رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«4» سيناريوهات بعد فشل مفاوضات «سد النهضة»

سد النهضة
سد النهضة


خلال الأسبوع الماضى، شهدت قضية «سد النهضة» تطوراتٍ خطيرةً بعد إعلان القاهرة عن وصول المفاوضات التي جرت في الخرطوم إلى طريق مسدود؛ نتيجة تشدد الجانب الإثيوبي، ورفضه الأطروحات التي تراعي مصالح مصر المائية، وتتجنب إحداث ضرر جسيم لها، بحسب تصريحات المتحدث الرسمى باسم وزارة الرى والموارد المائية الدكتور محمد السباعى.


وقال «السباعى» إن إثيوبيا قدمت خلال جولة المفاوضات التي جرت في الخرطوم مقترحا جديدا يعد بمثابة «ردة» عن كل ما سبق الاتفاق عليه من مبادئ حاكمة لعملية الملء والتشغيل، حيث خلا من ضمان وجود حد أدنى من التصريف السنوي من السد، والتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد التي قد تقع في المستقبل.


وأضاف: إثيوبيا رفضت مناقشة قواعد تشغيل سد النهضة، وأصرت على قصر التفاوض على مرحلة الملء وقواعد التشغيل أثناء مرحلة الملء، بما يخالف المادة الخامسة من نص اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 23 مارس 2015، كما يتعارض مع الأعراف المتبعة دوليا للتعاون في بناء وإدارة السدود على الأنهار المشتركة.


وتابع: الموقف الإثيوبي أوصل المفاوضات إلى مرحلة الجمود التام، خاصة بعد رفض إثيوبيا للمقترح المصري الذي قدم طرحًا متكاملًا لـ«قواعد ملء وتشغيل سد النهضة»، يتسم بالعدالة والتوازن، ويراعى مصالح الدول الثلاث.


وكتب الرئيس السيسي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "تابعت عن كثب نتائج الاجتماع الثلاثي لوزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا لمناقشة ملف سد النهضة الإثيوبي والذي لم ينتج عنه أي تطور إيجابي.. وأؤكد أن الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل، ومستمرة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي وفى إطار محددات القانون الدولي لحماية هذه الحقوق وسيظل النيل الخالد يجري بقوة رابطًا الجنوب بالشمال برباط التاريخ والجغرافيا".


واستقبل الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري.


وقال الإمام الأكبر، إنّ قضية المحافظة على المياه هي قضية دينية في المقام الأول، بجانب كونها قضية أمن قومي، باعتبارها من الموارد الضرورية لحياة البشرية جمعاء، مشيرًا إلى أن ملكية المياه هي ملكية عامة، ولا يصح بحال من الأحوال، وتحت أي ظرف من الظروف، أن تترك الموارد الضرورية للحياة، ملكا لفرد، أو أفراد، أو دولة تتفرد بالتصرف فيها دون سائر الدول التي تشترك في هذا المورد العام أو ذاك.


وأكد فضيلته أحقية مصر في المطالبة بحقها في حصتها من مياه نهر النيل؛ باعتباره شريان الحياة للمصريين، مشيدًا بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، للمطالبة بأحقية مصر في حصتها من نهر النيل، والتأكيد على أن مصر لن تقبل بسياسة فرض الأمر الواقع.


وقال البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية،  لنا علاقة قوية مع الكنيسة الإثيوبية، وقمت بزيارة البطريرك الإثيوبي وقام بزيارتي، وقد تقابل مع الرئيس السيسي، ويوجد حوار حول هذا الموضوع، ولنا أب أسقف مسئول عن العلاقات مع الكنيسة الإثيوبية، ولنا أيضًا أب راهب مقيم هناك، ويوجد الكثير من الإثيوبيين يصلون في كنائسنا، ولنا علاقات طيبة وقوية، مؤكدًا أن الجانب الإثيوبي يرد على هذا الأمر، بهذه العبارة بأن السد لتوليد الطاقة وليس للزراعة، وأشعر أن العلاقات بين القيادات في البلدين، ستحل الأمر بهدوء شديد وسيكون للخير.


وشهد مجلس النواب، تحركًا عاجلًا، بشأن سد النهضة الإثيوبي، عقب تعثر المفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا.


وقدم النائب عبد الحميد كمال، عضو مجلس النواب، بيانا عاجلا للمجلس، قال  فيه، إنه: «باعتبار أن الأمر عاجل وخطير وهناك تصعيد من الجانب الإثيوبي وتجاهل حق مصر ومطالبها الشرعية، الذي سبقه منذ أيام إعلان فشل مفاوضات سد النهضة، برجاء توجيه بيان عاجل واستدعاء وزير الخارجية لتوضيح الأمر، الذي يهم الشعب المصري والأمن والسلم الاجتماعي».


وأكد محمد أبو العينين، الرئيس الشرفي للبرلمان الأورومتوسطي، رئيس مجلس الأعمال المصري الأوروبي، أن الرئيس السيسي دق ناقوس الخطر بالأمم المتحدة حول أزمة سد النهضة، وأنه تحدث بمصداقية وشفافية كاملة عن هذا الملف وحذر من خطورة الأمر، ووضع المجتمع الدولي أمام واجباته في حل الأزمة.


وقال «أبوالعينين»، خلال لقائه أعضاء وممثلي البرلمان الأورومتوسطي بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، إن الرئيس السيسي طرح الرؤية المصرية حول القضية، حيث تتعنت إثيوبيا ولا تحترم الاتفاقيات والمواثيق الدولية الموقعة بين دول حوض النيل، كما أنها تتجاهل وجهة النظر المصرية حول سد النهضة وتصر على ملء السد خلال 3 سنوات فقط الأمر الذي يضر بدولة المصب، ورفضت أديس أبابا الاقتراح المصري بملء السد خلال 7 سنوات حتى تقل خطورة تأثير احتجاز المياه بالسد على مصر وما ستتعرض له من قلة حصتها بالمياه.


وتابع: "لا بد من تبني دعوة الرئيس السيسي لحماية الحقوق في مياه النيل، وحماية استقرار وأمن المنطقة من أزمات جديدة، وأن ندافع عن حياة 100 مليون مواطن مصري بحقهم فى المياه". 


وأوضح «أبو العينين» أن خطاب الرئيس السيسي كان واضحا بالأمم المتحدة وهو تمسك مصر بحقوقها وحصتها بمياه النيل.


ويرى خبراء أن هناك سيناريوهات أمام مصر بعد فشل مفاوضات سد النهضة وهى: اللجوء إلى وسيط لحل الأزمة، استخدام التحكيم الدولى، تنظيم زيارات تفاوضية للأطراف التي لها مصلحة في القضية مثل دول حوض النيل، ثم الاستعانة بالخبراء الدوليين.   


وقال الدكتور ضياء القوصي، مستشار وزير الري السابق، إن مرحلة فشل التفاوض تعني بدء مراحل جديدة؛ بداية من اللجوء إلى وسيط حتى اللجوء إلى التحكيم الدولي.


وأضاف «القوصي»، أن مصر لا تمتلك كثيرًا من الحلول إلا من خلال التفاوض وتدويل القضية؛ من خلال الدبلوماسية المصرية العريقة، لافتًا إلى أن الحديث عن أي حلول عسكرية ليس واردًا في سياسة مصر.


ونوه مستشار وزير الري السابق بأن الوسيط ليس شرطًا أن يكون دولة؛ بل من الممكن أن يكون منظمة دولية أو البنك الدولي، وربما يكون للاتحاد الإفريقي دور في هذا الملف الشائك.


وأشار «القوصي» إلى أن مصر وأصدقائها في المنطقة العربية والإفريقية سوف يمارسون ضغوطًا كبرى؛ لأن مياه نهر النيل وحقوق مصر التاريخية لا يمكن المساس بها.


وأكد أحمد الشناوي، خبير السدود لدى الأمم المتحدة سابقًا، أن مصر التزمت معايير التعاون الثنائي كافة، وأثبتت حُسن نيتها من خلال التفاوض خلال السنوات الأربع الماضية؛ ما يفيدها عند اتخاذ قرار التدويل وحرمان إثيوبيا من التمويل الدولي أو توقيع عقود تشغيل أو توريد من الدول الأوروبية حال قررت مصر هذه الخطوة.


وأضاف «الشناوي» أن السد مقام على أراضٍ لم تكن صالحة لإنشاء سد بهذا الحجم، لافتًا إلى أن السد مهدد بالانهيار في أي وقت؛ ما قد يُعرِّض السودان ومصر إلى الغرق.


وأشار خبير السدود لدى الأمم المتحدة سابقًا إلى أن سد النهضة تعرَّض إلى أكثر من حادث انهيار سابقًا؛ ما يفتح كل الاحتمالات أمام القاهرة.


وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا تضرب بالقانون الدولي عرض الحائط، وتريد أن تتفاوض مع مصر بعيدًا عن القانون أو عن الوساطة الدولية.


وأضاف «نورالدين» أن إثيوبيا تريد فرض السيادة المطلقة في إدارة مياه النيل الأزرق وما أقامته عليه من سد عملاق، مشددا على أن القانون الدولي يلزم الدولة التي تقيم سدًا على نهر عابر للحدود أن تقيم أولًا دراسات بيئية وهيدرولوجية واجتماعية واقتصادية، لكن إثيوبيا أقامت سدًا بلا دراسات ثم طلبت من مصر وإثيوبيا الدفع لعمل الدراسات عن طريق المكتب الاستشاري، ثم ألغت عمل المكتب الاستشاري حتى لا يكون شاهدًا على خروقات إثيوبيا ولا عن الأضرار، التي ستقع على مصر.


وأشار الخبير المائي إلى أن إثيوبيا وقعت مع مصر إعلان مبادئ الخرطوم لسد النهضة، ثم أفرغته من محتوياته وتجاهلت كل بنوده من حيث حتمية الاتفاق على نظام الملء الأول أولًا بين الدول الثلاث، وحتمية وجود مكتب استشاري محايد يحكم بين الأطراف، ولكن إثيوبيا تريد أن تكون هي الخصم والحكم، وأن يكون القرار النهائي لها بما سيشعل المنطقة، لأنها رفضت من قبل وساطة البنك الدولي، ورفضت استمرار عمل اللجنة الدولية الأولى المكونة من خبراء من ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وجنوب إفريقيا.


وشدد «نور الدين» على أن إثيوبيا أصرت على أن يكون التفاوض دون وجود خبراء دوليين بما يعد اعترافًا بخروقاتها ومخالفتها لكل القوانين العالمية ولكل الأصول العلمية لإقامة السدود، مشيرًا إلى أن إثيوبيا يمكن أن تشعل شرق أفريقيا بأول حروب المياه في العالم، والأمر يتطلب وساطة دولية قوية وملزمة للجميع وخبراء دوليين والبنك الدولي، مؤكدا أن التفاوض الثلاثي لن يفلح مع إثيوبيا ولا بد من فرض التفاوض الدولي عليها.


من جانبه يقول النائب ماجد أبو الخير عضو لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، إن الجانب الإثيوبي يسلك مسلكا أحادي الجانب ويتخذ موقفًا تصعيديًا، ومصر بدورها ملتزمة بالحلول الدبلوماسية والقانون الدولي الذي يضمن للشعب المصري حقه في مياه النيل.


وأضاف «أبو الخير»، أن مصر تطالب بحقها في إدارة السد، طبقا لما ينص عليه القانون الدولي، مشيرا إلى أن القانون الدولي يلزم الدول التي تقوم بإنشاء سدود على الأنهار الدولية بإخطار الدول الأخرى قبل البدء في أعمال البناء والالتزام بحقوق دول المصب مثل السودان ومصر، مؤكدا أن مصر مستمرة في مساعيها الدبلوماسية.


وعن تحركات مجلس النواب الفترة القادمة لمواجهة التعنت الإثيوبي قال عضو مجلس النواب، إنه على مدار فترات سابقة كثيرة كان لـ«مجلس النواب» لقاءات مع العديد من السفراء لطرح وجهة النظر المصرية، وفي المرحلة القادمة سيقوم المجلس بعمل لقاءات مع السفير الإثيوبي بالقاهرة لنقل تخوفات المواطن المصري والشارع المصري من التصعيد الإثيوبي واستخدامه هذه الطريقة في التفاوض والرفض الدائم للأطروحات المصرية، كما ستقوم وفود من المجلس الفترة القادمة بعمل زيارات للعديد من الدول ذات المصلحة والمنفعة وأهمها دول حوض النيل لطرح وجهة النظر المصرية، كما أن المجلس سيقوم بنقل تخوفات الشعب المصري إلى البرلمان الإفريقي من خلال الأعضاء المصريين داخل البرلمان.