رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الرائد سمير نوح: الإسرائيليون فروا مثل «الفئران» بعد عملية «لسان التمساح» شرق القناة (حوار)

 الرائد سمير نوح
الرائد سمير نوح


بقيادة البطل إبراهيم الرفاعي، نفذت المجموعة «39 قتال» 92 عملية كسرت حالة الحزن بعد حرب 1967، وأعادت بناء نفسها بعد قيامها بعمليات نوعية خلال حرب «الاستنزاف»، حتى تحقق نصر أكتوبر 1973.


وكشف الرائد سمير نوح، أحد أبطال معركة الكرامة عام 1973، تفاصيل بطولات المجموعة «39 قتال» التي مكنّت القوات المسلحة من بناء وتجهيز نفسها للعبور، وما حدث بالثأر من قتل العدو الشهيد عبد المنعم رياض.


وقال «نوح» فى حواره لـ«النبأ» إن الإسرائيليين فروا مثل «الفئران» بعد عملية «لساح التمساح» التي نفذتها المجموعة «39 قتال» فى الضفة الشرقية للقناة، وإلى تفاصيل الحوار:  


ماذا تقول عن اللحظات الصعبة التي صنعت نصر أكتوبر؟

انضممت إلى صفوف «الصاعقة البحرية» بعد حصولي على فرقة عام 1966، كنت وقتها بدرجة «رقيب» وحصلت على فرقة القفز بالمظلات، ثم فرقة معلمي الصاعقة 104 عام 1967 بتقدير جيد جدًا، وكان معي عدد من زملائي الذين اشتركوا معي ضمن صفوف «المجموعة 39 قتال»، كانت مجموعة تتميز بالكفاءة والبسالة، وقوة البنيان، كلها مقومات قادتني إلى البطولة فى المهام التى كلفت بها من قبل قادتي، كانت لحظات صعبة مررت بها إلى أن جاء النصر.


كيف تم اختيارك ضمن المجموعة المتميزة 39 قتال؟

انضممت إلى المجموعة بعد أن رشحني لها النقيب إسلام توفيق، وكنت وقتها برتبة عريف، وتم اختيارى وزملائى لنكون القوام الأساسى للمجموعة «39 قتال»، بقيادة العقيد إبراهيم الرفاعى، وتلك المجموعة كانت تضم «20 ملازمًا» من القوات البحرية، وبالمجموعة عدد من رجال الصاعقة بقيادة الملازم محسن طه، التى تضم الرائد أركان حرب عصام الدالى والنقيب محيى نوح، والملازم أول محمد فؤاد مراد والملازم خليل جمعة خليل، والملازم رفعت الزعفرانى، والملازم أحمد رجائى عطية.


هل تتذكر أول عملية شاركت بها؟

أول عملية شاركت بها كانت ضمن مجموعة «الضفادع البشرية» يوم 4 يوليو 1967، وفجرّنا أكثر من مليون صندوق ذخيرة ومعدات، استولى عليها العدو بعد 5 يونيو، بعد انسحاب قواتنا، حتى لا يستخدم سلاحنا فى محاربتنا، ثم توالت من بعدها العمليات.


لماذا وصف الخبراء الروس مجموعتك بـ«رجال المستحيل»؟ 

كانت القوات الأمريكية أهدت إسرائيل صواريخ لتجربتها على القوات المصرية، وبدأت تضرب على السيارات فى الطريق الموازى للضفة الغربية من الإسماعيلية إلى بورسعيد، كان لدينا خلالها الخبراء السوفيت، وكانوا يريدون الحصول على صاروخ «واحد» منها، لفحصها والتعرف عليها، وكان قائد مجموعتنا النقيب إسلام توفيق الذي كان مسئولًا عن اختيار عنصر من وحدته للعبور بحرًا فى سرية، للحصول على أحد هذه الصواريخ، وتم اختيار زميلنا الرقيب عبد المنعم غلوش، لتنفيذ خطة الاستطلاع، وعبر القناة للمنطقة التي يُضرب منها الصواريخ، وبدلًا من إحضار صاروخ واحد أحضر «3 صواريخ»، وقال الخبراء الروس فى مذكراتهم، إن المصريين «رجال المستحيل»، وقمنا بعدها بإبعاد المواقع المستهدفة إلى 2كم للوراء حتى لا يطولها القصف، وأصبحت الصواريخ الإسرائيلية لم يعد لها أى فائدة.


وما أبرز العمليات التى شاركت فيها؟

كل ما قمت به داخل صفوف القوات المسلحة كان أداءً للواجب الوطني، وفخرا لي ولأولادي وأحفادي، وأذكر أنه كانت هناك عمليتا إغارة، هما الأبرز والأقرب لقلبى، العملية الأولى: عملية «لسان التمساح» فى 19 أبريل 1969، وهذه العملية كانت ليلة «الأربعين» لوفاة البطل الشهيد عبد المنعم رياض، وتمت دراسة الموقف، واستطلاع الموقع قبل الهجوم عليه أكثر من مرة، وعبرنا ونفذنا المهمة تحت ساتر ضرب المدفعية، بقيادة الشهيد «الرفاعي»، لكي يعرف كل فرد منا دوره بإتقان فى العملية، وتم العبور بقوارب «الزودياك» المجهزة بمواتير فى التاسعة مساءً، وعقب وصول المجموعة للضفة الشرقية للقناة اتصل القائد «الرفاعى» بالقيادة لإيقاف قصف المدفعية، وبدأ الهجوم على الموقع الحصين، ومن خلال فتحات التهوية، تم إسقاط قنابل الدخان، فلم يستطع أفراد الموقع تحمل الاختناق فى الداخل، ففتحوا بوابات الحصن وخرجوا وقضينا عليهم، وقمنا بتدمير الموقع الذي يسمى موقع «لسان التمساح» تدميرًا شاملًا، واستخدمنا القنابل المسيلة للدموع وهجمنا عليهم في «الدشمة» وكانوا كلهم مختبئين في الملاجئ وكانت القنابل الهجومية تخنقهم ليفروا من المخابئ كالفئران ليخرجوا وتمطرهم نيران أسلحتنا بعد أن قفزت فوق الخندق، وخلصنا على كل جنود الدشمة، بينما تمكن زملاؤنا فى الدشم الأخرى من قتل 14 إسرائيليًا، وقامت المجموعة بتدمير دبابتين كانتا تقوم بتدعيم الموقع، وكنا فرحين بعد نجاح العملية وقمنا بحصر جثثهم وعدها، بعد القضاء على جنود هذا الموقع بالكامل، حتى إن موشى ديان أطلق عليناا لقب «الأشباح».


ماذا حدث بعد العملية؟

زارني الرئيس جمال عبد الناصر بالمستشفى العسكرى بالمعادى، وكانت تلك العملية ثأرًا لاستشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، بعد أن «لقنا قوات العدو درسًا صعبًا بتدمير موقع لسان التمساح تدميرًا شاملًا، وكان من بين ما تم الاستيلاء عليه من هذا الموقع رشاش «عوزى» تم إهداؤه إلى الرئيس السادات، عند زيارته للمجموعة عام  1971، ومنح وقتها المجموعة وسام الجمهورية.


نريد معرفة تفاصيل العملية الثانية

وأما العملية الثانية: فكانت عندما قمنا بضرب مستودعات البترول، برأس «شراتيب» يوم 14 أكتوبر  1973، اليوم التاسع للحرب، تحركت المجموعة من رأس غارب، فى الثامنة والربع مساءً حتى دخلنا إلى البر، وهجم الجميع بالبنادق الآلية والرشاشات، وقذائف الـ«آر بى جيه» بكثافة عالية، على مستودعات البترول، ولكنها لم تنفجر، واكتشفنا أن «الخزانات» الأمامية الموازية للبحر فارغة، ولكن عند ضرب باقى الخزانات بالداخل، انفجرت واشتعلت النيران فيها، واشتبكنا معهم، وبدأ خروج رجال المجموعة على مراحل، من منطقة الاشتباك، مع قرب نفاد الذخيرة للقارب.


كما شاركت في عملية «كرانتينة عيون موسى»، وكنا نستهدف تدمير «سقالة» يمر عليها جنود العدو، من أجل إحضار الطعام والترفيه لباقي القوات، وبالفعل تم إعداد خطة متكاملة، وتم رصد الموقع أكثر من مرة، وقمنا بتلغيم المكان فانفجرت السقالة وأحدثت انفجارًا ضخمًا في هذا المكان.


وماذا عن بطولات «المجموعة 39 قتال» قبل وأثناء حرب أكتوبر؟

المجموعة تمكنت من أسر «أول إسرائيلي» على الجبهة المصرية، يسمى «يعقوب رونيه»، في منطقة جبل مريم بالإسماعيلية يوم 26 أغسطس عام 1968، ودمرنا سيارتين «جيب» إسرائيليتين، وهى العملية التي جنت جنون القيادة الإسرائيلية، وبسببها طالب «موشيه ديان» بمحاكمة الكوماندوز المصريين الذين نفذوا هذه العملية.


هذه الفترة كانت وقتها القوات المسلحة، مازالت تستعيد قواتها، ولم يكن مسموح لها بإطلاق النار أو دانة واحدة، فكان يتم الإعداد الجديد للأسلحة والأفراد، والبناء الداخلي، لأننا لو قمنا بإطلاق النار، كانوا يردون على هذه الطلقات، بالطيران المجهز، ونتكبد خسائر فادحة.


ما دور المجموعة في حرب ونصر أكتوبر؟

المجموعة «39 قتال» شاركت في عمليات زرع ألغام على طرق المواصلات والمدقات داخل عمق سيناء، كما قمنا بعمليات رصد للمواقع الإسرائيلية على الضفة تمهيدًا لنسفها من قبل القوات المصرية.


وفي يوم 6 أكتوبر 1973، صدرت الأوامر لـ"إبراهيم الرفاعي" بالعبور، وخرجت 3 طائرات هليكوبتر بكل واحدة فردان، وقامت المجموعة بضرب مستودعات البترول، في مناطق بلاعيم وشراتيب بالكامل، وتم تدمير المنطقة بالكامل لعدم استفادة العدو منها، وظلت النار مشتعلة في المستودعات « 3 أيام»، وتسببت في حدوث كثافة من الدخان الأسود منعت العدو من الاستطلاع الأمريكى والإسرائيلى، وهذه العملية استشهد فيها المجند أحمد مطاوع الذى أصر أن يكون مشاركًا معنا فى الحرب دون أن يطلبه أحد وخرج فى العملية لينال الشهادة يوم 6 أكتوبر وهو الشهيد الوحيد خلال هذه العملية بينما عاد أفراد المجموعة سالمين.


كما تم ضرب مطار الطور العسكري عدة مرات، ومهاجمة مواقع العدو بـ«رأس محمد»، بالقرب من شرم الشيخ في أقصى جنوب سيناء، ما أربك العدو وشل تفكيره لوصول القوات المصرية إلى هذه النقطة.


كيف ترى إرادة الشعب المصري بين نصر أكتوبر والآن؟

كل يوم يثبت الشعب المصري عبر الزمان والمكان، أن إرادته فوق أي عدوان وأقوى من أي شائعات، وقادر بقوة إيمانه بالله وبقواته المسلحة على مواجهة أي عدوان غاشم، والتصدي للإرهاب داخليًا وخارجيًا، ولك أن ترى ما قام به شعب مصر العظيم خلال حرب أكتوبر، عندما تكاتفت جموع الشعب أقباط ومسلمين، مهندسين ومعلمين وفلاحين وسيدات وشيوخ وأطفال شد من أزر القوات المسلحة، حتى تمكنت من العبور في أكتوبر المجيدة، ولم يقلل الشعب من عزيمة قواته المسلحة، أو يهاجم قادته بعد حرب 1967، وعلى الشعب أن يفعل هذا من جديد، ويظل علي قلب رجل واحد مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، للعبور من الأزمات التي يتم اختلاقها والشائعات التي تتعرض لها البلاد، لوقف خطة الإصلاح والتنمية، وتطوير شبكات المشروعات القومية، ويجب التصدي لهذا الخطر الداخلي والخارجي.