رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل استعانة الحكومة بـ«مؤسسة أمريكية» لإعادة «فك وتركيب الوزارات»

رئيس الحكومة
رئيس الحكومة


فى الفترة الأخيرة، استعانت الحكومة بـ«شركة ماكينزى» الأمريكية التى تقدم استشاراتٍ فى المجالات الإدارية.


وقال المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمى لرئاسة مجلس الوزراء، إن «شركة ماكينزي» تتولى تقديم الاستشارة للحكومة حول إعادة هيكلة الوزارات، وتقييم آليات أداء المهام والوظائف، واقتراح البدائل حول العدد الأمثل للوزارات والجهات الإدارية والخدمية.


وأضاف «سعد» أنّ هذا يأتي فى إطار متابعة نتائج الدراسات التى قامت بها الشركة عقب اجتماعها الأول مع رئيس الوزراء في ١٢ يونيو الماضي.


وعرض مسؤولو «شركة ماكينزي» على الحكومة المصرية أفكارًا تفصيلية حول مقترحات إعادة الهيكلة التى توصلوا إليها، عقب الاجتماعات المكثفة التي عقدوها مع ممثلي الوزارات والجهات الحكومية، وبعد أن اطلعوا بشكل دقيق على طبيعة المهام والوظائف التي تقوم بها كل جهة، وهيكل الجهات التابعة لها.


ووجه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل لجنة مصغرة داخل مجلس الوزراء لدراسة مقترحات «شركة ماكينزي»، تمهيدًا لعقد اجتماع مع مسؤولي الشركة، لمراجعة المقترحات، والاتفاق على خطة عمل بشأنها، وإعادة هيكلة الوزارات والمصالح الحكومية.


ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها «النبأ»، فإن خطوة الإصلاح الإداري وإعادة هيكلة الوزرات تأتي تمهيدًا لتطبيق مشروع «البنية الرقمية» والذي يجري العمل عليه، وأن إعادة الهيكلة تعني إعادة بناء اختصاصات ومهام الوزارات، والتي ربما تشهد دمج وزارات؛ لأنه منذ سنوات ويتم الحديث عن الرغبة في خفض عدد الوزارات؛ ففي مصر ما يقرب من 33 وزارة بينما في الدول الكبرى مثل ألمانيا وأمريكا لا تتعدى الـ16 وزارة، وتهدف خطة الهيكلة لخفض الوزارات إلى «18» وزارة كحد أقصى بل هناك رغبة في أن تقل عن ذلك.


كما تشمل خطة إعادة الهيكلة من جانب الحكومة القضاء على الروتين وخفض المشكلات ومنع الفساد والرشوة، وإعادة تنظيم طبيعة العمل واختصاصات كل وزارة، بحيث تتناسب مع رؤية الدولة في مشروع البنية الرقمية، الذي يهدف لتنظيم العمليات الإدارية بالدولة.


ووفقًا لرؤية الحكومة في إعادة الهيكلة، فمن المرجح أن تشمل خطة التطوير تحويل إدارة شؤون العاملين إلى إدارات للتنمية البشرية، واتباع طرق تقييم العاملين بشكل متكرر ولذلك لضمان أفضل جودة إدارية من جانبهم، إضافة إلى اتباع نظام برامج التدريب.


وتعتمد خطة الإصلاح الإداري وتقليصها بشكل تدريجي وصولا إلى 18 وزارة، دون أن يضار أي موظف على الإطلاق، وحتى الآن لم يحدد الجدول الزمني لتخفيض عدد الوزارات أو كيفية ذلك، ومن المقرر أن تبدأ خطة الهيكلة بـ«8» حقائب وزارية، وتتضمن دمج وزارتي الكهرباء والبترول، والآثار والثقافة، إلى جانب إعادة هيكلة وزارتي الصحة والبيئة، ودمج وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والتعاون الدولي في وزارة واحدة، والري مع الزراعة، والطيران المدني مع السياحة، استنادًا إلى تجارب دولية سابقة.


ويهدف دمج الآثار والثقافة إلى تقليص أعداد الموظفين الزائدين على حاجة العمل، والحد من تضارب القرارات وصلاحيات العمل، ودمج البترول والكهرباء من أجل رفع كفاءة التشغيل. 


وسيتزامن دمج البترول والكهرباء، مع إنشاء جهاز تخطيط الطاقة ليكون مسئولا عن وضع السياسات العامة والاستراتيجية المتكاملة لقطاع الطاقة، ومراقبة تنفيذها والتأكد من توافق جميع الأطراف المعنية وكذلك إنشاء مرفق موحد لتنظيم الطاقة يشمل المنتجات البترولية والغاز والكهرباء وشبكاتها. 


وقد يستغرق الدمج واستحداث هيكل تنظيمي جديد للحكومة أكثر من ٥ سنوات، للوصول إلى عدد الوزارات الأمثل عبر عدة مراحل، الأولى تتضمن خفض عددها إلى ٢٨ وزارة ثم إلى ٢٠.


من ناحيةٍ أخرى، فإنّ «شركة ماكينزي» قدمت دراسة للحكومة تناولت بعض الملامح، وأطلعت رئيس الوزراء يوم  على بعض أفكار إعادة هيكلة الوزارات، وكشفت الشركة أنها قامت بدراسة جميع الوزارات في مصر، وكذلك المصالح الخدمية بها، وأجرت جولات داخلها وأطلعت على المهام الموكلة لكل وزارة ودور الموظفين فيها، فتبين من خلال تلك الجولات، وجود مهام مشتركة بين أكثر من وزارة، بمعنى وجود تشابكات في عمل الوزارات المختلفة، الأمر الذي ينعكس سلبيا على أداء عمل كل وزارة، لذلك كان من الضروري إعادة هيكلة الوزارات وتحديد مهام عملها.


ووفقًا لدراسة الشركة أيضا فإنّه بالتوازي مع هيكلة الوزارات، فسيجري اتخاذ إجراءات إصلاحية داعمة، منها إنشاء وحدة دعم الموظف الحكومي، ووحدة الشكاوى المسماة المفوض الإداري، إضافة إلى جوائز التميز المؤسسي، ونقل الموظف من وزارة إلى أخرى سيضمن حقه في الاحتفاظ بنفس الأجر والأقدمية في الدرجة الوظيفية، كما أن عملية دمج الوزارات واردة لتحقيق اللامركزية والحد من تضارب الاختصاصات.


وهناك ضرورة أن يلحق بكل مجموعة من المجموعات الوزارية المقترحة فريق متميز عالي الخبرة يوفر الدعم الاستراتيجي والفني والمعلوماتي بما في ذلك مهام المتابعة والإنذار المبكر للأزمات والمشكلات التي يحتمل حدوثها، وتعاون هذه الفرق في أعمال التحضير لاجتماعات المجلس واللجان الوزارية، وتقوم بالتنسيق والمتابعة التنفيذية للسياسات والقرارات التي تصدر عن هذا المستوى وترفع تقارير عنها، ويمكن أن تتبع هذه الفرق مركز معلومات مجلس الوزراء، لتمثل توسيعًا لدوره.


كما تتضمن الهيكلة أيضًا، تطوير البنية التشريعية للجهاز الإداري للدولة، وتحديثها لتتواكب مع التغيرات الاقتصادية والمجتمعية عن طريق حصر جميع القوانين والقرارات واللوائح المعمول بها في جميع الوزارات والهيئات، وإعداد مقترحات بديلة لها بحيث تمنع التضارب، مع اتخاذ اللازم لعرض المقترحات على الجهات المختصة لمناقشتها، وتعديلها واعتمادها.


من جانبه، أكد الدكتور رجب عبد المنعم، الخبير الدستوري، أن قرار إعادة الهيكلة لا يستلزم تعديلًا تشريعيًا وموافقة مجلس النواب، وإنما يخضع الأمر كاملًا للسلطة التنفيذية لتتولى هي تحديد اختصاصات كل وزارة وعدد الوزارات وتنظم عملها منفردة، وبالتالي فإن تقليل أو زيادة أعداد الوزارات يخص رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فقط. 


وأكد «عبد المنعم» أن مجلس النواب قد يتدخل في حالة واحدة وهي تضرر الموظفين وضياع حقوقهم من عملية الدمج أو الهيكلة، دون ذلك فإن القرار للجهة التنفيذية. 


وتعد «شركة ماكينزي» هي شركة استشارات إدارية عالمية في جميع أنحاء العالم، وهي تقوم بإجراء تحليل نوعي وكمي لتقييم قرارات الإدارة عبر القطاعين العام والخاص.


وتنشر ماكينزي مجلة ماكينزي الفصلية منذ عام 1964 وتمول مؤسسة أبحاث معهد ماكينزي العالمية وتنشر تقارير حول مواضيع الإدارة وقد ألّفت العديد من الكتب المؤثرة حول الإدارة، وقد شهدت ممارساتها في السرية والتأثير على الممارسات التجارية وثقافة الشركات استقبالًا مستقطبًا.


وتقوم بالعديد من الأعمال في دول الشرق الأوسط والدول العربية وعلى رأسها دولة الإمارات والسعودية حيث إنها وراء تقديم صياغة رؤية السعودية الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية 2030. 


ومن المهام الأساسية لهذه المؤسسة العالمية تقديم الاستشارة في مجال المال والأعمال، كما أنّ الشركة كان لها دور كبير في «إفلاس» شركات عملاقة، منها شركة الخطوط الجوية السويسرية «سويس إير» التي تعاقدت مع ماكنزي في عام 1990، من أجل وضع إستراتيجية جديدة للتوسع في القرن الجديد. 


الأمر لم يقتصر على مساهمة ماكينزي في إفلاس «سويس إير» بل امتد لخسارة شركة «جنرال إلكتريك»، العملاق الاقتصادي الأمريكي، ما يقارب مليار دولار عام 2007.


كما تسببت هذه المؤسسة الأمريكية قبل عام 2000 في خسارة شركة «atnt» الأمريكية لخدمات الهاتف المحمول، فقد توقعت ماكينزي أن يكون عدد مستخدمي الهاتف النقال في الولايات المتحدة 900 ألف، وبالتالي أعطت استشارتها لـ«atnt»، إلا أن العدد وصل إلى ما يقارب 108 ملايين مستخدم، وهو ما أدى لخسارة فادحة للشركة.