رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الورقة رقم «42460» تكشف.. مُخطط تحويل «مسرح البالون والسيرك القومي» لمنطقة استثمارية

مسرح البالون
مسرح البالون


أثار إعلان النائبة نشوى الديب، عضو مجلس النواب، عن اقتراحها الموجه لوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، الذي حمل رقم «42460» بشأن نقل مسرح البالون والسيرك القومي بالعجوزة إلى أرض مطار إمبابة، جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية ولاسيما مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وأشارت «الديب» في خطابها إلى محمد عصام الدين، مساعد وزير الإسكان المشرف على التقسيمات التنظيمية لشئون طلبات نواب البرلمان، إلى أن هذا الطلب وفقًا لعمق رؤية رئيس الجمهورية للاستفادة من موارد وممتلكات الدولة، حيث إن قطع الأراضي بمنطقة العجوزة تتميز بأعلى الأسعار ويمكن استثمارها.

 

وعلمت «النبأ» من مصدر مُطلع داخل وزارة المالية - رفض ذكر اسمه - أنه في عام 2017 تم تشكيل لجنة مختصة لتفعيل خطة بيع أراضي الدولة والبدء في إجراءات طرحها للمستثمرين.

وكشف المصدر أن موقع مسرح البالون والسيرك القومي بالعجوزة جاء على رأس الأراضي التي تم تحديدها من قِبل اللجنة للبدء في إجراءات طرحها على المستثمرين بالإضافة إلى أرض المعارض بمدينة نصر.

وأضاف أن هذا الموقع الجذاب حصل على إعجاب العديد من المستثمرين الأجانب خاصة إحدى الشركات الإماراتية ،معلنين عن رغبتهم في الحصول على تلك الأرض لإنشاء منطقة استثمارية كبرى؛ استغلالًا لموقعها المُطل على النيل مباشرة.

وفي وقت سابق أعلن وزير المالية الحالي الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية لشئون الخزانة العام سابقًا، أن الحكومة تهدف إلى الحصول على ما يقرب «5» مليارات جنيه نتيجة بيع بعض أراضي الدولة والأصول غير المستغلة للسيطرة على عجز الموازنة العامة.

وأظهرت وثيقة مشروع موازنة العام المالي 2018، أن الحكومة تتوقع طفرة كبيرة في بند «الإيرادات الرأسمالية الأخرى» لتصل إلى نحو 20.3 مليار جنيه.

وقال محمد معيط، نائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة - وقتها - إن هذه الزيادة في بند الإيرادات الرأسمالية الأخرى، ناتجة عن بيع حصص في الشركات والبنوك العامة في البورصة، وإعادة استغلال الأراضي التابعة للدولة.

وقوبل إعلان عضو مجلس النواب عن دائرة امبابة، بغضب عارم داخل الوسط الثقافي ما اعتبروه «ضربة في مقتل» للقوى الناعمة المصرية وصفعة قوية على وجه الثقافة والفن.

لتخرج بعدها وزارة الثقافة في بيان مُقتضب لتنفي ما أثير حول نقل السيرك والمسرح، وأشارت إلى أن السيرك القومي ومسرح البالون يمثلان جزءا هاما من تاريخ الإبداع في البلاد وشهدا أعمالًا فنية عظيمة، ويحملان صفة المعالم والرموز القومية.

وأكدت الوزارة في بيانها، أن كل ما تم تداوله في هذا الشأن عبر مواقع التواصل الاجتماعي غير صحيح مناشدة جميع أبناء الشعب المصري تحري الدقة في تداول المعلومات.

وتناست وزارة الثقافة، أن أول من أعلن عن هذا الخبر الذي اعتبرته «شائعة» هي سيدة تتمتع بعضوية مجلس النواب ومن المفترض أن لديها معلومات موثقة في هذا الشأن خاصة وأن الأخيرة نشرت عبر صفحتها خطابات رسمية متبادلة فيما بينهما وقيادات وزارة الإسكان والتعمير.

وفي هذا الصدد، أصدر عدد من المثقفين بيانًا صحفيًا، أعلنوا خلاله رفضهم القاطع لمحاولات هدم المسرح والسيرك.

وجاء نص البيان كالتالي: «نعلن نحن المثقفين والفنانين المصريين الموقعين على هذا البيان رفضنا التام للصفقة التي أعلنت عنها النائبة نشوى الديب بخصوص هدم ونقل الصرحين الكبيرين (مسرح البالون والسيرك القومي) والتي دعمتها بنشر خطابين رسميين من جهة رسمية هي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة».

وأضاف المثقفون: «يعلن الموقعون على هذا البيان أن المساس بهذين الصرحين الثقافيين هو مساس بجزء هام من تاريخ مصر الثقافي وتعد سافر على منارتين تنويريتين كان لهما وما زال دور كبير في التصدي لمحاولات طيور الظلام الرجوع بمصر إلى عصور ما قبل التاريخ».

ويذكر الموقعون على البيان أن مصر تتعرض ومنذ سنوات إلى مؤامرات خارجية تدعمها أياد وعقول داخلية من أجل تجريف العقل المصري بحرمانه من مصادر قوته الناعمة، متابعين: «ها هي المؤامرة الجديدة تطال كيانين ثقافيين كبيرين كان لهما عبر فنانيهما عظيم الدور في التصدي لجماعة الإخوان المحظورة وطردها من فوق كرسي الحكم».

وأعلن مثقفو مصر أنهم سيقفون بكل ما أوتوا من عزم أمام محاولة هدم مسرح البالون والسيرك القومي وبيع أرضهما، مناشدين رئيس الجمهورية بسرعة التدخل لإيقاف ما وصفوه بـ«هذه الصفقة المشبوهة» التي تستهدف إثارة الفتنة وضرب السلام الاجتماعي.

وكان من ضمن الموقعين على البيان: «الفنانة سميحة أيوب، والمخرج السينمائي داوود عبد السيد، والفنانة الدكتورة سميرة محسن، والفنان الدكتور يحيى عبد التواب، والممثلة مها عفت، والمخرج المسرحي عصام السيد».

وفي السياق ذاته، قال المخرج عادل عبده، رئيس البيت الفني للفنون الشعبية المسئول عن مسرح البالون والسيرك القومي، إنه لم يتسلم أي خطابات بنقل مسرح البالون والسيرك القومي إلى أرض إمبابة.

وأكد أن الأرض مملوكة لوزارة الثقافة ولا يحق لأي أحد الاستيلاء عليها، معتبرًا أن ما تفعله النائبة ما هو إلا دعاية انتخابية على حساب صرح ثقافي كبير.

 

وأوضح أن هذا المقترح لم يكن الأول من نوعه فحدث ذلك في عهد الوزير فاروق حسني وتم رفض الاقتراح من قبل الوزير والعاملين جميعًا، متابعًا: «لن نخرج من المكان مهما حدث دي منشأة ثقافية مهمة أنفقنا عليها الملايين لتجديدها وتطويرها لتليق باسم مصر».

ومن جانبها قالت النائبة نشوى الديب، عضو مجلس النواب عن دائرة إمبابة، في تصريح خاص لـ«النبأ» إنها لا تعلم أي شيء من قريب أو بعيد عن وجود شركات أجنبية أو عربية ترغب في الحصول على خدمات أرض مسرح البالون بالعجوزة، متابعة: «مش بالضرورة يكون استثمار أجنبي قد يتم استثمار الأرض محليًا.. ممكن نبني مجمع مدارس أو مستشفيات».

وتساءلت «الديب» قائلة: «لماذا يتم توجيه الإساءة والتصور بالتربص بممتلكات الدولة والاتهام بالفساد دائمًا.. لو مش موافق اعترض دون توجيه الاتهامات.. للأسف الشديد بنفكر في بعض دائمًا بشكل خاطئ ومسيء».

وأكدت عضو مجلس النواب عن دائرة إمبابة، إنها تقدمت بطلب نقل المسرح والسيرك إلى أرض مطار إمبابة إلى رئاسة الجمهورية وعدد من الجهات الحكومية المختصة وتتم الآن دراسة الأمر لاتخاذ القرار النهائي.

 

وأوضحت أن الأرض ليست ملك وزارة بعينها بل ملك للحكومة وهي صاحبة القرار، وأردفت: «نحن في دولة مؤسسات «مش عزبة حد» والأمر في النهاية يرجع لموافقة رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة المختصة».

وأشارت «الديب» إلى أن ما طلبته لم يكن أمرًا جديدًا بل كان مطروح فعليًا من سنوات، وتابعت: "أنا اهتميت بيه وقولت ياريت لأني أتمنى دائمًا أن أرى إمبابة تغلق أبواب اتهامها بالإرهاب والتعصب الديني لأنه معتقد واتهام باطل تمامًا". مضيفة "إمبابة منطقة الجدعان والطيبين ولها تاريخ طويل منذ الفراعنة".

وأضافت أن المنطقة التي طلبت النقل لها هي أرض المطار وتعد امتدادا لحي المهندسين الأفخر والأرقى في محافظة الجيزة بل والقاهرة الكبرى، بالإضافة إلى أن «مثلث بشتيل» سيتم تحويله إلى أكبر مركز حيوي يشمل تنفيذ أكبر محطة سكك الحديد في مصر والتي ستتفوق في حجمها عن محطة مصر في ميدان رمسيس، ومول تجاري كبير، بالإضافة إلى المسرح والسيرك القومي الجديد والذي من المقرر أن يكون مزار سياحيا وشعبيا حقيقيا يقدم فيه أفضل العروض الخاصة والجديدة داخل مبان راقية ومسرح كبير وضخم يسع الآلاف من المواطنين بدلًا من المسرح في موضعه الحالي والذي لا يسمح لرواده بالاطمئنان على سيارتهم في مكان آمن.

وووجهت البرلمانية نشوى الديب، عددا من التساؤلات للمثقفين المعترضين على طلبها قائلة: «أين أنتم من الثقافة والتنوير في مصر ما هو دوركم تجاه المناطق العشوائية التي يخرج منها الإرهاب والأفكار الظلامية، أين تواجدكم وسط البسطاء؟».

وأعلنت «الديب» خلال حديثها لـ«النبأ» عن ترحيبها باقتراح الإبقاء على مسرح البالون والسيرك القومي بمكانهم الحالي بالعجوزة وبناء فرع آخر في أرض إمبابة ولكن بمساحة أكبر وخدمات أوسع، واستطردت: «بالمناسبة الموقع المزمع نقله بالعجوزة ليس من الآثار فالأماكن الأثرية يلزم أن يمر على إنشائها مائة عام كاملة».

وأنهت نشوى الديب حديثها قائلة: «كل ما أريده إنشاء منطقة تشع ثقافة وتنوير من إمبابة للعالم كله، كل منا يحرص على مصلحة البلد وخدمتي لأهالي دائرتي في إمبابة في النهاية تكون خدمة للوطن بأكمله».