رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

شريف عرفة.. «7» ألغام فى طريق عبور عاشق «اللعب مع الكبار» للخروج الآمن بالممر

المخرج شريف عرفة
المخرج شريف عرفة


لم يكن إقدام المخرج والمؤلف الكبير شريف عرفة على صناعة فيلم «الممر» بالمهمة السهلة مُطلقًا؛ بل كان في انتظاره عدد كبير من المعوقات التي كانت بمثابة «الألغام» في طريق «مُخرج العمالقة» - كما يُلقب لعمله مع كبار النجوم - ولكن ما يُعرف عن شريف عرفة منذ أن وطأت قدماه عالم الفن أنه يعشق اللعب مع الكبار فهو الذي أخرج «الإرهاب والكباب» و«طيور الظلام» و«اللعب مع الكبار» وهو ما جعله يدخل تجربة «الممر» غير عابئ بتلك الصعاب؛ ليتفوق على نفسه.



وبرغم الصعوبات الشديدة التي واجهها «عرفة» في  بناء الديكورات وتصميم المعارك باستخدام الرصاص الحي والمتفجرات الحقيقية إلا أننا نجده نجح بإتقان مثالي في تقديم صورة فنية مُذهلة ومشاهد ومعارك بتقنيات سينمائية حديثة لم تكن موجودة في جميع الأفلام الحربية التي قدمتها السينما المصرية خلال تاريخها.



ونجح «عرفة» باقتدار في كسر «تابوه» كاد أن يكون قانونًا في صناعة السينما المصرية حديثًا ألا وهو «الجمهور عايز كده» «هو ده اللي بيشد شباب اليومين دول» ليس ذلك فقط فمن خلال متابعة العمل منذ اللحظة الأولى نجد أن مخرج الفيلم قرر كسر كل «التابوهات» المعروفة عند تناول عمل فني فترة حرب الاستنزاف.









جاء الفيلم جريئًا في تناوله لعدد من المشكلات التي واكبت تلك الفترة الزمنية مثل تهجير أبناء النوبة تمهيدًا لبناء السد العالي، وانتشار مشاهد العشوائية وعدم الالتزام داخل الجيش المصري عقب النكسة وما تلاها من آثار نفسية على المجتمع المصري عقب الهزيمة والذي قرر مواجهته بالسخرية والنكتة وهو ما تجلى في مشهد السنترال.


كما نجح مؤلف العمل في توسعة «قماشة» الدراما داخل العمل من خلال بعض المشاهد والخطوط الدرامية الفرعية كأثر الهزيمة على الضابط «نور» وانعكاسها على حياته الخاصة وعلاقته بزوجته ونجله، بالإضافة إلى حكاية المجند «هلال» الذي أبى أن يواجه والده أو ينظره في عينه إلا بعد استرداد أرض سيناء المسلوبة والانتصار على العدو، لاسيما شخصية «فرحة» البنت السيناوية التي عملت كدليل للجنود المصريين والتي خطفت بجمال عيونها قلب المجند «هلال» ومشهد تقدمه لخطبتها من شقيقها وقت الحرب، فهي كلها خطوط درامية فرعية لكنها حملت الكثير من الإنسانيات التي أعطت للفيلم بُعدًا عاطفيًا علق قلوب الجمهور به.



نرشح لك: الممر.. كيف أنعشت ملحمة الـ«145» دقيقة سوق الأفلام الحربية؟








واعتمد شريف عرفة وكاتب الحوار الشاعر أمير طعيمة، على «تيمة المشاعر» لإظهار اللحظات الحرجة التي مرت بها مصر عقب هزيمة «67» بشكل بسيط دون الدخول في تفاصيل مُعقدة تتسبب في «توهان» المشاهد عن الخط الدرامي الأساسي للعمل كمشهد الضابط «نور» وزوجته بعد عودته من مشاهد الدماء وقتل زملائه أمام عينه وما حدث له من صدمة وصمت تام، ليتخذها «عرفة» فرصة ذهبية لإبراز دور المرأة المصرية على مر العصور في وقوفها بجوار بلادها وزوجها في الظروف العصيبة ورفضها تركه وحيدًا وإصرارها على مساعدته ودفعه بأمل الانتصار القريب.


وبرغم براعة «عرفة» في تخطي كل المعوقات وخروجه بالعمل إلى «بر الأمان»، نجد أن الصورة انتصرت في العمل على حساب السيناريو والحوار، فالمخرج هنا أعطى كل تركيزه وهو يكتب في كيفية تسخير جميع الأدوات لتظهر الصورة كما يُريد؛ ليسقط الفيلم في فخ «السطحية والمباشرة» حيث جاء الحوار في بعض المشاهد خطابيًا خفيفًا أكثر من اللازم وكأنها حصة تربية وطنية لطلاب بمدرسة ابتدائية وليس في فيلم سينمائي مُرشح أن يستمر طويلًا في التاريخ.


وكذلك إغفاله عنصر تزامن الترجمة مع حديث قادة إسرائيل الذي ظهر بشكل سريع ما قلل من فرصة الإمساك بهذه التفاصيل الهامة والحاسمة في سياق السيناريو.


ومن ضمن المآخذ أيضًا على العمل وهو خاصة بصناعة أغاني الفيلم، فلا خلاف على صوت الفنان محمد الشرنوبي وعذوبته إلا أنه اتسم بالدفء والحنان أكثر من المطلوب، فمعروف عن الأفلام الملحمية إنها تحتاج إلى أصوات أكثر حماسية وقوة تماشيًا مع التركيبة العسكرية والوطنية، وكذلك غناء الجنود بشكل مستمر وبصوت مرتفع خلف خطوط العدو، فعسكريًا من المفترض أن الضباط والجنود كانوا مدربين على الإخفاء والتكتم وحتى لو كانوا في مكان معزول.



ومن المُلفت أيضًا خلال متابعة العمل حفاظ الممثلين على جماليات مظهرهم أثناء المعارك العسكرية العنيفة، وظهور لحية الفنان أحمد صلاح حسني مُنمقة كأنه قام بتهذيبها في «صالون حلاقة»، بينما لم يُنبت شعر رأسه رغم وجوده في صحراء سيناء لأيام طويلة وفقًا للسياق الدرامي.


نرشح لك: إياد نصار.. شخصية الضابط «ديفيد» تكشف عن «غول تمثيل» لم يظهر بعد







كما أثارت شخصية المراسل الحربي «إحسان» سخط عدد كبير من الصحفيين المصريين لما جاء عليه الدور، إذ ظهر خلال الفيلم بحس فُكاهي وصل لحد السذاجة في بعض المشاهد، بالإضافة إلى اعتياده في بادئة العمل على السهر داخل الملاهي الليلية وتغطيته لأخبار الراقصات الشرقيات رغم هزيمة «67» وهو ما اعتبره الصحفيين إهانة للمهنة.


لكن في النهاية لم تؤثر تلك «الألغام» التي رصدناها في البناء الدرامي للعمل، فيبقى «الممر» عملًا حربيًا مثاليًا في تاريخ السينما المصرية نجح باقتدار صناعه في تحقيق الهدف الأسمى من إنتاجه وهو عودة الروح الوطنية إلى جسد وقلب البلاد.



نرشح لك: أسماء أبو اليزيد.. حكاية سمراء سيناوية أربكت قلب المجند هلال والمصريين