصر، وهو أمر يحتاج إلى إصدار عدد من القوانين وعلى رأسها قانون مباشرة الحقوق السياسية المزمع إصداره قريبا في الدورة التشريعية الحالية حتى نكون أمام بناء سياسي يؤسس لحياة سياسية جديدة وقوية في المرحلة القادمة.


وأكد «النحاس» أنّه ضد فكرة دمج الأحزاب السياسية التي ينادي بها البعض وضد فكرة صناعة الأحزاب، لكنه مع وجود أحزاب تمارس عملها بحرية، ووجودها يتوقف على شعبيتها في الشارع وعلى مدى تمثيلها في البرلمان، بحيث يكون انضمام أعضائها إلى الأحزاب الأخرى القريبة في الفكر والبرامج طوعيا واختياريًا وليس إجباريًا أو فرضًا أو بتوجيهًات أو بعملية معدة سلفًا.