رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كل ما تريد معرفته عن رئيس تونس الجديد «قيس سعيد» الملقب بـ« الرجل الآلي»

النبأ

قبل أشهر، استقبل العديد من التونسيين خبر اعتزام قيس سعيد الترشح للانتخابات الرئاسية بسخرية، فهو الرجل البسيط الهادئ الذي لا يملك حزباً أو جهة سياسية تدعمه ولا رصيداً سياسياً قوياً يجعله قادراً على مواجهة أسماء بارزة في المشهد السياسي ومرشحين مدعومين سياسياً ومادياً وإعلامياً.

وحتى بعد أن برز اسمه في استطلاعات الرأي ضمن أهم الشخصيات المرشحة لتحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات الرئاسية، لم يتوقع أحد منه أن يقلب الطاولة على الكل، ويصبح حاكم قرطاج الجديد خلفاً للرئيس الراحل، الباجي قايد السبي.

في شقة متواضعة مستأجرة في عمارة بشارع ابن خلدون في قلب العاصمة تونس، أطلق الأكاديمي قيس سعيد، والمرشح المستقل لانتخابات الرئاسة حملته الانتخابية.

ولد سعيد في 22 فبراير 1958 بتونس،، وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء، وحصل على شهادة الدراسات في القانون الدولي العام من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس.

وهو حاصل أيضًا على دبلوم الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري، ودبلوم المعهد الدولي للقانون الإنساني في "سان ريمو" الإيطالية.

بدأ حياته المهنية، في 1986، مدرسا بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بمدينة سوسة (شرق)، قبل أن ينتقل في 1999 للتدريس بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس العاصمة.

تقلد بين عامي 1989 و1990 مهام مقرر اللجنتين الخاصتين لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من أجل الإعداد لتعديل مشروع ميثاق الجامعة، ومشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية.

كما عمل سعيد خبيرا متعاونا مع المعهد العربي لحقوق الإنسان من 1993 إلى 1995.

 

حصل في 1997 على عضوية المجلس العلمي وعضوية مجلس إدارة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري، وهو أيضًا رئيس مركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية (مستقل).

بدأ قيس سعيد (61 سنة) حياته بمسار تعليمي ناجح في أبرز الجامعات التونسية، إذ حصل على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام من كلية الحقوق والعلوم السياسية سنة 1985 وعلى دبلوم الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري سنة 1986 ودبلوم المعهد الدولي للقانون الإنساني بإيطاليا سنة 2001، ليصبح واحداً من أهم الأسماء البارزة في المجال القانوني والدستوري بتونس.

درّس سعيد في العديد من الجامعات التونسية وأدار قسم القانون العام بكلية الحقوق في سوسة بين 1994 و1999. وكان ضمن فريق الخبراء للأمانة العامة لجامعة الدول العربية الذي أعد ميثاق الجامعة العربية، كما كانت له مساهمة في إعداد الدستور التونسي الجديد.

وبعد ثورة 2011، كان هذا الرجل من الأسماء التي اكتشفها التونسيون بسبب ظهوره المتكرر على وسائل الإعلام لشرح وتحليل المسائل القانونية والدستورية المرتبطة بالقضايا السياسية، وقد تلمّسوا فيه شخصية مختلفة وطريفة في آن واحد، بسبب طريقة كلامه وأسلوب خطابه الذي يعتمد أساساً على اللغة العربية الفصيحة والتحدث بجدية ودون تشنج ودون توقف، حتى أصبح يلقب بـ"الروبوكوب" أو الرجل الآلي.

إلا أن نجمه صعد في السياسة التونسية، منذ إعلانه اعتزام الترشح للانتخابات الرئاسية بصفته مرشحاً مستقلاً، فظهرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي باسمه تدعو إلى الالتفاف حوله ودعمه للفوز في هذا الاستحقاق الانتخابي، يقودها خاصة طلبة جامعيون. وتزايد الاهتمام به وبترشحه ونجح في الاستئثار بنصيب واسع من المساندة، حتى برز اسمه في استطلاعات الرأي وتصدر نوايا تصويت التونسيين.

وخلال الحملة الانتخابية، لم يظهر في تجمّعات شعبية كبيرة، ولم تعلق له لافتات كبرى تحمل صورته في الشوارع، واكتفى فقط بالتجول على سيارته الخاصة في عدد من المدن للقاء المواطنين في المقاهي والأسواق الشعبية، بعد أن رفض التمويل العمومي للمرشحين الرئاسيين، بحجة أنه مال عام وهو حق للشعب التونسي فقط.

ونجح بهذه الطريقة المتواضعة في لم شمل العديد من الجماهير المساندة له، خاصة من فئة الشباب والطلبة، كما استطاع القفز فوق جميع المرشحين البارزين والأسماء الثقيلة المدعومة من الأحزاب ووسائل الإعلام ورجال المال والأعمال، والحصول على ثقة الأغلبية الساحقة من الناخبين التونسيين.

ويقوم البرنامج السياسي لقيس سعيد على إعطاء دور محوري للجهات وتوزيع السلطة على السلطات المحلية عبر تعديل الدستور، ويعتقد أن الوضع الحالي يقتضي إعادة بناء سياسي وإداري جديد، ينطلق من المحلّي نحو المركزي عبر تأسيس مجالس محلية، وجعلها تشارك في السلطة. كذلك يرى سعيد أن الشعب نفسه هو من يجب أن يضع الخطط والاستراتيجيات الفكرية والاقتصادية التي تحرك الوطن بعد الثورة، وليس العكس.

ووصف نجاح سعيد في الوصول إلى سدة الرئاسة بـالإنجاز السياسي في نظر الكثيرين، فأستاذ القانون تمكن من قلب الساحة السياسية رأساً على عقب في شهور قليلة، وكتب نهاية مسيرة شخصيات سياسية بارزة، كانت إلى وقت قريب على رأس السلطة في البلاد.

ويعد قيس سعيد مناهضا شرسا للنظام السابق ولنواقص الحكومات المتعاقبة منذ 2011، وداعما قويا لمطالب ثورة 2011، التي أطاحت الرئيس حينها، زين العابدين بن علي الذي حكم في الفترة ما بين (1987 - 2011).

وتلقي قيس سعيد دعما واسعا خلال حملته الانتخابية، خصوصا من طلبة الجامعات. يقول أحد أعضاء الحملة: "نحن تعلمنا من قيس سعيد العفة ونكران الذات. تعلمنا الكثير من الأستاذ. كل يوم نتعلم منه".

وعلى النقيض من برنامج القروي الاقتصادي، يرتكز مشروع سعيد على لامركزية القرار السياسي، وتوزيع السلطة على الجهات. ويتبنى شعارات الثورة التي أطاحت بنظام بن علي في 2011 ومنها "الشعب يريد" "و"السلطة للشعب".

لكن مشروع سعيد لا يتضمن تفاصيل تبلور رؤيته لحل المشاكل التي يعاني منها المجتمع التونسي، ومنها البطالة، على سبيل المثال.

ويرى أعضاء من الحملة، أن قيس سعيد وضع "قاعدة" لحل المشكلة، ليستكمل المواطنون من بعده حلها.

فحل مشكلة البطالة، على سبيل المثال، تبدأ من إنشاء مجالس محلية تضع مشروعات تنمية بناء على مطلب سكان كل منطقة، وذلك لتلافي صرف منح مالية دون تحقيق عوائد والعمل على إنهاء ثقافة العمل السائدة التي تعتمد على "التواكل".

المصدر: العربية+ سكاي نيوز عربية